المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409158
يتصفح الموقع حاليا : 331

البحث

البحث

عرض المادة

تاريخ الهجـرة الصهيونية الاستيطانية قبل وبعد عام 1948

الهجـرة الصهيونية الاستيطانية قبل عام 1948: تاريخ
Zionist Settler Immigration before 1948: History
يطلق الصهاينة على هجرتهم إلى فلسطين كلمة «عالياه» وهي كلمة عبرية مشتقة من «يعلو»، والمهاجرون هم «عوليم». ولكلمة «عالياه» العبرية معان عدة أولها «الصعود إلى السماء»، وثانيها «الصعود لقراءة التوراة في المعبد أثناء الصلاة»، وثالثها «الصعود إلى إرتس يسرائيل بغرض الاستيطان الديني». وفي العهد القديم، نجد أن الذهاب إلى فلسطين يعبَّر عنه بعبارة «الصعود إلى الأرض»، ومن هنا كانت التسمية «عالياه» من «العلا»، أما الذهاب إلى مصر فيعبَّر عنه «بالنزول إليها»، أي أن المصطلح العبري مرتبط بطقوس دينية عديدة وله إيحاءات عاطفية. وقد كانت للعالياه أغراض عديدة في التقاليد اليهودية، فمثلاً كانت تتم بغرض الشفاء من الأمراض وللتخلص من الفقر، كما كان الكهول يهاجرون لاعتقادهم أن الدفن في أرض الميعاد يجلب ثواباً كبيراً. وكان البعض «يعلو» إلى إرتس يسرائيل بغرض دراسة التوراة.


وقد استخدمت الحركة الصهيونية هذا المصطلح الديني وجردته من بُعده الإيماني المجازي وأطلقته على حركة الهجرة الصهيونية من شرق أوربا إلى فلسطين في العصر الحديث، وفي هذا تعمية أيديولوجية. فالعالياه مصطلح ديني يصف أفعالاً فردية وأوامر يُفترض فيها أنها ربانية ذات قداسة معينة من وجهة نظر من يقوم بها، ولا يمكن إطلاقه على ظاهرة اقتصادية اجتماعية سياسية يقوم بها فريق من الصهاينة لا يؤمن معظمه بالعقيدة اليهودية. ومن هنا فإننا في دراستنا لظاهرة هجرة اليهود إلى فلسطين سنسقط تماماً كلمة «عالياه» الدينية ونستخدم مصطلح «الهجرة الاستيطانية الصهيونية». ومما له دلالته أن كلمة «هجيراه» العبرية كلمة محايدة تؤدي نفس المعنى، ولكن الحركة الصهيونية تؤثر استخدام المصطلحات التقييمية على المصطلحات الوصفية حتى يمكِّنها فَرْض غمامات أيديولوجية (ومن هنا استخدام مصطلح «يريدا» أي «الارتداد» للإشارة إلى اليهودي الذي يهاجر من إسرائيل).

والاستيطان هو الدعامة الأساسية للمشروع الصهيوني، ولذلك تحاول الحركة الصهيونية أن تدفع اليهود إلى تلك الهجرة وتيسرها لهم.

1 ـ تُقسَّم موجات الهجرة الصهيونية إلى خمس موجات فيما بين عامي 1882 و1944:

