المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412493
يتصفح الموقع حاليا : 376

البحث

البحث

عرض المادة

العلمانيون العرب والغرب2

إن ضرب التيار الإسلامي أعظم خدمة يقدمها العلمانيون للصهيونية خصوصا وللمشروع الغربي عموما. وخصوصا بعد سقوط الشيوعية حيث أصبح الغرب يرى المواجهة القادمة والخطر الداهم هو الإسلام (1).وهذا الرئيس الأمريكي السابق نيكسون يصرح في كتابه الفرصة السانحة بوجوب دعم التيار العلماني ضد الأصولية الإسلامية (2).وهذا محمد أركون نفسه يصرح بما يلي: ومن جهة أخرى نلاحظ أنه بعد أن ركز جهوده على النضال ضد المعسكر الشيوعي ودحره، فإن الغرب جعل من استئصال الإرهاب الأصولي الإسلاموي (3) أولويته الأولى الجديدة (4).وكتبت ما رجريت تاتشر رئيسة وزراء انجلترا السابقة عن تحدي الإرهاب الإسلامي الفريد الذي لا يقف عند أسامة بن لادن، بل يشمل حتى الذين أدانوا هجمات الحادي عشر من سبتمبر. . على أمريكا، والذين انتقدوا بشدة أسامة بن لادن وطالبان، لكنهم يرفضون القيم الغربية وتتعارض مصالحهم مع مصالح الغرب، وتصفهم بأنهم أعداء أمريكا وأعداؤها وتشبههم بالشيوعية، وتدعو الغرب إلى معاملتهم كما عامل الشيوعية (1).وكثيرا ما تتستر العلمانية الغربية في صورة دعم البحث العلمي لتحريك عملائها في داخل المنطقة لإنجاز بحوث تحت الطلب.ولا بأس أن أشير هنا إلى علماني سوداني اسمه عبد الله أحمد النعيم الذي أصدر مؤخرا كتابا ضخما حول العلمانية، سماه: الإسلام وعلمانية الدولة، أعانه فيه فريق من 23 فردا من دول العالم المختلفة، وتبنته مؤسسة فورد الأمريكية، ودعمه مركز دراسة القانون والدين بكلية القانون بجامعة إموري الأمريكية.ومع هذا فكتابه مليء بالأخطاء العلمية، طافح بالمغالطات الفجة، فتأمل مثلا قوله: والحقيقة هي أن مسألة الدولة الإسلامية ما هي إلا خطاب مستحدث مع الحكم الاستعماري الأوروبي للبلاد الإسلامية، لأنها قائمة على نموذج أوروبي للدولة (34). مع أن هذه هي صفة العلمانية، بدلالة حجج التاريخ الدامغة وبإقرار عدد من إخوانه العلمانيين الغربيين والعرب، ولما جاء الاستعمار ألغى حكم الشريعة التي كانت تحكم بها الدول الإسلامية وفرض العلمانية. هذا منطق التاريخ. ولكن هكذا أرادت مؤسسة فورد.ثم اقرأ معي هذه المغالطة المكشوفة الأخرى وفي نفس الصفحة (34): فإن السبب الآخر للحرص على حياد الدولة تجاه الدين هو أن ذلك شرط ضروري لإذعان المسلمين لأحكام الشريعة الإسلامية، وتطبيقها كالتزام ديني،وليس خضوعا لإرادة الدولة، فالتزام أحكام الشريعة يجب أن يقوم على النية الخالصة، وهذا لا يستقيم مع الإرغام الجبري للأفراد من جانب الدولة ...بهذه السذاجة في التفكير والضحالة في التنظير يكتب، ولا أظنني بحاجة إلى التعليق على هذا الهراء الفارغ الذي مولته مؤسسة فورد، ودعمه مركز عمل فيه 23 فردا فيهم مجموعة من المراجعين.إن التخبط الذي يعيشه التيار العلماني يجعله يبحث عن أي شيء ولو كان تافها جدا، المهم لا للإسلام.