المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413393
يتصفح الموقع حاليا : 221

البحث

البحث

عرض المادة

الرد على شبهة رزية الخميس

رزية الخَمِيس

 

    فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: {لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، فقال بعضهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا. قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم}([1]).

وفي رواية مسلم أن القائل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد غلبه الوجع... إلخ هو عمر ا([2]).

وفي رواية أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {يوم الخميس وما يوم الخميس، اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً. فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي نزاع، فقالوا: ما شأنه؟ أَهَجَر، اسْتَفْهِمُوه، فذهبوا يردون عليه، فقال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه، وأوصاهم بثلاث، قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفود بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة، أو قال: فنسيتها}([3]).

فقالوا:  أن اختلاف الصحابة هذا هو الذي منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتابة الكتاب، وبالتالي حرم الأمة من العصمة من الضلالة، واستدل على ذلك بقول ابن عباس رضي الله عنهما: {إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ص وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب}.

أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن ينص على خلافة علي رضي الله عنه.

أن عمر هو الذي عارض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (إنه يهجر)، ثم قال: (عندكم القرآن)، (حسبنا كتاب الله). وأن تعليل أهل السنة بأن عمر قال ذلك شفقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقبله بسطاء العقول فضلاً عن العلماء.

أن الأكثرية الساحقة من الصحابة كانت على قول عمر ذلك، ولذلك رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم جدوى كتابة الكتاب، لأنه علم بأنهم لن يمتثلوه بعد موته.

أن الصحابة في هذه الحادثة تعدوا حدود رفع الأصوات إلى رميه ص بالهجر والهذيان.

ردود العلماء على هذه الشبهة:

§   أما اختلافهم فثابت، وقد كان سببه اختلاف في فهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم، ومراده لا عصيانه. قال القرطبي رحمه الله: وسبب ذلك أن ذلك كله إنما حمل عليه الاجتهاد المسوغ، والقصد الصالح، وكل مجتهد مصيب، أو أحدهما مصيب، والآخر غير مأثوم بل مأجور كما قررناه في الأصول)‎([4]). ثم ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعنفهم ولا ذمهم بل قال للجميع: {دعوني فالذي أنا فيه خير}. وهذا نحو ما جرى لهم يوم الأحزاب حيث قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: {لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة}([5]) فتخوف ناس فوات الوقت، فصلوا دون بني قريظة، وقال آخرون: لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما عنف أحد الفريقين‎([6]).

§   وأما استدلالهم بقول ابن عباس: {ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب}، فلا حجة له فيه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معناه: (يقتضي أن الحائل كان رزية، وهو رزية في حق من شك في خلافة الصديق، واشتبه عليه الأمر، فإنه لو كان هناك كتاب لزال الشك، فأما من علم أن خلافته حق فلا رزية في حقه، ولله الحمد)‎([7]). ويوضح هذا أن ابن عباس رضي الله عنهما ما قال ذلك إلا بعد ظهور أهل الأهواء والبدع، من الخوارج وغيرهم. وأيضاً فقول ابن عباس هذا قاله اجتهاداً منه، وهو معارض بقول عمر واجتهاده، وقد كان عمر أفقه من ابن عباس قطعاً ‎([8]). بل هو معارض بقول عمر، وطائفة من الصحابة معه، كما جاء في الحديث: {فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك}([9]).‎ ويعضد هذا القول موافقة النبي صلى الله عليه وسلم له بعد ذلك وتركه كتابة الكتاب، فإنه صلى الله عليه وسلم لو أراد أن يكتب الكتاب ما استطاع أحد أن يمنعه، وقد ثبت أنه عاش بعد ذلك أياماً باتفاق المسلمين فلم يكتب شيئاً.

§   وأما القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك الكتاب أن ينص على خلافة علي رضي الله عنه فمردود من وجوه. فالإمامية يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على خلافة علي، ونصَّبه وصياً من بعده بأمر الله له قبل حادثة الكتاب. وقد نقل إجماعهم على هذه العقيدة المفيد حيث قال: (واتفقت الإمامية على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف أمير المؤمنين  في حياته، ونص عليه بالإمامة بعد وفاته، وأن من دفع ذلك دفع فرضاً من الدين)‎([10]). ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ومن توهم أن هذا الكتاب كان بخلافة علي فهو ضال باتفاق عامة الناس، من علماء السنة والشيعة، أما أهل السنة فمتفقون على تفضيل أبي بكر وتقديمه، وأما الشيعة القائلون بأن علياً كان هو المستحق للإمامة فيقولون: إنه قد نص على إمامته قبل ذلك نصاً جلياً ظاهراً معروفاً، وحينئذ فلم يكن يحتاج إلى كتاب)‎([11]). فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلمقد أراد من ذلك الكتاب النَّصَ على خلافة علي في ذلك الوقت المتأخر من حياته، دل هذا على عدم نصه عليها قبل ذلك، إذ لا معنى للنص عليها مرتين، وإذا ثبت باتفاق المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ولم يكتب ذلك الكتاب، بطلت دعوى الوصية من أصلها.

