المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413630
يتصفح الموقع حاليا : 216

البحث

البحث

عرض المادة

علوم الإسلام - الفقه والسيرة والعقيدة.

[علم الفقه الإسلامي]

توالت طعون العلمانيين وسخريتهم من علم الفقه الإسلامي، وإلصاق كل نقيصة به، والتشكيك في فعاليته وقدرته على مواجهة المستجدات، بل الطعن في إسلاميته.

فهذا القمني يستهزئ في كل وقت وحين بعلوم الإسلام دون استثناء، وسماها أساطير وامتنع من تسميتها علوما، قال في انتكاسته (40): في أساطير تسمى علوما كعلوم الفقه وكتب الفتاوى والموقعين عن رب العالمين.

وهذا محمد الشرفي اعتبر في الإسلام والحرية (127) أن الفقه الإسلامي قانون تمييزي في أساسه، وأن قوانينه جائرة وبالغة القسوة ولا مساواة فيها.

وهو مجرد إنجاز بشري محض قد تجاوزه الزمن تجاوزا كليا (124).

واتهمه بالتمييز ضد المرأة، وأكد على أهمية فضح هذا التمييز والتنديد به (60).

ووصف تشريعات الإسلام بخصوص المرأة بالحيف الصارخ المفضوح، وأن الفقه الإسلامي فيه تمييز ضد المرأة وفيه قواعد كبرى مكرسة لدونية المرأة وتكريس اللامساواة (66).

وشكك أركون في كون الشريعة الإسلامية ذات أصل إلهي، واعتبره وهما كبيرا (1)، وأنها قانون وضعي كامل (2) وقال: في الواقع إنه في خلال النصف الأول


(1) تاريخية الفكر العربي (296 - 297).
(2) نفس المرجع (297).

من القرن الهجري التأسيسي الأول كان عمل القضاة (1) يستوحي أساسا الأعراف المحلية السابقة على الإسلام، والتي كانت تختلف حسب الأماكن. وكان الرأي الشخصي للقضاة هو الذي يفصل في المسائل المطروحة في نهاية الأمر. وأما الرجوع إلى القانون القرآني فلم يحدث إلا بشكل متقطع، وليس بشكل منتظم كما حاولت الرواية الرسمية أن تشيعه (2).

فالمرجع النهائي حسب أركون للفقه هو الأعراف الجاهلية.

أما الرواية الاستشراقية لغولد زيهر وشاخت فهي الرواية الصحيحة القائمة على النقد التاريخي حسب أركون (3).

والملاحظ في كتابات العلمانيين في خصوص هذا العلم خلطهم بين النصوص الشرعية متمثلة في الكتاب والسنة التي هي تشريع رباني عادل وحق. وبين اجتهادات الفقهاء، ممثلة في الفقه الإسلامي المحتملة للخطأ والصواب. وبين الواقع التاريخي، وخاصة للأمراء والخلفاء في الإماء والعبيد وغيرها، التي يغلب فيها الانحراف عن الشريعة عموما من جهة ثالثة.

والخلط بين هذه الأمور سنة سيئة للقمني في سائر كتبه ومحمد الشرفي في كتبه وغيرهم. فالأخير مثلا عند حديثه عن التمييز ضد المرأة في الإسلام خلط بين هذه العناصر الثلاثة، واستند إلى الواقع التاريخي للخلفاء في اعتدائهم على النساء وجعله حجة لإظهار تمييز الفقه ضد المرأة (4).

واعتبر عبد المجيد الشرفي في تحديث الفكر الإسلامي (62) أن المنظومة الفقهية فقدت مصداقيتها.


(1) أي: قضاة الصحابة.
(2) تاريخية الفكر العربي (297).
(3) نفس المرجع.
(4) الإسلام والحرية (60 - 61 -

[علم التفسير]

وصف العلمانيون علم تفسير القرآن بأوصاف تنقيصية منها:

- تسييج الفهم وحصره فيما ترتضيه الفرقة العقدية والمذهب الفقهي المعترف بهما.

- لا يقبل على التفسير إلا من تقدم به السن.

- اتسم بالوثوقية المفرطة والإقصاء.

- له صبغة تاريخية، وارتبط بأوضاع وقيم بعيدة عن أوضاع المسلم المعاصر.

