ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
تكريس تاريخية الإسلام القرآني
أولاً - التورخة من منظور حداثي :
إن الموقف العلماني من الإسلام عموماً ليس مستغرباً إلا لكونه يصدر من أناسٍ يقولون إنهم مسلمون، ولكن إسلامهم ليس استثناءً بين الأديان ، فهو ليس إلا مجموعة أساطير مخلوطة من أساطير الشعوب القديمة البابلية، والسومرية، والآشورية، والفرعونية ([1]) ، وما هو إلا امتداد للأساطير والوثنيات السابقة كعبادة الإله بعل إله القمر، لذلك جاءت العبادة العروبية عبادة قمرية، وتحتفظ إلى اليوم بقدسية القمر، فالشهور قمرية، والتاريخ قمري، والصيام قمري، والزمن العربي كله قمري ([2]) .
واحتفظ الإسلام ببعض الشعائر والطقوس من الجاهلية وأديان الشرق الأوسط القديم جداً مثل الحج، والاعتقاد بالجن، وتقديس الحجر الأسود، والختان وعذاب القبر وبعض التصورات الأسطورية الأخرى، واستخدمها من أجل إعادة توظيف نتف متبعثرة من خطاب اجتماعي قديم، بغية بناء قصر إيديولوجي جديد ([3]) .
وهكذا يقرر الخطاب العلماني بناءً على ذلك أن الرسالة المحمدية لم تكن أحسن حظاً من سابقاتها ([4])، و الإسلام "" بالرغم من ادعاء الإسلاميين والمراقبين الذين ينسخون خطاباتهم دون أن يفككوا بناءها لا يفلت من قواعد التحليل التاريخي والسوسيولوجي، والأنتربولوجي والفلسفي بكل تأكيد "" ( [5]) .
وهو أي الإسلام كظاهرة دينية لا يختلف عن بقية الأديان وهو ما يتعارض مع الموقف الإيماني العقائدي الموروث ([6])، ويعني أركون بأن الإسلام كبقية الأديان في الخضوع للتاريخية بعكس ما يُنظِّر الفكر الدوغمائي الإيماني ([7])، وهو سيخضع لمناهج التحليل التاريخي التي خضعت لها المسيحية إذ أن الإسلام لا يختلف عن المسيحية في كونه يقع ضمن الإطار المعرفي للقرون الوسطى ([8])، وسيصبح الإسلام بفعل تيار العولمة الذي لا يقاوم وبفعل الحداثة المكتسحة "" شيئاً بالياً لا معنى له "" وسوف يتبخر ويذهب مع الريح ( [9])، وسينهار الإسلام المثالي، ويبقى الإسلام التاريخي للذكرى والدراسة فقط كما حصل للمسيحية ([10])، ولكن يبقى منه أنه تجربة تاريخية علينا الاستفادة منها ([11]). لأنه ظاهرة تاريخية طرأت على المجتمعات البشرية، وهو مثل الظاهرة الاقتصادية، أو الظاهرة السياسية، أو كغيره من الظواهر الاجتماعية لا يجب أن ننظر إليه على أنه ظاهرة فريدة من الأديان ([12]). كما ينبغي أن نعلم - بنظر أركون - أن الإسلام كأي عقيدة دينية أو غير دينية ما هو إلا نتاج القوى المحسوسة التي تشكله عقائدياً وأيديولوجياً ( [13]). "" إنه نتاج الممارسة التاريخية للبشر، وبالتالي فهو يتطور ويتغير، إنه يخضع للتاريخية مثله مثل أي شيء على وجه الأرض، إنه ناتج عن الممارسة التاريخية لفاعلين اجتماعيين شديدي التنوع … كما أنه ناتج عن فعل الشروط التاريخية الشديدة التعقيد عبر الزمان والمكان "" ([14]) .
