المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413599
يتصفح الموقع حاليا : 221

البحث

البحث

عرض المادة

اتهام ابن مسعود - رضي الله عنه - بالكذب على النبي صلى الله عليه وسلم

اتهام ابن مسعود - رضي الله عنه - بالكذب على النبي صلى الله عليه وسلم(*)

مضمون الشبهة:

يتهم بعض المغرضين الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - بالكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويستدلون على ذلك بأنه روى جملة من الأحاديث المكذوبة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنها قوله:«الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من سعد في بطن أمه». وأنه تناقض في كلامه عن حديث الجن، فقال: «كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن»، فادعى أنه شاهدها، وقال مرة أخرى: «ما شهدها منا أحد»، وهو بذلك أنكر صحة الخبر عنه وهذا يدل على كذبه. وكذلك قوله: «إن القمر انشق وأنه رآه»، وهذا لا يقبله العقل والمنطق، فهم يرون أن الانشقاق الوارد في الآية إنما يكون يوم القيامة. ويتساءلون: كيف يكون ابن مسعود عدلا، وقد كذب على النبي صلى الله عليه وسلم؟! رامين من وراء ذلك إلى الطعن في عدالة هذا الصحابي الجليل، وصولا للطعن في السنة النبوية نفسها.

وجوه إبطال الشبهة:

1) إن ابن مسعود - رضي الله عنه - ممن شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعلم والفقه وهذا تعديل نبوي لابن مسعود، فضلا عن تعديل القرآن له المتمثل في تعديله لجميع الصحابة، ومواقفه التي ظهرت منه قبل إسلامه وبعده تشهد بأمانته، فكيف يكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويتقول عليه بما لم يقل؟!

2) إن حديث "الشقاء والسعادة" حديث صحيح رواه غير واحد من الصحابة كأبي هريرة، وأبي أمامة، كما أنه يوافق القرآن الكريم، فكيف يكذبه عجم القرون المتأخرة؟!!

3) إن حديثه في مشاهدة الجن صحيح مشهور، لكن اختلفت ألفاظه تبعا لاختلاف طرقه، وحذف بعضها في طرق أخرى كحذف كلمة "غيري" من قوله: "ما رآه أحد منا" التي ذكرت في الروايات الأخرى، ومن ثم فمعتمدنا هي الروايات التي سلمت من الاضطراب.

4) إن معجزة انشقاق القمر قد حدثت بالفعل، وذكرت في القرآن الكريم؛ لذلك فإن طعنهم في رواية ابن مسعود هو طعن في القرآن الكريم وروايات الصحابة الصحيحة، وهذا المنهج يمجه المنطق السليم.

التفصيل:

أولا. ثبوت عدالة ابن مسعود بالقرآن والسنة وشهادة الصحابة رضي الله عنهم:

لقد شهد القرآن بعدالة ابن مسعود - رضي الله عنه - مضمنة في تعديله للصحابة - رضي الله عنهم - إذ قال الله سبحانه وتعالى: )لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا (18)( (الفتح)، وقال سبحانه وتعالى: )والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم (100)( (التوبة).

وابن مسعود - رضي الله عنه - من السابقين الأولين إلى الإسلام، وروي في ذلك عن عبد الله في قوله سبحانه وتعالى: )الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح( (آل عمران: ١٧٢)، قال: كنا ثمانية عشر رجلا"[1].

ولتقدم إسلامه وملازمته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وشغفه بالأخذ عنه عد من كبار الصحابة، وفضلائهم وفقهائهم، والمقدمين في القرآن والحديث والفتوى، حتى شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنبوغ في القرآن وعلومه، قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الشيخان: «استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب»[2]، ونطق هو - رضي الله عنه - متحدثا بنعمة العلم، فقال كما جاء في صحيح مسلم:«والذي لا إله غيره ما من كتاب الله سورة إلا وأنا أعلم حيث نزلت، وما من آية إلا وأنا أعلم فيما أنزلت، ولو علمت أن أحدا هو أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه»[3][4].

لقد شهد لابن مسعود بالصدق والأمانة منذ أن كان غلاما، ومن المواقف التي تؤكد ذلك: ما روي عن ابن مسعود أنه قال: «كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وقد فرا من المشركين، فقالا: يا غلام هل عندك من لبن تسقينا؟ فقلت: إني مؤتمن، ولست ساقيكما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل عندك من جذعة لم ينـز عليها الفحل؟ قلت: نعم، فأتيتهما بها، فاعتقلها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسح الضرع، ودعا فحفل الضرع، ثم أتاه أبو بكر بصخرة منقعرة، فاحتلب فيها، فشرب، وشرب أبو بكر، ثم شربت، ثم قال للضرع: اقلص، فقلص، قال: فأتيته بعد ذلك، فقلت: علمني من هذا القول، قال: إنك غلام معلم، فأخذت من فيه سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد»[5].

