المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412566
يتصفح الموقع حاليا : 310

البحث

البحث

عرض المادة

هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة؟

ومثال الثاني حديث وفاة النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكره وفيه قول عائشة رضي الله عنهما: (فخرج وهوبين الرجلين تخطّ رجلاه في الأرض بين عبّاس بن عبد المطلب وبين رجل آخر، قال عبيد الله: فأخبرت عبد الله بالذي قالت عائشة، فقال لي عبد الله بن عباس: هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة؟ قال: قلت لا، قال ابن عباس: هوعليّ) إ. ه.
 
فهذه الرواية صحيحة لا غبار عليها فهي في (صحيح البخاري) (6/ 13 - 14)، وليس فيها ما يريح هذا الرافضي من الطعن بعائشة لكن وقعت لها زيادة فيها بعض ما يصبوإليه صاحبنا هذا، وقد أخرجها ابن سعد في (طبقاته) (2/ 29) وفيها قول ابن عباس: (أن عائشة لا تطيب له نفسا بخير) وعقّب عليها هذا الموسوي في (الهامش) (3/ 252) بثلاث مغالطات ..
الأولى: زعمه أن أصحاب السنن أخرجوها، وليس الأمر كذلك فليست هي عند أحد من أصحاب السنن، بل أخرجها ابن سعد في طبقاته، وكذلك الإمام أحمد في (مسنده) (6/ 34، 228) وأظنها أيضا في (مصنف عبد الرزاق) لكني لا أطوله الآن، والمهم أنها ليست عند أحد من أصحاب السنن، ووجودها عند من ذكرنا لا يعني أبدا قبولها فضلا عن تصحيحها كما سنبينه إن شاء الله.
 
الثانية: زعمه أن إسنادها صحيح على أساس أن رجالها كلهم حجج، وهذا أمر يحتاج الى تفصيل وبيان، إذ وثاقة رجال الإسناد وعدالتهم لا تكفي لوحدها في تصحيح الإسناد، فهي لا تعدوا كونها شرطا واحدا من شروط التصحيح، وهناك ثلاثة أخرى وهي اتصال الإسناد وانعدام الشذوذ وانعدام العلة، وبمجموع هذه الشروط فقط يمكن أن يصح الإسناد ويحتج به، وهذا أمر يغفل عنه من ليس من أهل هذه الصنعة ويظنون لجهلهم وقصور فهمهم أن مجرد عدالة الرواة تكفي لصحة الإسناد كما فعل المدعوعبد الحسين هذا، بخلاف ما قرره أهل العم بالحديث، انظر لذلك علم مصطلح الحديث، وهوالذي حققه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في مقدمته لصحيح الترغيب والترهيب (1/ 39 - 41)، ونقله الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي في مقدمة الجزء الأول من (المعجم الكبير) (ص5 - 11) وغير ذلك، وهوأمر لا ينازع فيه من له أدنى معرفة بعلم الحديث. وإذا كان كذلك فإن هذه الزيادة، أعني قول ابن عباس: (أن عائشة لا تطيب له نفسا بخير) شاذة غير صحيحة لتفرد معمر بن راشد ويونس بن يزيد الأيلي بها عن الزهري ولمخالفتهم لباقي من روى هذا الحديث عن الزهري وهم عقيل بن خالد عند البخاري (6/ 14)، ومسلم (1/ 312 - 313)، وشعيب بن أبي حمزة عند البخاري (1/ 61)، وسفيان بن عيينة عند الحميدي في (المسند) (233)، والامام أحمد (6/ 38)، وابن ماجة (1618)، ويعقوب بن عتبة عند ابن اسحق في (السيرة) - (سيرة ابن هشام) (4/ 298) - والبيهقي في (الدلائل) (7/ 174) - وانظر (البداية والنهاية) (5/ 225) - وهؤلاء جميعا لم يذكروا هذه الزيادة. وللحديث طريق آخر عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة من غير طريق الزهري، رواه عنه موسى بن أبي عائشة وليس فيه هذه الزيادة أيضا، انظر (صحيح مسلم) (1/ 311 - 312)، (سنن النسائي) (2/ 11 - 12)، (سنن الدارمي) (1/ 287 - 288) وأظنه كذلك عند الإمام أحمد لكنّي لم أتمكن من العثور عليه. ومما يؤكد
عدم صحة هذه الزيادة وإنها وهم أن كلا من معمر ويونس قد رويا هذا الحديث أيضا بدون هذه الزيادة أي بما يوافق باقي الرواة عن الزهري، انظر (صحيح البخاري) (7/ 165) من رواية بشر بن محمد أخبرنا عبد الله - يعني ابن مبارك- أخبرنا معمر ويونس، وليس فيه هذه الزيادة، وأخرج مسلم ذلك أيضا بدون الزيادة عن معمر وحده (1/ 312).
فهذه الزيادة إذا غير صحيحة، لا يمكن قبولها واعتبارها زيادة ثقة لأمرين … أولا لمخالفة معمر ويونس بروايتها باقي الرواة عن الزهري وفيهم من هوأوثق منهم في الزهري كابن عيينة، مع أن لهما رواية عن الزهري بغير هذه الزيادة أي بموافقة باقي الرواة ولا شك أنها أولى بالقبول من تلك. ثانيا: لحال كل من معمر ويونس مقارنة بباقي الرواة عن الزهري، فيونس بن يزيد الأيلي قال عنهمالحافظ في (التقريب): (ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا وفي غير الزهري خطأ) إ. ه. ولقد استنكر له الإمام أحمد بعض الأحاديث كما في (الميزان). أما معمر بن راشد فقد قال فيه الحافظ في (التقريب): (ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئا، وكذا فيما حدث به في البصرة) وقال الذهبي في (الميزان): (له أوهام معروفة) ونقل قول أبي حاتم عنه: (صالح الحديث، وما حدث به في البصرة ففيه أغاليط) إ. ه. قلت: وهذا - والله أعلم - مما حدث به بالبصرة بقرينة أن من الرواة عنه هنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى كما في (المسند) (6/ 34) وهومن أهل البصرة.
وعلى أية حال فإن مجرد مخالفة معمر لباقي الرواة عن الزهري كاف في ردّ هذه الزيادة خصوصا إذا انضم الى ذلك أن له رواية يوافقهم فيها ولا شك أنها كما قلنا أولى بالقبول وتبين ما وقع من الوهم في الأخرى.
وهذا هوالذي يمليه علينا المنهج الحديثي الدقيق لدراسة الأحاديث والأسانيد واتباع الحجج والبراهين في كل ذلك، وهوالعلم الدقيق الذي خفي على مثل المدعوعبد الحسين هذا، فراح يتهم البخاري - رحمه الله - بتعمد تركها واقتطاعها وهوالأمر الذي نعنيه بالمغالطة الآتية:
 
