المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413266
يتصفح الموقع حاليا : 310

البحث

البحث

عرض المادة

شبهة: التصريح للرجال بما يقبح ذكره، مما جرى بينها وبين الرسول صلى الله عليه وسلم

قال مرتضى الحسيني لسوء سريرته (باب) أن عائشة تحدث الرجال بما جرى بينها وبين النَّبي صلَّى الله عليه وسلم، مما يقبح ذكره، كالتقبيل ومص اللسان، والإدخال بغير إنزال ، ونحو ذلك)[1]، استدل بأحاديث: ((إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل))[2]، وحديث: (( أنَّ عائشة سُئلت عن الرجل يجامع أهله ولا يُنزل الماء؟ فقالت: فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا منه جميعا))[3]، وحديث: ((كان يقبلها وهو صائم، ويمص لسانها))[4]، وحديث: ((ربما اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة، ولم أغتسل بعد، فجاءني فضممته إلى وأدفيته))[5]، وحديث عُمارة بن غراب أنَّ عمَّة له حدثته: ((آنها سألت عائشة، قالت: إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد. قالت: أخبرك بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل فمضى إلى مسجده قال أبو داود: تعني مسجد بيته - فلم ينصرف حتى غلبتني عيني، وأوجعه البرد، فقال: ادني مني. فقلتُ: إنِّي حائض، فقال: وإن، اكشفي عن فخذيك. فكشفت فخذي، فوضع خده وصدره على فخذي، وحنيت عليه حتّى دفئ و نام)[6].

ثم قال الشيعي: (والظاهر أنَّ العلة التي دعت عائشة إلى أن تُحدّث الرجال بما جرى بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم مما يقبح ذكره، أنها قد زعمت أنَّ كلَّ ذلك فضيلة لها ومنقبة، ولم تدر أنَّ جميع ذلك كله أمور عادية، وعادات بشرية، تجري بين كل نبي وزوجته من آدم إلى خاتم النبوة، ولم يُسمع إلى الآن أنَّ أحدا من أزواج الأنبياء السابقين، أو أحدا من أزواج نبينا محمد صلَّى الله عليه وسلم غير عائشة يُحدث بمثل ما حدثته عائشة مما يقبح ذكره، ولو كان مقصد عائشة من ذكر تلك الأمور بيان فعل المعصوم، نظرا إلى أن فعله حجة، لأمكنها بيان فعله دون أن تذكر أنه قد جرى ذلك الفعل بينها وبين النَّبي صلى الله عليه وسلم، وبالجملة قد أخطأ حدسها، وخاب ظنها)[7].

الجواب: أخطأ حدسك وخاب ظنك يا شيعي، ما ضعف من تلك الأحاديث فهذا رده، وما صح منها فإنَّ الله لا يستحي من الحقِّ، فإنَّ رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما من غسل؟ وعائشة جالسة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إني لأفعل ذلك أنا وهذه، ثمَّ نغتسل))[8]. فهل سيتهم الرافضي النبي صلى الله عليه وسلم في حيائه وأدبه- حاشاه صلى الله عليه وسلم أو في طرق التبليغ، أو أنه يكشف سر زوجته، إلى غير ذلك من سوء الظن ؟ قال النووي: ( فيه جواز ذكر مثل هذا بحضرة الزوجة، إذا ترتبت عليه مصلحة، ولم يحصل به أذى، وإنما قال النَّبي صلَّى الله عليه وسلم بهذه العبارة؛ ليكون أوقع في نفسه، وفيه أنَّ فعله صلى الله عليه وسلم للوجوب، ولولا ذلك لم يحصل جواب السائل)[9].

ومثله يقال عن عائشة رضي الله عنها، أي أنَّ الدافع لروايتها تلك الأحاديث تعليم المسلمين أمور طهارتهم، ولو تطلب التفصيل، ولا يُمكن أن يُجعل الحياء مانعا من تحصيل هذا العلم الضروري، ولهذا كانت عائشة رضي الله عنها تقول: (نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهنَّ الحياء أن يتفقهن في الدين)[10].