§   وإذا تقرر هذا: فليعلم أن العلماء اختلفوا في مراد النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الكتاب، فذهب بعضهم إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب كتاباً ينص فيه على الأحكام ليرتفع الاختلاف([12]). وقيل: إن مراده صلى الله عليه وسلم من الكتاب: بيان ما يرجعون إليه عند وقوع الفتن ([13]). وقيل: إن المراد بيان كيفية تدبير الملك، وهو إخراج المشركين من جزيرة العرب، وإجازة الوفد بنحو ما كان يجيزهم، وتجهيز جيش أسامة[14]). والذي عليه أكثر العلماء المحققين: أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن ينص على استخلاف أبي بكر ا ثم ترك ذلك اعتماداً على ما علمه من تقدير الله تعالى ([15]).  وقد استدل من قال بهذا القول بما جاء في الصحيحين من حديث عائشة ل قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ادعي لي أبا بكر وأخاك، حتى أكتب كتاباً، فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر}‎([16]).

§   لم يثبت أن عمر رضي الله عنه قال : إنه يهجر، وإنما قالها بعض من حضر الحادثة من غير أن تعين الروايات الواردة في الصحيحين وإنما الثابت فيها {فقالوا: ما شأنه أهجر}، هكذا بصيغة الجمع دون الإفراد. ولهذا أنكر بعض العلماء أن تكون هذه اللفظة من كلام عمر.  قال ابن حجر رحمه الله: (ويظهر لي أن قائل ذلك بعض من قرب دخوله في الإسلام، وكان يعهد أن من اشتد عليه الوجع، قد يشتغل به عن تحرير ما يريد)([17]). ثم أن هذه اللفظة لا مطعن فيها على عمر إن ثبتت عنه، ولا الصحابة. وذلك من عدة وجوه: الأول: أن الثابت الصحيح من هذه اللفظة أنها وردت بصيغة الاستفهام هكذا (أهجر؟) وهذا بخلاف ما جاء في بعض الروايات بلفظ: (هجر، ويهجر) وتمسك به الطاعنون فإنه مرجوح على ما حقق ذلك المحدثون ([18]) فقد نصوا على أن الاستفهام هنا جاء على سبيل الإنكار على من قال: (لا تكتبوا) ‎([19]). الثاني: أنه على فرض صحة رواية (هجر) من غير استفهام، فلا مطعن فيها على قائلها، لأن الهجر في اللغة يأتي على قسمين: قسم لا نزاع في عروضه للأنبياء، وهو عدم تبيين الكلام لبحّة الصوت، وغلبة اليبس بالحرارة على اللسان، كما في الحميات الحارة، وقسم آخر: وهو جريان الكلام غير المنتظم، أو المخالف للمقصود على اللسان لعارض بسبب الحميات المحرقة في الأكثر. وهذا القسم محل اختلاف بين العلماء في عروضه للأنبياء، فلعل القائل هنا أراد القسم الأول، وهو أنا لم نفهم كلامه بسبب ضعف ناطقته، ويدل على هذا قوله بعد ذلك: «استفهموه»‎([20]). الثالث: أنه يحتمل أن تكون هذه اللفظة صدرت عن قائلها عن دَهَشٍ وحَيْرةٍ أصابته في ذلك المقام العظيم، والمصاب الجسيم، كما قد أصاب عمر وغيره عند موت النبي صلى الله عليه وسلم‎‎([21]). الرابع: أن هذه اللفظة صدرت بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبارأصحابه، فلم ينكروا على قائلها، ولم يؤثموه، فدل على أنه معذور على كل حال.

