المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412338
يتصفح الموقع حاليا : 289

البحث

البحث

عرض المادة

الزعم أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فرض مصحفه مستغلا سلطته السياسية

                الزعم أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فرض مصحفه مستغلا سلطته السياسية (*)

مضمون الشبهة:

يزعم بعض المشككين أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - استغل وضعه السياسي - باعتباره خليفة للمسلمين - وفرض عليهم نسخة القرآن التي كتبها هو، وأحرق النسخ الأخرى؛ ويهدفون من وراء ذلك إلى إثارة الشكوك حول جمع المصحف العثماني المتداول بين المسلمين إلى الآن.

وجوه إبطال الشبهة:

1) الظروف المحيطة بجمع المسلمين على مصحف واحد كانت توجب ذلك؛ لدرء الفتنة، وإغلاق باب الشقاق، وتوحيد المسلمين على قراءة واحدة.

2) لقد حصل للمصحف الذي جمع عثمان - رضي الله عنه - الناس عليه إقرار كبار الصحابة من كتبة الوحي، وقد حرق - رضي الله عنه - المصاحف الأخرى على ملأ منهم، ولم ينكر أحد منهم ذلك عليه، كما أن الأمة تلقت صنيعه بالقبول والشكر.

3)  مصحف عثمان - رضي الله عنه - تحققت فيه شروط الدقة والتوثيق؛ فاتبعه المسلمون ولم يختلف عليه.

التفصيل:

أولا. الظروف المحيطة بجمع المسلمين على مصحف واحد، وضرورة توحيد المسلمين على قراءة واحدة:

لقد اتسعت الفتوحات الإسلامية، وتفرق القراء في الأمصار، وأخذ أهل كل مصر عمن وفد إليهم قراءته، ووجوه القراء التي يؤدون بها القرآن مختلفة باختلاف الأحرف التي نزل عليها، فكانوا إذا ضمهم مجمع أو موطن من مواطن الغزو عجب البعض من وجوه هذا الاختلاف، وقد يقنع بأنها جميعا مسندة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن هذا لا يحول دون تسرب الشك للناشئة التي لم تدرك الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيدور الكلام حول فصيحها وأفصحها، وذلك يؤدي إلى الملاحاة إن استفاض أمره ومردوا عليه، ثم إلى اللجاج والتأثيم، وتلك فتنة لا بد لها من علاج [1].

أضف إلى ذلك أن الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن لم تكن معروفة لأهل تلك الأمصار، ولم يكن من السهل عليهم أن يعرفوها كلها، حتى يتحاكموا إليها فيما يختلفون، إنما كان كل صحابي في إقليم، يقرئهم بما يعرف فقط من الحروف التي نزل عليها القرآن. ولم يكن بين أيديهم مصحف جامع يرجعون إليه فيما شجر بينهم.

ولتلك الأسباب سالفة الذكر؛ رأى عثمان - رضي الله عنه - بثاقب رأيه، وصادق نظره أن يتدارك ذلك الأمر، وأن يستأصل الداء، قبل أن يعز الدواء، فجمع أعلام الصحابة وذوي البصر منهم، وأجال الرأي بينه وبينهم في علاج هذه الفتنة، ووضع حد لذلك الاختلاف، وحسم مادة هذا النزاع، فأجمعوا أمرهم على استنساخ مصاحف يرسل منها إلى الأمصار، وأن يأمر الناس بإحراق كل ما عداها وألا يعتمدوا سواها، وبذلك يرأب الصدع، ويجبر الكسر، وتعتبر تلك المصاحف العثمانية الرسمية، نورهم الهادي في ظلام هذا الاختلاف، ومصباحهم الكشاف في ليل تلك الفتنة، وحكمهم العدل في ذاك النزاع والمراء، وشفاءهم الناجع من مصيبة ذلك الداء [2].

