المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412292
يتصفح الموقع حاليا : 332

البحث

البحث

عرض المادة

إيــــكا (جمعيــة الاســتيطان اليهـودي)

إيــــكا (جمعيــة الاســتيطان اليهـودي(
ICA (Jewish Colonization Association)
«إيكا» هو اختصار عبارة «جويش كولونيزيشان أسوسيشن Jewish Colonization Association» وحروفها الأولى هي JCA، فكان المفروض أن تكون «جكا»، ولكن حرف «J» نُطق «ياء»، فأصبحت «يكا» ثم «إيكا ICA». وهي منظمة توطينية يهودية أسسها عام 1891 الثري الألماني اليهودي البارون موريس دي هيرش بهدف توطين المهاجرين من أعضاء الجماعات اليهودية في شرق أوربا من يهود اليديشية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، ودَمْجهم في مجتمعاتهم الجديدة. وينبع اهتمام هيرش، وغيره من أثرياء يهود الغرب المندمجين، بالمهاجرين اليهود ومحاولتهم توطينهم بعيداً عن أوربا، لأن وصول مثل هؤلاء المهاجرين إلى غرب أوربا كان يمكن أن يهدِّد مكانة يهود الغرب الاجتماعية والاقتصادية. ويمكن تسمية مثل هذه الجمعيات «جماعات إنقاذ»: إنقاذ الفائض البشري الأوربي من يهود اليديشية بتوطينه في أنحاء العالم، وإنقاذ يهود الغـرب، وإنقـاذ أوربا من هـؤلاء اليهود بتصــديرهم إلى أماكن أخرى. ولذا، فإن من الخطأ تصنيف مثل هذه الجمعيات على أنها صهيونية، فهي لا تهتم بمصير يهودي مستقل ولا تكترث بهوية يهودية ولا تبغي بعثاً يهودياً.


ويمكن أن نضع هذه الجمعيات في سياق غربي عام، فهي جزء من التشكيل الاستعماري الاستيطاني الغربي الذي كان يرمي إلى إنشاء مجتمعات جديدة في دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية كجزء من السياسة الكولونيالية، ومحاولة الهيمنة على العالم. لذا، فإن فلسطين، من منظور هذه الجمعيات، ليست سوى مكان للاستيطان يدخل ضمن الشبكة الاستعمارية الغربية وليست له أهمية خاصة. ومن ثم، فالجمعيات اليهودية التوطينية جمعيات استعمارية استيطانية بدون ديباجات صهيونية أو هي مجرد جمعيات رفاه اجتماعي تساعد المهاجرين في مجتمعاتهم الجديدة.

وتُعَدُّ أمريكا اللاتينية، وخصوصاً الأرجنتين، المنطقة الرئيسية لنشاط إيكا الاستيطاني حيث أسَّست أول مستوطنة لها عام 1891. وقد تولَّت إيكــا توفـير الآلات الزراعـية والتدريب اللازم للمستوطنين، والتسهيلات الائتمانية، إلى جانب توفير شبكة من المدارس. وقد وصل حجم المستوطنين من اليهود عام 1930، وهي فترة الذروة بالنسبة للاستيطان اليهودي في الأرجنتين إلى 20 ألف مستوطن يزرعون حوالي 500 ألف هكتار من الأراضي الزراعية. وفي نهاية عام 1938، كانت المستوطنات تضم حوالي 3215 أسرة يهودية أو 26.110 أشخاص، مع العلم بأن تعداد الجماعة اليهودية في الأرجنتين وصل عام 1940 إلى حوالي 280 ألفاً في حين لم يكن يوجد في العاصمة بيونس أيرس ومدينة روزاريو سوى ألف يهـودي قبل تأسـيس إيكا. إلا أن هذه المســتوطنات الزراعية لم تزدهر، بل تضاءل حجم المستوطنين بها حتى وصل عام 1966 إلى ثمانية آلاف شخص. وفي الحقيقة، فإن السبب الأساسي وراء ذلك كان، من ناحية، ميراث يهود اليديشية كجماعات حضرية تجارية غير مؤهلة للعمل الزراعي، كما كان هدفهم الأساسي من الهجرة تحقيق قدر أكبر من الحراك الاجتماعي والتعليم، وهو ما لم يكن متوافراً إلا في المدن الكبرى. ومن ناحية أخرى، كانت المستوطنات تعاني من نَقْص مساحات الأراضي الزراعية الواسعة وتزايد أعـباء الديون، ومن بيروقراطية ممثلي مؤسـسة إيــكا. وبالتالي، اتجهت أعداد كبيرة من المسـتوطنين إلى هجـر المسـتوطنات الزراعيـة والانتقـال إلى بيونـس أيرس وغيرهـا من المـدن الكـبيرة.