الموجة الأولى:
استغرقت الموجة الأولى السنوات من 1882 إلى 1903 تقريباً، وضمت عدداً يصل من 20 ـ 30 ألف مهاجر (بمعدل 1000 مهاجر كل عام). وقد جاءت الأكثرية الساحقة من المهاجرين من روسيا ورومانيا وبولندا (أي من يهود اليديشية)، وقد ارتبطت تلك الموجة بتعثُّر التحديث في تلك البلاد وصدور قوانين مايو، وقد تمت هذه الهجرة تحت رعاية جماعة أحباء صهيون والبيلو بتمويل المليونير روتشيلد. وكان الطابع الاجتماعي العام للمستوطنات التي أقاموها طابعاً رأسمالياً تقليدياً حيث كان اليهود يمثلون «أرستقراطية زراعية مصغرة» يستغلون العمال من اليهود والعرب الذين يعملون بالأجر على السواء. ويبدو أن الأحوال قد ساءت جداً بهذه الجماعات، ولذا كانوا من مؤيدي مشروع شرق أفريقيا الاستيطاني. كما أن اليهود المتدينين الذين كانوا يقيمون في فلسطين من قبل (فيما يُطلَق عليه «اليشوف القديم») لم يرحبوا بهم بسبب سلوكهم العدواني تجاه اليهود العرب، ولإثارتهم المشاكل بين الأقلية اليهودية والأغلبية العربية. وكان من أسباب سخط اليهود المتدينين استخدام المهاجرين اللغة العبرية في حديثهم اليومي الدنيوي (فقد كانت العبرية حسب التصور الديني لغة دينية وحسب). كما أثارت مشكلة دينية في سنة شميطاه المفروض فيها إراحة الأرض المقدَّسة وعدم زرعها. ومما هو جدير بالذكر أن عدد اليهود الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة في تلك الفترة كان أكثر من نصف مليون، أي أن عدد المهاجرين إلى فلسطين كان حوالي 2% من مجموع المهاجرين اليهود عامة.


الموجة الثانية:
استغرقت الموجة الثانية السنوات من 1904 إلى 1914 تقريباً وضمت عدداً يتراوح بين 35 و40 ألفاً من اليهود (بمعدل 3000 مهاجر سنوياً) معظمهم من العمال الروس. وقد ارتبطت تلك الموجة تاريخياً بالاضطرابات السياسية التي سادت روسيا بعد هزيمتها على يد اليابان. وينحدر معظم أعضاء هذه الموجة من أصول يديشية، وقد كانوا يعيشون في مدن صغيرة (شتتل) الأمر الذي ترك أثره في تفكيرهم وتصوراتهم. ومما يُذكر أن أفراد الصفوة الحاكمة في إسرائيل (بن جوريون وإشكول) كانوا أعضاء فى الموجة الثانية. ويتميَّز أعضاء هذه الموجة بأنهم حَمَلة أفكار الصهيونية العمالية (كما عبَّر عنها سيركين وبوروخوف): المطالبة بالاعتماد على الذات، ممارسة العمل اليدوي، وإبراز الهوية اليهودية. وقد ترجمت هذه الأفكار نفسها في شكل مؤسسات عسكرية زراعية استيطانية مثل الكيبوتس، وفي شكل الإصرار على التحدث بالعبرية (التي كانوا لا يعرفونها لأنهم كانوا يتحدثون اليديشية) وعلى فلكلور يهود اليديشية الذين كانوا يعتبرونه التراث اليهودي. وبينما اعتمد أعضاء الموجة الأولى على الفلاحين العرب ولم يقووا على الاستمرار دون معاونة المليونير اليهودي روتشيلد، نجد أن أعضاء الموجة الثانية (أصحاب فكرة اقتحام الأرض والعمل) كانوا يعتبرون فلسطين لا بمنزلة ملجأ وحسب وإنما بمنزلة قاعدة إستراتيجية لتنفيذ المشروع الصهيوني.


وجدير بالملاحظة أن عدد اليهود الذين تركوا روسيا القيصرية وبولندا والنمسا ورومانيا في الفترة من عام 1882 ـ 1914 (التي تغطي الموجتين الأولى والثانية) بلغوا أربعة ملايين، على حين كان عدد اليهود في فلسطين عشية الحرب العالمية الأولى 90.000 وضمنهم أعضاء اليشوف القديم. وأثناء الحرب، هاجر أكثر من نصفهم إلى الولايات المتحدة (وكان من بينهم مؤلف نشيد هاتيكفاه، نشيد الحركة الصهيونية والدولة الصهيونية فيما بعد).