الثالثة: وهوهذا الاتهام الباطل للإمام البخاري بتعمد القطع من النص، مع أن هذا المدعوعبد الحسين من أكثر الناس فعلا لذلك كما مرت بنا أمثلة كثيرة جدا من فعله هذا، ولهذا السبب هويظن بالناس أنهم يفعلون فعله كشأن كل صاحب عيب ونقص.
ولا أظن بعد كل ما بيناه من العلة في تلك الزيادة أن يبقى الغموض في موقف الإمام البخاري وعدم إخراجه لهذه الزيادة، فليس ذلك إلا لشدة تحريه للصحة ولدقة علمه ومعرفته بالعلل الموجبة لضعف الحديث مع وثاقة رواته.
ثم ليعلم أن البخاري إمام من أئمة الحديث، وكتابه عند أهل السنة أصح الكتب بعد القرآن الكريم، فطعن هذا المطعون به عبد الحسين بالإمام البخاري لا يفيد أهل السنة إلا افتضاح بغض هذا الموسوي وشيعته لأئمة السنة، فإن كان يريد إقامة الحجة عليهم فبأئمتهم وكتبهم لا أن يطعن بها لعدم عثوره فيها على ما يؤيد باطله وزعمه، أليس هذا من مقتضى الإنصاف؟
أما مثال الأول، وهي الأخبار الواهية الضعيفة التي لا يحتج بها فهوما روي عن عطاء بن يسار قال: جاء رجل فوقع في علي وفي عمار عند عائشة فقالت: أما علي فلست قائلة لك فيه شيئا، وأما عمار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه:
(لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما) أ. ه. أخرجه الإمام أحمد (6/ 113) من طريق حبيب بن أبي ثابت عن عطاء بن يسار ..
وحبيب هذا قال عنهم الحافظ في (التقريب): (كان كثير الإرسال والتدليس) وقد عنعنه هنا ولم يصرح بالسماع كما ترى مما يمنع من صحته قطعا، وذكر حبيب هذا الحافظ في (طبقات المدلسين) (برقم 69) ضمن المرتبة الثالثة التي قال عنها قي المقدمة (ص13): (من أكثر من التدليس فلم يحتجّ الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع) قلت: وهوأمر منتف هنا كما ترى، وبين الحافظ هناك تدليسه أيضا فقال (ص38): (ونقل أبوبكر بن عياش عن الأعمش عنه - يعني عن حبيب - أنه كان يقول: لوأن رجلا حدثني عنكم ما باليت إن رويته عنك، يعني وأسقطه من الوسط) أ. ه. وهذا هوالمحذور في التدليس الذي يوجب رد الحديث. وفي ترجمته من (التهذيب) نقل الحافظ عن القطان قوله: (له غير حديث عن عطاء لا يتابع عليه وليست بمحفوظة) وأيضا: (قال العقيلي: وله عن عطاء أحاديث لا يتابع عليها) أ. ه. وهوالحال هنا تماما.
أما قول النبي صلى الله عليه وسلم عن عمار (ما خيّر بين أمرين إلا اختار أرشدهم) فهوصحيح من طرق أخرى، منها مثلا عند الإمام أحمد (1/ 445، 389)، والحاكم (3/ 388) عن ابن مسعود رضي الله عنه.
والمهم أن قول عائشة: (أما عليّ فلست قائلة فيه شيء) غير صحيح بل هوضعيف مردود، وقد أخرج هذا الحديث أيضا عن عائشة الترمذي (4/ 345)، و
ابن ماجه (148)، والحاكم (3/ 388) وليس فيه هذا القول مما يعزز عدم ثبوته ولله الحمد.
وبعد تبيين موقف السيدة عائشة رضي الله عنهما يتضح إن شاء الله ما في قول هذا المفتري عبد الحسين بعد ذلك من السفاهة والسخافة.

  • الثلاثاء AM 08:00
    2015-10-13
  • 3084
Powered by: GateGold