المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415832
يتصفح الموقع حاليا : 215

البحث

البحث

عرض المادة

التَحلــــــــــــــة

التَحلــــــــــــــة

Dispensation; Heter

«التَحلَّة» تقابلها في العبرية كلمة «هيتر» ومعناها الحرفي «تصريح» أو «رخصة» أو «إجازة». والتحلة تأخذ شكل التفاف حول الشريعة عن طريق فتوى يصدرها أحد الفقهاء اليهود، تسمح بإلغاء بعض الأوامر الدينية أو تسمح بالتساهل في تطبيقها استناداً إلى تحويرات شكلية حتى يتم التغلب على صعوبة أو ربما لاستحالة التطبيق الحرفي لأحد الأوامر والنواهي. ومن الناحية النظرية، لا يمكن تطبيق نظام التحلة إلا على التشريعات الحاخامية وحدها دون الشرائع التي وردت في التوراة. ولكن، من ناحية التطبيق، نجد أن الأمر مختلف، كما هو الحال في تحلة البروزبول التي أصدرها هليل حتى يتسنى جمع الديون حتى في السنة السبتية.

 

وقد أصدر الحاخامات، عبر التاريخ، كثيراً من التحلات مثل: بيع أرض فلسطين للأغيار بشكل صوري في السنة السبتية، إذ أن من المحرم على اليهود زراعتها في هذا العام (طالما كانت حكومتها يهودية)، وبعد انقضاء السنة السبتية يمكنهم أن يشتروها مرة أخرى. كما تُباع خميرة إسرائيل قبل عيد الفصح، ثم يُعاد شراؤها بعد انقضائه لأن اليهود مُحرَّم علىهم الاحتفاظ بخميرة في منازلهم أثناء هذا العيد.

 

ومن القوانين الدينية، تحريم دفع أجر عن عمل يتم القيام به يوم السبت، وقد خلق هذا التحريم مشكلة للحاخامات في العصر الحديث إذ أنهم يعملون يوم السبت أساساً. ويتم التحايل على هذا الحظر عن طريق دفع رواتب الحاخامات أول الشهر وأول العام. ويُنَص في العقد على أن الأجر يُدفَع لهم عن الأعمال التي يقومون بها في كل أيام الأسبوع ما عدا السبت. ولكن الراتب في الواقع يُدفَع لهم نظير كل ما يقومـون به من أعـمال، وضمن ذلك يوم السبت. أما بالنسبة إلى العلماء التلـموديين، فالمسـألة أكثر صعـوبة لأن التلمود يحـظر تلقَّي أي أجر. ولذا، فإن رواتبهم هي نوع من التعويض عن التعطل (بالعبرية: «دمِّي بطالاه» أي «رسوم بطالة» أو «سخار بطالا» أي «راتب بطالة»).

 

ومن أهم أشكال التحلة، تلك الخاصة بيوم السبت. فهناك «جوي شايات»، وهو فرد من الأغيار يقوم بالأعمال المحرَّمة على اليهودي يوم السبت، مثل إيقاد النار. وهناك أشكال أخرى من التحلة دون اللجوء إلى الأغيار. فعلى سبيل المثال، يُحرَّم حلب الأبقار يوم السبت، فكان يُستعان بالعرب للقيام بذلك. ولكن بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين، حاول المستوطنون الالتزام بفكرة العمل العبري (أي استخدام عمال يهود وحسب واستبعاد العمال العرب)، وكان لابد من التحايل على التحريم دون اللجوء إلى العرب، فأصدر بعض الحاخامات الصهاينة فتوى مفادها أن التحريم ينصرف إلى اللبن الأبيض ولكنه لا ينطبق على اللبن الأزرق. ومن ثم، كان اللبن يصبغ باللون الأزرق، ويُستخدَم في صنع الجبن، وأثناء ذلك تُزال الصبغة الزرقاء. وقد تم فيما بعد التوصل إلى تحلات أخرى أكثر حذقاً وصقلاً. فعلى سبيل المثال، يحل حلب البقرة يوم السبت إذا كان ذلك ضرورياً لإراحتها، شريطة أن يدع اليهودي اللبن يسقط على الأرض. فعملت الكيبوتسات الدينية على التحايل على هذا الوضع بأن يدخل أحد أعضاء الكيبوتسات إلى الحظيرة ويضع دلواً أسفل البقرة، ثم يدخل آخر بعده وهو يتعمد ألا يرى الدلو، ويقوم بحلب البقـرة لإراحـتها تاركاً اللبن يسـقط على الأرض في الدلو الذي لم يشاهده!

 

ومُحرَّم على اليهودي أخذ الربا من اليهودي. ولذا ظهر ما يُسمَّى «هيئر عسقاه» وهي عبارة تعني حرفياً «تحلة الصفقة» أي «تحلة التعامل المالي». وهذه التحلة تأخذ الشكل التالي:

 

أ ) الخطوة الأولى: إذا أراد اليهودي أن يقرض يهودياً آخر بربا، فإن القرض سيُسمَّى استثماراً، وسوف يُقال إن طرفاً أول سيستثمر نقوده لدى طرف ثان، وعليه أن يتعهد بدفع نسبة مئوية تسمَّى أرباحاً (ولكنها في واقع الأمر فائدة).

 

ب) الخطوة الثانية: يقوم الطرف الأول (الدائن) بإعفاء الطرف الثاني (المقترض) من دفع الأرباح، إن خسرت العملية الاستثمارية. ولكن هذه الخطوة الثانية الضرورية لجعل العملية مباحة شرعاً لا يمكن اتخاذها إلا في حضور أحد الحاخامات وبشهادته. وحيث إن الدائن يخشى اتخاذ هذه الخطوة الثانية، فإن الحاخام عادةً ما يرفض تأدية هذه الشهادة بناء على ترتيب سابق. ومن ثم، تبقى عملية الإقراض بالربا قائمة. وتُكتَب تفاصيل هذه العملية بخطوتيها الأولى والثانية بالآرامية وتُعلَّق على حائط الغرفة التي يُتفَق فيها على عملية الإقراض. وتتبع البنوك الإسرائيلية الإجراء نفسه حتى الوقت الحاضر. أما تحلات السبت، فهي كثيرة، وخصوصاً بالنسبة للكيبوتسات.

 

والتحلة تتمسك في جوهرها بحرفية القانون وتتناسى روحه، الأمر الذي يجعل الالتفاف حول الشريعة أمراً سهلاً. ويرى إسرائيل شاحاك أن الرؤية الحاخامية في تبنيها التحلة تشبه رؤية الرومان لجوبتر إذ كان بمقدورهم رشوته وخداعه، أي أن التحلة تعبير عن النزعة الحلولية داخل اليهودية. وهو يرى أن التحلة، والتراث القبَّالي، من أهم أسباب أزمة اليهودية الحاخامية وتآكلها في نهاية الأمر.

  • السبت PM 12:01
    2021-04-24
  • 1111
Powered by: GateGold