المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414145
يتصفح الموقع حاليا : 170

البحث

البحث

عرض المادة

وظائـــف اليهــــود الجــــدد

وظائـــف اليهــــود الجــــدد
Occupations of the Neo-Jews
لا يزال الهرم الوظيفـي بالنـسبة للأمريكيـين اليهـود مختلفاً عن الهـرم على المستوى القومــي الأمريكـي، ذلك أن نحو 70% من جملة الأمريكـيين اليهـود يعملـون في أعمـال الياقـات البيضـاء مقابل المعـدل القومـي البـالغ 40%. كما أن نسبة من يعملون بأعمال غيـر يدويـة قد تـصل إلى 90% مقابل المعـدل القومـي الـذي يصل إلى 38%. ومـع هـذا، لا يؤثر ذلك فـي وضعهم بتـاتاً باعتـبار أن المجتمع الأمريكي مجتمع منفتح يوجد فيه قطاع خدمات ضخم تتزايد فيه أعمال الياقات البيضاء. ويتركز أعضاء الجماعة اليهودية في مهن مثل: الطب والهندسة والقانون والتدريس في الجامعات. وقد بلغ عـدد أعضـاء هيـئات التــدريس في الجامعات من اليهود 20% عـام 1980 (25% في كليات الطب و38% في كليات الحقــوق و50% في كليـة الحقوق في هارفارد). وهم يشكـلون أيضـاً 20% من جملة المحـامين والأطـباء. ودخــل أعضاء الجماعة اليهودية مجالاً جديداً هو مجالس إدارة الشركات وشركات التكنولوجيا المتقدمة. وتحوَّلت عضوية اتحادات نقابات العمال اليهودية التقليدية، مثل عمال النسيج المتحدين والاتحاد الدولي لقمصان السيدات ونقابة المعلمين، والتي كانت تضم أغلبية يهودية، فأصبحت عضويتها سوداً وأمريكيين من أصل أسباني وآسيويين، وأخذت قياداتها اليهودية تختفي. والواقع أن وضع الأمريكيين اليهود يكذب إحدى نبوءات المفكر الصهيوني العمالي بوروخوف الذي كان يطالب بضرورة أن يقف الهرم الوظيفي اليهودي المقلوب على رأسه، وكان يرى أن الولايات المتحدة لا تصلح لذلك لأنه كان يظن أن المهاجرين اليهود إن ذهبوا إلى هناك فسيتحولون إلى أعضاء في الطبقة العاملة، وأن الاقتصاد الرأسمالي سيأخذ في الانكماش بعد قليل وهو ما سيؤدي إلى أزمة اقتصادية يروح ضحيتها العمال المهاجرون اليهود. ولذا، كان بوروخوف يرى ضرورة استعمار فلسطين لإيجاد قاعدة عمالية وفلاحية يهودية كبيرة. وقد أثبتت الولايات المتحدة أن هذه المقولات ليست دقيقة تماماً، فقد تحولت قطاعات من اليهود إلى عمال، ولكن قطاعات أخرى تحولت إلى تجار صغار أو رأسماليين كبار. لكن الأكثر أهمية من هذا العنصر الطبقي هو العنصر الثقافي، فاليهودي المهاجر تم دمجه تماماً في المجتمع بحيث لم تعد تُوجد طبقة عاملة يهودية أو رأسمالية يهودية وإنما طبقة عاملة أمريكية تضم أمريكيين أعضاء الجماعة اليهودية ورأسمالية أمريكية تضم رأسماليين من أعضاء الجماعة اليهودية إلى جانب الرأسماليين الأيرلنديين والسود والعرب وغيرهم.


