المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412465
يتصفح الموقع حاليا : 356

البحث

البحث

عرض المادة

موسى جلازنــر (1856-1924) - أبراهــام كــوك (1865-1924)

موسى جلازنــر (1856-1924)

Moses Glazner
حاخام صهيوني أرثوذكسي وأحد القادة المؤسسين لحركة مزراحي في المجر ورومانيا. هاجم الأرثوذكس بشدة في المؤتمر التأسيسي لحركة مزراحي، كما نشر الأفكار الصهيونية بين الدوائر الأرثوذكسية، وألَّف عدة كتب في الشريعة اليهودية.


هاجر إلى القدس عام 1923 ليشارك في النشاطات التعاونية والتربوية لحركة مزراحي، وتُوفي هناك عام 1924.

أبراهــام كــوك (1865-1924)

Abraham Kook
أهم مفكري الصهيونية الإثنية الدينية وأول حاخام أكبر لليهود الإشكناز في فلسطين. وُلد في شمال روسيا، وتلقى تعليمه الديني في إحدى المدارس التلمودية العليا، ثم هاجر إلى فلسطين عام 1904 واستقر فيها. وقد تَعرَّف كوك إلى تقاليد القبَّالاه وسعى وراء تجارب الإشراق الداخلية، والواقع أن كتاباته كلها مفعمة بروح قبَّالية وإيمان بالحلول الرباني في الشعب اليهودي. وتتلخص سيرة حياته ونشاطاته القومية الدينية في محاولة تقريب الصهيونية إلى المتدينين وتقريب المتدينين من الصهيونية.


ويأخذ كوك بالصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة ويقوم بتهويدها تماماً من خلال ديباجته الدينية الصوفية الحلولية. فهو أولاً يرى أن المنفى حالة غير طبيعية، على عكس الرؤية التقليدية التي ترى المنفى جزءاً لا يتجزأ من التجربة الدينية عند اليهود فهي أمر الإله والعقاب الذي حاق باليهود نتيجة الذنوب التي اقترفوها. وحسب تصوُّره، لا يستطيع اليهودي أن يكون مخلصاً وصادقاً في أفكاره وعواطفه وخيالاته في أرض الشتات. فاليهودية في أرض الشتات ليس لها وجود حقيقي.

وكما هو متوقَّع، لا يرفض كوك اليهودية التقليدية بشكل صريح، فهو يقوم بترويضها وتحديثها وعلمنتها من الداخل من خلال الديباجات الدينية وذلك عن طريق تغليب الطبقة الحلولية داخل تركيب اليهودية الجيولوجي التراكمي وتجَاهُل الطبقة التوحيدية تماماً حتى تتفق اليهودية قلباً وربما قالباً مع الصهيونية. ويطرح كوك رؤية حلولية للأمة اليهودية (حلولية بدون إله تقترب إلى حدٍّ كبير من فكرة القومية العضوية بل تترادف معها)، فالإله يحل في الإنسان والمادة (الشعب اليهودي والأرض اليهودية) فيوحدهما في وحدة حلولية عضوية، والقومية الدينــية والدين القومي هما في واقع الأمر القومية العضوية بعد أن يحل الإله في المادة ويصبح كامناً فيها تماماً.
يؤكد كوك أن اليهود شعب، شعب واحد، واحد كوحدانية الكون (واحدية كونية). ولكنه شعب من نوع خاص، فاليهودية دين قومي وقومية دينية. ولذا، فهو يهاجم دعاة العضوية الذين يتحدثون عن "روح الأمة" أو "روح الشعب العضوي" (بالألمانية: فولكس جايست Volksgeist ، وبالعبرية: رواح ها أما) ويقول إنهم يخدعون أنفسهم، فما يـسري في الأمة ليـس قوة طبيعيـة عضوية وحسـب، وإنما روح الإله نفسه. ولكن كوك يهاجم أيضاً المتدينين التقليديين الذين ينادون بأن مفهوم الأمة حسب العقيدة اليهودية لا علاقة له بالتعريفات القومية العلمانية الغربية الجديدة. يُسمِّي كوك هؤلاء «الانشطاريين»، فريق منهم يحاول إسقاط العنصر الديني تماماً، والثاني يحاول إسقاط العنصر القومي تماماً أيضاً، أما كوك نفسه فيزيل كل الثنائيات ويرى أن ثمة تمازجاً كاملاً بين المطلق والنسبي وبين الخالق والمخلوق وبين القومية والدين، فكل عامل من عوامل الروح اليهودية يضم بشكل حتمي جميع جوانب نفسية الشعب اليهودي. ومن ثم، فإن فصل القومية عن الدين تزييف لكليهما، فثمة مادة إلهية تسري في جماعة يسرائيل تجعل روحها ملتصقة بروح الإله، بل إن روح يسرائيل وروح الإله شيء واحد (فهما من مادة واحدة). هذا الإله الذي يكمن داخل الشعب هو مصدر روحهم القومية. ولذا، يجب على أعضاء هذا الشعب أن يدركوا حقيقة الإله الموجود داخلهم، ويدركوا من ثم حقيقة قوميتهم، فروح الإله تسري في الأرض سريانها في الشعب (وهنا يكتمل الثالوث الحلولي وهو نفسه الثالوث العضوي: الأرض والشعب والرابطة العضوية بينهما). وكل ممتلكات اليهود القومية من أرض ولغة وتقاليد وتاريخ هي عروق تجري فيها روح الإله. ولذا، فإن أرض إسرائيل ليست شيئاً منفصلاً عن روح الشعب اليهودي، إنها جزء من جوهر الوجود اليهودي القومي ومرتبطة بحياة الوجود وبكيانه الداخلي ارتباطاً حلولياً عضوياً.

