المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415831
يتصفح الموقع حاليا : 230

البحث

البحث

عرض المادة

الشمَّـاع

الشمَّـاع

Shema

دعاء «الشمَّاع» من كلمة «شمَع» العبرية وتعني «اسمع» (ويُعرَف أيضاً باسم «قريئات شماع» ويُختصَر إلى «قريشماع»). وكلمة «شماع» أول كلمة في نصٍّ من نصوص العهد القديم تُقرَأ في صلاة الصباح والمساء « اسمع يا يسرائيل الرب إلهنا رب واحد » (تثنية 6/4). والشماع ككل يتكون من النصوص التالية:

 

1 ـ « اسمع يا يسرائيل الرب إلهنا رب واحد. فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك. ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك. وقصها على أولادك وتكلَّم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم. واربطها علامةً على يدك ولتكن عصائب بين عينيك. واكتبها على قوائم أبواب بيتك وعلى أبوابك » (تثنية 6/4 ـ 9).

 

2 ـ « فإذا سمعتم لوصاياي التي أنا أوصيكم بها اليوم لتحبوا الرب إلهكم وتعبدوه من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم، أعطي مطر أرضكم في حينه المبكر والمتأخر. فتجمع حنطتك وخمرك وزيتك. وأعطي لبهائمك عشباً في حقلك فتأكل أنت وتشبع. فاحترزوا من أن تنغوي قلوبكم فتزيغوا وتعبدوا آلهة أخرى وتسجدوا لها فيحمى غضب الرب عليكم ويُغلق السماء فلا يكون مطر ولا تعطي الأرض غلتها. فتبيدون سريعاً عن الأرض الجيدة التي يعطيكم الرب. فضعوا كلماتي هذه على قلوبكم ونفوسكم واربطوها علامةً على أيديكم ولتكن عصائب بين عيونكم. وعلِّموها أولادكم متكلمين بها حين تجلسون في بيوتكم وحين تمشون في الطريق وحين تنامون وحين تقومون. واكتبها على قوائم أبواب بيتك وعلى أبوابك. لكي تَكثُر أيامك وأيام أولادك على الأرض التي أقسم الرب لآبائك أن يعطيهم إياها كأيام السماء على الأرض » (تثنية 11/13 ـ 21).

 

3 ـ "وكلم الرب موسى قائلاً: كلِّم بني يسرائيل وقل لهم أن يصنعوا لهم أهداباً في أذيال ثيابهم في أجيالهم ويجعلوا على هدب الذيل عصابة من أسمانجوني. فتكون لكم هدباً فترونها وتذكرون كل وصايا الرب وتعلمونها ولا تطوفون وراء قلوبكم وأعينكم التي أنتم فاسقون وراءها. لكي تذكروا وتعلموا وصاياي وتكونوا مقدَّسين لإلهكم. أنا الرب إلهكم الذي أخرجكم من أرض مصر ليكون لكم إلهاً. أنا الرب إلهكم". (عدد 15/37 ـ 41).

 

وتُقرَأ الشماع في صلاة الصباح والمساء، ولا تُتلى في صلاة الظهر. وعلى اليهودي أن ينطق بعبارة التوحيد قبل موته، أو ينطق له بها أحد الواقفين بجواره.

 

والعبارات الأولى في الشماع قد تعطي انطباعاً بأن ثمة اتجاهاً توحيدياً قوياً، وأنها من ثم تشبه شهادة التوحيد الإسلامية وتقترب منها. ولكن الدارس المدقق يُلاحظ الفروق الجوهرية بينهما:

 