وقد خضع الأمريكيون اليهود للقوانين العامة لتطور المجتمع، ولملابسات أوضاعهم الثقافية الخاصّة، فتحوَّل المهاجرون إلى عمال. ولكن أولاد العمـال تحوَّلوا، بعـد أن تلقـوا تعليمهم الجامعـي، إلى مهنيين. ولا يزال هذا هو الاتجاه السائد، ففيما بين عامي 1982 و1983 كان أربعة أخماس الشباب اليهودي ملتحقين بالجامعات، وحصل ثلاثة أرباع الرجال ونصف النساء على شهادات جامعية، وما يزيد على ثُلثهم حصل على شهادات دراسات عليا. ولعل اندماج اليهود الكامل، وتحوُّلهم إلى قطاع عضوي في المجتمع الأمريكي، يتبدَّى في تعيين هنري كيسنجر وزيراً للخارجية عام 1973 وتعيين إرفنج شابيرو مديراً لواحدة من أهم الشركات الأمريكية وهي شركة دي بونت عام 1974. وقد حقق كثير من أعضاء الجماعة اليهودية ثروات ضخمة وأصبحوا من كبار الرأسماليين.

الاندمــاج الدينــي والثـــقافي (أمركــة اليهـــود الجــدد)
(Cultural and Religious Assimilation (Americanization of the Neo-Jews
يُلاحَظ أن معدلات العلمنة آخذة في التزايد بين الأمريكيين اليهود في هذه الفترة حيث يتجلَّى ذلك في إقبال الشباب اليهودي على مختلف العبادات الجديدة مثل الماسونية والبهائية والانخراط فيها. وقد ورد في إحدى الإحصاءات أن 53% من اليهود لا ينتمون إلى أبرشية دينية، أي لا يذهبون إلى المعبد. ومن النسبة الباقية، ذكر 50% أنهم محافظون، وذكر 30% أنهم إصلاحيون. وهناك نسبة ضئيلة في حركة اليهودية التجديدية ولكن هذه الحركة آخذة في الانتشار والاندماج مع اليهودية المحافظة. وهذه الفرق اليهودية هي صيغ مخفَّفة معلمَنة من اليهودية الحاخامية. أما الأرثوذكس، فلا تزيد نسبتهم عن 20% من مجموع اليهود المرتبطين بأبرشية ما، أي أن الأرثوذكس أقل من 10% من يهود الولايات المتحدة. وفي إحصاء لعام 1982 ـ 1983، ورد أن النسبة انخفضت إلى 6% وحسب. ويُلاحَظ أن اليهود الأرثوذكس يتركزون في تجمعات سكانية يمكنهم من خلالها الحفاظ على هويتهم الدينية الإثنية. وقد حدَّد 18% من الأمريكيين اليهود الهوية اليهودية على أساس ديني، بينما يرى 61% أن اليهود يشكلون تجمعاً إثنياً ثقافياً وحسب. وفي إحصاء عام 1990، ظهر أن 5% فقط يقيمون الشعائر الخاصة بالسبت (ويوقد 44% شموع السبت)، وأن 15% يمارسون الشعائر اليهودية الخاصة بالطعام المباح شرعياً. ولوحظ أن اليهود لا يقيمون الشعائر التي تتطلب ضبط النفس وتطويعها، بل يقيمون الشعائر الاحتفالية، مثل عيد الحانوكاه وعيد الفصح، وهو ما يدل على أن يهودية يهود أمريكا أمر مرتبط بتزجية أوقات الفراغ والترويح عن النفس أو تحقيقها، كما يدل على أنها غير مرتبطة بأداء الفرائض الدينية وتطويع النفس.


ويحتفل يهود الولايات المتحدة بعيد التدشين على نحو مبالغ فيه لأنه يقع في أيام الكريسماس. ولذا، أصبح هذا العيد، بمعنى من المعاني، هو الكريسماس اليهودي، فإلى جوار شمعدان الحانوكاه نجد شجرة الحانوكاه والعم ماكس رجل الحانوكاه (المعادل الموضوعي لبابانويل أو سانتاكلوز). بل إن بعض اليهود يحتفلون بالكريسماس باعتباره مناسبة قومية. وقد صرح أحد المعلقين بأن اليهودية أصبحت، بالنسـبة للأمريكيين اليهـود، ديانة تكمـل الديموقراطية الليبراليـة الأمريكية، ولم تعد انتماءً إثنياً أو قومياً أو حتى دينياً بالمعنى التقليدي للكلمة. ولذا، فإن اليهودية الأمريكية تركز على القيم الأخلاقية العامة التي تتفق مع أخلاقيات المجتمع، وتستبعد كل الجوانب الثقافية أو القومية أو حتى الجمالية لليهودية، وإن أبقت على بعضها فإنها تتقبلها بشكل سطحي. وتتجلَّى مرونة اليهودية في الولايات المتحدة، واتجاهها العملي، في اندماج اليهودية المحافظة باليهودية الإصلاحية على مستويات القيادة وعلى مستوى الأبرشيات. وفي استطلاع للرأي أُجري عام 1981، صرح كل الذين اشتركوا فيه أن يهوديتهم ليست لها علاقة البتة بمستقبلهم، أي أنها لا علاقة لها برؤيتهم للعالم أو لأنفسهم ولا تحدد سلوكهم في الوقت الحاضر ولا مشاريعهم في المستقبل.