وعلى ذلك فإنَّ مقصود كلام عائشة رضي الله عنها هو تأكيد الخبر الذي ق يجادل فيه الناس، وعرض الحديث بطريقة جلية لا تحتمل التأويل، كما في حديث((الماء من الماء))[11] الذي وقع بشأنه اختلاف كبير، والحث على التأسي بالنبي صلَّى الله عليه وسلم، والتعبير عن خطورة ترك العمل بالحديث؛ أي: ترك الغسل من مجرد التقاء الختانين، واعتبار الإنزال فيه لا غير، وبيان أثره على الصلاة، التي هي ركن من أركان الإسلام.

أما دعوى انفراد عائشة رضي الله عنها بهذا النوع من الأحاديث، فهو كذب، فقد روت أُمُّ سلمة رضي الله عنها حديثا في تقبيل الصائم[12]، وحديثًا في حيضها وهي مضطجعة في خميصة مع النبي صلى الله عليه وسلم[13]، وروت ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها حديثًا في مباشرة الحائض[14]، وروت أُم قيس بنت محصن أحاديث في دم الحيض يصيب ثيابها، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم لها[15]، وروت حمنة بنت جحش حديث حيضها الشديد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لها: ((احتشي كرسفًا))[16].

أما ظنُّه أنَّ رواية عائشة لهذه الأحاديث ليس منقبة لها، فهو حسد من نفسه، ودلالتها على المنقبة من وجهين:

الأول: ما حبا الله تعالى به عائشة رضي الله عنها من الصفات الحميدة؛ مثل قُوَّة الحفظ، والأمانة في التبليغ.

والثاني : كم أفادت هذه الأحاديث الأمة في طهارتها وعبادتها، وحلت مشكلات لم يكن حلها سهلا، وهذا فضل لم يتأتّ لغيرها من زوجات النَّبي صلى الله عليه وسلم[17].

الشبهة التاسعة: لعن عائشة لعمرو بن العاص

روى الحاكم من طريق جرير عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق قال: (قالت لي عائشة رضي الله عنها: إني رأيتني على تل، وحولي بقر تنحر، فقلت لها: لئن صدقت رؤياك، لتكونن حولك ملحمة. قالت: أعوذ بالله من شرك، بئس ما قلتَ فقلت لها فلعله إن كان أمرًا سيسوءك فقالت: والله لئن أخر من السماء أحبُّ إليَّ من أن أفعل ذلك . فَلَمَّا كان بَعْدُ، ذُكِرَ عندها أنَّ عليا رضي الله عنه قتل ذا التديَّة، فقالت لي: إذا أنت قدمت الكوفة فاكتب لي ناسا، ممن شهد ذلك، ممن تعرف من أهل البلد. فلما قدمت، وجدت الناس أشياعا، فكتبت لها من كل شيع عشرة، ممن شهد ذلك، قال: فأتيتها بشهادتهم، فقالت: لعن الله عمرو بن العاص؛ فإنه زعم لي أنه قتله بمصر)[18] .

ويجاب عن هذه الرواية بالآتي:

أولا: أنها رواية شاذة، وذلك لأنَّ ابن أبي شيبة روى هذا الحديث في (مصنفه)[19] قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن مسروق، عن عائشة، قالت: (رأيتني على تل، كأنَّ حولي بقرا تُنحر. فقال مسروق: إن استطعت أن لا تكوني أنت هي فافعلي). قال: فابتليت بذلك، رحمها الله وليس في هذه الرواية ذكر لعن عائشة لعمرو؛ لذا فالزيادة في رواية الحاكم شاذة؛ لمخالفة جرير لأبي معاوية محمد ابن خازم، وذلك لأنَّ أبا معاوية أوثق من جرير بن عبد الحميد فيما يرويه عن الأعمش. قال يحيى بن معين: (أبو معاوية أثبت من جرير في الأعمش)[20]. بل قال جرير نفسه : (كنا نخرج من عند الأعمش ، فلا يكون أحفظ منا لحديثه من أبي معاوية)[21].

ثانيا: أنه مخالف لما ورد عنها، وعُرف من أخلاقها، فلقد كانت تسامح وتعفو

عمن أساء إليها، وتنهى عن الإساءة إليه، ومن ذلك ما رواه هشام عن أبيه: (أَنَّ حَسَّان بن ثابت كان ممن كثر على عائشة، فسبته، فقالت: يا ابن أُختي، دعه؛ فإنَّه كان يُنافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم)[22].

