المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 411818
يتصفح الموقع حاليا : 273

البحث

البحث

عرض المادة

اليمين العلماني

اليمين العلماني
Secular Right
تتألف أحزاب اليمين في إسرائيل من معسكرين: معسكر اليمين العلماني ومعسكر اليمين الديني. وينقسم اليمين العلماني بدوره إلى قسمين: اليمين البراجماتي واليمين الراديكالي، ويمثل الليكود اليمين البراجماتي الذي يحتل موقعاً يمتد من الوسط إلى أقصى اليمين. أما اليمين الراديكالي فيضم حركتا تسـومت وموليـدت (وهما حركتان علمانيتان) وحركة هتحيا، وهي حركة هجين تضم عناصر دينية وقومية. كما يضم اليمين الراديكالي كلاً من جوش إيمونيم ومنظمة كاخ الصهيونية وهما حركتان أصوليتان دينيتان إثنيتان (قوميتان). ورؤية هذه الأحزاب السياسية مشوشة، شأنها في هذا شأن الحركات الشعبوية الفاشية. ومع هذا يمكن القول بأن رؤية جوش إيمونيم وكاخ تتسم بقدر من التماسك.


ويدين الاتجاهان اليمينيان، البراجماتي والراديكالي، بالولاء لأرض إسرائيل ويرفضان التنازل عن أي شبر منها. ولذا فكل منهما يؤمن بضرورة التخلص من العنصر البشري الفلسطيني إما بطرده أو محاصرته وعزله.

وتعود جذور اليمين العلماني إلى الحركة الصهيونية التصحيحية، وفكر جابوتنسكي الذي رفض الديباجات العمالية والإنسانية وطالب بإقامة الدولة الصهيونية بالقوة في كامل أرض إسرائيل وطرد الفلسطينيين. ويشكل الفكر القومي/الشوفيني ركيزة أساسية لمفاهيم المعسكر اليميني ومواقفه السياسية من القضايا الأساسية المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمنية والموقف من العرب، فالأحزاب اليمينية (الدينية والعلمانية، الراديكالية والبراجماتية) تلتقي من حيث المبدأ على الشك في الأغيار (العرب) وعلى رفض الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وعلى ضرورة الاستيطان اليهودي الواسع فيهـا وشـرعيته، وعلى دور إسـرائيل في المنطقة وانتمائها للغـرب وعـلاقتها العضـوية بالــولايات المتحـدة.

وتلتقي أحزاب هذا المعسكر في توجهاتها الاقتصادية/ الاجتماعية رغم تباين الجذور الطبقية للشرائح الاجتماعية التي تشكل قاعدتها الانتخابية. فجميعها تتبنى سياسة اقتصادية اجتماعية تقوم على مبادئ الاقتصاد الرأسمالي، وعلى رفض الصراع الطبقي، وضرورة تغليب المصلحة القومية العليا على المصالح الطبقية والفئوية.

وتعود أهم أسباب بروز دور اليمين العلماني في النظام السياسي الإسرائيلي إلى حرب 1967 التي بينت مقدر الأسطورة الصهيونية على فرض نفسها بالقوة على الواقع العربي، بل فسرها البعض على أنها رسالة إلهية تحمل في طياتها احتمال عودة مملكة إسرائيل التاريخية (مما يعني التقارب بين اليمينين الديني والعلـماني). كمـا أن تآكـل الديبــاجـات العمالية كان له أعمق الأثر.

ولكن رغم هذا الاتفاق على المسلمات النهائية ثمة فارق بين اليمين البراجماتي واليمين الراديكالي، فبينما لا يشير متحدثو اليمين البراجماتي إلى هذه المسلمات بشكل صريح، لا يتردد متحدثو اليمين الراديكالي عن الإفصاح عنها. كما أن اليمين البراجماتي يدرك الحقائق والقيود السياسية واعتبارات السياسة الدولية ومصالح القوى الخارجية، ولذا فهو مستعد للجوء للخطاب الصهيوني المراوغ بل لتبني سياسات مرنة نوعاً، على الأقل من الناحية التكتيكية (مثل الدخول في مفاوضات تستمر إلى ما لا نهاية، كما صرح شامير). أما اليمين الراديكالي فيتجاهل الحقائق والقيود السـياسية، ويؤمـن بقـدرة إســرائيل على مقــاومة الضغوط الدولـية.

وتُعَد كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع مصر ثم غزو لبنان واندلاع الانتفاضة أهم الأحداث التي ساعدت على تمييز اليمين البراجماتي عن اليمين الراديكالي. وإن كان لا يمكن إهمال الاعتبارات الشخصية والانتخابية. ويمكن القول بأن الأحزاب والحركات اليمينية التي ظهرت إبَّان حكم الليكود منذ 1977 كانت جميعاً جزءاً منه ثم تشكلت كأحزاب وحركات مستقلة.

وقد نما وزن الحركات والأحزاب التي تنتمي لليمين العلماني الراديكالي بصورة كبيرة في الوقت الراهن فهي نتاج مسار طويل من التطور اكتسبت خلاله نفوذاً كبيراً مستمداً بالأساس من الدعم الذي قدمته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ حرب 1967، ولا سيما بهدف تعزيز النشاط الاستيطاني. كما أن جماعات اليهود المهاجرين من الولايات المتحدة إلى إسرائيل مثلت مصدر إمداد متجدد لها.

وقد طوَّرت هذه الأحزاب والحركات شكلاً من الصهيونية يجمع بين الاتجاهات الدينية أو شبه الدينية والاتجاه السياسي التوسعي وتشدد على ضرورة الاحتفاظ بأرض إسرائيل التاريخية، وتكثيف الاستيطان في الأراضي المحتلة. وتدعو بعض هذه الحركات والأحزاب إلى معالجة قضية المواطنين العرب في الأراضي المحتلة عبر سياسات الترحيل (الترانسفير) المختلفة.

ويمكن القول بأن كلاً من اليمين العلماني واليمين الديني يدور في إطار ما سميناه «الصهيونية الحلولية العضوية» مقابل الأحزاب الصهيونية المعتدلة التي تنطلق من إدراك حقيقة النظام العالمي الجديد وما سميناه «صهيونية عصر ما بعد الحداثة».

  • الثلاثاء AM 11:00
    2021-05-18
  • 1192
Powered by: GateGold