وقد أسست إيكا أيضاً مستوطنات زراعية في البرازيل كانت أولها عام 1904، إلا أن هذه المستوطنات لم تزدهر أيضاً وتم تصفية آخر مستوطنة عام 1965. إلا أن إيكا استمرت، بالتعاون مع اللجنة الأمريكية المشتركة للتوزيع، في رعاية المؤسسات التعليمية والائتمانية التي كانت قد أسستها في مناطق الاستيطان اليهودي.

وساهمت إيكا أيضاً في توطين اليهود في الولايات المتحدة وكندا. ففي عام 1891، أسَّست مدرسة تجارية في نيويورك من أجل تدريب وإعادة تأهيل المهاجرين الجدد من اليهود على الحياة الجديدة. وفي العام نفسه، أسَّس البارون دي هيرش «صندوق بارون دي هيرش» بهدف مساعدة المهاجرين الجدد من اليهود وإقامة مراكز ريفية لهم. وقد أسس الصندوق مدرسة زراعية في نيو جرسي. وفي عام 1899، أسَّس الصندوق في نيويورك «جمعية المعونة الزراعية والصناعية اليهودية» التي أصبحت فيما بعد «الجمعية الزراعية اليهودية من أجل تنمية النشاط الزراعي بين يهود الولايات المتحدة». وقد تم تأسيس 78 مزرعة. وبعد أن تزايدت الهجرة اليهودية إلى الولايات المتحدة، أسَّست إيكا، بالتعاون مع جمعية المعونة الزراعية والصناعية اليهودية ما يُسمَّى «لجنة النقل» (بالإنجليزية: ريموفال كوميتي Removal Committee) التي عملت في الفترة ما بين عـامي 1901 و1907 على اسـتقبال المهـاجرين الجدد، وتوزيعهم في أنحاء البلاد، وإلحاقهم بذويهم الذين كانوا قد استقروا في الولايات المتحدة من قبل. وبحلول عام 1902، كانت اللجنة قد ساعدت حوالي 70 ألف مهاجر على الاستقرار في الولايات المتحدة. وقد تم تصفية اللجنة عام 1922، وتَركَّز النشاط الرئيسي لإيكا في الولايات المتحدة في توفير التسهيلات الائتمانية للمهاجرين الجدد من اليهود. وقد تَوقَّف نشاط إيكا في الولايات المتحدة تماماً مع بدء الحرب العالمية الثانية.

وفي كندا، أسَّست إيكا أول مستوطنة لها عام 1892. وقد عملت هذه المنظمة في مونتريال، من خلال مؤسسة بارون دي هيرش، على دعم ومساعدة المستوطنات اليهودية التي كانت قد تأسَّست في كندا في نهايات القرن التاسع عشر. وقد أشرفت الجمعية الزراعية اليهودية على نشاط إيكا في كندا وتم تأسيس عدة مستوطنات. إلا أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة أدَّت إلى تصفية بعضها بعد الحرب العالمية الأولى. وفي عام 1960، كانت 120 أسرة يهودية تعمل في المستوطنات الزراعية تحت رعاية إيكا.

وقد أشرفت إيكا أيضاً على عملية هجرة أعضاء الجماعات اليهودية من شرق أوربا، فأسست في روسيا القيصرية في الفترة 1904 ـ 1914 حوالي 507 لجان للهجرة، وأقامت مكتباً مركزياً لها في بطرسبرج بموافقة الحكومة الروسية. وبعد أن فرض كثير من بلدان العالم (وخصوصاً الولايات المتحدة) قيوداً على حجم الهجرة المسموح به بعد الحرب العالمية الأولى، اتجهت إيكا إلى عقد مؤتمر في بروكسل عام 1921 وآخر في باريس عام 1922 لمناقشة تنسيق وتوحيد الجهود في مجال الهجرة اليهودية، إلا أن المؤتمرين فشلا. وفي عام 1925، تم تأسيس «اللجنة الموحَّدة للإجلاء» بالتعاون بين إيكا ومنظمة إميج ديركت واللجنة الأمريكية اليهودية المشتركة للتوزيع. وفي عام 1927، أسَّست إيكا، بالتعاون مع هياس، وإميج ديركت منظمة هيسم، التي كان لها 57 لجنة في 21 دولة عام 1937، وذلك لمساعدة المهاجرين اليهود في جميع أنحاء العالم. وفي عام 1928، أسَّست إيكا في روسيا السوفيتية مكتباً للهجرة للإشراف على هجرة أعضاء الجماعة اليهودية من روسيا. وفي الفترة 1933 ـ 1939، أنفقت إيكا حوالي 800 ألف جنيه على هجرة يهود ألمانيا النازية.