وقد تنبأت إحدى الإحصاءات بأن يهود أمريكا سينقسمون، وبشكل حاد، إلى قسمين: يهود متدينين ويهود إثنيين، وأن الاستقطاب بين الفريقين سيتزايد بسبب تزايد علمنة الإثنيين وانغماسهم في الزواج المختلط، وأن الفريقين قد يتعادلان في العدد بسبب زيادة نسبة الخصوبة ومعدلات التكاثر بين المتدينين وقلة الاندماج بينهم. ولكن هذه الإحصائية تُسقط تزايد معدلات العلمنة بين المتدينين أنفسهم وبين أبنائهم، أما من الناحية الثقافية، فقد ازداد اندماج اليهود في الثقافة الأمريكية، ويتبدَّى هذا في تَزايُد عدد الكُتَّاب الأمريكيين اليهود وازدياد بروزهم ونجاحهم في التعبير باللغة الإنجليزية الأمريكية عن تجربة أعضاء الجماعة في الولايات المتحدة. كما أن الاندماج يتبدَّى في واقع أن الأمريكيين اليهود يعبِّرون عن هويتهم اليهودية داخل مؤسساتهم الأمريكية المختلفة مثل بقية أعضاء الجماعات الأخرى. وقد حققت لهم الولايات المتحدة إمكانات التعبير، إذ توجد جامعتان يهوديتان ومدرستان طبيتان يهوديتان وثلاث مدارس لاهوتية عليا وعدد كبير من المدارس التلمودية العليا (يشيفا)، وعدد كبير من المتاحف اليهودية المهمة، ومن بينها متحف للإبادة النازية في واشنطن في المنطقة التي توجد فيها المتاحف القومية. وهناك جمعية تاريخية يهودية أمريكية عمرها تسعون عاماً، وعدد كبير من المؤسسات الثقافية اليهودية والمعابد المختلفة التي تلائم كل ذوق وانتماء إثني، كما أن هناك العديد من أقسام الدراسات العبرية واليهودية في الجامعات الأمريكية. ويبدو أن الثقافة الأمريكية اليهودية المكتوبة (باللغة الإنجليزية) تتمتع بنوع من الازدهار، حتى أن كل الكتابات المهمة عن العقيدة اليهودية تَصدُر أساساً في الولايات المتحدة وليس في إسرائيل. ومع هذا، يُلاحَظ أن تَزايُد العلمنة والاندماج يخلق مشكلة بالنسبة للمتخصصين في حقل الدراسات اليهودية إذ أن خريجي أقسام الدراسات اليهودية لا يجدون وظائف شاغرة لأن الطلب آخذ في التقلص. وقد تحولت الثقافة اليديشية الآن إلى ما يشبه الحفرية. ومن الملاحَظ أن الثقافة الإسرائيلية العبرية الجديدة في إسرائيل لا تزال ثقافة الإسرائيليين وحدهم ولا تؤثر تأثيراً ملحوظاً في الأمريكيين اليهود حيث لا يزيد تأثيرها عن تأثير الثقافات الأجنبية الأخرى غير الأوربية التي يتفاعل معها المجتمع الأمريكي ككل.

  • الاربعاء PM 02:52
    2021-04-21
  • 788
Powered by: GateGold