المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 411849
يتصفح الموقع حاليا : 242

البحث

البحث

عرض المادة

ادعاء أن المسلمين قتلوا عددا من أسرى بدر؛ تعطشا منهم للدماء، وحبا للانتقام

                       ادعاء أن المسلمين قتلوا عددا من أسرى بدر؛ تعطشا منهم للدماء، وحبا للانتقام(*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض الطاعنين أن المسلمين قتلوا عددا من الأسرى بعد انتهاء غزوة بدر الكبرى؛ تعطشا منهم لإراقة الدماء، وحبا للانتقام من عدوهم، ويرمون من وراء ذلك إلى إظهار المسلمين بمظهر المتعطش إلى الدماء.

وجوه إبطال الشبهة:

1)  حكم الأسير في الإسلام: المن أو الفداء أو القتل، حسبما يرى الحاكم، وقد أمر الإسلام بحسن معاملته، وتجلى ذلك في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام.

2)  قبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الفداء في أسرى بدر، ومن على بعضهم دون مقابل، وجعل التعليم مقابل الفداء لآخرين، مما يؤكد سمو النظرة الإسلامية.

3)  لم يقتل الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أسرى بدر سوى رجلين، هما: عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وكان قتلهما قبل تقرير مصير الأسرى، كما كان هذا القتل واجبا من حيث وجهة الحرب، لا حقدا أو حبا للانتقام، فأين العدد الذي قتله المسلمون إذن؟!

4)  إذا كان هؤلاء يثيرون هذه الضجة على قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسيرين فقط، فهل نسوا ما وقع فيه أقوامهم بشأن الأسرى على مدى التاريخ في العديد من الجهات الإسلامية؟!

التفصيل:

أولا. للأسرى أحكام في الإسلام، وقد أمر الإسلام بحسن معاملتهم:

أسرى الحرب هم من الغنائم، وهم على قسمين: الأول: النساء والصبيان، والثاني: الرجال البالغون المقاتلون من الكفار، إذا ظفر المسلمون بهم أحياء، وقد جعل الإسلام الحق للحاكم في أن يفعل بالرجال المقاتلين، إذا ظفر بهم ووقعوا أسرى، ما هو الأنفع والأصلح، من المن أو الفداء أو القتل. والمن هو إطلاق سراحهم بلا مقابل، والفداء قد يكون بالمال، وقد يكون بأسرى المسلمين. على أنه يجوز للإمام مع ذلك أن يقتل الأسير إذا كانت المصلحة تقتضي قتله.

وممن ذهب إلى هذا جمهور العلماء، فقالوا: للإمام الحق في أحد الأمور الثلاثة المتقدمة، وقال الحسن وعطاء: لا يقتل الأسير، بل يمن عليه أو يفادى به، وقال الزهري ومجاهد وطائفة من العلماء: لا يجوز أخذ الفداء من أسرى الكفار أصلا، وقال مالك: لا يجوز المن بغير فداء، وقال الأحناف: لا يجوز المن أصلا، لا بفداء ولا بغيره([1]). وقد عامل الإسلام الأسرى معاملة إنسانية رحيمة؛ فهو يدعو إلى إكرامهم والإحسان إليهم، ويمدح الذين يبرونهم، ويثني عليهم الثناء الجميل، يقول الله سبحانه وتعالى: )ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا (8) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا (9)( (الإنسان).

ويروي أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«فكوا العاني - يعني الأسير - وأطعموا الجائع وعودوا المريض»([2]).

ويذكر «أن ثمامة بن أثال وقع أسيرا في أيدي المسلمين، فجاءوا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعاه إلى الإسلام فأبى، وقال له: إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت. فمن عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأطلق سراحه بدون فداء»، فكان ذلك من أسباب دخوله في الإسلام([3]).