فأمانته منذ أن كان صغيرا معلومة واضحة غير مشكوك فيها، فكيف يكذب بعد أن دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد أن صار من علماء الصحابة وأعلمهم بكتاب الله؟!

ومما يؤكد عدالة هذا الصحابي شهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - له - كثيرا - بالعلم والتقوى والصلاح والدين، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد»[6].

وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقتدوا باللذين من بعدي، وأشار إلى أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه»[7].

وعن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد»[8].

ولقد كان عبد الله بن مسعود يشبه النبي - صلى الله عليه وسلم - فعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «آتينا حذيفة فقلنا: حدثنا بأقرب الناس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هديا ودلا، فنأخذ عنه ونسمع منه، قال: كان أقرب الناس هديا ودلا وسمتا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن مسعود حتى يتوارى في بيته، ولقد علم المحفوظون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ابن أم عبد من أقربهم إلى الله زلفى»[9].

ولقد شهد كبار الصحابة - رضي الله عنهم - لابن مسعود، لما رأوا من علمه ورسوخه فيه، فهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يكتب إلى أهل الكوفة: "بعثت إليكم عمارا أميرا، وعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن أهل بدر فاقتدوا بهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي"[10]، وناهيك بهذه الشهادة من مثل عمر بن الخطاب لاسيما قوله: "وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي"، وعمر هو عمر الذي أجرى الله الحق على لسانه وقلبه، والذي كان يرى الرأي فينزل به القرآن، وإنما يعرف الفضل من الناس ذووه.

وهذا أبو الدرداء يقول حين توفي ابن مسعود: "ما ترك بعده مثله"[11][12].

وهكذا نجد أن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان عدلا، وكيف لا وقد شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة - رضي الله عنهم - بذلك، وكيف لا وهو الخائف من الله في دعائه، فعن القاسم بن عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقول في دعائه: "خائف مستجير تائب، مستغفر، راغب، راهب"[13].

ثانيا. حديث الشقي من شقي في بطن أمه لم ينفرد بروايته ابن مسعود فقط, كما أن القرآن يصدقه:

إن هذا الحديث حديث صحيح رواه كبار الصحابة - رضي الله عنهم - فكيف لهم أن يكذبوا ابن مسعود - رضي الله عنه - فيما رواه، وكيف يجوز أن يكذب ابن مسعود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا الحديث الجليل المشهور، الذي يبدأ فيه الكلام بقوله: حدثني الصادق المصدوق، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، ولا ينكره منهم أحد؟! ولماذا يزور حديثا ورد في أمر لا يجني من ورائه نفعا ولا يدفع عنه ضرا، ولا يدنيه من سلطان ولا رعية، ولا يزداد به مالا إلى ماله؟! وكيف يكذب في شيء، قد وافقه على روايته، عدد منهم حذيفة بن أسيد الغفاري، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما؟!

وكذلك فإن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له: «ياغلام إني معلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولواجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف»[14].

ومما يؤكد صدق هذا المعنى، ما جاء في صحيح مسلم «عن الصحابي الجليل حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأذني هاتين يقول: "إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة، ثم يتصور عليها الملك، قال زهير: حسبته قال الذي يخلقها، فيقول: يارب أذكر أو أنثى؟ فيجعله الله ذكرا أو أنثى، ثم يقول: يارب أسوي أو غير سوي؟ ثم يقول: يارب ما رزقه؟ ما أجله؟ ما خلقه؟ ثم يجعله الله شقيا أو سعيدا»[15].

وبهذا يتضح أن عبد الله بن مسعود لم ينفرد بهذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأننا وجدنا غيره من الصحابة روى ما يشابهه أو يقويه كالحديث السابق، ومن ذلك أيضا ما روي عن علي - رضي الله عنه - قال:«كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة، فنكس، فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة، قال: فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال: من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة، فقال: اعملوا فكل ميسر، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ: )فأما من أعطى واتقى (5) وصدق بالحسنى (6) فسنيسره لليسرى (7) وأما من بخل واستغنى (8) وكذب بالحسنى (9) فسنيسره للعسرى (10)( (الليل)»[16].