وعلى ذلك فمن الخطأ أن نؤقنم قيم الإسلام فننظر إليها على أنها حقائق مطلقة، ومن الخطأ أن ننتزعها من مشروطيتها التاريخية ([15])، لأن الإسلام رسالة موجهة إلى أناس بأعيانهم في القرن السابع الميلادي، ولذلك نجد فيها ظواهر ميثية تتناسب مع ثقافة ذلك العصر كالجنة وإبليس والشياطين والملائكة والطوفان وعمر نوح وغير ذلك، وهي اليوم بعيدة عن التصورات الحديثة، وليست لها الدلالات ذاتها التي كانت موجودة في ذلك العصر ([16])
وهو ما يعني أن الارتباط بالدين مشروط بالحالة التاريخية التي يعيشها المجتمع أو الفرد، فالمثقف المسيحي كان يؤدي كل طقوس دينه حتى القرن التاسع عشر، ثم تحرر منها بعد الثورة التنويرية والثورة الصناعية، وهذا ما يتعرض له المسلم اليوم ( [17]) .
وهنا يرى أركون ومترجمه هاشم صالح أن تحقيق الإسلام لمهمته الروحية قد يحصل دون أن تؤدى الطقوس والشعائر بالضرورة ([18])، ولذلك يجب تحرير الناس من العقلية الشعائرية ([19]) ، "" فليس من الضروري أن يحتشد الناس جماعات في مسجد لإقامة الصلاة، ذلك أن الصلاة مسألة شخصية في الإسلام كما في الديانات الأخرى "" ([20]) .
ولكي يتحقق ذلك لابد أن نخرج من الدائرة العقائدية والمعيارية للإسلام الأرثوذكسي ([21])، وإعادة تحديد الإسلام بصفته عملية اجتماعية وتاريخية من جملة عمليات وسيرورات أخرى، وبيان الأصل التاريخي للتصرفات والمعطيات والحوادث التي تُقدَّم وكأنها تتجاوز كل زمان ومكان وتستعصي على التاريخ ([22]) . وهذه مهمة التاريخية وهي أن تقوم بالكشف عن السياق الاجتماعي والثقافي الذي يتولد عنه التراث وأسباب ذلك وأبعاده ([23])، وإعادة تفسيره طبقاً لحاجات العصر ([24]) . وهذا الأمر يحتاج إلى جرأة في طرح الأسئلة على التراث، وجرأة في الإجابة عليها، مع الحذر من تأثير الإجابات الجاهزة ([25])، لأن ما حفظ لنا من التراث هو التراث الرجعي ([26]) .
وكل ما لدينا هو تقليدي الصورة مثل: تشكل المصحف، والشريعة، وشخصيات الصحابة والنبي [r ]، ونريد الصورة التاريخية أي الحقيقية ، العقلانية "" كما فعل الغربيون بالنسبة للمسيحية الأولى "" ([27]) .
إن الإسلام الشائع اليوم بنظر أركون هو الإسلام السني الأرثوذكسي وهو ليس إلا تـنظيراً دوغمائياً جاء نتيجة سلسلة من الأعمال المنجزة تاريخياً ([28])، ونفس الشيء يقال عن الإسلام الشيعي ([29])، فلا يوجد إذن إسلام حقيقي "" لقد خُرِّب تاريخ الإسلام الأولي وأُفسد إلى الأبد "" ([30])، وما قُدّم إلينا ما هو إلا الإسلام الرسمي السلطوي ([31]) .
و "" تغيرت معالم الإسلام الأساسية، وملامحه المحددة، وسماته الذاتية، وصفاته الخاصة، وحلت بدلاً منها معالم أخرى مخالفة تماماً، ومناقضة كلية، ومضادة على الإطلاق، واستُبدلت بالمعالم الأساسية للإسلام معالم أخرى خاطئة وفاسدة ودخيلة "" ([32]) "" وانزلق الإسلام إلى مهوىً خطير، وانحدرت الشريعة إلى مسقط عسير "" ([33]) .
ثانياً – التورخة من منظور ماركسي :
أما بنظر الاتجاه الماركسي العربي فقد كان الإسـلام "" ثورة تعمل على تغيير المجتمع وتطويره اقتصادياً وطبقياً وسياسياً ودينياً طبقاً لأنظمة وعلاقـات ومبادئ وعقائد جاءت بها حلاً للتناقضات الحادة التي كانت تعتمل في كيان المجتمع العـربي بخاصة والإنسانية بعامة "" ([34]) .