ولبيان وجه المغالطة ومدى الإجحاف بحق سيدنا عثمان - رضي الله عنه - والتحامل عليه بدلا من الثناء على صنيعه، أضع بين يدي القارئ نص رواية ابن الأثير، بهذا الخصوص، حيث قال تحت عنوان "ذكر غزو حذيفة الباب وأمر المصاحف": "وفيها صرف حذيفة عن غزو الري إلى غزو الباب مددا لعبد الرحمن بن ربيعة، وخرج معه سعيد بن العاص فبلغ معه أذربيجان، وكانوا يجعلون الناس ردأ، فأقام حتى عاد حذيفة ثم رجعا، فلما عاد حذيفة قال لسعيد بن العاص: لقد رأيت في سفرتي هذه أمرا لئن ترك الناس ليختلفن في القرآن ثم لا يقومون عليه أبدا، قال: وما ذاك؟ قال: رأيت أناسا من أهل حمص يزعمون أن قراءتهم خير من قراءة غيرهم، وأنهم أخذوا القرآن عن المقداد، ورأيت أهل دمشق يقولون: إن قراءتهم خير من قراءة غيرهم، ورأيت أهل الكوفة يقولون مثل ذلك، وأنهم قرأوا على ابن مسعود، وأهل البصرة يقولون مثل ذلك، وأنهم قرأوا على أبي موسى ويسمون مصحفه "لباب القلوب".

فلما وصلوا إلى الكوفة أخبر حذيفة الناس بذلك وحذرهم ما يخاف، فوافقه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكثير من التابعين، وقال له أصحاب ابن مسعود: ما تنكر؟ ألسنا نقرؤه على قراءة ابن مسعود؟ فغضب حذيفة ومن وافقه، وقالوا: إنما أنتم أعراب فاسكتوا فإنكم على خطأ، وقال حذيفة: والله لئن عشت لآتين أمير المؤمنين، ولأشيرن عليه أن يحول بين الناس وبين ذلك.

فأغلظ له ابن مسعود، فغضب سعيد وقام، وتفرق الناس وغضب حذيفة، وسار إلى عثمان - رضي الله عنه - فأخبره بالذي رآه، وقال: أنا النذير، فأدركوا الأمة، فجمع عثمان الصحابة، وأخبرهم الخبر، فأعظموه ورأوا جميعا ما رأى حذيفة فأرسل عثمان - رضي الله عنه - إلى حفصة بنت عمر رضي الله عنها أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها، وكانت هذه الصحف هي التي كتبت في أيام أبي بكر رضي الله عنه، فإن القتل لما كثر في الصحابة يوم اليمامة، قال عمر لأبي بكر - رضي الله عنهما -: إن القتل قد كثر واستحر بقراء القرآن يوم اليمامة، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء؛ فيذهب من القرآن كثير، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، فأمر أبو بكر زيد بن ثابت - رضي الله عنه - فجمعه من الرقاع والعسب وصدور الرجال، فكانت الصحف عند أبي بكرـ رضي الله عنه - ثم عند عمر - رضي الله عنه - فلما توفي عمر أخذتها حفصة، فكانت عندها.

فأرسل عثمان - رضي الله عنه - إليها و أخذها منها، وأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان رضي الله عنه: إذا اختلفتم فاكتبوها بلسان قريش؛ فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا، فلما نسخوا الصحف ردها عثمان - رضي الله عنه - إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف، وحرق ما سوى ذلك [3].

فهل يؤاخذ عثمان - رضي الله عنه - بهذا العمل الجليل ويعتبر من مساوئه؟! أم يمدح لأجله، ويوضع ضمن سجله التاريخي المضيء، وضمن سياساته الرشيدة؟! لقد أراد أعداء الإسلام أن يختلف المسلمون في كتابهم وأن يحرفوه ويبدلوه، كما فعلت النصارى واليهود قبلهم وذلك لأنهم ينقمون على عثمان؛ لأنه وحد الأمة وجمع شتاتها وتدارك الأمر في حينه قبل فوات الأوان بتوفيق الله تعالى له.