وقد وافق حديث ابن مسعود أيضا ما جاء في حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وكل الله بالرحم ملكا، فيقول: أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا أراد الله أن يقضي خلقها، قال: أي رب ذكر أم أنثى، أشقي أو سعيد؟ فما الرزق، فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه»[17].

قال العلماء: طريق الجمع بين هذه الروايات أن للملك ملازمة ومراعاة لحال النطفة، وأنه يقول: يارب هذه نطفة، هذه علقة، هذه مضغة في أوقاتها، فكل وقت يقول فيها ما صارت إليه بأمر الله تعالى، وهو أعلم سبحانه، ولكلام الملك وتصرفه أوقات: أحدها حيث يخلقها الله تعالى نطفة، ثم ينقلها علقة، وهو أول علم الملك بأنه ولد؛ لأنه ليست كل نطفة تصير ولدا، وذلك عقب الأربعين الأولى، وحينئذ يكتب رزقه وأجله وعمله وشقاوته أو سعادته، ثم للملك فيه تصرف آخر في وقت آخر وهو تصويره، وخلق سمعه وبصره، وجلده ولحمه وعظمه، وكونه ذكرا أم أنثى، ويكتب الملك فيه رزقه...

قال القاضي عياض: وقوله في حديث أنس: "وإذا أراد الله أن يقضي خلقا قال: يا رب أذكر أم أنثى، شقي أم سعيد" لا يخالف ما قدمناه، ولا يلزم منه أن يقول ذلك بعد المضغة، بل ابتداء للكلام وإخبار عن حالة أخرى... وأن الرزق والشقاوة والسعادة والعمل والذكورة والأنوثة يظهره الله للملك، ويأمره بإنفاذه وكتابته، وإلا فقضاء الله تعالى سابق على ذلك وعلمه وإرادته لكل ذلك موجود في الأزل[18].

وهكذا نجد أن الحديث وما يوافقه من أحاديث كلها دلالات ظاهرة لمذهب أهل السنة في إثبات القدر، وأن جميع الواقعات بقضاء الله تعالى وقدره خيرها وشرها، نفعها وضرها.

وكيف يفترون على ابن مسعود، ويدعون أنه كذب في أمر يوافقه عليه الكتاب، يقول الله سبحانه وتعالى: )أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه( (المجادلة: ٢٢)؛ أي جعل في قلوبهم الإيمان، كما قال في الرحمة: )فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة( (الأعراف: ١٥٦)؛ أي: سأجعلها، ومن جعل الله تعالى في قلبه الإيمان، فقد قضى له بالسعادة، وقال سبحانه وتعالى: )فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء( (الأنعام: ١٢٥).

وأشباه هذه الآيات في القرآن والحديث كثيرة ويطول الكلام في عدها،

فأين الغرابة فيما رواه ابن مسعود ليكذبه هؤلاء المغرضون؟! فضلا عن أنه

لم ينفرد برواية الحديث وحده، بل رواه غيره من الصحابة وكلهم عدول، كعلي بن أبي طالب وحذيفة بن أسيد، وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - بألفاظ أخرى.

ثالثا. صحة حديث الجن ورواية بعض الصحابة له غير ابن مسعود:

من البدهي أن الإنسان العاقل لا يمكن أن يناقض نفسه في كلامه وأخباره التي أخبر بها، فكيف يخبر ابن مسعود أنه رأى الجن، وفي رواية أخرى أنه لم ير منهم أحدا؟!

وكيف يصح عنه ذلك مع ثاقب فهمه، وبارع علمه وتقدمه في السنة على الذين انتهى إليهم العلم، واقتدت بهم الأمة مع خاصته برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولطف محله؟ وكيف يجوز عليه أن يقر بالكذب هذا الإقرار، فيقول اليوم: شهدت، ويقول غدا: لم أشهد[19]؟!

أما عن الحديث الذي ينفي حضور ابن مسعود مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن فهو صحيح رواه مسلم أن علقمة سأل ابن مسعود: «هل شهد أحد منكم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن؟ قال: لا...»[20].

قال النووي في شرحه على هذا الحديث: "هذا صريح في إبطال الحديث المروي في سنن أبي داود وغيره، المذكور فيه الوضوء بالنبيذ، وحضور ابن مسعود معه ليلة الجن، فإن هذا الحديث صحيح، وحديث النبيذ ضعيف باتفاق المحدثين، ومداره على زيد مولى عمرو بن حريث، وهو مجهول"[21].