فالشمَّاع جزءً من كل، والكل (أي التركيب الجيولوجي اليهودي) يحوي طبقة حلولية واضحة تتنافى مع التوحيد الذي تعبِّر عنه هذه العبارة الأولى. وحتى لو أخذنا العبارة الأولى من الشماع بمفردها، فسنلاحظ أنه بينما تبدأ الشهادة الإسلامية بضمير المتكلم (المفرد)، أي أن الإنسان الفرد صاحب الضمير الفردي والمسئولية الخلقية يشهد على أن الله، إله العالمين، واحد أحد، أما الشماع فتبدأ بخطاب إلى الأمة ككل، وهو ما يعطي الشمَّاع بعداً جماعياً قومياً. ثم ينتقل الشماع بعد ذلك للتأكيد على أن « الرب إلهنا » والواقع أن استخدام ضمير المتكلمين، في العقيدة اليهودية بأكملها، ذو دلالة قومية جماعية عميقة، فهو يخصص الإله ويجعله مقصوراً على اليهود أو الشعب المختار الذي يحل فيه الإله. لكن تخصيص الإله لشعب معيَّن قد يفيد التوحيد ولكنه لا يفيد الوحدانية الخالصة ويجعلها تقترب من التغليبية (وهي نوع من التوحيد البدائي) يفيد الإيمان بعدد من الآلهة يترأسهم إله واحد. وهو ما يحمل معنى الشرك بالإله (على عكس الشهادة الإسلامية التي تعني عدم وجود إله آخر سـوى اللـه). ويتأكـد هـذا الموضوع الأسـاسي في بقية الدعاء: "وتعبدوا آلهة أخرى وتسجدوا لها". ويختم الدعاء هكذا "أنا الرب إلهكم الذي أخرجكم من مصر ليكون لكم إلهاً. أنا الرب إلهكم".

 

ولكن الأهـم من هـذا كله هو بقيـة العبارات المستقاة من العهد القديم. فثمة إشارات عديدة إلى بعض الشعائر مثل: تمائم الصلاة (تفيلين)، وشال الصلاة (طاليت)، وتميمة الباب (مزوزاه). وتستغرق الإشارات إلى هذه الشعائر نصف الدعاء تقريباً. وهذه الشعائر ذات اتجاه حلولي واضح فهي تؤكد انفصال اليهود وقداستهم واختيارهم: (وتكونوا مقدِّسين لإلهكم).

 

والجزء الثاني من الدعاء (تثنية 11/13 ـ 21) يؤكد المكافأة المادية المباشرة التي سيمنحها الإله للشعب، لو أنه نفذ الوصايا. وهناك إشارة إلى « الأرض الجيدة التي يعطيكم الرب ». وبذا، تكتمل كل علامات الحلولية المتطرفة ، فثمة إله يحل في الشعب والأرض فيكتسب كلٌّ من الشعب والأرض قداسة. ولذا، لابد أن يعزل نفسه عن بقية العالم، ومن هنا كثرة الشعائر، فنحن أمام تركيب جيولوجي تراكمي مدهش يبدأ بالتعبير عن التوحيد وينتهي بالحلولية المتطرفة.

 

ورغم التشابه اللفظي والمضموني السطحي، فإن البنية الكامنة للشماع، والتي لابد أن يُنظَر إليها في علاقتها بالطبقة الحلولية داخل التركيب الجيولوجي اليهودي، تدل على أن نص التوحيد اليهودي ليست له علاقة كبيرة بالشهادة الإسلامية، وهذا ينطبق أيضاً على كثير من الجوانب التي يُتصوَّر أنها مشتركة بين اليهودية والإسلام مثل الختان وقوانين الطعام.

 

ويجب أن نشير إلى أن العنصر الحلولي ازداد قوة في القرن العشرين، كما اكتسب الشعب مطلقية وقداسة تفوق ما كان يُتصوَّر أنه تمتع بها في الماضي. وبظهور اليهودية المحافظة واليهودية التجديدية (التي تعبِّر عن شحوب فكرة الإله داخل الثالوث الحلولي) والصهيونية (التي تعبِّر عن حلولية بدون إله)، ومع تزايد صهينة الدين اليهودي، ومع تزايد تأكيد مقولة الشعب العضوي (فولك)، فإننا سنكتشف أن الحديث عن وحدانية الإله هو في واقع الأمر حديث عن وحدانية الشعب وتماسكه.

  • الاحد PM 06:08
    2021-04-25
  • 1340
Powered by: GateGold