والقرآن كتاب الثورة الإسلامية الكبرى والمعبر عنها ومصدر المعرفة الأول لنظرية هذه الثورة ([35])، والقراء المستنيرون أمثال مصعب بن عمير انضموا إلى الثورة، وتخلوا عن طبقاتهم المترفة، ولم يجد النبي r أكفأ من القراء يمثلونه وينوبون عنه في ممارسة ذلك العمل الخطير، الذي لم يكن شيئاً سوى إعادة بناء شخصية الفرد العربي وإعادة تخطيط المجتمع العربي في وقت واحد ([36]) . ولتأمين الثورة ضد المؤامرات الرجعية والوثنية انتقل مركز الثورة ومقر قيادتها من مكة إلى المدينة ([37])، ثم كان عمر القائد التالي للثورة ([38]) . وبذلك يكون الإسلام ثورة عربية خاصة بالعرب ومن الخطأ أن نعممه ([39])، وليس الإسلام إلا فرعاً للعروبة، وليس هو إلا طوراً من أطوار المسيرة العربية ( [40]) . والله عز وجل معبود عربي، وأول بيت بني له بأرض العرب من قبل أن يكون الإسلام، وهكذا نستطيع أن نذهب إلى عروبة المُرسِل للرسالة التي تعرف باسم الإسلام ( [41]). فا "" الإسلام ليس إلا النظام الديني للأمة العربية أولاً وقبل كل شيء، النظام الذي نزل من السماء ليكون البديل عن الأنظمة الأخرى التي كانت الأمة العربية تمارس حياتها على أساس منها "". "" والعرب في كل مكان يرون الإسلام ديناً قومياً لهم، قبل أن يكون ديناً عالميـاً لكل الناس "" . "" والله حاضر في ذهن الإنسان العربي قبل أن يكون الإسـلام، فالعـروبة هي الأصل والإسـلام هو الفرع "" ([42]) .
وهكذا وطبقاً للتحليل الماركسي يوصف الإسلام بأنه حركة محمدية ([43])أو ثورة ([44]) يقارن بينها وبين الثورة البلشفية والثورة الفرنسية ( [45]) وأن محمداً r تجسدت في داخله أحلام الجماعة البشرية التي ينتمي إليها، فهو إنسان لا يمثل ذاتاً مستقلة منفصلة عن حركة الواقع، بل إنسان تجسدت في أعماقه أشواق الواقع، وأحلام المستقبل ( [46]) .
وبما أن التوحيد نتيجة للتطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي فإن التوحيد اليهودي الذي ظهر في جزيرة العرب غير ممكن لأنهم متخلفون، أما توحيد أخناتون فقد كان بسبب وجود بنية تحتية متقدمة ([47]) .
ولكن أوضاع الجزيرة العربية الاقتصادية والاجتماعية وبخاصة مكة، دخلت مرحلة متسارعة من التغيرات الكيفية الناتجة عن تغيرات عديدة متراكمة، ومرتبطة بظروف أدت إليها، مما هيأ مكة للتحول من كونها مجرد استراحة ومنتدى وثني دنيوي على الطريق التجاري، للقيام بدور تاريخي حتَّمتْه مجموعة من الظروف التطورية في الواقع العربي والعالمي، وكان ذلك الدور هو توحيد عرب الجزيرة في وحدة سياسية مركزية كبرى ([48]) .
فكان الأحناف تجسيداً لنزوع ما لاتجاه جديد في رؤية العالم في هذه الثقافة، وكان محمد صلى الله عليه وسلم جزءاً من هذا الاتجاه ( [49]). ولم يكن متشدداً مثل زيد بن عمرو بن نفيل فكان يتقبل الأكل مما ذبح على النصب لأنه كان ينتمي إلى ثقافة وواقع ومجتمع ( [50]).
