ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
هل القرآن الكريم مقتبس من اسفار اليهود والنصاري؟
عمرو ممدوح ماضي
باحث في مقارنة الاديان
amrmadi1234@gmail.com
تعد شبهة اقتباس القرآن الكريم من الكتاب المقدس اكثر شبهه يرددها المنصرون والمستشرقون وان ابطال وجود ترجمه عربيه للاسفار المقدسه لليهود والنصاري زمن البعثه النبوية، هو حجه كافيه في ذاتها لتفنيد مزاعمهم المتهافته.
اولا: من اوضح البراهين علي عدم وجود ترجمه عربيه للكتاب المقدس زمن البعثة هو عدم احالة اعداء سيدنا محمد ﷺالي هذا النص العربي لما ارادوا نفي حقيقة النبؤة عنه؛ اذ ان اهل مكه لما ضاقت عليهم الحيل وفشلوا في ايجاد مصدر بشري للقرآن ادعوا ان فتي اعجميا هو الذي علم محمدﷺ ما كان يدعو اليه غيره فلو كان هناك ترجمه عربيه للكتاب المقدس لماذا لم يدعي المشركون ان النبي محمدﷺ اطلع عليها ونقل منها؟ ولو كانت هناك ترجمه متداوله بينهم لقال له العرب: انك تتحدانا بمعارف مشهوره بيننا ولكن هذا لم يحدث بالطبع.
كما أنه يفهـم بصـورة قاطعة من الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه، أن العرب لم يعرفوا نصا عربيا لأسفار اليهود فقد قال «أبو هريرة» -رضي الله عنه - متحدثاً عن مصدر اطلاع المسلمين أصحاب اللسان العربي زمن البعثة النبوية على مضمون (التوراة) : «كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام؛ فقال رسول الله : «لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذبوهم، وقولوا : «آمنا بالله وما أنزل إلينا.» »(1)
كما رأينا لقد كان يحول بين العرب وبين معرفة ما تتضمنه التوراة، ان لغة اسفار اليهود عبرانية لا يعرفها سكان الجزيرة العربيه.
وإن في نهى محمد ﷺ عن سؤال أهل الكتاب، دلالة على احتكار أهل الكتاب لهذه المعارف؛ فقد روى البخاري في صحيحه، في كتاب «قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تسألوا أهـل الکتاب»، عن «ابن عباس رضي الله عنهما قال: «يا معشر المسلمين، كيف تسالون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله، تقرءونه لم يشب، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب، فقالوا هو من عند الله، ليشتروا به ثمنا قليلا أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم، ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسالكم عن الذي أنزل عليكم»(2)
فلو كان مضمون أسفار اليهود متاحًا بين يدي العرب باللغة العربية؛ لما احتاج العرب إلى أن يسألوا أهل الكتاب؟!
ويكشف قوله تعالي ﴿وَإِنَّ مِنهُم لَفَريقًا يَلوونَ أَلسِنَتَهُم بِالكِتابِ لِتَحسَبوهُ مِنَ الكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الكِتابِ وَيَقولونَ هُوَ مِن عِندِ اللَّهِ وَما هُوَ مِن عِندِ اللَّهِ وَيَقولونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُم يَعلَمونَ﴾ [آل عمران: ٧٨] أن اليهود لما كانوا يلوون ألسنتهم أثناء ذكرهم بعض الخبر الديني إيهاما أن قولهم هذا نقل لما جاء في الأسفار المقدسة، كان المسلمون في عجز عن مراجعة الأسفار لمعرفة صحة النقل عنها، وكان اليهود مطمئنين ألا سبيل للمسلمين إلى هذه الأسفار، وما ذلك إلا لأن أسفار أهل الكتاب لم تكن متاحة بلغة العرب.