الموجة الثالثة:
تُعَدُّ الموجة الثالثة استمراراً لسابقتها (وكانت تضم بين أعضائها جولدا مائير) وقد استغرقت السنوات من 1919 إلى 1923 تقريباً (لم تكن هناك هجرة أثناء الحرب)، وضمت حوالي 35 ألف يهودي غالبيتهم من روسيا وبولندا من أبناء الطبقة العاملة ممن كانوا متأثرين بالفكر الاشتراكي والتعاوني فأسسوا الكيبوتسات والهستدروت. وجدير بالذكر أن الزيادة النسبية في هذه الموجة تعود إلى أن الولايات المتحدة كانت قد أخذت في تطبيق نظام النصاب (بالإنجليزية: كوتا quota) أو العدد المصرح به لأعضاء فئة اجتماعية أو قومية ما بالهجرة، وهذا ما جعل أبواب الولايات المتحدة مغلقة نسبياً. وقد أسَّس أعضاء هذه الموجة جماعة الحارس الفتي. وبانتهاء الموجــة الثــالثـة نجـد أن عـدد اليهــود الذين قرروا الهجرة إلى فلسـطين لم يــزد عن 80 ألفــاً من مجمـوع يهــود العـالم البـالغ عددهم آنئذ 15 مليوناً، وهذا مع الأخذ في الاعتبار أن الفترة من 1920 إلى 1924 شهدت نزوح 12% من المستوطنين عن فلسطين.


الموجة الرابعة:
وتُسمَّى أيضاً هجرة جرابسكي (نسبة إلى رئيس وزراء بولندا المعروف بمعاداته لليهود واليهودية) وقد استغرقت هذه الموجة السنوات من 1924 إلى 1931 تقريباً، وضمت حوالي 82 ألف يهودي غالبيتهم من روسيا وبولندا. وكان الطابع الغالب على تلك الموجة أن أفرادها كانوا من البورجوازية الصغيرة أو كانوا رأسماليين أُمِّمت أموالهم («رأسماليون دون رأسمال») فكانوا مجموعة من صغار التجار أو «بروليتاريا الطبقات الدنيا»، كما كان يحلو لأرلوزوروف تسميتهم. ولعل أصولهم البورجوازية الصغيرة وعزوفهم عن العمل في الزراعة يفسر سبب امتلاء تل أبيب فجأة بالحوانيت بحيث أصبح يخص كل خمس عائلات حانوت. وكان وضعهم الاقتصادي السيئ يجعل منهم أداة ضغط على الحركة الصهيونية، وهو ما شكَّل أساساً لانتقاد جابوتنسكي للأسلوب المتدرج للحركة الصهيونية ومطالبته بإقامة الدولة اليهودية فوراً على كل أراضي فلسطين تحت الانتداب بالإضافة إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن. وقد هاجر معظم أعضاء الموجة الرابعة إلى فلسطين بغرض الربح الاقتصادي وبسـبب التشدد في تطبيق نظام النصاب في الولايات المتحدة. وقد نزح عن فلسطين كثير منهم (أكثر من 33% من عدد المهاجرين حسب بعض التقديرات) بسبب سوء الأحوال الاقتصادية. وقد لاقى أعضاء هذه الموجة الكثير من الصعوبات من جانب أعضاء الموجات السـابقة بسبـب اختــلاف الانتماء الاجتماعي.


وتجدر الإشــارة هنــا إلى أنه بانتهــاء الموجــة الرابعة، بلغ عـدد اليهــود الموجــودين في فلسطين 174.000 وحسب (منهم 30 ألفــاً من اليشـوف القديم يمثلون 16% من عدد السكان). وهذا هو كـل العـدد الذي هاجــر خـلال مـدة 50 عاماً، أي بمعدل 2500 يهودي كل عام من مجموع يهود العالم الذي بلغ آنذاك 16 مليوناً.

الموجة الخامسة:
واستغرقت الموجة الخامسة السنوات من 1932 إلى 1944 تقريباً وضمت حوالي 265 ألف يهود، وهو أعلى رقم بلغته أفواج المهاجرين إبان الانتداب. وترتبط تلك الموجة باستيلاء النازيين على السلطة، ولذا كانت غالبية أعضائها من بولندا وألمانيا والنمسا وتشيكوسلوفاكيا، أي وسط أوربا، بينما كان المهاجرون حتى الموجة الرابعة من شرقها.