والوحي المقدَّس لا يمكن أن يكون نقياً إلا في أرض إسرائيل (أما خارجها، في المنفى، فهو مُشوَّش ومُلوَّث وغير نقي). فالتجسد الإلهي من خلال الشعب لا يمكن أن يتم إلا على الأرض المقدَّسة (وفي هذا عودة للوثنية القديمة وللعبادة القربانية المركزية)، وكلما ازداد تعلُّق الشخص بأرض إسرائيل، زادت أفكاره طهارة، والطهارة هنا هي نتيجة التعلق بشيء مادي وهو الأرض وليس نتيجة فعل الخير.

لكل هذا، تصبح العودة إلى الأرض المقدَّسة هي حل المسألة اليهودية، فهذا هو مصدر تميُّز اليهودية ولا أمل ليهود المنفى إلا بإعادة زَرْع أنفسهم في فلسطين والاعتماد على ينبوع الحياة الحقيقي المقدَّس الموجود في أرض إسرائيل وحدها. وإن عاد هذا الشعب ظهرت قدسيته الحقيقية، فهذا هو الطريق الوحيد لإعادة ولادة هذا الشعب (وهكذا يتحول الخطاب الاسترجاعي البروتستانتي والخطاب الاستيطاني الإمبريالي إلى خطاب صهيوني حلولي تجسدي)
وكما هو الحال مع المنظومات الحلولية، فبعد أن يتعادل المطلق والنسبي، والكل والجزء، والخالق والمخلوقات، تَرجَح كفة المخلوقات المادية على الخالق، فينسى كوك الروح الإلهية ويتحدث بدلاً من ذلك عن القومية العضوية دون أية إشارة إلى إله أو دين. ولذلك فهو يشير إلى اليهود في أرض الشتات باعتبارهم جماعة أدارت ظهورها للحياة الطبيعية ولتطوير الأحاسيس، وأهملت كل ما له علاقة حسية بحقيقة الجسد، ينقصها الإيمان بقدسية الأرض التي لا تختلف عن قدسية الجسد، فأخذوا يتحللون بشكل مخيف (وليُلاحَظ أن المرجعية النهائية هنا هي الطبيعة والجسد). والبعث القومي (الصهيوني) هو الحل، وبعدها ستقوم الحياة الحسية (الطبيعية) مرة أخرى، وسينشط الحلم الذي بدأ ينال منه التعب.

ولكن القداسة هنا قداسة كامنة في المادة لا تتجاوزها، ومن ثم فهي لا تختلف عن القداسة التي يبحث عنها أهارون جوردون وغيره من الصهاينة العمـاليين الملحدين. ويقتبـس كوك من المشـناه العبارة التالية: "إن الإيمان يمكن التعبير عنه بقوة الحياة في الزرع، فالإنسان يمكن أن يبرهن على إيمانه بالحياة الأزلية عن طريق الزراعة". ثم ينهي كوك مقاله بعبارة دالة: "ستتحقق عودتنا فقط إذا ما رافقت عظمتنا الروحية عودة إلى الجسد من أجل جسم صحيح قوي وعضلات قوية تُغلِّف روحاً ملتهبة". وهذا الحديث لا يختلف البتة عن حديث داروين أو نيتشه، كما أنه لا يختلف عن الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية. وفي مثل هذه الأنساق، تتحول وحدة الوجود إلى علمانية إلحادية صريحة.

في هذا الإطار الحلولي المادي التجسيدي، يصبح البعث السياسي وإنشاء الدولة اليهودية هو نفسه العصر المشيحاني. ويقدم كوك تاريخاً للدولة اليهودية ولاشتراك اليهود في معترك السياسة الدولية (وهي إشكالية العجز وانعدام السيادة)، فيلاحظ أن قوى خارجية (وليس الإله) جعلت اليهود يضطرون إلى ترك هذه الحلبة، ولكن يبدو أن الانسحاب تم أيضاً برضاً تلقائي فقد كان العالم آثماً وقذراً ويتخلل الحياة السياسية فيه الكثير من الآثام. ولكن اليوم الذي سيصبح فيه العالم أكثر لطفاً قد دنا، ولذا يجب على اليهود أن يهيئوا أنفسهم ليحكموا دولة خاصة بهم. ثم يعطي كوك هذه الدولة طابعاً مشيحانياً حين يقـول: "إن تأمين نـظام العـالم الذي تمزقـه الحروب اليهـودية يتطلب بناء الدولة اليهودية. وجميع الحضارات ستتجدد بولادة شعبنا من جديد".