- أصبح عبئا ثقيلا على الفكر الإسلامي.

- هو استجابة لظروف معينة وأوضاع اجتماعية معينة.

- يتسم بنظرة مثالية.

- لسنا في حاجة إلى تفسير النبي للقرآن والسنة ولا تفسير الصحابة (1).

[علم السيرة النبوية]

سيرة ابن إسحاق تصور خيالي وضعه ابن إسحاق حسب محمد أركون، قال: منذ أن كان ابن إسحاق قد شكل لكل المسلمين إطارا من التصور الخيالي - وليس من المعرفة - للسيرة النبوية ثم شكل أنماط الإدراك الحسي للعصر الافتتاحي الأول، فإن الفكر الإسلامي لم يحاول أبدا أن يفكك البناء الإيديولوجي


(1) هذه الطعون في الإسلام بين الرسالة والتاريخ: (174 - 175 - 176 - 170 - 171).

(أو القصر) المشاد بمساعدة العناصر والأساليب المتداخلة التي تنتمي إلى الأسطرة والتقديس والتعالي والأدلجة (1).

وأكد على ضرورة تجاوز هذه الحكايات التبجيلية التضخيمية وكذا تجاوز الشخصيات الرمزية الكبرى لهذه الحكايات (2).

ولهذا أكد على ضرورة إعادة صياغة السيرة النبوية وسيرة الصحابة وفق منهجية المدرسة التاريخية الحديثة (3)، وليس على الطريقة التبجيلية التقديسية الموروثة (4).

وقال عن ابن إسحاق الذي هو المصدر الأهم للسيرة النبوية: ... يتمترس ويختبئ وراء المشروعيات أو السيادات التي تفوقه وتتجاوزه (5)، وزاد: لقد وقع ابن إسحاق تحت ضغط وتأثير الحكايات الشعبية المنقولة عن طريق القصاصين والوعاظ وحكايات الأولياء والصلحاء والاستشهادات الشعرية، كما أنه ساهم في عملية التمويه والتعمية الموضوعية ضد الجاهلية التي كان القرآن قد افتتحها. لقد مُوهِّت الجاهلية أو قُدمت بشكل سلبي من أجل تبيان الحقيقة الساطعة للإسلام بشكل أفضل (6).


(1) تاريخية الفكر العربي (260).
(2) نفس المرجع (260).
(3) التي تستبعد كل عناصر غيبية أو خرافية أو مضامين مقدسة.
(4) نحو نقد العقل الإسلامي (19).
(5) يقصد الله تعالى.
(6) تاريخية الفكر العربي (82).

ثم بيّن مَن صنعه الغرب على عينه أن ابن إسحاق كان هدفه تشكيل صورة رمزية مثالية مقدسة عن طريق ذكر المعجزات والأعمال الخارقة وأشجار الأنساب والأوضاع الدرامية، ثم قال: إن هذه الصورة المثالية موجهة لملازمة المخيال الجماعي وتحريكه وتنشيطه أكثر مما هي موجهة لتركيب أو كتابة سيرة إنسان يدعوه غالبا برسول الله (1).

ثم ختم أركون اتهاماته باتهام ابن إسحاق بالتلاعب بالحكايات، والمقدرة على الاختراع (2).

هكذا قزّم السيرة النبوية وحامل لوائها ابن إسحاق تحت ستار النقد التاريخي: ابن إسحاق يتمترس ويختبئ، واقع تحت ضغط الحكايات الشعبية التي نقلها القصاصون، يقوم بعملية التمويه والتعمية، متلاعب.

واتهم عبد المجيد الشرفي العلماء بالسعي إلى فرض سيرة متحجرة (3).

ولا نفهم من الطعن في السيرة إلا الطعن في صاحبها.

علم العقيدة وعلم الكلام.

لا يخرج هذا العلم عن النظرة التحقيرية لباقي علوم الإسلام، فهو علم ليس إسلاميا صرفا، بل هو إسلامي ويوناني بالدرجة ذاتها (4).

وهو انعكاس لمعارف طبيعية وفلكية وجغرافية لزمان معين لم تعد لها أية قيمة تاريخية وثائقية (5).


(1) نفس المرجع (83).
(2) نفس المرجع.
(3) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (81).
(4) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (185).
(5) نفس المرجع (186).