 

[1]  (السبعة من السلف) ص: 160

[2]  تقدم تخريجه ص: 210

[3]  رواه الدارقطني ،(۱۱۱/۱) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار )) (٥٥/١)، والبيهقي (١٦٤/١) (۷۹۹) من حديث عائشة رضي الله عنها.

قال الدارقطني: روي مرفوعاً وموقوفاً، وصححه ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (٢٦٨/٥)، وصحح إسناده على شرط الشيخين الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (٩٦/٥)

[4]  رواه أبو داود (٢٣٨٦)، وأحمد (١٢٣/٦) (٢٤٩٦٠) ، وابن خزيمة (٢٤٦/٣)، وابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (١٩٨/٦)، والبيهقي (٢٣٤/٤) (۸۳٥٩) من حديث عائشة رضي الله عنها. ضعف إسناده أبو داود، وقال ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (۱۱۰/۳): فيه أبو يحيى مصدع الأعرج ضعيف، وقال النووي في ((المجموع)) (٣١٨/٦) عن إسناده: فيه سعد بن أوس ومصدع وهما ممن اختلف في جرحه وتوثيقه، وضعف إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (١٨١/٤)، والعيني في ((عمدة القاري)) (۱۳/۱۱) وقال عن لفظة (ويمص لسانها): غير محفوظة.

وضعف الحديث الزيلعي في ((نصب الراية)) (٢٥٣/٤)، والألباني في ((ضعيف سنن أبي داود)) (٢٣٨٦)

[5]  رواه الترمذي (۱۲۳)، وأبو يعلى (٢٦٠/٨) (٤٨٤٦) ، والدارقطني (١٤٣/١) واللفظ له من حديث عائشة رضي الله عنها.

قال الترمذي: ليس بإسناده بأس ، وقال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (١٦٨/١): لم يصح، وقال ابن دقيق العيد في ((الإمام)) (۸۱/۳): على شرط مسلم، وضعفه الألباني في ((ضعيف سنن الترمذي)) (۱۲۳)

[6] رواه أبو داود (۲۷۰)، والبيهقي (٣١٣/١) (١٥٦١). ضعف إسناده الذهبي في ((المهذب)) (۳۱۲/۱)، والبوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (٧٩/٤)، وضعف الحديث الالباني في (ضعيف سنن ابي داود) 270

[7]  (السبعة من السلف) ص: 161 ، 162

[8]  رواه مسلم (350)

[9]  (شرح مسلم) للنووي (4/42)

[10]  ( تقدم تخريجه) ص: 184

[11]  رواه مسلم 343 من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه.

[12]  رواه احمد (6/320) (26762)، والنسائي في (السنن الكبرى) (2/302) (3074).

قال ابن عبد البر في (التمهيد) (5/121): فيه عبد الله بن فروخ ليس به بأس، وقال الالباني في (إرواء الغليل) (4/83): اسناده جيد على شرط مسلم.

[13]  رواه البخاري 298، ومسلم 296

[14]  رواه البخاري 303، ومسلم 294

[15]  رواه ابو داود 363، والنسائي 1/154، وابن ماجه 628، واحمد 6/355 (27043)، والدارمي في (السنن) 1/256) (1019)، وابن حيان (4/240) (1395)، والبيهقي 2/407 (4279)، والحديث صححه الالباني في (صحيح سنن ابي داوود).

[16]  رواه الترمذي 128، و ابن ماجه 516، واحمد 6/381 (27188)

قال الامام احمد والبخاري والترمذي في (سنن الترمذي) حسن صحيح، وحسنه الالباني في (صحيح سنن الترمذي).

[17]  رسالة (امنا عائشة رضي الله عنها ملكة العفاف) لنبيل زياني (بحث لم ينشر)

[18]  رواه الحاكم (4/14) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

[19]  رواه ابن أبي شيبة 11/77

[20]  (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم (7/247)

[21]  (تذكرة الحفاظ) للذهبي (1/215)

[22]  تقدم ص: 172

  • الاثنين PM 12:11
    2023-05-08
  • 797
Powered by: GateGold