المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415311
يتصفح الموقع حاليا : 233

البحث

البحث

عرض المادة

التيــــــارات الصهيونيـــــة: إطـــار تصنيــفي

التيــــــارات الصهيونيـــــة: إطـــار تصنيــفي
Zionist Trends: Framework for Classification
نستخدم مصطلح «التيارات الصهيونية» للإشارة إلى التيارات الفكرية والتنظيمية داخل الحركة الصهيونية. ويُلاحَظ أننا لم نستخدم كلمة «مدارس» لأن هذه الكلمة قد توحي بأن ثمة اختلافات عميقة وجوهرية بين تلك التيارات، وهو أمر مناف للحقيقة. أما الصراعات داخل التيارات المختلفة فنشير إليها باعتبارها «اتجاهات».

وتعود الوحدة الأساسية بين التيارات الصهيونية المختلفة إلى أنها تدور في إطار الصيغة الصهيونية الأساسية بعد أن تحولت إلى صيغة أساسية شاملة وبعد تهويدها. فمهما احتدم الصراع بين تيار وآخر، يظل هناك الاتفاق المبدئي على الأهداف النهائية وعلى آليات تنفيذها. ومع هذا، تحدُث بعض الانقسامات داخل التيارات الصهيونية يمكن تصنيفها على النحو التالي:

أولاً: التقسيم على أساس مجال النشاط الصهيوني.

ينقسم الصهاينة من هذا المنظور إلى صهاينة استيطانيين يمارسـون نشـاطهم في فلسطين، وإلى آخرين توطينيين في الخارج (انظر: «الصهيونيتان» ـ «الصهيونية التوطينية» ـ «الصهيونية الاستيطانية»).

ثانياً: التقسيم على أساس إثني (ديني/علماني).

ينقسم الصهاينة من المنظور الإثني إلى تيارين: صهيونية إثنية دينية وأخرى إثنية علمانية (انظر: «الصهيونية الإثنية الدينية» ـ «الصهيونية الإثنية العلمانية»). والتقسيمان السابقان يتعاملان مع اليهود على مستويين مختلفين، ومن ثم فهما لا يتداخلان ولا يوجد بينهما أي تناقض. وثمة تكامل بينهما، فيمكن أن تبذل الصهيونية التوطينية (التي استوعبت الصهيونية الدبلوماسية والسياسية الاستعمارية وصهيونية يهود الغرب المندمجين) الجهود المكثفة وتقوم بالمحاولات الدائبة لتأمين الدعم الاستعماري وإيجاد آليات إخلاء أوربا من اليهود ونَقْلهم خارجها. وتصوغ الصهيونية الإثنية (الدينية والعلمانية) المصطلح اللازم لإثارة حماس الجماهير المطلوب نقلها، وذلك بإطلاق اسم «الشعب اليهودي» عليها وبربطها عاطفياً بفلسطين، أو «إرتس يسرائيل» كما يسمونها. أما الصهيونية العمالية الاستيطانية، فإنها تُقدِّم المظلة العسكرية والسياسية الواقعية واللازمة لعملية الاستيطان في بيئة معادية. وفي تصوُّرنا أن هذه الطريقة لتصنيف التيارات الصهيونية ذات قيمة تفسيرية عالية وتشكل الإطار الحقيقي للانقسامات الصهيونية.

ثالثاً: التقسـيم على أسـاس إثني (إشـكنازي/سـفاردي، وغربي/شرقي(.

فرغم عدم اشتراك يهود البلاد العربية في إفراز الفكر الصهيوني أو الحركة الصهيونية، ورغم أن الصهيونية (بشقيها الشرقي الاستيطاني والغربي التوطيني) لم تتوجه إليهم بشكلٍّ خاص ولم تحاول تجنيدهم بشكل عام وواسع قبل عام 1948، إلا أن إنشاء الدولة قد خلق حركيات تتخطى إرادتهم. كما أن حاجة الدولة الصهيونية إلى طاقة بشرية (بعد عزل يهود الشرق أو اختفائهم، وبعد رفض يهود الغرب الهجرة)، جعلها تهتم بهم وتجندهم وتفرض عليهم في نهاية الأمر مصيراً صهيونياً، أي الخروج من أوطانهم. كما أن رغبتهم في الحراك الاجتماعي (فيما نسميه الصهيونية النفعية) قد ساعدت على ذلك. وقد استقرت أعداد كبيرة منهم في الدولة الصهيونية، وإن كان من الملحوظ أن أعداداً أكبر قد استقرت خارجها.

والانقسام على أساس إثني (إشكنازي/سفاردي، وغربي/شرقي) هو انقسام مهم وخطير، فرغم أنه لم يؤثر في الأطروحات الفكرية النظرية الصهيونية الأساسية إلا أنه ترك أعمق الأثر في حركيات الدولة الصهيونية.

رابعاً: التقسيم على أساس العقيدة السياسية.

ينقسم الصهاينة من المنظور السياسي إلى قسمين أساسيين: اشتراكي (عمالي) ورأسمالي ليبرالي من دعاة المشروع الحر. وهو تقسيم ذو قيمة تفسيرية ضعيفة، وذلك بسبب طبيعة الدولة الصهيونية الوظيفية وقيام الإمبريالية الغربية بتمويلها بكل قطاعاتها الرأسمالية والاشتراكية. وهناك تصنيفات سياسية أخرى مثل انقسام الصهاينة إلى ديموقراطيين وفاشيين، وهكذا. لكن هذا التقسيم لا يقل في ضعفه من ناحية مقدرته التفسيرية عن التقسيم على أساس اشتراكي/رأسمالي للسـبب السابق نفسه. ولعله، بعد تَسـاقُط المنظـومة الاشـتراكية في العالم، لم تَعُد لهذا التقسيم قيمة كبيرة. وهناك أيضاً الانقسام على أساس حدود الدولة ومستقبلها.

ونحن نقترح هذا الإطار كأساس تصنيفي لكل التيارات الصهيونية إذا نظرنا إليها من منظور الصهيونية ككل لا من منظور إسرائيل وحسب. ولذا، فإننا نذهب إلى أن الصهيوني لابد أن يكون واحداً من أربعة انتماءات محتملة:

1ـ أ) صهيوني توطيني ديني.

ب) صهيوني توطيني علماني.

2ـ أ) صهيوني استيطاني ديني.

ب) صهيوني استيطاني علماني.

وخريطة الأحزاب في التجمُّع الصهيوني تعكس هذه الاختلافات، فتُقسَّم الأحزاب حسب الأيديولوجية (مشروع حر مثل الليكود و"عمالية" مثل المعراخ). وحسب ازدواجية الديني/العلماني (أحزاب دينية مثل مزراحي وأحزاب علمانية مثل ميرتز). وحسب ازدواجية الشرقي والغربي (حزب جيشر السفاردي وحزب إسرائيل بعاليا الروسي). وحسب الموقف من حدود إسرائيل وتكوينها السكاني (موليديت وميرتس). ويمكن أن يعكس حزب واحد كثيراً من هذه الازدواجيات أو يتأرجح بينها (شاس السفاردي الديني الذي يؤيد التوسع وضم الأراضي أحياناً ويتراجع عن ذلك أحياناً). ولكن الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة تظل في البداية العقد الاجتماعي الصامت والمرجعية النهائية التي يتقبلها الجميع.

  • الجمعة AM 06:07
    2021-04-30
  • 1016
Powered by: GateGold