ثانيا. إقرار كبار الصحابة من كتبة الوحي عثمان - رضي الله عنه - حين جمع وحين أحرق:

ومن الثابت تاريخيا أن عثمان - رضي الله عنه - شرع في تنفيذ هذا القرار الحكيم، أواخر سنة أربع وعشرين وأوائل سنة خمس وعشرين من الهجرة، فعهد في نسخ المصاحف إلى أربعة من خيرة الصحابة، وثقات الحفاظ، وهم: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام [4].

يقول الشيخ مناع القطان: "ودلت الآثار على أن الاختلاف في وجوه القراءة لم يفزع منه حذيفة بن اليمان وحده، بل شاركه غيره من الصحابة في ذلك، عن ابن جرير قال: "حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، قال: لما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين - قال أيوب: فلا أعلمه إلا قال - حتى كفر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك عثمان، فقام خطيبا، فقال: "أنتم عندي تختلفون فيه وتلحنون، فمن نأى عني من أهل الأمصار أشد فيه اختلافا وأشد لحنا، اجتمعوا يا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فاكتبوا للناس إماما".

قال أبو قلابة: فحدثني أنس بن مالك، قال: كنت فيمن يملى عليهم، قال: فربما اختلفوا في الآية فيذكرون الرجل قد تلقاها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولعله أن يكون غائبا في بعض البوادي، فيكتبون ما قبلها وما بعدها، ويدعون موضعها حتى يجيء أو يرسل إليه، فلما فرغ من المصحف كتب عثمان إلى أهل الأمصار: إني قد صنعت كذا وكذا، ومحوت ما عندي فامحوا ما عندكم.

وعن سويد بن غفلة قال: قال علي رضي الله عنه: لا تقولوا في عثمان - رضي الله عنه - إلا خيرا، فوالله ما فعل الذي فعل في المصحف إلا على ملأ منا. قال: ما تقولون في هذه القراءة؟ قد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفرا، قلنا: فما ترى؟ قال: أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا: فنعم ما رأيت.

وهذا يدل على أن ما صنعه عثمان قد أجمع عليه الصحابة، فلقد كتبت المصاحف على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن؛ ليجتمع الناس على قراءة واحدة، ورد عثمان الصحف إلى حفصة، وبعث إلى كل أفق بمصحف من المصاحف، واحتبس بالمدينة واحدا هو مصحفه الذي يسمى الإمام، وتسميته بذلك لما جاء في بعض الروايات من قوله رضي الله عنه: "اجتمعوا يا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فاكتبوا للناس إماما"، وأمر أن يحرق ما عدا ذلك من صحيفة أو مصحف [5].

ولقد تلقت الأمة ذلك بالطاعة، وتركت القراءة بالأحرف الستة الأخرى، ولا ضير في ذلك، فإن القراءة بالأحرف السبعة ليست واجبة، ولو أوجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الأمة القراءة بها جميعا لوجب نقل كل حرف منها نقلا متواترا تقوم به الحجة، ولكنهم لم يفعلوا ذلك فدل هذا على أن القراءة بها من باب الرخصة، وأن الواجب هو تواتر النقل ببعض هذه الأحرف السبعة، وهذا ما حدث فعلا.

قال ابن جرير فيما فعله عثمان: وجمعهم على مصحف واحد، وحرف واحد، وحرق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه، وعزم على كل من كان عنده مصحف يخالف المصحف الذي جمعهم عليه، أن يحرقه، فاستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد والهداية، فتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها، طاعة منها له، ونظرا منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأمة معرفتها، وتقفت آثارها، فلا سبيل لأحد اليوم إلى القراءة بها، لدثورها وعفو آثارها، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها، من غير جحود صحتها وصحة شيء منها، ولكن نظرا منها لأنفسها ولسائر أهل دينها، فلا قراءة للمسلمين اليوم إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح، دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية" [6].