§   وأما الادعاء من معارضة عمر رضي الله عنهلرسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: {عندكم كتاب الله، حسبنا كتاب الله} وأنه لم يمتثل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أراد من كتابة الكتاب: فالرد عليه:  الوجه الأول: أنه ظهر لعمر رضي الله عنه ومن كان على رأيه من الصحابة، أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة الكتاب ليس على الوجوب، وأنه من باب الإرشاد إلى الأصلح ([22]) . ثم إنه قد ثبت بعد هذا صحة اجتهاد عمر رضي الله عنه وذلك بترك الرسول صلى الله عليه وسلم كتابة الكتاب، ولو كان واجباً لم يتركه لاختلافهم، لأنه لم يترك التبليغ لمخالفة من خالف.ولهذا عد هذا من موافقات عمرا ‎‎([23]). الوجه الثاني: أن قول عمر رضي الله عنه: (حسبنا كتاب الله) رد على من نازعه لا على أمر النبي صلى الله عليه وسلم([24])، وهذا ظاهر من قوله: (عندكم كتاب الله) فإن المخاطب جمع وهم المخالفون لعمر صلى الله عليه وسلم في رأيه.  الوجه الثالث: أن عمر رضي الله عنه قد رأى أن الأولى ترك كتابة الكتاب -بعد أن تقرر عنده أن الأمر به ليس على الوجوب- وذلك لمصلحة شرعية راجحة للعلماء في توجيهها أقوال. فقيل: شفقته على رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يلحقه من كتابة الكتاب مع شدة المرض، ويشهد لهذا قوله: {إن رسول الله ص قد غلبه الوجع} فكره أن يتكلف رسول الله ص ما يشق ويثقل عليه([25]) مع استحضاره قوله تعالى: مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ [الأنعام : 38]، وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ ... [النحل : 89]. وقيل: إنه خشى تطرق المنافقين، ومن في قلبه مرض، لما كتب في ذلك الكتاب في الخلوة، وأن يتقولوا في ذلك الأقاويل ([26]). ولا يبعد أن يكون عمر رضي الله عنه لاحظ هذه الأمور كلها، أوكان لاجتهاده وجوه أخرى لم يطلع عليها العلماء، كما خفيت قبل ذلك على من كان خالفه من الصحابة، ووافقه عليها الرسول صلى الله عليه وسلم بتركه كتابة الكتاب، ولهذا عد العلماء هذه الحادثة من دلائل فقهه ودقة نظره.  الوجه الرابع: أن عمر رضي الله عنه كان مجتهداً في موقفه من كتابة الكتاب، والمجتهد في الدين معذور على كل حال، بل مأجور لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر}([27])، فكيف وقد كان اجتهاد عمر بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يؤثمه، ولم يذمه به، بل وافقه على ما أراد من ترك كتابة الكتاب.

§   وأما القول: إن الأكثرية الساحقة كانت على قول عمر، ولذلك رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم جدوى كتابة الكتاب، لأنه علم بأنهم لن يمتثلوه بعد موته. فجوابه: أن الرسول صلى الله عليه وسلممأمور بالتبليغ سواء استجاب الناس أم لم يستجيبوا، قال تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ... [الشورى : 48]، وقال تعالى: فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ [النحل : 82] فلو كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بكتابة الكتاب، ما كان ليتركه لعدم استجابة أصحابه، كما أنه لم يترك الدعوة في بداية عهدها لمعارضة قومه وشدة أذيتهم له، بل بلَّغ ما أُمر به، وما ثناه ذلك عن دعوته، حتى هلك من هلك عن بينة، وحيا من حيي عن بينة.  فظهر بهذا أن كتابة الكتاب لم تكن واجبة عليه، وإلا ما تركها ([28]).

§   إن علياً رضي الله عنه كان حاضراً  في هذه الحادثة؟ فلماذا لم يكتب؟ لماذا لم يذهب ويأت بالدواة والقلم ويكتب؟ وهل كان علي مع الذين منعوا أو مع الذين لم يمنعوا؟!.

 

 

([1]) رواه البخاري (4432).

([2]) صحيح مسلم برقم (1637).

([3]) رواه البخاري برقم (4431)، ومسلم برقم (1637).

([4]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي (4/559).

([5]) رواه البخاري برقم (946)، ومسلم برقم (1770).

([6]) المفهم (4/559).

([7]) منهاج السنة (6/25. 9).  

([8]) انظر: فتح البارى (8/134).

([9]) سبق تخريجه.

([10]) أوائل المقالات (ص:44).

([11]) منهاج السنة (6/25).

([12]) شرح صحيح مسلم للنووي (11/90)، وفتح الباري لابن حجر (1/209).

([13]) المفهم (4/558).

([14]) مختصر التحفة الإثني عشرية (ص:251).

([15]) شرح صحيح مسلم للنووي (11/90) ، المفهم (4/558) ، منهاج السنة (6/23- 24- 316) ، الصارم الحديد في عنق صاحب سلاسل الحديد (2/48) ،الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/890).

([16]) رواه مسلم برقم (2387)، وروى البخاري - مع اختلاف في اللفظ- برقم (7217).

([17]) فتح الباري (8/133).

([18]) الشفا (2/886) ،المفهم (4/559) ،شرح صحيح مسلم (11/93) ، فتح الباري (8/133).

([19]) المفهم (4/559).

([20]) مختصر التحفة الإثني عشرية (ص:250).

([21]) المفهم (4/560).

([22]) الشفا (2/887)، والمفهم (2/559)، وشرح صحيح مسلم (11/91)، وفتح الباري (1/209).

([23]) فتح الباري لابن حجر (1/209).

([24]) نص عليه النووي في شرح صحيح مسلم (11/93).

([25]) الشفا للقاضي عياض (2/888)، وشرح صحيح مسلم للنووي (11/90)، وفتح الباري لابن حجر (1/209).

([26]) الشفا (2/889)، وشرح صحيح مسلم للنووي (2/92).

([27]) رواه البخاري برقم (7352)، ومسلم برقم (1716).

([28]) منهاج السنة (6/315- 316)، وفتح الباري (1/209).

 

 

  • الاربعاء AM 01:31
    2015-09-16
  • 15879
Powered by: GateGold