المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415441
يتصفح الموقع حاليا : 265

البحث

البحث

عرض المادة

الشعب المقدس - البقيـة الصالحـة

الشعب المقدس
Holy People
«الشعب المقدَّس» ترجمة للعبارة العبرية «عم قادوش». وهي عبارة يُطلقها كثير من اليهود، وخصوصاً اليهود الأرثوذكس، على الشعب اليهودي باعتبار أنه شعب مختار له رسالة متميِّزة وسمات خاصة تميِّزه وتفصله عن الشعوب الأخرى. بل إن الفكرة تأخذ شكلاً متطرفاً أحياناً، فقد أتى في أحد كتب المدراش أن الشعب اليهودي والتوراة كانا كلاهما في عقل الإله قبل الخلق، أي مثل القرآن في الإسلام والمسيح في المسيحية. و«يسرائيل» (الشعب) و«يسرائيل» (التوراة) متعادلان، لأن يسرائيل وحدها هي التي ستحقق التوراة وتنفذ تعاليمها. فالعالَم بدون هذا الشعب، شعب التوراة، لا قيمة له، أي أن الشعب المقدَّس هو الركيزة النهائية للكون بأسره. وقد أصبح اليهود شعباً مقدَّساً بسبب الحلول الإلهي فيهم وتَقبُّلهم عبء الأوامر والنواهي، فحياة اليهودي لابد أن يتم تنظيمها بحيث يقلد اليهودي سمات الإله فتصبح حياته مقدَّسة. وانطلاقاً من هذا، تصبح القومية اليهودية نفسها قومية مقدَّسة. ويستند كثير من المفـاهيم الدينية إلى الإيمـان بقدسـية الشـعب اليهودي. وقد عمَّقت القبَّالاه هذا التيار وجعلت الشعب المقدَّس شريكاً للإله في عملية إصلاح الكون (تيقون). ومن المصطلحات الأخرى المستخدمة للإشارة إلى الفكرة نفسها، تعبير «الشعب المختار» أو «الشعب الأزلي». والواقع أن فكرة الشعب المقدَّس، أو الأفكار الأخرى المماثلة، هي في نهاية الأمر تعبير عن الطبقة الجيولوجية الحلولية في اليهودية حيث يتحول الشعب إلى شعب مقدَّس وتتحول الأرض إلى أرض مقدَّسة. وقد حاولت اليهودية الإصلاحية تخليص الدين اليهودي من مثل هذه المصطلحات، لكن الحركة الصهيونية بعثتها من جديد بعد أن قامت بعلمنتها.


البقيـة الصالحـة
Good Remnant
مصطلح «البقية الصالحة» يقابلها في العبرية مصطلح «شئيريت يسرائيل». وفي الحقيقة، فإن هناك تياراً نخبوياً ممتداً يسري في مجرى الفكر الديني اليهودي ويعبِّر عن الحلولية الكامنة فيه. فقد كان الأنبياء يؤمنون، ضمن ما كانوا يؤمنون به من الفكر الأخروي، بأن أفراد هذا الشعب لن يهلكوا جميعاً رغم صنوف العذاب والويل التي تلحق بالشعب المختار، إذ ستبقى دائماً بقية أو نخبة صالحة سوف تعود وتشيد مملكة الإله في آخر الأيام. وترد الفكرة بصورة أساسية في سفر أشعياء (وخصوصاً 6/11 ـ 13، 10/21) الذي سمَّى ابنه «شيئار ياشوف»، أي «البقية ترجع» (7/3). ورغم نخبوية هذا المفهوم في فكر الأنبياء، فإن له مضموناً خلقياً، فهذه البقية صالحة لأنها قبلت عبء الوصايا وعبء مملكة الرب. ويرى الفيلسوف الألماني اليهودي روزنزفايج أن مفهوم «البقية الصالحة» مفهوم محوري في حياة جماعة يسرائيل، يتحكم في تاريخها منذ عصر الأنبياء. وقد عرَّف روزنزفايج كلمة «البقية» بأنها « نخبة احتفظت بإيمانها »، وأن أفراد البقية هم « الشعب داخل الشعب ». والتاريخ اليهودي، من هذا المنظور، هو تاريخ هذه النخبة التي تتكيف مع العالم الخارجي حتى يتسنى لها أن تنسحب إلى داخل عالمها الخاص تنتظر عودة الماشيَّح. وقد تَعمَّق هذا المفهوم مع زيادة هيمنة الحلولية على النسق الديني اليهودي إلى أن نصل إلى الحسيدية وفكرة التساديك الذي تُعَدُّ إرادته من إرادة الإله، والذي لا يمكن مساءلته أخلاقياً، فهو وحده الذي يفهم المدلول الأخلاقي لأفعاله.


وقد علمن الصهاينة فكرة النخبة الصالحة وحولوها إلى فكرة سياسية. ولذا، نجد أن ثمة تياراً نخبوياً نيتشوياً داروينياً يسري أيضاً في الفكر الصهيوني، فالصهاينة يرون أنهم البقية أو النخبة الصالحة التي عادت وشيَّدت الدولة الصهيونية لتكون مركزاً لليهود واليهودية في العالم، لتحفظها من الاندماج والانصهار والاختفاء. وانطلاقاً من هذا المفهوم، فإنهم يؤمنون بضرورة نفي الدياسبورا، أي القضاء على الجماعات اليهودية، أو على الأقل استغلالها. واستناداً إلى هذا المفهوم أيضاً، فإن الصهاينـة فاوضـوا أيخمـان والنازيين وعقدوا معهم الصفقات. وبموجب إحدى هذه الصفقات، وافق أيخمان على السماح بترحيل بضعة آلاف من اليهود إلى فلسطين مقابل أن تتم عملية شحن يهود المجر إلى ألمانيا في نظام وهدوء لتتم إبادتهم. وقد وصف إيخمان النخبة أو البقية الصالحة التي أُرسلت إلى فلسطين بأنهم كانوا "من أفضل المواد البيولوجية". وهكذا نجد أن المفهوم الدارويني الخاص بأن البقاء للأصلح يلتقي بالمفهوم الصهيوني الخاص ببقاء النخبة!

وبعد الحرب العالمية الثانية، اكتسب المفهوم بعداً جديداً، فقد نُحتَ مصطلح «شئيريت هبليتاه»، أي «البقية الباقية» أو «الناجية»، وهم اليهود الذين لم يبادوا، والذين عليهم أن يضطلعوا بالمهمة المقدَّسة، وهي تأكيد البقاء اليهودي والحياة القومية (الصهيونية الاستيطانية) وتأسيس دولة إسرائيل.

 

  • الخميس PM 09:53
    2021-04-22
  • 1226
Powered by: GateGold