المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415843
يتصفح الموقع حاليا : 154

البحث

البحث

عرض المادة

مسألـة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء

"بين الخالدين من الرجال"

منذ سنوات قليلة نشر المؤرخ وعالم الرياضيات الأمريكي "مايكل م. هارت" كتابا بعنوان الخالدون مئة هم القمم الشاهقة في التاريخ" وفي كتابه ذاك يذكر المؤلف أسماء مئة من الرجال، هم الأكثر تأثيرا في التاريخ، ويقدم لنا أسبابه بالنسبة للترتيب تبعا للمكانة التي يحتلها كل منهم في القائمة (أي أنه يرتبهم حسب تأثير وأهمية كل منهم علي تاريخ البشر وحياتهم). ومن عجب – وهو علي الأرجح مسيحي – أنه يذكر محمدا ، نبي الإسلام، عليه السلام، علي رأس المئة ولأسباب قوية. ولأسباب قوية أيضا يضع المؤلف عيسي عليه السلام وهو الذي يعتبر سيد البشر ومخلص البشرية من آثامها في نظر كل الأمريكيين من مواطنيه تقريبا، في المرتبة الثالثة.

 

المؤسس الحقيقي للمسيحية :

ورغم أنه يوجد الآن 1200 مليون مسيحي في العالم، وأكثر من 1000 مليون مسلم وفق الإحصاء الرسمي، فإن البروفيسور هارت يقسم فضل تأسيس المسيحية بين كل من القديس بولس، وبين عيسي عليه السلام، وهو يعزو الفضل الأكبر لبولس. ومن هنا كانت المرتبة الثالثة لعيسي عليه السلام. وكل مسيحي يعتد بديانته يعتبر أن المؤسس الحقيقي للمسيحية هو القديس بولس، وليس عيسي المسيح عليه السلام.

 

سبب الاختلاف :

وعلي أي حال فلو كان هنالك تمايز بين مسلم ومسيحي فيما يتصل بالتيقن أو العقيدة أو الأخلاق أو الفضيلة، فإن سبب هذا التمايز يمكن إرجاعه إلي قول أنشأه بولس، يمكن العثور عليه في رسائله إلى أهل كورنثوس، أو إلي أهل فيلبي، أو إلي أهل غلاطية، أو إلي أهل تسالونيكي .. الخ، كما (1) وردت بالإنجيل.

وبعكس تعاليم السيد المسيح من أن الخلاص يتحقق فحسب عند التحقق بما ورد بالوصايا (إنجيل متي 19: 16-17) فإن الخلاص عند بولس يتمثل في عملية الصلب (الرسالة إلي أهل كولوسي 2 : 14) وهو يذهب إلي أن الخلاص يمكن أن يتم بموت وبعث عيسى المسيح إذ يقول : "وإن لم يكن المسيح قد "قام" فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيمانكم" (الرسالة الأولي إلي أهل كورنثوس 15 : 14).

أهم رجال المسيحية :

وفي نظر القديس بولس فإن المسيحية لا يمكن أن تقدم للبشر ما هو أفضل من دم وآلام سفك دم يسوع. ولو لم يكن قد مات وقام من بين الموتى لما كان ثمة خلاص للبشرية في المسيحية ! "لأن كل أعمال برنا تكون كثوب خرقة". (أشعياء 64 : 6).

انتفاء الصلب نفي للمسيحية :

"إن وفاة عيسي علي الصليب هي عصب كل العقيدة المسيحية. إن كل النظريات المسيحية عن الله، وعن الخليقة، وعن الخطيئة، وعن الموت، تستمد محورها من المسيح المصلوب. وكل النظريات المسيحية عن التاريخ، وعن الكنيسة، وعن الإيمان، وعن التطهر، وعن المستقبل، وعن الأمل إنما تنبع من "المسيح المصلوب" فيما يقول البروفيسور جوردن مولتمان في كتابه عن "الإله (2) المصلوب".

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)   من المعروف أن القديس بولس كانت له اليد الطولي في نشر المسيحية، وكانت له رسائله الشهيرة إلي أقوام كثيرين وهي الموجودة بالعهد الجديد : رسالة إلى أهل .. رسالة إلى أهل .. كما أشار المؤلف (المترجم).

