المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409064
يتصفح الموقع حاليا : 234

البحث

البحث

عرض المادة

ماذا فعلت عائشة رضي الله عنها عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ؟؟

خالد الغيث
استشهد بعض المعاصرين في سردهم لخبر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم برواية فيها زيادة منكرة عند العلماء لأنها تحمل في طياتها إساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وللسيدة عائشة رضي الله عنها، حيث تتضمن اتهاماً لأم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- بأمر من أمور الجاهلية مثل: الولولة، والصراخ، واللطم، جزعاً لوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيما يلي نص الرواية:
بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يردد: (بل الرفيق الأعلى، بل الرفيق الأعلى) تقول - المراد عائشة - رضي الله عنها -: وهويرددها سقط رأسه على كتفي، ومات النبي صلى الله عليه وسلم وشخص بصره إلى السماء. فمن حمقي، وقلة عقلي أنزلت رأس النبي صلى الله عليه وسلم على وسادة، وأخذت أولول، وأصرخ، وألطم).
وهذه الزيادة المنكرة مردودة من عدة أوجه:
الوجه الأول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختر أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - من بين نسائه ليقضي عندها تلك السويعات التي بقيت له في الدنيا لحمقها وقلة عقلها، بل اختارها صلى الله عليه وسلم لفقهها، وعلمها، وحبه لها، رضوان الله عليها.
عن هشام بن عروة بن الزبير، عن أبيه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول: (أين أنا غداً؟) حرصاً على بيت عائشة، قالت عائشة: فلما كان يومي سكن) [رواه البخاري في صحيحه]، [سكن: أي سكت عن قول: أين أنا غداً].
وعن هشام، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد يقول: (أين أنا اليوم؟ أين أنا غداً؟) استبطاء ليوم عائشة. قالت: فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري) [رواه مسلم في صحيحه]. [سحري: أي صدري].
وهذا الفضل العظيم الذي خص الله - سبحانه وتعالى - به أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - جعل الإمام البخاري يخرّج بعض أحاديث مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته في باب فضل عائشة - رضي الله عنها - وكذلك فعل الإمام مسلم في صحيحه، وهذا من فقههما ودقة فهمهما، رحمهما الله.
وعن هشام، عن أبيه قال: (كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة. قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة، فقلن: يا أم سلمة، والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريد عائشة، فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث كان، أوحيث ما دار. قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم، قالت: فأعرض عني، فلما عاد إليّ ذكرت له ذلك، فأعرض عني، فلما كان الثالثة ذكرت له فقال: (يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها) [رواه البخاري في صحيحه].
وقد علق الذهبي على جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة بقوله: (وهذا الجواب منه دال على أن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها، وأن ذلك الأمر من أسباب حبه لها).
الوجه الثاني: إن حال عائشة - رضي الله عنها - مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاته لم يتصف بالحمق وقلة العقل، بل كان حالها حال الزوجة المؤمنة الصابرة الراضية بقضاء الله سبحانه وتعالى.
عن عائشة - رضي الله عنه - قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات، ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيد النبي صلى الله عليه وسلم عنه) [رواه البخاري في صحيحه].
وعن عروة بن الزبير، أن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهوصحيح يقول إنه: (لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يُحيا أويخيّر)، فلما اشتكى، وحضره القبض، ورأسه على فخذ عائشة، غشي عليه، فلما أفاق شخص بصره نحوسقف البيت، ثم قال: (اللهم في الرفيق الأعلى). فقلت: إذاً لا يختارنا، فعرفت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهوصحيح) [رواه البخاري في صحيحه].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (توفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي، وبين سحري ونحري، وكانت إحدانا تعوذه بدعاء إذا مرض، فذهبت أعوذه فرفع رأسه إلى السماء وقال: (في الرفيق الأعلى).
ومر عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده جريدة رطبة، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فظننت أن له بها حاجة، فأخذتها فمضغت رأسها ونفضتها فدفعتها إليه، فاستن بها كأحسن ما كان مستناً، ثم ناولنيها، فسقطت يده، أوسقط من يده، فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة) [رواه البخاري في صحيحه].
الوجه الثالث: إن عائشة - رضي الله عنها - لا يخفى عليها أن هذا الأمر من عمل الجاهلية، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوة الجاهلية) [رواه البخاري في صحيحه].
وهي من هي فقها وعلماً، وعن فقهها وعلمها يقول الذهبي - رحمه الله: (عائشة أم المؤمنين بنت الإمام الصديق الأكبر، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... القرشية التيمية، المكية، النبوية، أم المؤمنين، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، أفقه نساء الأمة على الإطلاق).
وقال أيضاً: (ولا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بل ولا في النساء مطلقاً، امرأة أعلم منها).
وقال عنها ابن كثير - رحمه الله: (ومن خصائصها أنها أعلم نساء النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي أعلم النساء على الإطلاق).
وقد شهد ببراءة السيدة عائشة - رضي الله عنها - من هذا العمل الذي هومن أعمال الجاهلية الصحابي الجليل قيس بن عاصم - رضي الله عنه - وهويوصي أبناءه عند وفاته، حيث قال: (يا بني خذوا عني فإنكم لن تأخذوا عن أحد هوأنصح لكم مني، لا تنوحوا علي، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُنح عليه، وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن النياحة) [الألباني، صحيح الأدب المفرد للبخاري. الألباني، صحيح سنن النسائي]. والشاهد هوقول هذا الصحابي الكريم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينح عليه.

  • الاحد PM 08:55
    2015-11-15
  • 13831
Powered by: GateGold