ولم يقتصر نشاط إيكا على هجرة وإعادة توطين يهود شرق أوربا، بل عملت أيضاً في مجال إعادة تأهيل أعضاء الجماعات اليهودية في شرق أوربا نفسها، وفي إكسابهم خبرات زراعية وصناعية تؤهلهم للانضمام والاستمرار في مجتمعاتهم الأصلية. فنشطت في مجال الاستيطان الزراعي اليهودي في روسيا، حيث عملت خلال العشرينيات على توطين عدة آلاف من الأسر اليهودية في 50 مستوطنة زراعية على أراض قدَّمتها الحكومة السوفيتية في أوكرانيا. كما اهتمت بتأسيس التعاونيات وإدخال الزراعات الجديدة. كما كانت قد أسَّست بحلول عام 1914 أربعين مدرسة زراعية وفنية.

كما اهتمت بتعليم اليهود حيث دعمت المؤسسات التعليمية اليهودية في روسيا وبولندا ورومانيا وجاليشيا. ومن أهم أنشطتها تقديم التسهيلات الائتمانية لصغار التجار والحرفيين في شرق أوربا حيث أسَّست شبكة واسعة من البنوك التعاونية التي قدَّمت القروض للفلاحين والتجار والحرفيين. وقد وصل حجم هذه الشبكة، عام 1914، نحو 680 بنكاً تعاونياً.

وقد تَوقَّف نشاط هذه المؤسسات خلال الحرب العالمية الأولى، إلا أنه استؤنف مرة أخرى بعد الحرب، حيث تعاونت إيكا مع اللجنة الأمريكية اليهودية الموحدة للتوزيع في تأسيس المؤسسة الأمريكية الموحَّدة لإعادة البناء عام 1924، والتي أصبحت تُشرف بعد عام 1930 على 760 بنكاً للتسليف برأسمال قدره 3.550.000 دولار. كما أقامت هذه المؤسسة بنوكاً تجارية لخدمة الطبقات الوسطى. وقد صفيت هذه المؤسسة عام 1951.

وامتد نشاط إيكا إلى فلسطين أيضاً، إلا أنه لم يبدأ إلا عام 1896 بعد وفاة البارون دي هيرش الذي لم يكن متحمساً لفكرة إقامة دولة يهودية في فلسطين. وقد تولت إيكا الإشراف على بعض المستوطنات اليهودية. وفي عام 1900، تولَّت إدارة المستوطنات التي كان قد أسسها البارون إدموند دي روتشيلد، والتي كانت تحت رعايته. وفي عام 1923، تم بالتعاون بين إيكا ومؤسسة روتشيلد تأسيس منظمة بيكا (جمعية الاستيطان اليهودي في فلسطين) والتي بلغ مجموع ما امتلكته خلال ربع قرن (1923 ـ 1948) ما مساحته 45 ألف دونم، أي ثُلث ما كان بحوزة اليهود من أراض عند إعلان قيام إسرائيل. كما ساهمت إيكا عام 1933 في تأسيس جمعية «إميكا EMICA» (وهي اختصار إميرجنسي فند فور بالستين Emergency Fund for Palestine، أي صنـدوق الطـوارئ لفلسطين) التي أشـرفت على بنـاء العـديد من المسـتوطنات اليهودية في فلسطين.

وقد أصبحت إميكا عام 1955 «إيكا في إسرائيل» حيث أصبحت إسرائيل المركز الرئيسي لنشاط إيكا. وقد اشتركت مع الوكالة اليهودية في تطوير منطقة الجليل الأعلى في فلسطين المحتلة، وفي إقامة أكثر من 30 مستوطنة يهودية، وكذلك في تقديم تسهيلات ائتمانية في المجال الزراعي في إسرائيل. وهي تهتم بدعم المؤسسات التعليمية بها.

وقد اهتمت إيكا أيضاً بعد الحرب العالمية الثانية بالجماعات اليهودية في المغرب العربي. فعملت، بالتعاون مع لجنة التوزيع المشترك، على توفير تسهيلات ائتمانية ليهود تونس والمغرب، وفي إقـامة مراكز للتدريب الزراعـي في المغــرب. وفي عام 1952، قامت، بالتعاون مع الأليانس إسرائيليت يونيفرسل، بتأسيس «الجمعية الزراعية ليهود المغرب». ومنذ عام 1965، وهي تعمل في تعاون مع «خدمة هياس المتحدة» في «برنامج الإنقاذ الخاص» من أجل نَقْل المهاجرين اليهود من شرق أوربا وشمال أفريقيا إلى أستراليا وكندا وفرنسا.

وتولي إيكا اهتماماً خاصاً للمؤسسات اليهودية التعليمية والثقافية في مختلف بلدان أوربا وأمريكا اللاتينية.

  • السبت AM 06:08
    2021-05-08
  • 1368
Powered by: GateGold