أما الحديث الآخر الذي يثبت حضور ابن مسعود مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، فقد رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه من حديث أبي فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث «عن عبد الله بن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له ليلة الجن: عندك طهور؟ قال: لا، إلا شيء من نبيذ في أداوة، قال: تمرة طيبة، وماء طهور»[22]، وزاد الترمذي قال: «فتوضأ منه»[23]، ورواه أحمد في مسنده، وزاد في لفظه:«فتوضأ منه وصلى»[24].

وقد أفاض الإمام الزيلعي في دراسة هذا الحديث، وذكر طرقه، لذلك ننقله بتمامه؛ حتى يتبين لنا صحة حديث الجن، يقول: "وقد ضعف العلماء هذا الحديث بثلاث علل: إحداها: جهالة أبي زيد، والثانية: التردد في أبي فزارة، هل هو راشد بن كيسان أو غيره، والثالثة: أن ابن مسعود لم يشهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن.

 أما الأولى: فقد قال الترمذي: أبو زيد رجل مجهول لا يعرف له غير هذا الحديث، وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء: أبو زيد شيخ يروي عن ابن مسعود، ليس يدري من هو، ولا يعرف أبوه ولا بلده، ومن كان بهذا النعت ثم لم يرو إلا خبرا واحدا خالف فيه الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس - استحق مجانبة ما رواه.

قال ابن أبي حاتم في كتابه العلل: سمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي فزارة في الوضوء بالنبيذ ليس بصحيح، وأبو زيد مجهول، وذكر ابن عدي عن البخاري، قال: أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود في الوضوء بالنبيذ مجهول لا يعرف بصحبته عبد الله، ولا يصح هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو خلاف القرآن.

وأما العلة الثانية: وهي التردد في أبي فزارة، فقيل: هو راشد بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وقيل: هما رجلان، وأن هذا ليس براشد بن كيسان، وإنما هو رجل مجهول، وقد نقل عن الإمام أحمد أنه قال: أبو فزارة - في حديث ابن مسعود - رجل مجهول، وذكر البخاري أبا فزارة العبسي غير مسمى، فجعلهما اثنين، وفي كل هذا نظر، فإنه قد روى هذا الحديث عن أبي فزارة جماعة، فرواه عنه شريك، كما أخرجه أبو داود، والترمذي، ورواه عنه سفيان والجراح بن مليح، كما أخرجه ابن ماجه، ورواه عنه إسرائيل كما أخرجه البيهقي، وعبد الرزاق في مصنفه ورواه عنه قيس بن الربيع كما أخرجهما عبد الرزاق، والجهالة عند المحدثين تزول برواية اثنين فصاعدا، فأين الجهالة بعد ذلك؟ إلا أن يراد جهالة الحال.

هذا وقد صرح ابن عدي بأنه راشد بن كيسان، فقال: مدار هذا الحديث على أبي فزارة عن أبي زيد، وأبو فزارة اسمه: راشد بن كيسان وهو مشهور، وأبو زيد مولى عمرو بن حريث مجهول، وحكى عن الدارقطني أنه قال: أبو فزارة - في حديث النبيذ - اسمه راشد بن كيسان.

وقال ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب: أبو فزارة العبسي راشد بن كيسان ثقة عندهم، وذكر من روى عنه، ومن روى هو عنه، قال: وأما أبو زيد مولى عمرو بن حريث فمجهول عندهم لا يعرف بغير رواية أبي فزارة، وحديثه عن ابن مسعود في الوضوء بالنبيذ منكر لا أصل له، ولا رواه من يوثق به، ولا يثبت.

وأما العلة الثالثة: وهي إنكار كون ابن مسعود شهد ليلة الجن، فقد اختلف في ذلك لاختلاف ما ورد في ذلك، فما ورد أنه لم يشهد ما رواه مسلم من حديث داود عن عامر قال: «سألت علقمة: هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن؟ قال: فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير أو اغتيل، قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء، قال: فقلنا: يا رسول الله، فقدناك، فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال: أتاني داعي الجن، فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد، فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تستنجوا بهما؛ فإنهما طعام إخوانكم»[25].

وفي لفظ له قال: «لم أكن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، ووددت أني كنت معه» وفي لفظ: «وكانوا من جن الجزيرة»، ورواه أبو داود مختصرا لم يذكر القصة، ولفظه: «عن علقمة، قال: قلت لعبد الله بن مسعود: من كان منكم مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما كان معه منا أحد».