والكتاب كله مليء بالمغالطات والمهاترات بل هو نسخة كربونية لآراء المستشرقين مع تعديلات إسلامية إن صح التعبير، وهوامش الكتاب خير دليل على ذلك. فكل مراجعه أجنبية أو على أقل تقدير 99% منها أجنبية، إلا الفصل السابع، والسبب فيه أنه حرره له مجموعة من السودانيين، فالرجل محرَّك لا مبدع، ومسيَّر لا ناقد، والسلام.ولهذا فيستحيل أن يقال إن البحث العلمي بمنأى عن التوجيه والتأثير، بل حتى في الغرب لا يتمتع البحث العلمي باستقلالية كافية عن السلطات السياسية، كما يقول محمد أركون نفسه (1).وكان البحث العلمي للمستشرقين في الفترة ما قبل الاستعمار وبعده بقليل منصب على فهم الأوضاع والعقليات السائدة والذهنيات المسيطرة لتسهل السيطرة عليها.وكان القرن التاسع عشر قد امتلأ بالإداريين والعسكريين والباحثين المحكومين بالرؤيا الاستعمارية كما يؤكد أركون دائما (1).ولهذا فغالب رواد العلمانيين مدينون للغرب بالتكوين والتوجيه، بدءا برفاعة الطهطاوي ومرورا بطه حسين خريج الأزهر ثم السربون، وعلي عبد الرازق الذي تابع تحصيله في أوكسفورد، وحسن حنفي ابن السربون (2). وكذا أركون الذي قال عن نفسه وعن محمد الطالبي وهشام جعيط والجابري ومحمد قبلي وعبد الله العروي: إننا جميعا مدينون للجامعة الفرنسية بتكويننا العلمي (3).وبيَّن تلميذ أركون ومترجمه هاشم صالح أنهم درسوا في الجامعات الفرنسية وتشكلوا علميا أو إبستمولوجيا من خلال الحداثة المنهجية الفرنسية. هكذا قال (4).وقضى زكي نجيب محمود 4 سنوات في انجلترا للدراسة (5).وأقر حسن حنفي في التراث والتجديد (30) أن أكثر العلمانيين تربطهم بأوروبا أوشاج ثقافية أو دينية، وأنهم تربوا في مدارس غربية خاصة.وكذا فعل محمد الشيخ في «ما معنى أن يكون المرء حداثيا»، فيه (126) إحالة إلى مصادره، 99% منها أجنبية.وعلى امتداد صفحات كتب أركون لا تراه يحيل إلا على المصادر الأجنبية، حتى لبيان أبحاث في مسائل من صلب تاريخنا وفقهنا الإسلامي. ولهذا تعجب أنه لما سرد مراجعه في آخر كتابه الأنسنة والإسلام لم يذكر إلا الكتب الغربية فهي عنده مصدر العلم والبحث والنقد. وأما كتب أهل الإسلام فهي مجال للدراسة لا مرجعا للبحث.ويتعلق هاشم صالح وإخوانه بفلاسفة الغرب تعلقا مُريديَّا كتعلق مريدي الطرق الصوفية بشيوخهم. قال هاشم صالح: من هنا تركيزي على مفكري عصر النهضة والتنوير الأوروبي الذين أتعلق بهم وبأفكارهم وطروحاتهم كخشبة خلاص تنقذني من الظلام اللاهوتي المرعب الذي يلف طفولتي ويلف العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه أيضا في هذه اللحظة. فعند هؤلاء المفكرين النهضويين أو التنويريين أجد ضالتي، أجد نفسي، بهجتي، أفقي المنفتح، بهم أستعين لكي أزيح الكابوس الأخطبوطي المرعب عن حياتي ووجودي (1).فالرجل كان يعاني من أزمة نفسية حادة، ظهرت آثارها في كتاباته، أكثر مما هو يمارس التفكير والبحث العلمي.أو لنقل إنه يمارس التلوين الإيديولوجي النفعي.
