المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409083
يتصفح الموقع حاليا : 278

البحث

البحث

عرض المادة

هل يستطيع الخالق أن يقوم بالشر ؟

- اختبار التعاليم

الاختبار الأول،  وربما كان الأفضل والأكثر اقناعاً، والذي يتركنا مع خيارات قليلة للغاية.

ما الذي تخبره هذه الديانة عن الخالق بالضبط؟ أي الديانات تخبر أن الخالق واحد فريد ذو طبيعة لا تشبه شيئاً من الخلق: خالق فرد، ازلي، صمد، منزه، متعال؟

لست  أنوى هنا أن انتقص من بعض الديانات أو أسخر منها، بما أن جميع الديانات تشجع على مجموع من الأخلاق والقيم المتعارف عليها، ولكل الديانات نقاط قوة و نقاط ضعف، لكن الهدف هنا هو أن نفحص هذه الديانات تحت ضوء هذا المعيار البسيط المفهوم المتعارف عليه كونياً.

في ضوء ذلك فإن لدينا بشكل مثير للجدل ربما، ثلاث ديانات في المنافسة: اليهودية والزرادشتية والإسلام. وقد يدّعي المسيحيون أن لديهم الحق في الوجود على هذه القائمة، لكن على الأقل من موقع الاعتقاد المسيحي الطبيعي، فالمسيحية يجب أن تلحق باقي الديانات في مساومتها أو تحريفها لهذا المفهوم عن الخالق الواحد المتنزه بشكل أو بآخر.

على سبيل المثال: الهندوسية عموماً لديهم مفهوم تعددي للخالق (وحدة الوجود)، فكرة أن الإله هو كل شئ، الكون والأرض والقمر والنجوم والشجر والحيوانات ونحن البشر كلنا إله.

كيف نستطيع عقلاً فهم و تعليل هذا الادعاء؟ إذا كنا نعني بالـ " الإله " هو الخالق، فإننا هكذا نقول أن المخلوق خلق نفسه، وأن المخلوق هو الخالق، كيف يفسر هذا الادعاء تنظيم كون متناهٍ، وما هو الدليل المنطقي لهذا الادعاء؟ فهذا هو حقاً مثل القول إن الكون خلق نفسه، ولكن إن كان الكون غير موجود في وقت من الزمن فكيف إذن خلق نفسه؟

كما أننا لا نعزو للكون القدرة على التنظيم والترتيب، فهي ليست من سمات وخواص الكون. إن الكون عبارة عن نجوم ومجرات، وهي بحد ذاتها بحاجة لخالق،  وبما أنها تحتاج إلى منظم بشكل فردي، فهي أيضاً تحتاجه جماعياً، فمجموعة من الأشياء ذات الحاجة، لا تصبح بطريقة أو بأخرى غنية عن الحاجة. إنه من غير المرجح أن بلداً مليئاً بالناس الجوعى أقدر على إطعام نفسه من شخص جائع واحد.

تحوي المسيحية مشكلة مشابهة، فالعديد من المسيحين بالطبع سيضعون الحجج نفسها لوجود الخالق التي وضعتها في هذا الكتاب، لكنهم من ثمَّ يتبعون بقولهم إن المسيح( عليه السلام )، هو كائن محدود القدرة، محدود بالزمن، وليس غنياً عن الحاجة، هو الإله. المشكلة هنا واضحة. كيف يكون منطقياً لشئ واحد صفات متضادة في الوقت نفسه؟ كيف للمحدود أن يصبح غير محدود في الوقت نفسه؟ كيف يكون غنياً عن الحاجة و محتاجاً في الوقت نفسه؟ أزلياً ومؤقتاً في الوقت نفسه؟ فريداً واعتيادياً؟ واحداً ومتعدداً في الوقت نفسه؟

هذا هو بالأحرى كالقول مثلا: إن الدائرة أصبحت مربعاً، لكنها مازالت دائرة. يمكن للمرء أن يتخيل فكرة أن الخط الدائري قد طبق عليه قوة لكي يأخذ الشكل المربع، ولكن عندها لم يعد الشكل دائرياً ببساطة، وقد يضع الدائرة في مربع أو المربع في دائرة، لكن لا يمكن أن يكون الاثنان معاً بنفس الوقت، هذا بالتعريف هو الاستحالة، ولا يمكن لأحد أن يقيم حجة منطقية للاستحالة، فهذا الادعاء لا يمكن إثباته، والمشكلة الكبرى أن هذا يناقض الحجج المنطقية التي تثبت وجود الخالق أصلاً، فإن كان أحد الخلق المحدودين المحتاجين بإمكانه أن يكون خالقاًَ، فلم لا يكون آخر، وغيره وغيره؟ وكيف يمكنك أن تدافع بمنطق عن هذا المعتقد ضد تهمة تعددية الخالق مثلا؟

الرد لهذا يكون غالباً:" يستطيع الله فعل كل شئ ". و هذا في حد ذاته هو زعم عن الخالق،

 

هل يستطيع الخالق أن يقوم بالشر ؟ 

 

الادعاءات عن الخالق كغيرها من الادعاءات تحتاج لإثبات، وهي أيضاً جملة مفعمة بالمشكلات، على سبيل المثال قد يسأل سائل: " هل يستطيع الخالق أن يتوقف عن الوجود ؟" أو: هل يستطيع الخالق أن يقوم بالشر؟ ".

 

عادة هناك جوابان على سؤال كهذا، إما بالقول: " كلا"، وهذا يعارض ما قاله المسيحيون من أن الله قادر على فعل كل شئ، أو أن يقال: " نعم يستطيع إذا أراد، ولكن الله لا يفعل الشر، لأن الله بطبيعته خيِّر".

فيكون الرد هنا: " لماذا إذن ينطبق هذا على خيرية الله، ولا ينطبق على صفاته الأخرى؟ " فالمعيار نفسه ينطبق على كون الله فرداً، أزلياً، غير محتاج، مثلما ينطبق على أنه ليس من طبيعة الله الشر ولا كونه مؤقتاً ولا محتاجاً. فالادعاء أن الله الخالق أصبح مخلوقاً وبقي خالقاً في الوقت نفسه، هو ادعاء لا يمكن إثباته، بما أنه بالتعريف استحالة، وهذا ينطبق على أي ديانة تدعي هذه الادعاءات عن الخالق، وهذا ينصرف أيضاً على معظم ما يعتقده الهندوس والوثنيون عن الخالق، لأنهم يقولون بالادعاءات نفسها عن أن الله يتجسد في بعض الكائنات المخلوقة.

 

  • السبت PM 01:46
    2022-03-12
  • 1154
Powered by: GateGold