وقد كان أعضاء هذه الموجة من الرأسماليين وأرباب المهن الحرة ذوي ثقافة عالية وكان بينهم 25.130 مهاجراً يحمل كل واحد منهم أكثر من ألف جنيه. وقد دخل فلسطين في عام 1935 وحده 6309 من هؤلاء الأثرياء. وقد أثر هذا في الحركة الصهيونية، فالتكوين الطبقي الجديد شد من أزر الصهاينة التصحيحيين باتجاههم الرأسمالي الفاشي. وقد وظَّف المهاجرون رؤوس أموالهم في فلسطين، وأسفر ذلك عن نمو كبير في الصناعة الصهيونية، وخصوصاً صناعات النسيج والصناعات الكيميائية والمعادن. كما نمت عملية إنتاج وتصدير الحمضيات نمواً كبيراً وتضاعف عدد المؤسسات الصناعية. ومع الحرب العالمية الثانية وإغلاق أبواب المنافسة ضد البضائع الأجنبية أخذت الصناعة الصهيونية فرصتها التاريخية للتوسع والازدهار (كانت حصة الصناعة من الناتج الكلي للاقتصاد الصهيوني عام 1936 نحو 26%، ارتفعت هذه النسبة بتأثير الحرب حتى بلغت 41.3% عام 1945. ويُقال إن هذه الفترة هي التي شهدت تشييد البنية التحتية للكيان الصهيوني).

وقد استمرت الهجرة بعد ذلك، ووصل إلى فلسطين 192 ألف مهاجر، وجاء بعد الحرب العالمية مجموعة من 161 ألفاً معظمهم «مهاجرون غير شرعيين». ولعل من المفيد في هذا المضمار أن نذكر أن معظم من نجوا من معسكرات الاعتقال والإبادة لم يستوطن فلسطين وإنما شق طريقه إلى الولايات المتحدة أو إلى إحدى دول العالم الأخرى.

والملاحَظ أن هذه الموجات المتكررة تسببت في إفساد البناء الاقتصادي الفلسطيني وفي تحويل أعداد كبيرة من الفلاحين الفلسطينيين إلى عمال غير مؤهلين وإلى تفشِّي البطالة بينهم لأن أبواب الصناعات الجديدة الصهيونية كانت موصدة دونهم. على عكس العمال في جنوب أفريقيا الذين كانوا يُقتَلعون من قراهم وقبائلهم ويُقذَف بهم في المدن أو على مقربة منها. ولكن الاقتصاد الجديد كان يستوعبهم، لأن الهجرة الأوربية إلى جنوب أفريقيا كانت استيطانية ولم تكن إحلالية. وقد كانت انتفاضات الفلسطينيين المختلفة (وخصوصاً انتفاضة 1936) تعبيراً عن السخط العربي على الهجرة اليهودية.

ولابد من الإشارة إلى أن الإحصاءات السابقة ليست على جانب كبير من الدقة لأن الحركة الصهيونية (وإسرائيل من بعدها) تجعل أعداد المهاجرين إلى فلسطين أسراراً عسكرية تتلاعب بها حسبما يتفق مع أهوائها الإعلامية. فمثلاً نجدها أحياناً تضم أعداد السائحين والحجاج إلى إحصاءات المهاجرين، كما تتعمد إغفال ذكر عدد المهاجرين إلى خارج فلسطين أحياناً أخرى.

ومع هذا، يمكن القول بأن عدد اليهود في فلسطين عام 1948 قد بلغ 649.623 يهودياً. ولو جمعنا هذا العدد في عائلات تتألف الواحدة منها من خمسة أشخاص لكان العدد 129.927 عائلة، بينما كانت الأملاك القومية اليهودية المشتراه حتى عام 1948 لا تتسع إلا لنحو 32.521 عائلة يهودية، أي أن هناك 97.406 من العائلات الفائضة عن القدرة الاستيعابية التي يُفتَرض وجودها في الأملاك الصهيونية وفقاً للحسابات التي أجراها الصهاينة أنفسهم. ومن هذا نستنتج أن الغرض الأساسـي أو النتيجـة الحتمية للهجرة اليهوديـة هي طرد الشـعب الفلسطيني، أي أنها هجرة «إحلالية» بالضرورة، بل إن هذه الهجرة لا يمكن رؤيتها إلا بوصفها الترجمة السكانية للعنف الصهيوني (وقد احتل المهاجرون المنازل العربية التي تركها سكانها، بل كانوا يتسابقون عليها للحصول على المساكن الجيدة في الأحياء الجديدة. أما الذين وصلوا فيـ مرحلة متأخرة، مثل اليهود الشرقيين، فقد حصلوا على منازل عربية عتيقة آيلة للسقوط).