العلمانيون العرب والانبهار بالمستشرقين.تقدم معنا أن كتابات العلمانيين العرب لا تعدو أن تكون صدى شاحبا وباهتا للغاية للفكر الغربي والفلسفة الغربية وكتابات المستشرقين بالذات. أو على حد تعبير العلماني اللبناني علي حرب: الخطاب العربي الحديث الذي هو صدى خافت أو صورة مشوهة عن الخطاب الغربي (1).ولهذا حظي عندهم المستشرقون بالتقدير والتبجيل، وقد أخذ علينا أركون نحن المسلمين بأننا ننظر إلى ديننا وتاريخنا نظرة احتفالية تبجيلية، وفاته أن كتابات إخوانه المستشرقين تتميز بنظرة انتهازية احتقارية.يبدي أركون إعجابا كبيرا بالمستشرقين وأبحاثهم ويتحسر على المسلمين كيف رفضوا تلك الأبحاث ووقفوا منها موقفا عدائيا، ووصف كتب المستشرقين التي مُلِئت حقدا وطعنا في الإسلام بالأبحاث الاستشراقية القيمة (2).وقال عن العلماء المسلمين: يرفضون هذه الأبحاث العلمية والتاريخية للأساتذة المستشرقين الأكاديميين المتبحرين في العلم (3).واعتبر أن الغربيين هم الذين يقدمون البحوث التاريخية الرصينة عن التراث الإسلامي وليس المسلمين وتأسف مرارا لعدم ترجمة كتبهم عن الإسلام والنبي - صلى الله عليه وسلم - وعن القرآن (1). بل اعتبر مرة من العار ألا يترجم كتاب اللاهوت والمجتمع في العصور الأولى للإسلام لمستشرق ألماني (2).وحاول أن يضفي الشرعية على الاستشراق، فحور اسمه إلى الإسلامياتي. تاريخية الفكر العربي (203).فربطه بالإسلام ليكتسب شرعية ما، وبين مترجمه بإشرافه هاشم صالح (203) ذلك قائلا: يستخدم أركون عادة كلمة إسلامياتي Islamologie عوضا عن كلمة مستشرق المشحونة بالقيم السلبية والجدالية في الوعي العربي والإسلامي.ومما يثير الدهشة والاستغراب أن أركون تأسف مرارا في كتبه على مستشرقين لا ينقدون نقدا جذريا، بل كتبوا مقالات تبجيلية باردة تدافع عن الإسلام، وجعل هذا مؤسفا ومخيبا للآمال. الفكر الإسلامي (184).فلا يرضى أركون إلا على الحاقدين منهم، الذين همهم كما هو همه أيضا الإجهاز على الإسلام والقضاء على التدين عموما وإحلال العلمانية الغربية محله تحت ستار النقد التاريخي والدراسة الانتروبولوجية والسيميائية والدلالية للنص الديني.وانظر مثلا ما قاله عن برنارد لويس في تاريخية الفكر العربي (256).وكذا فعل تلميذه، بل بوقه هاشم صالح العلماني السوري ذو الأصول الشيعية، فقد أظهر في كتابه الإسلام والانغلاق اللاهوتي (21 - 22 - 28) إعجابا منقطع القرين بالمستشرقين، وأن من أراد أن يقرأ الدين الإسلامي وتاريخه فعليه بكتبهم وإلا فلن يفهم تراثه على حقيقته (1).وهكذا فعل خليل عبد الكريم في الأعمال الكاملة (201) فقد تهجم بعنف على كتاب غربيين دافعوا عن الإسلام بطريقة أو بأخرى كموريس بوكاي في كتابه: الثورة والقرآن والعلم، وروجيه جارودي في: وعود الإسلام، والفريد هوفمان في الإسلام هو البديل.

  • الاحد AM 09:16
    2015-12-27
  • 3762
Powered by: GateGold