وقد جاء في شأن أسرى غزوة بني المصطلق، وكان من بينهم جويرية بنت الحارث: أن أباها الحارث بن أبي ضرار حضر إلى المدينة، ومعه كثير من الإبل، ليفتدي بها ابنته، وفي وادي العقيق قبل المدينة بأميال أخفى اثنين من الجمال أعجباه في شعب بالجبل، فلما دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: يا محمد، أصبتم ابنتي، وهذا فداؤها، فقال صلى الله عليه وسلم: "فأين البعيران اللذان غيبتهما بالعقيق في شعب كذا"؟ فقال الحارث: أشهد ألا إله إلا الله، وأنك رسول الله، والله ما أطلعك على ذلك إلا الله، وأسلم الحارث وابنان له([4]).

وأسلمت ابنته أيضا، فخطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبيها وتزوجها، فقال الناس: «أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسلوا ما بأيديهم»([5]) ([6]).

وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه في أسرى بني قريظة بعدما احترق النهار في يوم صائف: "أحسنوا إسارهم وقيلوهم واسقوهم". وقال: "لا تجمعوا عليهم حر هذا اليوم وحر السلاح"([7]).

ثانيا. قبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الفداء في أسرى بدر، ومن على بعضهم دون مقابل، وجعل التعليم مقابل الفداء لآخرين:

قال ابن عباس رضي الله عنه:«... فلما أسروا الأسارى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: "ماترون في هؤلاء الأسارى"؟ فقال أبو بكر: يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ترى يا ابن الخطاب"؟ قال: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكن أرى أن تمكنا منهم فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان - نسيب لعمر - فأضرب عنقه؛ فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها([8])، فهوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت - الكلام لعمر - فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر قاعدان يبكيان، قلت: يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء، ولقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة" - شجرة قريبة من نبي الله محمد - صلى الله عليه وسلم - ـ وأنزل الله رضي الله عنه: )ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض( (الأنفال: ٦٧) إلى قوله: )فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم (69)( (الأنفال). فأحل الله الغنيمة لهم»([9]) ([10]).

وانطلاقا من هذه الرحمة، فقد جاءت الوصية بإكرام أسرى بدر، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فرقهم بين أصحابه وقال: "استوصوا بهم خيرا"، وهذه غاية الرحمة والإنسانية؛ إذ أوصى بأناس طالما عذبوه وأصحابه، وحاولوا فتنتهم عن دينهم، وقد نفذ الصحابة وصية رسول - صلى الله عليه وسلم - بأمانة، وكانوا سمحاء كرماء معهم، فهذا أبو عزيز بن عمير أخو مصعب بن عمير يقول: "كنت في رهط الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر، لوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها، فأستحيي فأردها، فيردها على ما يمسها"([11]). وكان في الأسرى سهيل بن عمرو، وكان خطيبا مصقعا([12])، فقال عمر: يا رسول الله، انزع ثنيتي([13]) سهيل بن عمرو يدلع لسانه([14])، فلا يقوم خطيبا عليك في موطن أبدا، بيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفض هذا الطلب؛ احترازا عن المثلة([15])، وعن بطش الله - عز وجل - يوم القيامة([16]).

وهذا أبو العاص بن الربيع يحدثنا، قال: "كنت في رهط من الأنصار جزاهم الله خيرا، كنا إذا تعشينا أو تغدينا آثروني بالخبز وأكلوا التمر، والخبز معهم قليل، والتمر زادهم حتي إن الرجل لتقع في يده كسرة فيدفعها إلى. وكان الوليد بن الوليد بن المغيرة يقول مثل ذلك ويزيد، وكانوا يحملوننا ويمشون".