 

 ومن الواضح أن هذه الأفكار إعادة إنتاج لفكرة مشاركة الشعب اليهودي للخالق في إصلاح الكون (تيقون) وفي استعادة الخالق لوجوده وكليته الروحية.

وبعد ترويض اليهودية على هذا النحو، وبعد توليد الإلحاد من وحدة الوجود، لم يَعُد من الصعب تَبنِّي الصهيونية كعقيدة، وعقد الزواج بينها وبين اليهودية، مع افتراض أن اليهودية الحلولية هي التي ستحقق الانتصار النهائي. وقد كان كوك على يقين من أن جيل المستوطنين الصهاينة في فلسطين هو الجيل الذي تتحدث النبوءة عنه وعن أنه ينتمي إلى عصر الماشيَّح، وأن الرواد (بغض النظر عن علمانيتهم) كانوا ينفذون تعاليم الدين باستيطانهم الأرض في فلسطين. ولتسهيل مهمة الرواد، حاول كوك أن يصل إلى صيغ دينية يمكن أن تتسع للمتدينين والعلمانيين، وحاول أن يصبغ الصهيونية بالشرعية الدينية التي كانت تفتـقر إليهـا في نظر الأرثوذكـس على الأقـل. وقـد نادى بالتحـالف مع "اللادينيين" لأنه كان على ثقة من أن جميع المستوطنين، الديني منهم والعلماني، سيرضخون في نهاية الأمر للصيغة الحلولية، لأن القومية اليهودية (على حد قوله) قومية مقدَّسة لا يستطيع العلمانيون مقاومة تيارها الأساسي. كما أنه كان يرى أن كل اليهود، ومنهم العلمانيون، تسري فيهم روح القداسة رغماً عنهم.

وقد شرح كوك موقفه وتصوُّره في صورة مجازية تفسيرية شهيرة قال فيها: حينما كان الهيكل المقدَّس قائماً، كان محظوراً على الأجانب أو حتى على أي يهودي عادي أن يدخل قدس الأقداس، وكان الكاهن الأكبر وحده هو المُصرَّح له بالدخول مرة واحدة في يوم الغفران. ومع هذا، فحينما كان الهيكل في دور التشييد، كان بإمكان أي عامل مشترك في البناء أن يدخل الحجرة الداخلية مرتدياً الملابس العادية.

 

 ومن الواضح أن الهيكل في هذا التشبيه هو الدولة الصهيونية، والرواد هم العمال (أو لعلهم الصهاينة العماليون)، أما الكهنة الحقيقيون فهم ولا شك اليهود الأرثوذكس الذين سيسيطرون على الهيكل بعد بنائه.

 

 ولتسهيل مهمة البناء، حاول كوك أن يزيل المصاعب التي تقف في طريق النشاط الاستيطاني ويذللها للمستوطنين اليهود، فأصدر فتاوى متسامحة تُسهِّل لهم الحياة في فلسطين. وعلى سبيل المثال أصدر فتوى تبيح زراعة الأرض في سنة شميطاه أو السنة السبتية على أن تباع أرض الميعاد بشكل صوري للأغيار، كما صرَّح بلعب كرة القدم يوم السبت على أن تُباع التذاكر يوم الجمعة.

ويبدو أن كوك، انطلاقاً من رؤيته العضوية الحلولية، كان لا يرى مكاناً للعرب، فهـم يقفـون خارج دائرة القداسـة. فأثناء ثورة عام 1929، اتهم كوك البريطانيين بالتقاعس عن حماية اليهود، واتخذ موقفاً متشدِّداً أثناء المعركة التي دارت حول حائط المبكى. وكان كوك قريباً من حركة مزراحي، ومع هذا فقد حضر مؤتمراً من مؤتمرات أجودات إسرائيل ليعرض وجهة النظر الصهيونية الدينية.

وسافر كوك إلى أوربا عام 1914، لكن الحرب حالت دون رجوعه فعمل حاخاماً في سويسرا ثم في لندن، وعاد إلى فلسطين عام 1917 حيث أسَّس مدرسة تلمودية لغة الدراسة فيها هي العبرية وكان يُدرِّس فيها ما يُسمَّى «الفلسفة اليهودية» إلى جانب الشريعة اليهودية. وقد نشر كوك بحوثاً في كل جوانب المعرفة الحاخامية والتصوف اليهودي والفلسفة والشعر، ونُشرت رسائله في عدة مجلدات، كما أن له العديد من الفتاوى.

ويمكننا أن نقول إن اليهودية الحاخامية الأرثوذكسية تختفي تقريباً في أعمال كوك وتصبح صهيونية حلولية عضوية تطالب بضم كل أرض إسرائيل وبطرد العرب وبالحد الأقصى الصهيوني. وقد نجحت صيغته في الهيمنة على اليهودية الأرثوذكسية بحيث لم يبق سـوى أقلية أرثوذكسـية (الناطـوري كارتا) هي التي تعارض الصهيونية.

  • الاحد PM 04:15
    2021-05-09
  • 1034
Powered by: GateGold