وتهيأت مكة لقبول فكرة الإله الواحد، ومن هنا يكون توحيد الأديان في إله واحد قد جاء عند الرواد الحنيفيين كناتج طبيعي لهدير الواقع، وقد حتمت الظروف، وتضافـرت الأحـداث بحيث صبت الأقـدار في يد قريش، وفي البـيت الهاشمي الذي أخـذ على عاتقه تحقيق هذا الأمـر العظيم ( [51]).
"" ولم يجد الآخرون [ يقصد أقارب النبي صلى الله عليه وسلم ] سوى الاهتداء إلى أنه لا حل سوى أن يكون منشئ الدولة المرتقبة نبياً مثل داوود"" ( [52])."" واتبع محمد صلى الله عليه وسلم خطا جده كما اتبع خطواته من قبل إلى غار حراء، وأعلن أنه نبي الفطرة "" ([53]) "" وعندما بلغ الأربعين حسم الأمر بإعلانه أنه نبي الأمة "" ([54]) .
وهـكذا يبـدو الإسـلام في - المنظور العلماني – ليس إلا حلماً سياسياً راود عبد المطلب ثم حققه الحفيد محمـد صلى الله عليه وسلم "" أي جدي ها أنذا أحقق حلمك "" وقد حققه ( [55]) .
وهكذا استبدل الإسلام بالآلهة إلهاً واحداً ، وانتسب إلى دين إبراهيم لاستيعاب اليهودية والنصرانية ([56])، وبحثاً عن الهوية القومية للعرب ([57]) لأنه "" … أصبح تعدد الأرباب عائقاً دائماً ومستمراً في سبيل المحاولات التي قامت من أجل خلق كيانات سياسية في جزيرة العـرب "" ( [58]) .
وحتى القرآن ما هو إلا مجرد تراكيب لغوية اقتبسها النبي صلى الله عليه وسلم من شعر أمية بن أبي الصلت وخصوصاً ما يتعلق بوصف القيامة والبعث والجنة والنار ( [59])، وحتى تسمية ديننا بالإسلام ما هي إلا من بقايا زيد بن عمر بن نفيل حيث كان هذا يسمي حنيفيته بالإسلام ( [60]).
ثالثاً - التورخة التشطيرية :
يحرص الخطاب العلماني على الحديث عن إسلامات متعددة ، وذلك ليمزق الإسلام تمزيقاً شديداً، لكي تسهل عملية تصفيته وتذريته في الرياح، ويُحمَّل الإسلام لتحقيق ذلك كل التجليات التاريخية للحياة الاجتماعية والسياسية التي مرت بها وتمر بها الأمة الإسلامية، فتُحُدِّث عن الإسلام الرسمي المرتكز على سلطة الدولة المركزية والذي مارس بنظر العلمانيين دوره في التحريف والتزييف ([61])، ويقصد أركون بالإسلام الرسمي أنه " نتاج الخيار السياسي الذي اتخذته الدولة أو النظام الحاكم الذي راح يصفي معارضيه جسدياً " ([62]) ،وهو مصطلح استعاره الخطاب العلماني من نيكلسون كما هو واضح ([63])
وهذا الإسلام السلطوي يسميه محمد أركون أحياناً الإسلام الأرثوذكسي ([64]) ، وأحياناً الإسلام الكلاسيكي التقليدي ([65])، وأحياناً الإسلام الأقنومي ويعني به أن المسلمين حولوا الإسلام إلى أقنوم ضخم ومضخم، قادر على كل شيء، ويؤثر في كل شيء، دون أن يتأثر بشيء، في حين أنه هو يريد الإسلام المعاصر الذي يخضع للتاريخية مثله مثل أي شيء على وجه الأرض ( [66]) . وأحياناً الإسلام الملاذ، أي إسلام الهروب من مواجهة المشاكل الملحة، إسلام التعذر والتعلل، إسلام الملاذ من الفشل، الإسلام الذي يبدو وحده كتعاليم إلهية قادراً على الحفاظ على التماسك الاجتماعي ([67]). وليس هو السلامة المعرفية والصحة الأبستمولوجية ( [68]). هذه الإسلامات المتعددة تقابل الإسلام المعاصر كما أشرنا أو الإسلام الدين ولكنه إسلام أركوني جديد ([69]) .