كان هذا الخلق الرحيم الذي وضع أساسه القرآن الكريم في ثنائه على المؤمنين، وذكر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فاتخذوه خلقا، وكان لهم طبيعة - قد أثر في إسراع مجموعة من أشراف الأسرى وأفاضلهم إلى الإسلام، فأسلم أبو عزيز عقيب بدر بعيد وصول الأسرى إلى المدينة وتنفيذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلم معه السائب بن عبيد بعد أن فدى نفسه، فقد سرت دعوة الإسلام إلى قلوبهم وطهرت نفوسهم، وعاد الأسرى إلى بلادهم وأهليهم، يتحدثون عن محمد - صلى الله عليه وسلم - ومكارم أخلاقه وعن محبته وسماحته، وعن دعوته وما فيها من البر والتقوى، والإصلاح والخير، إن هذه المعاملة الكريمة للأسرى شاهد على سمو الإسلام في المجال الأخلاقي؛ إذ نال أعداء الإسلام من معاملة الصحابة أعلى درجات مكارم الأخلاق، التي تتمثل في خلق الإيثار([17]).

ومما يؤكد لنا سمو النظرة الإسلامية أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد جعل التعليم مقابل الفداء لبعض الأسرى.

"قال ابن عباس: كان ناس من الأسارى يوم بدر ليس لهم فداء، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة، وبذلك شرع الأسرى يعلمون غلمان المدينة القراءة والكتابة، وكل من يعلم عشرة من الغلمان يفدي نفسه. وقبول النبي - صلى الله عليه وسلم - تعليم القراءة والكتابة بدل الفداء في ذلك الوقت الذي كانوا فيه بأشد الحاجة إلى المال يرينا سمو الإسلام في نظرته إلى العلم والمعرفة وإزالة الأمية، وليس هذا بعجيب من دين كان أول ما نزل من كتابه الكريم: )اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4)( (العلق)، واستفاضت فيه نصوص القرآن والسنة في الترغيب في العلم وبيان منزلة العلماء، وبهذا العمل الجليل يعتبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أول من وضع حجر الأساس في إزالة الأمية وإشاعة القراءة والكتابة، والسبق في هذا للإسلام"([18]).

ثالثا. لم يقتل الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أسرى بدر سوى أسيرين، وكان قتلهما واجبا من حيث وجهة الحرب:

إذا كانت معاملة المسلمين للأسرى قد حفتها الرحمة واللين، فإن للحزم وقته وموضعه، لذلك تعددت أساليبه وتنوعت طرقه - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع الأسرى، فإنه إذا كان قد قبل الفداء في بعضهم ومن على آخرين، فإنه أيضا قد قتل اثنين فقط منهم، هما: عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث.

وقد علا طنين المستشرقين والمبشرين لقتل هذين الأسيرين من بين سبعين أسيرا، وزعم أولئك تعطش الدين الجديد للدماء، وامتلاء قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحقد.. قالوا هذا وتغافلوا عما قام به هذان على وجه الخصوص، وتناسوا أن قتلهما كان في الطريق إلى المدينة؛ أي قبل تقرير مصير باقي الأسري.

"وقد كان هذان الرجلان من شر خلق الله، وأكثرهم كفرا وعنادا وبغيا وحسدا وإيذاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، وهجاء للإسلام وأهله، ولم يأمر النبي بقتل أحد من الأسرى غيرهما.

ذلك أنه لما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرجعه الصفراء([19]) عرض عليه الأسرى، فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى النضر نظرة رأى فيها الموت، فلما رأى ذلك قال لمصعب بن عمير - وكان أقرب من هناك به رحما -: كلم صاحبك أن يجعلني كرجل من أصحابه، فهو والله قاتلي إن لم تفعل، فقال مصعب: إنك كنت تقول في كتاب الله وفي نبيه كذا وكذا، وكنت تعذب أصحابه، فقال النضر: لو أسرتك قريش ما قتلتك أبدا وأنا حي، قال مصعب: والله إني لأراك صادقا، ثم إني لست مثلك، فقد قطع الإسلام العهود!

وكان النضر أسير المقداد بن الأسود، وكان يطمع أن ينال في فدائه مالا كثيرا، فلما هموا بقتله صاح: النضر أسيري، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب: "اضرب عنقه، واللهم أغن المقداد من فضلك"([20]).

