السنة النبوية - مشروع الحصن ll للدفاع عن الإسلام والحوار مع الأديان والرد على الشبهات المثارة ll lightnews-vII

المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 441776
يتصفح الموقع حاليا : 291

البحث

البحث

عرض المادة

السنة النبوية

إذا كان أغلب العلمانيين يشككون أو يطعنون في القرآن الكريم أو في بعض نصوصه وأحكامه فما بالك بالسنة النبوية؟.

وعموما لا يعبأ العلمانيون بالسنة رأسا ولا يقيمون لها وزنا ولا يلتفتون إليها، ويشككون في نسبتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - بما فيها أحاديث الصحيحين.

بينما طاروا بحديث واحد أيما مطار، ونسبوه للنبي - صلى الله عليه وسلم - من غير تردد، وإن كان حديثا آحادا.

ولم يشكك فيه واحد منهم مادام يخدم في نظرهم المشروع العلماني. ألا وهو حديث «أنتم أعلم بأمور دنياكم». حتى قال نصر أبو زيد: الدنيا التي كرر الرسول في أكثر من مناسبة أننا أدرى بشؤونها (1).

مع أن له مناسبة واحدة لا غير، وهي قصة تأبير النخل.

وهي مسألة داخلة في تقنية الزراعة، فلا علاقة لها بتحليل ولا تحريم، فأمور دنياكم التي في الحديث بحسب المنطق الطبيعي للأشياء يجب أن تفهم على ضوء ما دل عليه الحديث نفسه، لا أن نجتزئ من الحديث بعضه ونترك بعضه، من باب «ويل للمصلين».

هذا ولم أعتن بتتبع أقوالهم في السنة النبوية، لأنهم مجمعون على التشكيك في نصوصها، وأنها غير جديرة بالاهتمام أو الاستدلال أو الاحتجاج، لكني اخترت عينات قليلة هي عنوان على غيرها:


(1) الإمام الشافعي 

أكد عبد المجيد الشرفي أن علم الحديث فيه تعارض وتناقض ومجانبة للمعقول ومخالفة للتعاليم القرآنية، وهو ركيك التعبير، واعتراه الوضع، بل زاد وقال: إنه غير جدير بالثقة إلا بضروب من التأويل المتعسف (1).

وشكك في صحة كل الروايات المنسوبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بما فيها البخاري ومسلم (2)، وأن التواتر لا قيمة له في إثبات صحة خبر ما (3).

وقريب منه سيد القمني، فقد اعتبر السنة النبوية مادة للمعرفة وليست وسيلة للمعرفة (4)، وأن المسلمين اختلقوا أحاديث مكذوبة ونسبوها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وزاد: بل وحازت تلك الأحاديث قدسية في المذهب السني ترفعها فوق القرآن كرامة وفعلا وقدسية (5)، وأن البخاري جمع الأحاديث في صحيحه وفق انشراحات مزاجية (6).

هكذا يفتري الرجل بدون أدنى وجل.

أما محمد أركون الذي يتحدث عن نبي الإسلام بعبارات مثل: تجربة محمد (7)، والسنة التي ابتكرها محمد (8)، فقد ذكر أن الوثائق التي يمتلكها تثبت أن أول استخدام لتعبير السنة لم يحصل إلا عام 80هـ/700م (9). وذلك من قبل


(1) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (180).
(2) نفس المرجع (111 - 112 - 113 - 114 - 159).
(3) نفس المرجع (160).
(4) شكرا ابن لادن (207).
(5) انتكاسة المسلمين (15 - 16).
(6) شكرا ابن لادن (251).
(7) الفكر الإسلامي (22).
(8) نفس المرجع (22).
(9) أما الشرفي فزعم أنها تبلورت مع منتصف القرن الثاني. تحديث الفكر الإسلامي (37).

عمر بن عبد العزيز، وسوف يتم اجتياز خطوة أخرى مع الشافعي الذي فرض السنة بكونها مجموعة الأحاديث النبوية الصحيحة، وبصفتها المصدر الموضوعي الثاني أو الأصل الثاني للشريعة بعد القرآن (1).