(2)   يعتقد المسيحيون أن المسيح عيسي هو الله مجسدا – الله علي صورة الإنسان وحسب التصور المسيحي فإن عيسي يجب أن يموت لأن آلاف التضحيات لا يمكن أن تخلص الإنسان من آثامه. لكن تضحية المسيح وحدها هي التي تخلص البشرية من خطاياها. (المترجم).

 

 

نحن المسلمين الذين نعيش (3) في خضم المسيحية في جنوب إفريقيا، وتتنافس آلاف الطوائف المسيحية كل طائفة مع الأخرى لتخليص الوثني (4) من نار جهنم عندما يؤمن بصلب المسيح).

وعلي كل حال، في خضم هذا المعترك الفكري لن تجد قسا مسيحيا بروتستانتينيا، أو إنجيليا، من أهل البلاد، أو من خارجها، لن تجده يحاول أن يعلم مسلما شيئا عن مبادئ الصحة أو النظافة، لأن لنا – نحن المسلمين – أن ندعي أننا أكثر الناس نظافة (فيما يتعلق بالنظافة الشخصية). وهم لن يحاولوا أن يعلمونا الكرم، لأننا أكثر الشعوب كرما، ولن يحاولوا أن يعلمونا الأخلاق والفضائل لأننا أرقي الشعوب خلقا، وأكثر الشعوب فضائل (في مجمل القول) فنحن مثلا لا نشرب الخمر، ولا نقامر، ولا نتخاصم، ولا نرابى، ولا نرقص. ونحن نصلي خمس مرات في اليوم، ونصوم شهرا كاملا طوال شهر رمضان المعظم ويسر خواطرنا دائما أن نكون أناسا محبين للخير ورغم أوجه النقص (التي قد تعتري مسلك بعض المسلمين لضعف إيمان أو وهن عزيمة – فإنه يمكن لنا القول بأنه لا توجد جماعة من البشر يمكن أن يزعموا أنهم يستطيعون أن يضيئوا لنا شمعة في مجال الأخوة، أو التقوى، أو الورع، ليس في شموع الدين الإسلامي مثيل لها).

الدم من أجل الخلاص :

يقول لك المبشر المسيحي : "نعم . نعم :  ولكن لا خلاص لك لأن الخلاص إنما يتأتى فحسب من خلال دم ربنا يسوع. وكل أعمالك الصالحات إنما هو كثوب رث. (فلا تغتر بها إذ أنها ليست كافية لخلاصك من العذاب) ويقول : "لو أنكم أيها المسلمون تقبلون الاعتقاد بأن دم المسيح هو سبيل الخلاص، ولو اتخذتم يسوع "كمخلص شخصي" فإنكم أيها المسلمون تصبحون كملائكة تمشي علي الأرض".

إجابة شافية :

ماذا نقول كمسلمين إزاء مثل هذا الإدعاء المسيحي؟.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3)   المؤلف من جنوب أفريقيا (المترجم).

(4)   يقصد غير المسيحي (المؤلف).

ليست هنالك – في نظري – إجابة أكثر إقناعا من قوله تعالي : (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسي ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقينا).

(سورة النساء : الآية 157).

هل يمكن لأحد أن يكون أكثر وضوحا وأكثر تأكيدا وأكثر يقينا وأكثر رفضا للمساومة تجاه معتقد من معتقدات الإيمان عن هذه الإجابة؟ الإجابة هي : مستحيل ! إن الله هو وحده العليم القدير البصير مالك الملك. إنه الله سبحانه وتعالي.

ويؤمن المسلم أن هذه الإجابة الكاملة إنما هي من الله سبحانه وتعالي. ومن ثم لا يثير سؤالا ولا يتطلب دليلا. يقول المسلم : آمنا وصدقنا.

ولو كان المسيحيون قد قبلوا بالقرآن الكريم باعتبار أنه وحي الله لما ثارت مشكلة صلب المسيح. إنهم يعترضون بتعصب علي تعاليم القرآن ويهاجمون كل شيء إسلامي. إنهم كما يصفهم توماس كارلايل "قد دربوا أن يكرهوا محمدا ودينه".

  • الجمعة PM 04:25
    2015-08-07
  • 2737
Powered by: GateGold