ورواه الترمذي بتمامه في الجامع... وهذا الحديث يدفع تأويل من جمع بين الأخبار الدالة على أنه شهد، وأنه لم يشهد - بأنه كان معه أو أجلسه في الحلقة، وعند مخاطبته للجن لم يكن معه، قال البيهقي في دلائل النبوة: وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن ابن مسعود لم يكن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، وإنما كان معه حين انطلق به وبغيره يريهم آثارهم وآثار نيرانهم، قال: وقد روي أنه كان معه ليلته، ثم أسند إلى عبد الله بن مسعود، قال:«أتانا - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أمرت أن أقرأ على إخوانكم من الجن، ليقم معي رجل منكم، ولا يقوم معي رجل في قلبه مثقال حبة من كبر، قال: فقمت معه، ومعي أداوة من ماء، حتى إذا برزنا خط حولي خطة، ثم قال: "لا تخرجن منها تمرة حلوة وماء طيب"، ثم توضأ وأقام الصلاة، فلما قضى الصلاة، قام إليه رجلان من الجن فسألاه المتاع، قال: "ألم آمر لكما ولقومكما بما يصلحكما؟ قالا: بلى، ولكنا أحببنا أن يحضر بعضنا معك. قال: ممن أنتما"؟ قالا: من أهل نصيبين، قال: قد أفلح هذان وقومهما، وأمر لهما بالطعام والرجيع، ونهانا أن نستنجي بعظم أو روث».

وهذا رواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه وألفاظهم متقاربة، قال البيهقي: وهذا يخالف ما في الصحيح من فقدهم إياه، حتى قيل: اغتيل واستطير، إلا أن يكون المراد من فقده غير الذي علم بخروجه، ثم أسند البيهقي إلى موسى بن علي عن رباح عن أبيه عن ابن مسعود، قال:«استتبعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن نفرا من الجن، خمسة عشر: بني إخوة وبني عم يأتوني الليلة، فأقرأ عليهم القرآن"، فانطلقت معه إلى المكان الذي أراد، فخط لي خطا وأجلسني فيه، وقال لي: "لا تخرج من هذا"، فبت فيه حتى أتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع السحر، وفي يده عظم حائل وروثة وحممة، فقال لي: "إذا ذهبت إلى الخلاء فلا تستنج بشيء من هؤلاء"، قال: فلما أصبحت قلت: لأعلمن علمي، حيث كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذهبت فرأيت مبرك ستين بعيرا»، انتهى. ثم أسند البيهقي إلى أبي عثمان النهدي أن ابن مسعود أبصر زطا في بعض الطريق، فقال: ما هؤلاء، فقالوا: هؤلاء الزط، قال: ما رأيت شبههم إلا الجن ليلة الجن، وكانوا مستفزين يتبع بعضهم بعضا، وذكر الترمذي في جامعه أن ابن مسعود شهد ليلة الجن تعليقا[26].

وبعد أن سرد الإمام الزيلعي طرق الحديث وجمع الروايات سواء التي تثبت حضور ابن مسعود مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، أو التي تنفي ذلك يقول: "فقد تلخص لحديث ابن مسعود سبعة طرق: صرح في بعضها أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مخالف لما في صحيح مسلم أنه لم يكن معه، وقد جمع بينهما بأنه لم يكن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حين المخاطبة، وإنما كان بعيدا منه، ومن الناس من جمع بينهما، بأن ليلة الجن كانت مرتين: ففي أول مرة خرج إليهم لم يكن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن مسعود ولا غيره، كما هو ظاهر حديث مسلم. ثم بعد ذلك خرج معه ليلة أخرى، كما روى ابن أبي حاتم في تفسيره من أول سورة الجن من حديث ابن جريج، قال: قال عبد العزيز بن عمر: أما الجن الذين لقوه بنخلة، فمن نينوى، وأما الجن الذين لقوه بمكة فمن نصيبين، وتأول البيهقي حديث مسلم، قال: إنه يقول: «فبتنا بشر ليلة بات بها قوم»، على غير ابن مسعود ممن لم يعلم بخروجه - عليه السلام - إلى الجن، قال: وهو محتمل على بعد، قال: وقد أخرج البخاري عن سعيد بن عمرو، قال: «كان أبو هريرة يتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأداوة لوضوئه وحاجته، فأدركه يوما، فقال: "من هذا؟" قال: أنا أبو هريرة، قال: "ائتني بأحجار أستنجي بها، ولا تأتني بعظم ولا روثة"، فأتيته بأحجار في ثوبي فوضعتها إلى جنبه، حتى إذا فرغ وقام اتبعته، فقلت: يا رسول الله ما بال العظم والروثة؟ قال: أتاني وفد جن نصيبين - ونعم الجن - فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بروثة ولا عظم إلا وجدوا عليها طعما»[27]، قال: فهذا يدل على أنهم وفدوا عليه بعد ذلك[28].