يريد أركون التشكيك في أصل السنة برمتها وأنه لم يعرف هذا المصطلح إلا في 80هـ. وأن أول من فرضها هو الشافعي. فالسنة حادثة بعد النبي ومفروضة.

يخلص أركون من هذا إلى النتيجة التالية: هذا يعني أن جمع المعلومات والأخبار الخاصة بالقرآن والسيرة والحديث النبوي قد تم داخل مناخ ثقافي كانت فيه الأهداف الدنيوية (من شعر وتاريخ وسياسة ومغازي (أو حملات عسكرية) ووقائع اقتصادية ... ) في أهمية الأهداف الدينية نفسها. ونلاحظ أن الدولتين الأموية ثم العباسية كانتا بحاجة لهذه الأخبار من أجل تشكيل أرثوذكسية دينية وتشكيل تراث ثقافي ضروري لترسيخ شرعية السلطة الإسلامية والحفاظ على وحدتها (2).

إذن فالسنة والسيرة صنيعة من قبل السلطة السياسية لترسيخ سلطتها.

أما أبو زيد فهو على خطى أركون، فالسنة في نظره كانت فاقدة للمشروعية حتى جاء الشافعي فأسس لها مشروعية وقلده كل من جاء بعده.

قال: من الواضح (عنده طبعا) أن السنة في عصر الشافعي كانت في حاجة إلى تأسيس مشروعيتها بوصفها مصدرا ثانيا من مصادر التشريع (3).


(1) الفكر الإسلامي (22).
(2) الفكر الإسلامي (22 - 23).
(3) الإمام الشافعي (117).

والمقصود عنده بطاعة الرسول الواردة في القرآن مقرونة بطاعة الله هو طاعته فيما يبلغه من الوحي الإلهي، وليست السنة في نظر العلامة الهمام أبي زيد -الذي حكم قضاء مصر النزيه بردته- (1).

ولا يستحق هذا الهراء الرد عليه لسقوطه كسقوط قائله.

وأما هاشم صالح فله رأي مختلف، فهو يرى أن علماء الحديث يختلقون الأحاديث التي تناسبهم، قال: وهناك نقطة أخرى تلفت الانتباه وتكشف عن تاريخية الحديث النبوي ومدى ارتباطه بالظروف والحيثيات والحاجات. فمثلا نلاحظ أن البخاري يكرس بابا للأحاديث الخاصة بالجهاد ضد الأتراك، لأن المنطقة التي كان يعيش فيها كانت على حرب معهم. هذا في حين أن أبا داود يكرس فصلا للأحاديث التي تمجد فضائل الجهاد ضد البيزنطيين، لأن منطقته كانت على تماس معهم. وأما النسائي فيكرس فصلا للأحاديث الخاصة بالجهاد في الهند. وابن ماجة يكرس فصلا لفتح الديلم ... إلخ. وبالتالي فكل واحد يركز على الأحاديث التي تناسبه، وأكاد أقول يفبرك الأحاديث التي تلبي حاجات زمانه ومنطقته. وهذا أكبر دليل على تاريخية الحديث (2).

وقريب منه ما أكده فرج فودة، قال رادا الاحتجاج بالسنة: إن عهد الرسول مرتبط به، وأنه لا يقوم حجة على اللاحقين (3).


(1) الإمام الشافعي (1
(2) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (238).
(3) حوار حول العلمانية (12).

والسنة في نظر العروي سبيلها التلاشي والانقراض (1)، وأنها ساعدت على إحياء طغيان كسرى وقيصر، وكذبت بتصرفها ما تردده بلسانها (2). والأمر بطاعة الله ورسوله عنده هو الأمر باتباع العقل والعدل (3).

وبسبب الصراعات السياسية التي واكبت جمع الحديث أصبح -حسب طيب تيزيني- من المستحيل الوصول إلى النص الحديثي الأصلي (4). بل أصبح الحديث الصحيح في الحديث الموضوع كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود (5).

هذه هي السنة النبوية باختصار شديد في نظر العلمانيين.


(1) السنة والإصلاح (199 - 200 - 201).
(2) السنة والإصلاح (203).
(3) السنة والإصلاح (125).
(4) النص القرآني (65).
(5) النص القرآني (66).

  • الخميس PM 11:25
    2022-08-04
  • 1713
Powered by: GateGold