أما عقبة بن أبي معيط فقد قتل بعرق الظبية([21])، ولما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتله قال: فمن للصبية يا محمد؟ قال: "النار"، ثم قال: أتقتلني من بين قريش؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم"، ثم التفت إلى أصحابه وقال: "أتدرون ما صنع هذا بي؟ جاء وأنا ساجد خلف المقام فوضع رجله علي عنقي، وغمزها، فما رفعها حتى ظننت أن عيني ستندران([22])، وجاء مرة بسلى شاة فألقاه على رأسي وأنا ساجد، فجاءت فاطمة فغسلته عن رأسي".

والقصة الثانية التي جاءت عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: «بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيكم إلى سلى جزور بني فلان فيأتي به، فإذا سجد النبي - صلى الله عليه وسلم ـوضعه بين كتفيه، قال: فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا قائم أنظر لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - ساجد ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة، فجاءت - وهي جويرية - فطرحته عنه، ثم أقبلت عليهم تشتمهم»([23]).

وقد كان قتل هذين الطاغيتين واجبا من حيث وجهة الحرب، فلم يكونا من الأسارى فحسب، بل كانا من مجرمي الحرب بالاصطلاح الحديث([24]). وبمقتل هذين المجرمين تعلم المسلمون أن بعض الطغاة العتاة المعادين لا مجال للتساهل معهم، فهم زعماء الشر وقادة الضلال، فلا هوداة معهم؛ لأنهم تجاوزوا حد العفو والصفح بأعمالهم الشنيعة([25]).

رابعا. هل نسي مثيرو الشبهة ما وقع فيه أقوامهم بشأن الأسرى على مدى التاريخ؟!

 لعل مقارنة سريعة بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وغيره من القادة على مر التاريخ بشأن معاملة الأسرى - تثبت لنا الفرق الشاسع بين تحضره - صلى الله عليه وسلم - وتسامحه وهمجية غيره، ولينه - صلى الله عليه وسلم - وغلظة غيره.

"لقد حل أسرى بدر ضيوفا على أهل المدينة أنصارا ومهاجرين، وراحوا يتلقون منهم الحفاوة والتكريم، بل بدأ المسلمون يتقربون إلى ربهم بإطعام اليتيم والمسكين، فلم يعاملوهم كأسرى في زنزانات الأسر المظلمة، ولم تعرف شريعتنا ألوان التعذيب وطرقه التي يستحدثها الصليبيون في العراق، ولم يحدث ما يسمع عنه العالم الآن في جوانتنامو، وما يشاهده في سجن أبي غريب مما تطبقه المدنية المعاصرة، وفي ظل معاهدات جنيف"([26]).

فما رأي هؤلاء في فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته رضي الله عنهم؟ ثم ما رأيهم فيما تقوم به الدول المتحضرة اليوم في الشرق والغرب، وما جري في الحربين العالميتين الأولى والثانية من قتل الأسارى قتلا جماعيا والتنكيل بهم تنكيلا جاوز حدود الإنسانية؟! فلماذا أغمضوا عن هذا عيونهم وأصموا آذانهم، وفتحوها لقتل أسيرين حفلت حياتهما بالمساوئ والجرائم تجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين؟! فأين هذا مما صنعه المسلمون مع الأسارى في بدر من الإحسان إليهم حسب وصية نبيهم لهم، حتى كانوا يؤثرونهم على أنفسهم بالطعام والشراب([27])؟!!

