المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413844
يتصفح الموقع حاليا : 284

البحث

البحث

عرض المادة

قواعد مشتركة في أدلة أسماء الله وصفاته

هناك قواعد تشترك في البيان في الأسماء والصفات لله تعالى ينبغي على العبد المحب لربه أن يعرفها ويدرسها، ومن تلك القواعد المباركة ما يأتي:

أولاً: إن أسماء الله وصفاته لا تثبت بالعقل إنما هو إثبات توقيفي شرعي من كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم:

فأسماء الله وصفاته من الأمور الغيبية، ولا يمكن في الأمور الغيبية أن يدركها العقل، وحينئذ فالواجب علينا أن لا نصف الله بما لم يصف به نفسه، ولا نكيّف صفاته، لأن ذلك ممتنع وغير جائز.

قال أمير المؤمنين علي عليه السلام واعظاً الناس في ذكر ملك الموت: هل تحس به إذا دخل منزلاً؟ أم هل تراه إذا توفى أحداً؟ بل كيف يتوفى الجنين في بطن أمه؟ أيلج عليه من بعض جوارحها؟ أم الروح أجابته بإذن ربها؟ أم هو ساكن معه في أحشائها؟ كيف يصف إلهه من يعجز عن صفة مخلوق مثله؟!([1]).

والأمثلة الدالة على ما نقول:

نعيم الجنة: فنحن الآن لا ندرك على الحقيقة نعيم الجنة من حيث الحقيقة مع أنه مخلوق، وفي الجنة فاكهة ونخل ورمّان وسُرُر وأكواب وأنهار، لكننا لا ندرك حقيقة هذه الأشياء كما هي، ولو قيل لأي إنسان: صفها لنا كما هي؟ فلن يتمكن من ذلك؛ لقوله تعـالى: ((فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [السجدة:17].

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم عن نعيم الجنة: (وفيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)([2]).

ولهذا فلو أعمل أي مسلم نظره وطبق هذه القاعدة النافعة على صفات الله لوجد السلامة والراحة، وانقطاع الطمع عن أن يطلب ما ليس له إليه سبيل، ومن ذلك قوله تعالى: ((مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)) [ص:75].

فإن ظاهر الآية يدل على أن لله يدين حقيقيتين يجب علينا إثباتهما له، وهذا هو الحق الواجب الإيمان به.

فإن قال قائل: لعل المراد بهما القوة؟

قلنا له: هذا صرف للكلام عن ظاهره، فلا يجوز القول به؛ لأنه تقوُّل على الله بغير علم ولا يستقيم عقلاً.

والله سبحانه يحذرنا من التقول عليه بقوله: ((وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)) [الأعراف:33].

فالواجب فهم النص على ظاهره، وهذا ما فعله الذين يجالسون النبي صلى الله عليه وسلم ويسمعون آيات الصفات، فكانوا يعلمون كيف يفهمونها، وما المراد بها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ثانياً: كل اسم لله عز وجل فإنه يدل على ذاته وعلى الصفة التي يتضمنها، ولا يتم الإيمان بالاسم والصفة إلا بإثبات ذلك كله.

ومثال ذلك:

اسم: (العظيم) فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسماً من أسماء الله، دالاً على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي (العظمة).

اسم: (الرحمن) فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسماً من أسماء الله، دالاً على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي (الرحمة).

ثالثاً: يلزم من إثبات الأسماء والصفات التخلي عن أربعة أمور:

1- التمثيل: وهو اعتقاد أن أية صفة من صفات الله تعالى مماثلة لصفات المخلوقين وهذا قول باطل.

2- التكييف: وهو التساؤل عن كيفية أسماء الله وصفاته، كما يقول القائل: كيف يد الله؟ كيف وجه الله... إلخ؟

وهذا قول باطل؛ لأن الكيفية لا تدرك إلا بواحد من أمور ثلاثة: مشاهدة الشيء، أو مشاهدة نظيره، أو خبر صادق عنه، وكلها منتفية في حق الله، فنحن لم نر الله في الحياة الدنيا، وليس له من مثيل سبحانه، ولم يخبرنا جل وعلا عن كيفية صفاته، فانعدم السبيل إلى معرفة الكيف.

3- التحريف: أي التحريف المعنوي: وهو صرف اللفظ عن ظاهره. كإنكارهم صفة اليد لله عز وجل وتحريفها (بالقوة أو النعمة)، وإنكارهم صفة الوجه لله عز وجل وتحريفها (بالثواب)، وإنكارهم صفة المجيء، والإتيان لله عز وجل وتحريفها (بمجيء الأمر).

4- التعطيل: هو إنكار ما أثبت الله لنفسه من الأسماء والصفات سواء كان كلياً أو جزئياً، وسواء كان ذلك بتحريف أو بجحود.

 

 

فالخلاصة:

أن كل اسم وصفة لله عز وجل يتوجه عليهما ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: هل هي حقيقية؟ ولماذا؟

السؤال الثاني: هل يجوز تكييفها؟ ولماذا؟

السؤال الثالث: هل تماثل صفات المخلوقين؟ ولماذا؟

وجواب السؤال الأول: نعم حقيقية؛ لأن الأصل في الكلام إعمال الحقيقة، فلا يُعدل عنها إلا بدليل صحيح يمنع منها.

وجواب السؤال الثاني: لا يجوز تكييفها، فلا نقول: كيف هي صفات الله؟ لقوله تعالى: ((وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)) [طه:110] ولأن العقل قاصر عن إدراك كيفية صفات الله.

وجواب السؤال الثالث: لا تماثل صفات المخلوقين؛ لقوله تعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) [الشورى:11].

وهذا الاعتقاد هو القول الحق الذي تتضافر عليه الأدلة، وتجتمع حوله الأقوال، وتطمئن إليه النفوس بإذن الله تعالى،وسنده ومعتمده كتاب الله سبحانه وتعالى.

 


 

 

([1]) نهج البلاغة: (1/221).

([2]) من لا يحضره الفقيه: (1/295)، بحار الأنوار: (81/125).

  • الاثنين AM 03:55
    2022-04-11
  • 885
Powered by: GateGold