الهجرة الصهيونية الاستيطانية بعد عام 1948: تاريخ
Zionist Settler Immigration after 1948: History
بلغ عدد اليهود الذين هاجروا بعد إنشاء الدولة حتى عام 1951 حوالي 687 ألف. من بينهم 106.163 ألف يهودي من بولندا و17.912ألف يهودي من رومانيا و24.731من تشيكوسلوفاكيا. وهاجر أيضاً ما يُعرَف بيهود المعسكرات (وهم بقايا الهجرة غير الشرعية) كما هاجرت أعداد من يهود البلقان ويوغوسلافيا.


ويبدو أن الحركة الصهيونية حينما كانت تتحدث عن اليهود كانت تعني حينئذ يهود أوربا وحسب، ومن ثم لم توجه نشاطها نحو تهجير يهود البلاد العربية رغم قربهم من فلسطين مكانياً. غير أن إنشاء الدولة الصهيونية كان من نتيجته خَلْق كثير من المشاكل لليهود العرب، وخصوصاً أن الدولة الصهيونية حاولت التدخل في شئون اليهود العرب الداخلية، كما ظهر في فضيحة لافون. ويُلاحَظ أن المجتمع العربي كان يتجه نحو الاشتراكية ونحو تأميم القطاع الخاص، وكان أعضاء الجماعات اليهودية في العالم العربي مرتبطين بالاقتصاد الحر والمصالح المالية الأجنبية (وقد كانت هناك أعداد كبيرة من اليهود العرب يحملون جوازات سفر أجنبية). وفي نهاية الأمر كانت الهجرة إلى الدولة الصهيونية تحقق قدراً لا بأس به من الحراك الاجتماعي لبعض قطاعات اليهود العرب. لكل هذا، هاجرت أعداد كبيرة من يهود البلاد العربية، منهم 45.731 ألف يهودي يمني و123.625 ألف يهودي عراقي و30.242 ألف يهودي ليبي و16.607 يهودي من مصر و21.784 يهودي من إيران.

ومنذ عام 1969 بدأ تدفُّق جديد للمهاجرين اليهود حيث وصل عددهم ذلك العام 38.111 والعام الذي يليه 36.750. وأخذ العدد في التزايد التدريجي 41.930 (1971) و55.888 (1972) و54.886 (1973). والغالبية الساحقة من المهاجرين تأتي من أوربا (روسيا أساساً) وأمريكا الشمالية واللاتينية (أي من العالم الغربي)، ومن المعروف أن هجرة يهود جورجيا تمت خلال هذه الفترة حيث هاجرت أعداد ضخمة منهم. وبعد حرب عام 1973 هبط العدد إلى 31.981، وابتداءً من عام 1975 عاد إلى معدله العادي 20.028 (1975) ـ 19.754 (1976) ـ 21.429 (1977) ـ 26.394 (1978) ـ وزاد العدد إلى 37.222 (عام 1979 الذي شهد توقيع اتفاقية كامب ديفيد). ولكنه تراجع مرة أخرى إلى 20.428 (1980) ـ 12.599 (1981) ـ 13.723 (1982) ـ 16.906(1983) ـ 19.981 (1984) ـ 10.642 (1985). وعلى هذا، فإن الغالبية الساحقة لا تزال من العالم الغربي. ولا يمكن تفسير هذا التراجع إلا في إطار أزمة المجتمع الإسرائيلي الاقتصادية والمعنوية (انظر: «أزمة الصهيونية») وتآكل الهويات اليهودية في الخارج (انظر: «هجرة اليهود السوفييت») بحيث أصبح الدافع للهجرة دافعاً اقتصادياً محضاً، واكتسب العنصر الاقتصادي وحده مركزية تفسيرية.

ومع بدايات عام 1989، تبدأ هجرة اليهود السوفييت وهجرة يهود الفلاشاه، وقد وصل إلى إسرائيل عام 1990 نحو 20.038 يهودي.