وقد قرر الناقد «آرثور فووبوس» «Arthur Vobus في بداية بحثه عن أقدم ترجمة عربية للعهد الجديد في كتابه «الترجمات المبكرة للعهد الجديد» « Early Versions of the New Testament» أن ادعاء ان سيدنا محمد ﷺ استعان ببعض كتب العهد الجديد في اللغة العربية، وأنه استعمل هذه الكتب في تأليف القرآن، ، هو احتمال «خاطئ وليس فيه تحقيق. ولا يفيدنا القرآن هنا، ولا بد أن يُترك خارج النقاش.»(3)
⬛شهادة الاستقراء التاريخي:
شهد لغياب الترجمة العربية لهذه الأسفار، العديد من الأكاديميين المحققين، وأقرت بذلك الموسوعات المتخصصة التي لم تحمل هم دعوى نقض أصالة القرآن الكريم، وذلك بعد أن ثبت بالاستقراء التاريخي غياب الترجمة العربية للكتاب المقدس زمن البعثة النبوية، ولعل أهم من كتب في موضوع تاريخ ترجمات الكتاب المقدس في لغات العالم، البحاثة «بروس متزغر»(4) « Bruce ، أستاذ لغة العهد الجديد وآدابه، في كتابه المرجعي « The Bible in Translation» المتعلق بصورة مباشرة بتاريخ ترجمات الكتاب المقدس؛ فقد قال في هذا الشأن:
«من الراجح أن أقدم التراجم (العربية) للكتاب المقدس تعود إلى القرن الثامن.»( 5)
ولم يشهد علي ذلك بروس متزجر وحده هناك العديد من الاكادميين الذيين شهدوا بذلك.
المستشرق المنصر «توماس باتريك هوغز» «Thomas Patrick Hughes» في معجمه الذي خصه للمصطلحات الإسلامية «The Dictionary of Islam» -نقلًا عن المستشرق «ج. م. رودویل» «J. M. Rodwell» -: «لا توجد حجة على أن محمدا قد اطلع على الأسفار المسيحية المقدسة... لا بد أن يعلم أنه لا توجد آثار واضحة على وجود ترجمة عربية للعهدين القديم والجديد سابقة لزمن محمد ... أقدم ترجمة عربية للعهد القديم بلغنا أمرها، هي ترجمة الحبر سعديا الفيومي» " .
واحتج بالاختلاف الثابت في الصياغة الأدبية بين الترجمات العربية المتأخرة لأسفار العهدين واختلافها أيضا في رسم أسماء الأعلام؛ للقول إنها لا تعود لترجمة عربية قديمة سابقة للإسلام، وإنما هي ترجمات متأخرة عن ذلك، من أصول لغوية مختلفة (السبعينية، والفولجات، وسريانية، وقبطية).(6)
وخلص الباحث الإنجيلي المصري «ألبرت إستيرو» في خاتمة أطروحته للدكتوراه حول (الترجمة العربية) التي اعتمدها «ابن قتيبة» في اقتباساته من الكتاب المقدس: «الاقتباسات الكتابية لعبد الله مسلم بن قتيبة ومصدرها: التحقيق في شأن أبكر الترجمات العربيةللكتاب المقدس»
« Abdullah Muslim Ibn Qufayba's Biblical Quotations and their(Source: An inquiry into the earliest existing Arabic BibleTranslations
إلى القول: «ربما ظهرت الترجمات العربية للكتاب المقدس في الفترة الأخيرة من الحكم الأموي- في بداية القرن الثامن.»(٧) ، ومما استدل به لغياب ترجمة عربية قبل ظهور الإسلام؛ عدم حاجة يهود البلاد العربية لهذه الترجمة في لغة العرب؛ إذ دلت النقوش على استعمالهم للآرامية، أما النصارى فيشهد عدم وجود مجتمع نصراني في الحجاز، واعتماد الليتورجيا على اللغات الأخرى، على أنه من غير المعقول أن يواكب ذلك وجود ترجمة عربية للكتاب المقدس.(٨)
واما المستشرق والمبشر المسيحي إدوارد سيل يقول في كتابه "لا يوجد دليل أن محمد كان لديه أي معرفة عملية بكتاب العهدين القديم والجديد"(٩)
ويقول المبشر يوسف رياض في كتابه" ان اول ترجمه للكتاب المقدس للغه العربيه ظهرت في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي"(10)
ويقول الاستاذ الدكتور وهيب جورجي "توجد ترجمات متعدده للكتاب المقدس الي اللغه العربيه يرجع تاريخ ترجمتها الي ما بعد انتشار الاسلام ابتداء من النصف الاول من القرن الثامن" (11) ويقول المستشرق
لويس لوبلوا : "من المؤكد عدم وجود ترجمة عربية للكتاب المقدس في زمن محمد - صلى الله عليه وسلم .(12)
ويقول كتاب فكره عامه عن الكتاب المقدس:" أما الترجمة العربية، فلا نسمع عن ترجمة عربية للكتاب المقدس قبل التي عملها يوحنا أسقف أشبيلية أعمال أسبانيا سنة 750م عن ترجمة جيروم اللاتينية التي شاعت في أسبانيا من القرن السابع وفي القرن التاسع ترجم الحاخام سعديا جدعون المعلم الشهير بمدرسة بابل، العهد القديم من العبرانية لمنفعة اليهود الذين كانوا يتكلمون العربية.