ويعلق ابن حجر على الحديث قائلا: يحتمل تعدد قدوم الجن بمكة مرتين وبالمدينة أيضا، فأما ما وقع بمكة فكان لاستماع القرآن، والرجوع إلى قومهم منذرين، كما وقع في القرآن، وأما في المدينة فالسؤال عن الأحكام، وذلك بين في الحديث السابق.

قال البيهقي: حديث ابن عباس حكى ما وقع في أول الأمر عندما علم الجن بحاله - صلى الله عليه وسلم - وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم، ثم أتاه داعي الجن مرة أخرى فذهب معه، وقرأ عليهم القرآن كما حكاه ابن مسعود. وأشار بذلك إلى ما أخرجه أحمد والحاكم من طريق زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود، قال: هبطوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ القرآن ببطن نخل، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا، وكانوا سبعة أحدهم زوبعة[29].

وعلق البيهقي على ذلك قائلا: يحتمل أن يكون قوله: "فما صحبه منا أحد" أراد به في حال إقرائه القرآن، لكن قوله في الصحيح: إنهم فقدوه، يدل على أنهم لم يعلموا بخروجه، إلا أن يحمل على أن الذي فقده غير الذي خرج معه، فالله أعلم، ولرواية الزهري متابع من طريق موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن ابن مسعود قال: "استتبعني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن نفرا من الجن خمسة عشر بني إخوة وبني عم يأتوني الليلة، فأقرأ عليهم القرآن، فانطلقت معه إلى المكان الذي أراد فخط لي خطا"، فذكر الحديث نحوه، أخرجه الدارقطني وابن مردويه وغيرهما، وأخرجه ابن مردويه من طريق ابن الجوزاء عن ابن مسعود نحوه مختصرا[30].

وطريق آخر من الجمع، وهو أن حديث النفي أسقط الرواة منه حرفا، قال ابن قتيبة في مختلف الحديث بعد ما ذكر حديثا أسقط الرواة منه حرفا، فاختل بسببه المعنى: وهذا مثل قول ابن مسعود في ليلة الجن: ما شهدها أحد غيري، فأسقط الراوي، غيري[31].

وهكذا يتبين كذب المدعين المفترين على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فما ورد من أن ابن مسعود شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، فالراجح أنه لم يصح، وإن صح فمحمول على أنه شهد على مقربة حيث أجلسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى فرغ من الحديث مع الجن فلم يحضر، أو أن ليلة الجن كانت مرتين، وبهذا يزول الوهم ويتضح الحق.

رابعا. حديث "انشقاق القمر"صحيح والواقعة في القرآن:

إن حادث انشقاق القمر من أمهات معجزات نبينا - صلى الله عليه وسلم - وقد رواها ابن مسعود - رضي الله عنه - كغيره من الصحابة - رضي الله عنهم - وإن ما ادعاه المفترون ليس فيه تكذيب لابن مسعود، ولكنه بخس للعلم، وتكذيب للقرآن العظيم؛ لأن الله تعالى يقول: )اقتربت الساعة وانشق القمر (1)( (القمر)؛ أي: اقترب في تقدير الله وعلمه وقت القيامة، وانقسم القمر قسمين معجزة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس: «أن أهل مكة سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا حراء بينهما»[32]، فنزلت هذه الآية إلى قوله سبحانه وتعالى: )وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (2)( (القمر)؛ أي: قال الكفار: هذا سحر دائم؛ ولذلك أخبر الله تعالى بوقوع انشقاق القمر بلفظ الماضي للدلالة على ثبوت الحادثة، وكونها صارت في حكاية الماضي المستقر، على الرغم من إعراض الكفرة عن آيات الله والتصديق بها.