وقد علقت إحدى الجرائد الصهيونية (دافار عدد 13 يوليه 1984) على الإحصاءات المختلفة للهجرة بما يلي: "لم يهاجر إلى إسرائيل بين عامي 1978 و1983 سوى 127 ألف مهاجر فقط مقابل 224 ألف مهاجر خلال السنوات 1971 ـ 1976 (أي خلال سنوات حكم المعراخ) بينما بلغ عدد المهاجرين من الشرق والغرب في الفترة من 1948 إلى 1953 حوالي 717 ألف مهاجر تم استيعابهم بواسطة كيان صغير لم يزد عدد سكانه وقتها عن 80.000 فقط".

وتهدف هذه الجريدة إلى تفسير تناقص الهجرة إلى الكيان الصهيوني على أساس أن إسرائيل في حكم بيجين لا تمثل مركز جاذبية بالنسبة ليهود العالم، وذلك على عكس الحكومة العمالية. ومن الواضح أن انخفاضاً حاداً قد حدث بالفعل لحجم الهجرة اليهودية عام 1980 (20.428) ثم ازداد ذلك تدنياً عام 1981 (12.599)، وهو أدنى رقم يُسجَّل منذ 29 عاماً (إذ سجَّل عام 1953 أدنى رقم في تاريخ الهجرة حيث بلغ 11.575 مهاجر). ومع هذا، يُعَدُّ رقم عام 1981 أكثر تدنياً بالنسبة لعدد السكان اليهود في فلسطين المحتلة حيث كان لا يتجاوز المليون عام 1953، ثم اقترب من الأربعة ملايين عام 1981.

وتبيِّن أرقام عامي 1982 و1983 أن النمط نفسه مستمر. وقد سجل عام 1984 ارتفاعاً نسبياً بسبب هجرة يهود الفلاشاه، ثم عادت الأرقام للهبوط عام 1985.

إن عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين المحتلة (حتى بداية هجرة اليهود السوفييت عام 1989) كان آخذاً في التناقص ولا شك. ولكن هذا التناقص في الهجرة لا يمكن تفسيره على أساس وجود الليكود في الحكم وجود المعراخ العمالي في المعارضة، فثمة فترات عديدة امتدت لعدة سنوات تدنت فيها الهجرة وكانت الأحزاب العمالية أثناءها هي الأحزاب الحاكمة، مثل الفترة من عام 1952 إلى 1954، والفترة من عام 1965إلي 1968 (وهي الفترة التي سبقت العدوان الصهيوني عام 1967 والتي تلته). ويُقال إن تدنِّي الهجرة في ذلك الوقت كان حاداً إلى درجة أن صافي الهجرة كان سلبياً. ويرى بعض المحللين السياسيين أن ذلك كان أحد الأسباب التي دفعت العدو الصهيوني لشن العدوان على مصر والأردن وسوريا.

لكن تغيَّر الحزب الحاكم في فلسطين المحتلة لا يفسر بتاتاً زيادة أو قلة الأعداد المهاجرة، ذلك لأن نقاط الاختلاف بين حزب صهيوني وآخر لا تعني المهاجر الصهيوني كثيراً، وإنما تفسرها حركيات تقع خارج نطاق الإرادة الصهيونية أو اليهودية. فهي تفسر على أساسين رئيسيين لا ثالث لهما، عناصر الطرد من البلد الأصلي وعناصر الجذب في إسرائيل. وعناصر الطرد هي حجم المشاكل التي يجابهها اليهود في البلاد التي يعيشون فيها أو في تلك التي يفكرون في الهجرة إليها، فإن زادت المشاكل وتضخمت زادت الرغبة في الهجرة (هتلر في ألمانيا ـ الضغوط الاقتصادية في الاتحاد السوفييتي ـ إغلاق باب الهجرة إلى الولايات المتحدة). وتتمثل عناصر الجذب في أن يكون الكيان الصهيوني متمتعاً بقدر من الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي، وهو ما حدث بعد المساعدات الاقتصادية الألمانية، وبعد حرب 1967، حيث انهالت المساعدات المالية من يهود العالم ومن الولايات المتحدة على الكيان الصهيوني، وحيث تم ضم أراض شاسعة تُعَدُّ مجالاً حيوياً يتحرك فيه المستوطنون ويجنون ثمراته.