والخـلاصة الأركونية أن "" الإسلام فرض نفسه كدين مدعوماً بواسطة نجاح سياسي ، إذن فهو حدث تاريخي بشكل كامل "" ([70]) ، وتشكل منه إسلام مثالي متعال وفوق تاريخي هو الدين الصحيح [ بنظر أصحابه طبعاً] يُبطل ويلغي كل الإسلامات الأخرى، ولا يمكن هو نفسه أن يُلغى أو يُبطَل ([71])، ولذا فإن "" إدخال البعد التاريخي في التحليل سوف يضطرنا إلى التفريق بين الإسلام المثالي هذا، وبين الإسلام التاريخي "" ( [72]).
وهكذا فإن أركون يعتبر الإسلام الذي فهمته الأمة عبر تاريخها وتقبله الناس، وآمن به السواد الأعظم من البشر إسلاماً مثالياً خيالياً يختلف عن الإسلام الحقيقي [ وليس هناك إسلام حقيقي في المنظور العلماني عموماً ] ولذا فإن أركون يأخذ على عاتقه أن يكشف عن الإسلام بمفهوميه : الإسلام المعاش ،وهو غير مطابق وغير صحيح، والإسلام غير المعاش وغير المفهوم وهو الخاضع للتحليل ([73]) [ الأركوني طبعاً ] .
ومن الإسلامات العلمانية الأخرى : الإسلام الشعبي([74]) الذي يقوم على الثقافة غير العالمة([75])، لأنه إسلام جمهور المسلمين وعامتهم ([76])، وهذا النوع من الإسلام لا يتفق مع الإسلام المحمدي – بنظر الخطاب العلماني - إلا في الاسم، لأن لكل شعب مسلم عاداته وتقاليده وإسلامه الخاص ([77])، وفيه مظاهر وثنية ([78]) .
والإسلام النظري وهو النسق الفكري المتشعب والمتشظي الذي أنجزه جمع من المفكرين، ويستمد إمكاناته من الوضعية الاجتماعية المشخصة " الواقع "، وتشخص في بعض المنظومات المهمة مثل الاجتهاد والتأويل والقياس والتفسير والإجماع ( [79]) .
والإسلام الشخصي الفردي، ويسميه أركون الإسلام الثالث أو الفردي ([80])، وهو قائم على الضمير الشخصي الحر، والممارسة الشخصية للإسلام ([81]) . وتجلى في الممارسات الصوفية التي أفصحت عن نفسها في الطموح إلى العيش في علاقة مع الله [عز وجل] على نحو يلبي الحاجات الروحية المطلقة، وقد حاول الإجماع الذي هو في حقيقة الأمر إجماع فقهي نخبوي أن يحد من هذه الحرية الفردية ([82]) .
والإسلام الإتني ([83]) وهو- كما يبدو لي - إسلام الشعوب المختلفة غير العربية الذي امتزج بعناصر من حضاراتها السابقة وعاداتها المختلفة ([84])، وهو ما يعبر عنه آخرون بإضافة الإسلام إلى بلدانه، أو مذاهبه المختلفة لتكريس التجزئة ، فيقال مثلاً: الإسلام الأندونيسي، والإسلام الباكستاني والإسلام العربي أو الإيراني والإسـلام العـراقي أو الشامي ([85]). والإسلام السني أو الشيعي ([86]). والإسلام الأشعري الرجعي المسيطر، بينما الإسلام الاعتزالي التقدمي مهمش ([87]) . والإسلام التقدمي بنظر جاك بيرك هو الغاية والمطلب لأنه إسلام الديمومة ( [88])، ومعيار ذلك أن يتخلى الإسلام عن مفاهيمه وتصوراته ومبادئه، ويعتنق الرؤية الغربية لكي يصبح إسلاماً تقدمياً ، فالشرط الجوهري للتقدم هو الإسلام أو الاستسلام ، ولكن ليس لله عز وجل وإنما للغرب المهمين، أو النظام العالمي - أقصد الأمريكي- الجديد ، للقطب الواحد ([89]) .
