المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409110
يتصفح الموقع حاليا : 334

البحث

البحث

عرض المادة

التحزب وبدعة تقسيم الناس إلى مؤيدين ومعارضين

 

التحزب وبدعة تقسيم الناس إلى مؤيدين ومعارضين

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد :

يقول الله تعالى:  ( إنَّ هّذٌهٌ أٍمَّتٍكٍمً أٍمَّةْ وّاحٌدّةْ وّأّنّا رّبٍَكٍمً فّاعًبٍدٍونٌ <92> ) [الأنبياء: 92].

ويقــول سبحانــه:  ( قٍلً إنَّمّا يوحّــى  إلّيَّ أّنَّمّا إلّهٍكٍمً إلّهِ وّاحٌدِ فّهّلً أّنتٍم مٍَسًلٌمٍونّ <108> ) [الأنبياء: 108].

 فالنـاس كلهـم لآدم وآدم من تــراب   ولا فضـل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى .

ويقول سبحانه :  (  إنَّ أّكًرّمّكٍمً عٌندّ اللَّهٌ أّتًقّاكٍمً ) [الحجرات: 13] .

ومعلوم أن الحق واحد لا يتعدد وأن الباطل كثير لا ينحصر فالواجب على الإنسان أن يعيش بالإسلام وللإسلام وأن يصدع بالحق ولا يخاف لومة لائم .

وإذا كانت سنة الله قد اقتضت دفعاً بين الحق وبين الباطل

( وّلّوًلا دّفًعٍ اللَّهٌ النَّاسّ بّعًضّهٍم بٌبّعًضُ لَّفّسّدّتٌ الأّرًضٍ ) [البقرة: 251].

فالواجب علينا أن نستن بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقدامنا وإحجامنا   وفي حركاتنا وسكناتنا  وفي أقوالنا وأفعالنا   وعلينا أن نستبشر فالعاقبة للمتقين والنصر عقبى الصابرين الذين يأخذون بالأسباب الشرعية ويستفرغون وسعهم فيها ويفوضون الأمر كله لله والفارق كبير بين المسلم والكافر   فالمسلم يحب في الله ويبغض في الله يعطي و   ويمنع الله أما الكافر فإنه يجب لهواه ويبغض لهواه   فهواه هو مولاه الذي يقوده إلى حتفه وهلاكه .

وإذا كانت النظم الديمقراطية عادة تأخذ بنظام تعدد الأحزاب وكل حزب له برنامجه المعبر عنه   وله أيضاً رايته ومن يمثله   فهذه الأحزاب منها ما هو شيوعي ماركسي   وما هو وطني   ومنها ما هو ليبرالي علماني   وكثيراً ما نرى الصراع يحتدم ليس فقط بين الأحزاب الموجودة على الساحة بل بين أبناء الحزب الواحد لأسباب عديدة   وتنتهي هذه الصراعات بحروب في أغلب الأحيان في أخف أحوالها حروب كلامية وإعلامية وشأنه في ذلك كشأن اليهود والنصارى.

وفي ذلك يقول تعالى :  ( وّقّالّتٌ الًيّهٍودٍ لّيًسّتٌ النَّصّارّى  عّلّى  شّيًءُ وّقّالّتٌ النَّصّارّى  لّيًسّتٌ الًيّهٍودٍ عّلّى  شّيءُ وّهٍمً يّتًلٍونّ الًكٌتّابّ كّذّلٌكّ قّالّ الَّذٌينّ لا يّعًلّمٍونّ مٌثًلّ قّوًلٌهٌمً فّاللَّهٍ يّحًكٍمٍ بّيًنّهٍمً  ) [البقرة: 113] .

اختلاف مريب ولا يمكن أن  يجتمع  الناس اجتماعاً صحيحاً يرضي الله إلا إذا صبغوه بصبغة الإسلام يقول تعالى:   (  كّانّ النَّاسٍ أٍمَّةْ وّاحٌدّةْ فّبّعّثّ اللَّهٍ النَّبٌيٌَينّ مٍبّشٌَرٌينّ وّمٍنذٌرٌينّ ) [البقرة: 213] .

وهؤلاء الأنبياء دينهم واحد ودعوتهم واحدة  (  إنَّ الدٌَينّ عٌندّ اللَّهٌ الإسًلامٍ ) [آل عمران: 19].

ويقول تعالى:  ( وّمّن يّبًتّغٌ غّيًرّ الإسًلامٌ دٌينْا فّلّن يقًبّلّ مٌنًهٍ وّهٍوّ فٌي الآخٌرّةٌ مٌنّ الًخّاسٌرٌينّّ <85> )

[آل عمران: 85].

ويقول سبحانه:

 ( قٍلً يّا أّهًلّ الًكٌتّابٌ تّعّالّوًا إلّى  كّلٌمّةُ سّوّاءُ بّيًنّنّا وّبّيًنّكٍمً أّلاَّ نّعًبٍدّ إلاَّ اللَّهّ وّلا نٍشًرٌكّ بٌهٌ شّيًئْا وّلا يّتَّخٌذّ بّعًضٍنّا بّعًضْا أّرًبّابْا مٌَن دٍونٌ اللَّهٌ فّإن تّوّلَّوًا فّقٍولٍوا اشًهّدٍوا بٌأّنَّا مٍسًلٌمٍونّ <64> ) [آل عمران: 64].