وعناصر الطرد في الوطن الأصلي يمكن أن تكون من القوة بحيث يصبح أي مكان آخر عنصر جذب. ولكن، مهما كان الأمر، فإن الدافع وراء الهجرة الصهيونية أبعد ما يكون عن الصهيونية. فالحركة الصهيونية قد جعلت الهجرة إلى أرض الميعاد لتأسيس دولة صهيونية فكرة محورية. وقد ادعى الصهاينة أن الهدف الحقيقي من إنشاء الدولة الصهيونية هو إيواء المهاجرين، ولكن الواقع يبين أن الهدف الحقيقي هو إنشاء دولة وظيفية لحماية المصالح الغربية، ولذا فإن المهاجر اليهودي إن هو إلا أداة، جزء من الحائط المقام للدفاع عن الدولة الإسرائيلية، وهو حائط بشري من لحم ودم وليس حائطاً من حجارة، على حد قول بن جوريون.

وقد ظهر هذا في مؤتمر إفيان عام 1938 الذي عُقد لبحث مشكلة المهاجرين اليهود والذي حضرته وفود 31 دولة. وقد سمحت الحكومة النازية لوفد يهودي من ألمانيا بحضور المؤتمر. ولم يتحمس ممثلو الدول الغربية لفتح أبواب بلادهم أمام اللاجئين، وإن كانت الولايات المتحدة قد أعلنت عن استعدادها لقبول 30 ألف مهاجر سنوياً، كما وافقت جمهورية الدومينيكان على دخول 100 ألف مهاجر من أولئك اللاجئين دفعة واحدة، وكان أعضاء المؤتمر من اليهود فاترين في موقفهم من الهجرة اليهودية لبلادهم أما أعضاء المنظمة الصهيونية العالمية فقد قابلوا فكرة المؤتمر باللامبالاة والعداء إذ أن هذا يعني في واقع الأمر تحويل تيار الهجرة الاستيطانية عن فلسطين. وهذا الموقف الصهيوني من الهجرة اليهودية، والذي يحوِّل اليهودي إلى أداة ووسيلة، هو نفسه الذي يفسر سَعْي الحركة الصهيونية لدى الولايات المتحدة لإغلاق أبوابها أمام المهاجرين السوفييت.

ملاحظة مني انا : هنا يوجد جدول بأعداد المهاجرين الاستيطانيين إلى فلسطين منذ 1882 حتى عام 1997. ولكن فيه اخطاء بالترتيب في السيدي لذلك فضلت عدم نقله خوفا من ان انقل لكم اي اخطاء

الهجرة الصهيونية الاسـتيطانية غير الشرعية
Illegal Settler Immigration
«الهجرة الصهيونية الاستيطانية غير الشرعية» (في المصطلح الصهيوني تُسقط كلمة «استيطانية») اصطلاح يُطلَق على المهاجرين اليهود الذين استوطنوا في فلسطين عن طريق التسلل إليها، مخالفين بذلك القوانين التي أصدرها العثمانيون، ثم سلطات الانتداب، بهدف تنظيم الهجرة بما يتناسب مع قدرة البلاد على الاستيعاب. وقد ساهمت الهاجاناه في عمليات الهجرة غير الشرعية، كما ساهم أيضاً الجستابو النازي وفرق الـ إس. إس. في التخلص من الجماعة اليهودية وفي تسريب بعض الجواسيس النازيين إلى المنطقة.


ومن وجهة نظر عربية، تُعَدُّ الهجرة الاستيطانية الإحلالية الصهيونية ـ بغض النظر عن شكلها القانوني ـ هجرة «غير شرعية». ولهذا، لا تُعالَج الهجرة غير الشرعية (حتى في المصادر الصهيونية) كظاهرة منفصلة عن الهجرة الاستيطانية الصهيونية. فهما عنصران متداخلان وينتميان إلى بناء واحد.

  • الاثنين AM 12:40
    2021-05-17
  • 1297
Powered by: GateGold