رابعاً - التورخة النسبية :
لقد قُطِّع الإسلام- كما رأينا- في دوامة المجزرة العلمانية إلى إسلامات كثيرة، ولا بد هنا من السؤال : هل يطرح العلمانيون مفهوماً جديداً للإسلام يضاف إلى الإسلامات التي رأيناها ؟ أم يرتضون مفهوماً من بين تلك المفاهيم ؟ أم أن هناك خياراً آخر ؟
إذا كان الإسلام بنظر أحد الباحثين فكرة مجردة ([90])، وإذا كان الإسلام جاء وذهب بنظر باحث آخر ([91])، ولا يمكن إعادته في بكارته النبوية الأولى عقيدة وتشريعاً وفقهاً ([92]). وكان في أساسه قاصراً على الأخلاق والقيم، ولم يكن فيه أي نظام سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي ( [93])، وكان رخواً مرناً جداً في التعامل مع الشعوب المفتوحة، فلم يطلب أكثر من إعلان الشهادة فقط، وليمارسوا عاداتهم ومعتقداتهم كما يريدون ([94]) فإن هذا يتيح لنا – أقصد للخطاب العلماني – أن نبحث عن إسلامٍ عصري مستنير مساير لروح العصر ([95]) فالإسلام لا يكون صحيحاً إلا إذا طرح بالمفهوم البرغسوني وذلك بجعله ديناً منفتحاً ([96])، والتخلص من الفهم الحرفي للدين ([97])، ولن يتم ذلك إلا إذا تمت إعادة النظر في الإسلام كلية من منظور تاريخي بحيث يصبح من الضروري أن نوفق بين الإسلام والفكر اللاديني ([98])، وبحيث يمكن أن يصبح الإلحاد إيماناً، والإيمان إلحاداً، "" فالإلحاد هو التجديد، وهو المعنى الأصلي للإيمان "" ([99]) .
وهذا يقتضي التخلص من المفاهيم السائدة عن الإسلام بأنه دين الحق، أو الحقيقة المطلقة، أو الدين القويم وأنه النسخة الأخيرة من الدين المقبول عند الله عز وجل ( [100]) .
كمـا أنه لم يعـد يكفي لتعريف الإسلام أن نقول عنه : إنه ""الدين الذي أتى به محمد"" ( [101])صلى الله عليه وسلم ، لأن الإسلام ليس إلا "" أحد التجليات التاريخية للظاهرة الدينية "" ( [102]) و ""حقيقة الإسلام وهويته ليست شيئاً جاهزاً يُكتسب بصورة نهائية ، وإنما هي مُركب يجري تشكيله وإعادة إنتاجه باستمرار، وهي تتنوع أو تتغير بتغير الظروف والشروط والمعطيات "" ( [103]) .
فـ "" لا يوجد إذن إسـلام " ما هوي " قـائم في ذاته بصرف النظر عن أنماط تحققه في الـ " هنا و " الآن "، لا يـوجـد إسـلام جـوهري حقيـقي نموذجي، وإنما الإسلام هو ما طُبِّق في التاريخ "" ( [104])، وهو ما يعني أنه "" لا يوجد إسلام في ذاته، وإنما لكل واحد تصوره المختلف للإسلام، وطريقته الخاصة في أدائه وممارسته "" ([105]) "" لا يوجد إسلام أصولي صحيح يمكن استعادته وتطبيقه التطبيق الأفضل "" ( [106]). "" ولأن التطبيق خيانة فإنه لا وجود لإسلام حقيقي أصولي يمكن العودة إليه، فالإسلام الحقيقي لم يوجد ولم يطبق لا في هذا الزمان ولا في صدر الإسلام، لأن حقيقة الإسلام هي محصلة تواريخه"" ( [107]).
ولأننا لا يمكننـا اليوم أن نحدد ما هو الإسلام الصحيح ولا يوجد أي معيار لتحديد ذلك ( [108]) فإن مفهوم الإسلام يجب أن يبقى منفتحاً مستعصياً على الإغلاق لكي يقبل الخضوع للتغير المستمر الذي يفرضه التاريخ، فالإسلام لا يكتمل أبداً، بل ينبغي إعادة تحديده وتعريفه داخل كل سياق اجتماعي ثقافي، وفي كل مرحلة تاريخية معينة ([109]) .