وهذه الأحزاب بدعة منكرة   وهي أثر من آثار الإستعمار أحدثها المستعمرون ليفرقوا بين أبناء الأمة الواحدة وليجعلوا أبناء الوطن الواحد شيعاً وأحزاباً بعد ذلك   نعم وجدت الشورى وحدث نوع من الاستيضاح أو الإعتراض حتى على بعض الخلفاء في حالة مخالفة النصوص الشرعية كما اعترضت - فيما رُوي - المرأة على عمر بن الخطاب ] حين أراد تحديد المهور  ولكن هل سمح بقيام أحزاب بمناهج تخالف دين الله وتكفر به زعم حرية الرأي والتعبير تنشر وتروج المبادئ التي تدين بها في وسط المسلمين ؟! هذا لم يحدث أبداً وقد رأينا الثمار المرة لهذه الأحزاب من تفريق للناس وتنابذ وتراشق بالتهم في الجرائد والمجلات كما هو حاصل مشاهد   فالإنضمام إلى حزب من هذه الأحزاب هو في نفسه بدعة لا يقرها الشرع   فكيف إذا انضم مع ذلك عدم تمسك رؤساء الحزب بالدين واتخاذهم الدين طريقاً لنيل أغراضهم ومطلوبهم ولا شك أن من يمشي في ركاب هؤلاء ويهتف بحياتهم ويضحي بنفسه وماله في سبيل حزبهم يصدق عليه أنه باع آخرته بدنيا غيره يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبته أو يدعو إلى عصبته أو ينصر عصبته فقتل فقتله جاهلية »  [رواه مسلم].

ارتفعت رايات كثيرة مارقة للتكتل تحتها بدل راية الإسلام  وأصبح كل حزب بما لديهم فرحون   والدين لا يعرف مثل هذه الأحزاب وإنما يأمرنا إذا أحدق الخطر بنا أن نتعاضد ونتعاون ونقوم قومه رجل واحد للدفاع عن ديننا الذي لا حياة للأمم والأفراد بدونه وما سوى ذلك فهو مراد باطل ضرره أكثر من نفعه بل لا نفع فيه عند التحقيق .

والناظر إلى الدنيا من حولنا سيجد كتلاً شرقية وغربية وقوميات وشعوبيات ووطنيات   ثم مناهج وفلسفات بين أبنـاء الوطن الواحد ثم تجاه الحاكم ومنهجه ينقسمون إلى مؤيدين ومعارضين وهـذه الحالة لابـد وأن تشحـذ همم المؤمنين الذين يستعينون بربهم ليجاهدوا بدين الله من كفر بالله يدعون الإنسانية كافة لتسلم وجهها و رب العالمين ويقيمونها خلافة على منهاج النبوة تطبق دين الله وتسوس الدنيا به

 ( تّبّارّكّ الَّذٌي نّزَّلّ الًفٍرًقّانّ عّلّى  عّبًدٌهٌ لٌيّكٍونّ لٌلًعّالّمٌينّ نّذٌيرْا(1) ) [الفرقان: 1].

  ( وّمّا أّرًسّلًنّاكّ إلاَّ رّحًمّةْ لٌَلًعّالّمٌينّ <107> ) [الأنبياء: 107].

وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «المسلمون تتكافأ دمائهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ».

 

 

والحـب يجـب أن يكــون في الله والبغـض كذلك  يقـول الرسول صلى الله عليه وسلم: « أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله»

[رواه ابن أبي شيبة  وحسَّنه الألباني].

والحق مقبول من كل من جـاء به كائناً من كان   والباطـل مردود على صاحبـه أيضاً كائناً من كان   وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون وليس منا معصوم ولا كامل .

ولابد من مراعاة أدب الخلاف   والخلاف الذي يصادم نصاً من كتاب أو سنة خلاف ساقط وغير معتبر  والميزان الذي توزن به الأقوال والأفعال ونميز به الغث والسمين هو ميزان الكتاب والسنَّة   والحاكم الذي يطبق شرع الله إذا أخطأ في مسألة أو جانب الحق في فعل لا يصح الخروج عليه ولا تأليب العامة وإحداث الفتنة حوله   ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «سيد الشهداء حمزة  ورجل قام إلى إمام فأمره ونهاه في ذات الله فقتله» [حديث صحيح  صححه العلامة الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة»  رقم (374) المجلد الخامس].

وكل إنسان يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم  فالواجب علينا جميعاً أن نرجع لمثل ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام و :

 

 

وما لم يكن يومئذ ديناً فليس باليوم ديناً   ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها   يسعنا ما وسعهم من الخلاف   وتتوحـد كلمتنا على منهج الله وحينئذ سنأخذ بأسباب التطور الحقيقية من العلم النافع  والعمل الصالح  ( وّأّعٌدٍَوا لّهٍم مَّا اسًتّطّعًتٍم مٌَن قٍوَّةُ وّمٌن رٌَبّاطٌ الًخّيًلٌ تٍرًهٌبٍونّ بٌهٌ عّدٍوَّ اللَّهٌ وّعّدٍوَّكٍمً ) [الأنفال: 60].