يدافع عن مواقف عقدية في ظاهرها، سياسية اجتماعية في حقيقتها، تشرع للخنوع وتخدم مصالح السلطة القائمة (1).

علم أصول الفقه.

هذا العلم إضافة لعلوم القرآن ونظرا لأنهما يمثلان آلية منهجية علمية إسلامية لفهم وقراءة النص الديني حسب عبارة العلمانيين، وبالتالي فهما ينافسان المناهج النقدية الغربية، فقد مثلا حجرة عثرة أمام المشروع العلماني، ولهذا حظيا باهتمام العلمانيين العرب كثيرا ووجهوا لهما طعونا وانتقادات كثيرة، لا سعيا لإصلاحهما أو تجديدهما، بل لإزاحتهما وتجاوزهما.

ولهذا انطلق أغلب العلمانيين في حملة مسعورة ضد هذين العلمين الشامخين تشكيكا وتهوينا وتحقيرا.

قاد هذه الحملة نصر أبو زيد من مصر وعبد المجيد الشرفي من تونس ومحمد أركون من الجزائر، ونعق الباقي خلفهم.

إلا أن الشرفي حاول أن يظهر مشروعه في زي الناصح الأمين، فصاغه في قالب تحديث الفكر الإسلامي، يقصد علمنته وتطويره من أجل تجاوزه والإجهاز عليه.

وذكر أركون أن وحده نقد العقل بالمعنى التفكيكي والأركيولوجي هو القادر على مواجهة المشاكل المطروحة على المجتمعات العربية والإسلامية ليتحرروا مما أسماه أغلال أصول الفقه (2). فعلم أصول الفقه أغلال تكبل السير في نظر أركون، والواجب في نظره فك الأغلال وتجاوزها، وإحلال أغلال غربية مكانها.


(1) نفس المرجع (1
(2) نحو نقد العقل الإسلامي (238).

ونقل أركون عن شفيق شحاتة قوله: كان يحب القول بأن علم الأصول ليس إلا ثرثرة حول نظريات مجردة لا تهم رجال القانون المختصين (1).

وأصول التشريع الإسلامي حسب أركون غير قابلة للتطبيق، فأولا قراءة القرآن كانت قد أثارت اختلافا تفسيريا كبيرا. وأما الأمر مع الحديث فإن القضية أشد عسرا، ذلك أن الحديث ليس إلا اختلافا مستمرا فيما عدا بعض النصوص القليلة التي يصعب تحديدها وحصرها (2).

وأما فيما يخص الإجماع الذي نادرا ما تحقق فهو عبارة عن مبدإ نظري طبق على بعض المسائل الكبرى فقط (3).

وأما عبد المجيد الشرفي فيرى أن علم أصول الفقه شوه وحرف الخطاب القرآني (4).

ووصف عمل الأصوليين بـ: الخلل الواضح، وأنهم فصلوا آيات القرآن بعضها عن بعض، وفصلوها عن سياقيها الخاص والعام (5).

وتعسفوا تعسفا واضحا، وخالفوا أبسط قواعد اللغة والمنطق، وتجاهلوا آيات أخرى، وعملهم ليس إلا تبريرا لسلوك اجتماعي شائع (6).

ودافعوا عن قيم لا نتردد في القول إنها نقيض القيم القرآنية (7).

وتأويلهم يتشبث


(1) الأنسنة والإسلام (214).
(2) تاريخية الفكر العربي (297).
(3) نفس المرجع (298).
(4) تحديث الفكر الإسلامي (42).
(5) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (157).
(6) نفس المرجع (158).
(7) نفس المرجع (158).

بحرفية النصوص ويتصرف على هواهم (1).

وأدى اعتماد أصولهم إلى نتائج خطيرة. منها عدم تحقيق العدل والحرية والمسؤولية، والوقوع في ادعاءات لا تصمد أمام النقد التاريخي (2).

وهدفهم الدفاع عن حلول الأجيال الأولى والبحث عن مبررات لها.

ويتسمون بالوثوقية، وأنهم يعكسون على النص مشاغلهم وموازينهم ويقولونه ما لم يقله (3).

ولهذا أكد على إمكانية تجاوز هذا العلم.

بل هو غير ذي جدوى في نظره (4).