ويقول الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني: "وبعدئذ طهر الجو الإسلامي من أوبئة الشقاق والنزاع، وأصبح مصحف ابن مسعود، ومصحف أبي بن كعب، ومصحف عائشة، ومصحف علي، ومصحف سالم مولى أبي حذيفة، أصبحت كلها وأمثالها في خبر كان، مغسولة بالماء أو محروقة بالنيران: )وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا (25)( (الأحزاب).

ورضي الله عن عثمان، فقد أرضى بذلك العمل الجليل ربه، وحافظ على القرآن، وجمع كلمة الأمة، وأغلق باب الفتنة، ولا يبرح المسلمون يقطفون من ثمار صنيعه هذا إلى اليوم وما بعد اليوم.

ولن يقدح في عمله هذا، أنه أحرق المصاحف والصحف المخالفة للمصاحف العثمانية؛ فقد علمت وجهة نظره في ذلك. على أنه لم يفعل ما فعل من هذا الأمر الجلل، إلا بعد أن استشار الصحابة، واكتسب موافقتهم، بل وظفر بمعاونتهم وتأييدهم وشكرهم.

روى أبو بكر الأنباري عن سويد بن غفلة قال: "سمعت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول: يا معشر الناس، اتقوا الله، وإياكم والغلو في عثمان، وقولكم: حراق مصاحف، فوالله ما حرقها إلا عن ملأ منا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم". وعن عمر بن سعيد قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لو كنت الوالي وقت عثمان، لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان - رضي الله عنه - وجزاه الله أحسن الجزاء على هذا الصنيع" [7].

فهذه شهادة ناصعة من علي - رضي الله عنه - بأن عثمان - رضي الله عنه - لم يفعل ذلك انفرادا برأيه أو استبدادا منه، أو استغلالا لمنصبه السياسي، بل فعله بموافقة جموع الصحابة.

ثالثا. تحققت في مصحف عثمان - رضي الله عنه - شروط الدقة والتوثيق، التي لم تتوافر لأي مصحف؛ مما حدا بالصحابة أن يجمعوا عليه ويحرقوا ما سواه:

وحول هذا الموقف يقول الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني: "بعد أن أتم عثمان - رضي الله عنه - نسخ المصاحف بالصورة السابقة، عمل على إرسالها وإنفاذها إلى الأقطار، وأمر أن يحرق كل ما عداها مما يخالفها، سواء كانت صحفا أم مصاحف؛ وذلك ليقطع عرق النزاع من ناحية، وليحمل المسلمين على الجادة في كتاب الله - عز وجل - من ناحية أخرى، فلا يأخذوا إلا بتلك المصاحف التي توافر فيها من المزايا ما لم يتوافر في غيرها.

وهذه المزايا هي:

  • الاقتصار على ما ثبت بالتواتر، دون ما كانت روايته آحادا.
  • إهمال ما نسخت تلاوته، ولم يستقر في العرضة الأخيرة.
  • ترتيب السور والآيات على الوجه المعروف الآن، بخلاف صحف أبي بكر - رضي الله عنه - فقد كانت مرتبة الآيات دون السور.
  • كتابتها بطريقة كانت تجمع وجوه القراءات المختلفة، والأحرف التي نزل عليها القرآن.
  • تجريدها من كل ما ليس قرآنا، كالذي كان يكتبه بعض الصحابة في مصاحفهم الخاصة؛ شرحا لمعنى أو بيانا لناسخ ومنسوخ أو نحو ذلك.

وقد استجاب الصحابة لعثمان - رضي الله عنه - فحرقوا مصاحفهم، واجتمعوا جميعا على المصاحف العثمانية. حتى عبد الله بن مسعود الذي نقل عنه أنه أنكر أولا مصاحف عثمان، وأنه أبى أن يحرق مصحفه - رجع وعاد إلى حظيرة الجماعة، حين ظهرت له مزايا تلك المصاحف العثمانية، واجتماع الأمة عليها وتوحيد الكلمة بها [8].