وحينئذ أيضاً سنعرف بإذن الله من الذي نواليه ومن الذي نعاديه   ومن الذي نؤيده ومن الذي نعارضه .

يقول ابن تيمية :

«والمؤمن عليه أن يعادي في الله ويوالي في الله   فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه  فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية   قال تعالي :

 ( وّإن طّائٌفّتّانٌ مٌنّ الًمٍؤًمٌنٌينّ اقًتّتّلٍوا فّأّصًلٌحٍوا بّيًنّهٍمّا فّإن بّغّتً إحًدّاهٍمّا عّلّى الأٍخًرّى  فّقّاتٌلٍوا الَّتٌي تّبًغٌي حّتَّى  تّفٌيءّ إلّى  أّمًرٌ اللَّهٌ ) [الحجرات: 9].

فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي   والأمر بالإصلاح بينهم   فليتدبر المؤمن الفارق بين هذه النوعين   فما أكثر ما يلتبس أحدهما بالآخر وليعلم أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك   والكافر يجب معادته وإن أعطاك وأحسن إليك   فإن الله سبحانه وتعالى بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله و   فيكون الحب لأوليائه   والبغض لأعدائه   والإكرام لأوليائه   والإهانة لأعدائه   والثواب لأوليائه   والعقاب لأعدائه» اهـ .

إنَّ الناس ينقسمون إلى مؤمنين وكافرين ومنافقين  وإلى حزبين  حزب الله وحزب الشيطان  وهي هي التسمية الشرعية  التي وردت في الكتاب والسُّنَّة  فالناس مؤمن تقي  وفاجر شقيّ  وعلى كل عبد أن يختار لنفسه  في أي فريق يكون  وقد جاهد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الكفار بالسيف والسنان  والمنافقين بالحجَّة والبيان.

والتعصب الاجتماع على حق محمود  والمذموم هو التعصب على الباطل  وهذا يُقال لأهله دعوها فإنها منتنة  ولا تجوز النعرات الجاهلية كقول البعض: «أنا وأخي على ابن عمي  وأنا وابن عمي على الغريب»  قال تعالى:  ( وّتّعّاوّنٍوا عّلّى الًبٌرٌَ وّالتَّقًوّى  وّلا تّعّاوّنٍوا عّلّى الإثًمٌ والًعٍدًوّانٌ ) [المائدة: 2].

والتفرقة والتمييز ليس بمستغرب من الكفار  والعنصرية صفة إبليسية مقيتة وقديمة  استخدمها إبليس عندما قال:  ( أّنّا خّيًرِ مٌَنًهٍ ) [ص:76] ومن تلبَّس بهذه الصفة فقد يؤدي به ذلك إلى الطّرد من رحمة الله.

والتميز والسبق الحق إنما هو سبق الفضل  والصفات التي تقرب من رضا الرحمن  أمَّا السخرية فهي من شر أنواع التمييز المذموم  قال تعالى:  

( يّا أّيهّا الَّذٌينّ آمّنٍوا لا يّسًخّرً قّوًم مٌَن قّوًمُ عّسّى  أّن يّكٍونٍوا خّيًرْا مٌَنًهٍمً ) [الحجرات: 11].

فالواجب علينا أن نحذر التحزّب على غير ذات الله وأن نحذر العنصرية ومذاهب التعصب والتمييز التي تفرق ما أمر الله به أن يوصل  قال تعالى:  

( إنَّ الَّذٌينّ فّرَّقٍوا دٌينّهٍمً وّكّانٍوا شٌيّعْا لَّسًتّ مٌنًهٍمً فٌي شّيًءُ ) [الأنعام: 159].

ولابد من السعي الحثيث لإقامة جامعة إسلامية  وأُخوّة إيمانية  وأدب لا يصطدم بالكتاب والسُّنّة   فالعروبة لن تكون بديلاً عن الإسلام.

ولابد أن نعلم أنَّ كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة  وأن وحدة الفكر تسبق وحدة العمل  لذلك فلابد من الرجوع لمثل ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام  وأن ننبذ معتقدات الفرق النارية الضالة  وأن يعلم كلٌّ منَّا أنه فرد من مجموع   ينتسب لخير أمة أخرجت للناس.

فلا داعي للأنانية  وأن يكون الواحد أشبه بجزيرة مستقلة  فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية  وأنت بإخوانك كثير وبنفسك قليل وإن كنت عبقريًا.

اللهم ألّف بين قلوبنا ووحّد كلمتنا واجعل بأسنا على عدوك وعدونا .

وآخر دعوانا أن الحمد و رب العالمين .

 

 

  • الاثنين PM 04:00
    2021-03-29
  • 1727
Powered by: GateGold