يلاحظ على العلمانيين التونسيين جرأة كبيرة وخبيثة على النصوص، نظرا للحماية اللامتناهية لهم التي وفرها الدكتاتور ابن علي الذي أطاح به الشعب التونسي يوم 14/ 01/2011.

ويلاحظ على هؤلاء التونسيين أنهم بينما يوجهون الطعون الرخيصة لدينهم ويتلذذون بالسخرية من أحكامه، ويتشفون من علمائه ورموزه، نراهم صموتا كالأصنام فيما يتعلق بابن علي وزبانيته، بل كانوا جزءا من المنظومة القمعية، فقد كان محمد الشرفي وزيرا للتعليم، وباقيهم كعبد المجيد الشرفي والعفيف الأخضر وعبد الوهاب المؤدب وغيرهم يشيدون بمسيرة العلمنة التي أنجزها الدكتاتور.

لا يفتأ العلمانيون من ادعاء الحق في الاجتهاد في نصوص الشريعة، وأن الفقهاء رجال، وهم رجال. أكد على هذا جل العلمانيين، منهم مثلا عبد المجيد الشرفي (5)


(1) نفس المرجع (159).
(2) نفس المرجع (1
(3) نفس المرجع (157).
(4) نفس المرجع (9).
(5) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (8).

والقمني، وخليل عبد الكريم (1)، وحسن حنفي (2)، ونصر أبو زيد (3).

وكأن نصوص الشريعة مستباحة لمن هب ودب من أساتذة الفلسفة والأدب العربي وغيرهم.

فمحمد شحرور مهندس، والعشماوي مستشار قانوني، وخليل عبد الكريم محام، ونصر أبو زيد دراسات أدبية، وحسن حنفي والجابري وفؤاد زكريا تخصص فلسفة.

وهذا الزعم لا يخلو منه كتاب من كتب العلمانيين، أعني ادعاء الحق في الاجتهاد، وأن العلماء رجال وهم رجال، وخاصة دكتور الأساطير القمني وأبو زيد الذي حكمت محكمة القاهرة بردته.

لكن للاجتهاد ضوابطه وشروطه وأصوله وقواعده، وهذه سنة متبعة في كافة العلوم، وليس خاصا بعلم الشريعة، وما أظن علمانيا واحدا يجرؤ على ادعاء الاجتهاد في الطب أو البيولوجيا أو الفلك، ولو فعل لحوكم وسجن وترك عبرة لمن يعتبر، أما الشريعة فمستباحة لكل رعديد، يتفنن فيها في اختلاق الشبهات وكيل التهم والطعون. كما يقول المثال المغربي (يتعلم الحسانة فريوس لتاما). أي: يتعلم الحلاقة في رؤوس اليتامى.

واعتبر عبد المجيد الشرفي أن كل فرد حر في أن يفهم النص كما يشاء، فالنص يخاطبه مباشرة ولا وصاية لأحد في فهم الدين (4).

واعتبر أن النظام القديم كان متناسقا مع مجتمع قبلي، أما في مجتمع الحداثة فالمسؤولية فردية (5).

وبيّن أنه لا حاجة لنا للمرور عبر فهم العلماء وشروط أصول الفقه في إتقان العربية وعلم أصول الفقه وغيرها، بل كل فرد مسؤول عن نفسه، يفهم الإسلام كما يريد، وأكد أن هذا ما تؤكده قيم الحداثة المعاصرة (6).

والاجتهاد العلماني لا يخشى معارضة المسلمات بدعوى أنها معلومة من الدين بالضرورة، كما يقول عبد المجيد الشرفي في الإسلام بين الرسالة والتاريخ (9).


(1) الأسس الفكرية لليسار الإسلامي (112).
وخليل عبد الكريم يؤكد على رجولته لا نظن إلا أنه يقصد ذكورته، لكي لا نظن- وإن بعض الظن إثم- أنه غير ذلك، وعلى كل حال من حقه أن يدفع عن نفسه الشبهات والظنون.
(2) من العقيدة إلى الثورة (1/ 34).
(3) الإمام الشافعي (10).
(4) تحديث الفكر الإسلامي (64 - 66).

(5) تحديث الفكر الإسلامي (66).
(6) نفس المرجع (67).

  • الخميس PM 10:52
    2022-08-04
  • 985
Powered by: GateGold