فقد أجمع المفسرون وأهل السنة والجماعة من السلف والخلف على وقوع الحادث، والإيمان بذلك لوروده في القرآن وإخبار الرواة الثقات بذلك، وقد ورد الحديث في أصح الكتب، فقد حدث به الإمام البخاري ومسلم والترمذي، وقال: حسن صحيح والنسائي عن ابن مسعود - موقوفا رضي الله عنه. وروى الحادثة أيضا غير ابن مسعود كأنس وابن عباس، وابن عمر، وحذيفة وعلي وجبير بن مطعم رضي الله عنهم[33].

وكيف لهم أن يكذبوا ابن مسعود فيما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثبوت معجزة انشقاق القمر بزعم أنها لا توافق العقل والمنطق.

وفي ذلك يقول أبو إسحاق الزجاج في "معاني القرآن": "... إن القمر مخلوق لله يفعل فيه ما يشاء كما يكوره يوم البعث ويفنيه".

وقد وقعت الحادثة ليلا وأكثر الناس نيام والأبواب مغلقة، وقل من يرصد السماء إلا النادر، وقد يقع بالمشاهدة في العادة أن ينكسف القمر، وتبدو الكواكب العظام وغير ذلك في الليل، ولا يشاهدها إلا الآحاد، فكذلك الانشقاق كان آية وقعت في الليل لقوم سألوا واقترحوا فلم يتأهب غيرهم لها.

وقال الخطابي: "انشقاق القمر آية عظيمة لا يعدلها شيء من آيات الأنبياء، وقال ابن عبد البر: قد روى هذا الحديث جماعة كثيرة من الصحابة، وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين، ثم نقله عنهم الجمع الغفير إلى أن انتهى إلينا، ويؤيد ذلك بالآية الكريمة، فلم يبق لاستبعاد من استبعد وقوعه عذر".

وأما قولهم: إذا كان الانشقاق سيحدث فإنه سيحدث يوم القيامة؛ لأن هذا - أي انشقاق القمر في الدنيا - لا يقبله عقلهم ومنطقهم، فنقول: إنه منطق فاسد يدل على نفوس مريضة بإنكار النبوة وعلاماتها، كافرة بقوله سبحانه وتعالى: )وانشق القمر(، تؤكد إنها حادثة ووقعت، وإلا ما قال الكفار )سحر مستمر (2)( (القمر).

"والانشقاق" وقع في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أكد ذلك قوله سبحانه وتعالى: )وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (2)( (القمر)، فظاهر قوله: )وانشق(؛ أي: وقع انشقاقه[34] لأن الكفار لا يقولون ذلك يوم القيامة، وإذا تبين أن قولهم ذلك إنما هو في الدنيا يتبين وقوع الانشقاق، وأنه المراد بالآية التي زعموا أنها سحر.

الخلاصة:

  • لقدكانعبداللهبنمسعودأحدالصحابةالكرامالذينزكاهماللهفيكتابهالعزيز؛لأنهكانمنالسابقينالأولينإلىالإسلام،الذينشهدوامعالنبي - صلى الله عليه وسلم - المشاهد ودافعوا عن دين الله - سبحانه وتعالى - وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - فضله وكثرة علمه؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «اقتدوا باللذين من بعدي، وأشار إلى أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد»، وهذا عمر بن الخطاب يقول لأهل الكوفة: "وقد آثرتكم به على نفسي".

فهل بعد شهادة الله وشهادة رسوله - صلى الله عليه وسلم - له - رضي الله عنه - بالعلم والأمانة يليق به أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

  • إنحديث«الشقيمنشقيفيبطنأمهوالسعيدمنسعدفيبطنأمه» حديث صحيح؛ وذلك لتوافر عدد من الصحابة على رواية هذا الحديث، وإن كان بألفاظ أخرى إلا أنه يؤدي نفس المعنى، ويعضد ذلك أيضا ما جاء في القرآن الكريم من آيات تؤيد هذا الحديث وتثبت صحته، ونزيد الأمر وضوحا بأن أحدا من الصحابة لم يعترض عليه ولم يكذبه فيما روى؛ فكيف يكذبه عجم هذه القرون وهم أجهل الناس بحاله؟!
  • الراجحأنحديثحضورابنمسعودليلةالجنمعالنبي - صلىاللهعليهوسلم - غيرصحيح؛لأنالصحيحأنهنفىحضوره،وإنصحفإنهلايدلعلىالتناقض؛لأنمعناهأنهلميكنمعالنبي - صلىاللهعليهوسلم - حينالمخاطبة؛ بل كان بعيدا منه، أو أن ليلة الجن وقعت مرتين.
  • انشقاقالقمرمعجزةنبويةعظيمةشهدالقرآنالكريمبوقوعها،فقالسبحانهوتعالى: )اقتربتالساعةوانشقالقمر (1)(،كماأنالحديثرواهكبارالصحابةغيرابنمسعودكأنسوابنعباسوابنعمر،وحذيفة،وجبيربنمطعمرضي الله عنهم.