ولكن لا يمكننا أن نتحقق الزمان الذي ترجم فيه العهد الجديد إلى العربية ـ بخلاف ترجمة أسقف أشبيلية، ولعل الأناجيل الأربعة تُرجمت منذ القرن السابع، وبقية الأسفار في القرن الثامن أو التاسع. وكانت بعض الترجمات من اليونانية والأخرى من السريانية وغيرها من القبطية"(13)
ويؤكد الخوري بولس الفغالي قائلا: "أما أقدم ترجمة عربية للتوراة فهي ترجمة سعدية بن غاوون الفيومي، وهو يهودي مصري ومدير (غاوون) مدرسة سورا الرابينية في بابلونية. ارتكزت هذه الترجمة على العبرية، وأثرت تأثيرا كبيرا على الترجمات اليهودية اللاحقة. من القرائين، یافت بن عالي اللاوي (القرن 10) الذي نقل التوراة كلها إلى العربية"( 14)
ويقول" المستشرق المتعصب سانت كلير تسيدال" الذي يعتبر أشهر من كتب في زعم الاقتباس عدم وجود ترجمة عربية للكتاب المقدس حتى القرن السابع فهو قد قال في كتابه المصادر الأصلية للقرآن: "يبدو أنّه لا توجد حجّة مرضيّة على وجود ترجمة عربية للعهد الجديد في زمن محمد صلى الله عليه وسلم."(15)
ونختم بتصريح" البابا تواضروس" بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حيث قال:" اول ترجمة عربية ظهرت أواخر القرن الثامن الميلادي (بعد الإسلام بأكثر من مائة عام) قام بها يوحنا أسقف أشبيلية في أسبانيا، كانت ترجمة محدودة لم تشمل كل الكتاب ولم يكن لها الانتشار الكافي.
فـي أواخر القرن التاسـع قـام رجـل يـهـودي يدعى سعد الفيـومي بترجمة العهد القديم.(١٦)
وبذلك يتضح لنا ان موضوع اقتباس القرآن الكريم من الكتاب المقدس ليس الا اسطوره متهافته لا يوجد عليها دليل
====================================
(1)صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا ح/4485
(2)صحيح البخاري، كتاب الشهادات، باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة، وغيرها، ح/ (٢٦٨٥)
(3)آرثور فووبوس: أستاذ العهد الجديد والتاريخ المبكر للكنيسة في « The Lutheran School of Theology at Chicago». له عناية خاصة بالدراسات السريانية والنصرانية المبكرة.
(4)بروس متزجر (١٩١٤م-٢٠٠٧م): أحد أئمة دراسات النقد النصي للعهد الجديد. له مؤلفات متنوعة في موضوعات متعددة في الدراسات الأكاديمية المتعلقة بالعهد الجديد. شارك في إعداد أهم نص يوناني قياسي للعهد الجديد في القرن العشرين. كما شارك في تحرير العديد من الترجمات الإنجليزية للعهد الجديد والتعليق عليها. تعتبر مؤلفاته مراجع أساسية في الدراسات المتخصصة في الجامعات الغربية.
( 5)Bruce Metzger, The Bible in Translation, Grand Rapids: Baker Academic, ۲۰۰۱, p. 46
(6)
140 516۔516.religion, London: W.H. ALLEN, 1895, pp Thomas Patrick Hughes, The Dictionary of Islam, being a cyclopaedia of the doctrines, rites, ceremonies, and customs, together with the technical and theological terms, of the Muhammadan
(7)
Albert Isteero, ‘Abdullah Muslim Ibn Qutayba's Biblical Quotations and their Source: An inquiry into the earliest existing
Arabic Bible Translations, p.٢٣٦, manuscript
(٨)المصدر السابق ص٧-١٧
(٩)The FAITH OF ISLAM p13
(10)يوسف رياض كتاب وحي الكتاب المقدس صفحه 84
(11)وهيب جورجي كامل مقدمات في العهد القديم
(12)Les bibles et les initiateurs religieux de l'humanité, V 6, p 907.
(13)فكره عامه عن الكتاب المقدس صفحه 120
(14)فكره عامه عن الكتاب المقدس والشرق القديم
(15)
(St. Tisdall, The Original Sources of the Qur'an (London: Society For The Promotion Of Christian Knowl- edge, 1911), p.140)
(16)مفتاح العهد الجديد الجزء الاول27
-
الاحد PM 02:56
2024-10-20 - 114