الخلاصة:

  • جعل الإسلام الحق للحاكم في أن يفعل بالأسرى ما هو الأنفع والأجدى من المن أو الفداء أو القتل إذا اقتضت المصلحة ذلك.
  • أوصى الإسلام بالأسرى خيرا وأمر بحسن معاملتهم، وقد انعكس هذا على سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته كما في أسرى بدر؛ إذ كانوا يؤثرونهم على أنفسهم بالطعام والشراب والمركب، وقد من الرسول - صلى الله عليه وسلم - على بعض الأسرى دون مقابل، وجعل فداء من يعرف الكتابة منهم أن يعلمها عشرة من المسلمين.
  • لم يقتل الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أسرى بدر سوى عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث، ولم يأمر بقتل أحد من الأسرى غيرهما، وكان قتلهما قبل تقرير مصير الأسرى، وكانا من شر عباد الله؛ فلا ينكر وجوب قتلهما - من حيث وجهة الحرب - منصف أو عاقل.
  • لم يعرف عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما نشاهده من الدول المتحضرة الآن من زنزانات الأسر المظلمة، وألوان التعذيب والإهانة، والقتل الجماعي للأسرى، ولم يكن لديه ما لدى هؤلاء من اتفاقيات الأسرى إلا شرع ربه - عز وجل - وحسن خلقه وكمال عدله صلى الله عليه وسلم.

 

 

 

(*) بلاد العرب، ديفيد جورج هوجارث، ترجمة محمد حسن، دار الأهرام، القاهرة.

[1]. فقه السنة، السيد السابق، دار الفتح للإعلام العربي، القاهرة، ط2، 1419هـ/ 1999م، ج3، ص426، 427 بتصرف.

[2]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب فكاك الأسير (2881)، وفي مواضع أخرى.

[3]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال (4114)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه (4688).

[4]. أسد الغابة، ابن الأثير، دار الفكر، ج1، ص400.

[5]. إسناده صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة رضي الله عنها (26408)، وأبو داود في سننه، كتاب العتق، باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة (3933)، وصحح إسناده الألباني في الإرواء (1212).

[6]. أسد الغابة، ابن الأثير، دار الفكر، ج3، ص428، 429.

[7]. سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، محمد بن يوسف الصالحي، دار الكتاب المصري، القاهرة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1410هـ/1990م، ج5، ص24. الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت، ط4، 1414هـ/ 1993م، ج4، ص198.

[8]. الصناديد: جمع صنديد، وهو كل عظيم شريف أو رئيس متغلب.

[9]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ج2، ص57، 58.

[10]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم (4687).

[11]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ج2، ص153.

[12]. المصقع: البليغ الذي يتفنن في القول، ولا يتعتع فيه.

[13]. الثنية: السنة الثانية في مقدم الفم يمينا أو شمالا.

[14]. يدلع لسانه: يخرجه.

[15]. المثلة: التشنيع في العقوبة والتنكيل.

[16]. الرحيق المختوم، المباركفوري، دار المؤيد، الرياض، 1418هـ/ 1998م، ص230.

[17]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ج2، ص62.

[18]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ص67، 68، وانظر: السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ج2، ص164، 165.

[19]. وادي الصفراء: وهو واد كثير النخل والزرع والخير من ناحية المدينة.

[20]. أخرجه ابن زنجويه في الأموال، كتاب فتوح الأرضين وسننها وأحكامها، باب ما أمر به من قتل الأسارى (418)، وأبو داود في المراسيل، باب في فضل الجهاد، قتل يوم بدر ثلاثة رهط من قريش صبرا (315).

[21]. عرق الظبية: وهو مكان بين مكة والمدينة.

[22]. ستندران: ستخرجان من مكانهما.

[23]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء، باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيف لم تفسد عليه صلاته (237)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي من أذى المشركين والمنافقين (4750)، واللفظ له.

[24]. الرحيق المختوم، المباركفوري، دار المؤيد، الرياض، 1418هـ/ 1998م، ص228.

[25]. السيرة النبوية، د. علي محمد محمد الصلابي، دار الفجر للتراث، القاهرة، ط1، 1424هـ/2003م، ج2، ص61.

[26]. الرد على القس بوش، د. عبد الرحمن جيرة، دار المحدثين، القاهرة، ط2، 1427هـ/ 2006م، ص287، 288 بتصرف.

[27]. انظر: السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/ 2006م، ج2، ص168.

  • الخميس AM 12:48
    2020-10-22
  • 1211
Powered by: GateGold