وعن مسألة جمع القرآن في مصحف واحد، أو جمع الناس على مصحف واحد يقول د. حلمي صابر: فهذا بلا شك من أعظم الأعمال التي قدمها عثمان - رضي الله عنه - للأمة، ولم يكن عثمانـ رضي الله عنه - أول من فعلها، فقد سبق وجمع القرآن في عهد أبي بكر - رضي الله عنه - ولم يعترض أحد على ذلك. وحينما قام عثمان - رضي الله عنه - بتحريق الصحف الأخرى التي في أيدي الصحابة، إنما كان ذلك من أجل توحيد الأمة على كتاب واحد، ولم يمانع الصحابة في ذلك، بل وافقه الجميع وأيدوه - رضي الله عنه - على هذا الجمع، وشكروا له - رضي الله عنه - هذا الصنيع. وهذا العمل كان من أبرز أعمال عثمان - رضي الله عنه - في سياسته الداخلية" [9].

فهل يجوز ذم الناس حيث أرادوا بفعلهم الإحسان والإصلاح والإفادة؟! وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!

الخلاصة:

  • رواية جمع عثمان - رضي الله عنه - الناس على مصحف واحد، وإحراق ما عداه مشهورة في كتب التاريخ والسير، ولا مجال إلى إنكارها.
  • لم يفرض عثمان - رضي الله عنه - مصحفه على الأمة الإسلامية مستغلا سلطته السياسية، ولكنه أحسن إلى الأمة وكتابها، حين تبلبلت ألسنتها واختلفت قراءتها، وتنازعت جماعتها، كل يزعم صواب قراءته، فجمعهم على مصحف واحد، ووحد قراءتهم، ففرحت الأمة جميعها بهذا العمل، وشكرت له صنيعه.
  • لم يكن عثمان - رضي الله عنه - مستبدا برأيه في جمعه للناس على مصحف واحد، ولم يصنع ما صنعه إلا بعد أن استشار كبار الصحابة فيه، فأيدوه وأثنوا عليه، بل ساعدوه في إجراء هذا الأمر الجلل على أكمل وجه، ولم يحرق المصاحف الأخرى المخالفة للمصحف الجامع إلا على ملأ منهم، فتلقت الأمة صنيعه هذا بالطاعة والشكر والعرفان.
  • لقد توافرت في مصحف الإمام شروط الدقة والتوثيق التي لم تتوافر لغيره من المصاحف؛ فاتبعه المسلمون ولم يختلفوا فيه.
  • يعد جمع عثمان - رضي الله عنه - الناس على مصحف واحد من أعظم الأعمال التي قدمها للأمة الإسلامية، فجزاه الله عنها وعن قرآنها خير الجزاء.

 

 

 

 (*) موقع الأرثوذوكس. www.quartols.org.lb

[1]. مباحث في علوم القرآن، مناع القطان، مكتبة وهبة، القاهرة، ط13، 1425هـ/ 2004 م، ص123.

[2]. مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط11، 1417هـ/ 1996م، ج1، ص213.

[3]. الكامل في التاريخ، ابن الأثير، دار الفكر، بيروت، د. ت، ج3، ص55، 56. وللمزيد انظر: مدخل إلى القرآن الكريم، محمد عبد الله دراز، ترجمة: محمد عبد العظيم علي، مراجعة: د. السيد محمد بدوي، دار القلم، الكويت، ط5، 1424هـ/ 2003م، ص40.

[4]. مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط11، 1417هـ/ 1996م، ج1، ص213.

[5]. مباحث في علوم القرآن، مناع القطان، مكتبة وهبة، القاهرة، ط13، 1425هـ/ 2004 م، ص125، 126.

[6]. مباحث في علوم القرآن، مناع القطان، مكتبة وهبة، القاهرة، ط13، 1425هـ/ 2004 م، ص126، 127.

[7]. مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط11، 1417هـ/ 1996م، ج1، ص216.

[8]. مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط11، 1417هـ/ 1996م، ص215، 216.

[9]. نظرات في تاريخ الخلفاء الراشدين، حلمي صابر، طبعة خاصة، 2001م، ص258.

  • الجمعة AM 12:20
    2020-10-23
  • 1255
Powered by: GateGold