 

 

(*) السنة المطهرة بين أصول الأئمة وشبهات صاحب فجر الإسلام وضحاه، د. سيد أحمد رمضان المسير، دار الطباعة المحمدية، القاهرة، ط1، 1402هـ/ 1981م. ضحى الإسلام، أحمد أمين، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط6، 1961م.

[1]. الطبقات الكبير، ابن سعد، تحقيق: د. علي محمد عمر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002م، (3/ 152).

[2]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، (7/ 128)، رقم (3760). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب: فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما، (8/ 3597)، رقم (6218).

[3]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب: فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما، (8/ 3597)، رقم (6213).

[4]. الحديث والمحدثون، محمد محمد أبو زهو، مطبعة مصر، القاهرة، ط1، 1378هـ/ 1958م، ص144.

[5]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، (6/ 190)، رقم (4412). وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.

[6]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، (1/ 170)، رقم (35). وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.

[7]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: المناقب، باب: مناقب عمار بن ياسر، (10/ 203)، رقم (4051). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (3799).

[8]. صحيح: أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب: معرفة الصحابة، باب: ذكر مناقب عبد الله بن مسعود، (5387). وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (1225).

[9]. صحيح: أخرجه الترمذي (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: المناقب، باب: مناقب عبد الله بن مسعود، (10/ 210، 211)، رقم (4059). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (3807).

[10]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (1/ 485، 486).

[11]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (1/ 493).

[12]. الحديث والمحدثون، محمد محمد أبو زهو، مطبعة مصر، القاهرة، ط1، 1378هـ/ 1958م، ص146.

[13]. سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1410هـ/ 1990م، (1/ 496).

[14]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند بني هاشم، مسند ابن عباس، (4/ 233)، رقم (2669). وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.

[15]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القدر، باب: كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، (9/ 3760)، رقم (6604).

[16]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: القدر، باب: وكان أمر الله قدرا مقدورا، (11/ 503)، رقم (6605). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القدر، باب: كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، (9/ 3761)، رقم (6607).

[17]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: القدر، باب: رقم (1)، (11/ 486)، رقم (6595). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القدر، باب: كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، (9/ 3760، 3761)، رقم (6606).

[18]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، الرياض، ط2، 1422هـ/ 2001م، (9/ 3764، 3765).

[19]. تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، دار الحديث، القاهرة، 1427هـ/ 2006م، ص85.

[20]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن، (3/ 1020)، رقم (990).

[21]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، الرياض، ط2، 1422هـ/ 2001م، (3/ 1024).

[22]. ضعيف: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الطهارة وسننها، باب: ما جاء في الوضوء بالنبيذ، (1/ 135)، رقم (384). وضعفه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (384).

[23]. ضعيف: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بالنبيذ، (1/ 245)، رقم (88). وضعفه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (88).

[24]. ضعيف: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، (6/ 147)، رقم (4301). وضعفه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.

[25]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن، (3/ 1021)، رقم (990).

[26]. نصب الراية لأحاديث الهداية، الزيلعي، تحقيق: محمد عوامة، مؤسسة الريان للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 1418هـ/ 1997م، (1/ 137: 146).

[27]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: ذكر الجن وقوله سبحانه وتعالى: ) قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا (، (7/ 208)، رقم (3860).

[28]. نصب الراية لأحاديث الهداية، الزيلعي، تحقيق: محمد عوامة، مؤسسة الريان للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 1418هـ/ 1997م، (1/ 140: 145).

[29]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (7/ 209) بتصرف.

[30]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، الرياض، ط2، 1422هـ/ 2001م، (4/ 170).

[31]. نصب الراية لأحاديث الهداية، الزيلعي، تحقيق: محمد عوامة، مؤسسة الريان للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 1418هـ/ 1997م، (1/ 145).

[32]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: انشقاق القمر، (7/ 221)، رقم (3868). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، باب: انشقاق القمر، (9/ 3920)، رقم (6943).

[33]. شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط1، 1427هـ/ 2006م، ص264، 265.

[34]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (7/ 224، 225).

  • الجمعة PM 01:40
    2020-10-23
  • 2110
Powered by: GateGold