وهذا هو معنى القراءة العلمانية للإسلام "" أن لا نسلم بالمسلم به "" ([110])، وأن نطرح مفهوماً موضوعياً للإسلام يتجاوز الأطروحات الأيديولوجية ([111])، ويخرج من الدائرة العقائدية المعيارية للإسلام الأرثوذكسي ([112]) .
ولكن هـذا لا يعني بنظـر أركـون - متفضلاً !!- أن نحـذف كل إشارة إلى الإسلام ( [113])، وإن كان حسن حنفي يبخل علينا بهذا الفضل !! فيرفض حتى كلمة إسلام ويستبـدلها بكلمة التحـرر، لأن هذا اللفظ الأخـير ""يعبر عن مضمون الإسلام أكثر من اللفظ القديم ""( [114]) .
خامساً – التورخة الهدمية الاجتثاثية :
كيف يتم الوصول إلى هذا التجديد العلماني بشكل جذري وثوري ؟
النقد الإيديولوجي هو وسيلتنا للتخلص من فكر العصور الوسطى لكي "" نودع نهائياً المطلقات جميعاً، ونكف عن الاعتقاد أن النموذج الإنساني وراءنا لا أمامنا "" ([115]) . من أجل ذلك لا بد أولاً من انزياح هذه الأنظمة الكبرى المتمثلة في الأديان من دائرة التقديس والغيب، باتجاه الركائز والدعامات التي لا زال العلم الحديث يواصل اكتشافها ( [116]) .
وانزياح المقدس يعني أن نخترق المحرمات وننتهك الممنوعات السائدة أمس واليوم ونتمرد على الرقابة الاجتماعية ([117]) ونخترق أسوار اللامفكر فيه وندخل إلى المناطق المحرمة( [118])، ونسعى إلى خلخلة الاعتقادات، وزحزحة القناعات، وزعزعة اليقينيات، والخروج من الأصول العقائدية ( [119])، وإعادة النظر في جميع العقائد الدينية عن طريق إعادة القراءة لما قدمه الخطاب الديني عامة ([120])، ومراجعة كل المسلمات التراثية ([121])، وطرد التاريخ التقليدي من منظومتنا الثقافية لأنه بناء عتيق تهاوت منه جوانب كثيرة، فوجب كنس الأنقاض قبل الشروع في البناء ( [122]) .
وتكريس القطيعة مع الماضي - كما فعل الغربيون - هو الحل وليس الإصلاح "" لا أحد يتكلم أبداً عن التجديد بمعنى القطيعة والاستئناف، بل الجميع يدعو إلى الإصلاح والإحياء والعودة إلى حالة ماضية "" ([123]) في حين المطلوب هو "" اجتثـاث الفكر السلفي من محيطنـا الثـقافي "" ( [124]) لأنه كـان وسيبـقى سبب التخـلف ([125]) لأنـه قـائم على ثقـافة مـاضوية، لفظية، عقيمـة اجتـرارية، انتهـازية، نفعيـة، محافظة، رجعيـة، تقليدية ... الخ ( [126]) . ولا يمكن أن تنهض الحياة العربية ويبدع الإنسان العربي إذا لم تنهدم البنية التقليدية للـذهن العربي، وتتغير كيفية النظر والفهـم التي وجهت الذهـن العربي ومـا تزال توجهه ( [127]) .
والوسيلة المجدية لذلك هي"" هدم الأصل بالأصل نفسه "" وإذا كان التغير يفترض هدماً للبنية التقليدية القديمة، فإن هذا الهدم لا يجوز أن يكون بآلة من خارج التراث العربي، وإنما يجب أن يكون بآلة من داخله، وإن هدم الأصل يجب أن يمارس بالأصل ذاته ( [128]). هذه الآلة ما هي إلا التأويل الباطني الغنوصي الذي ينفي النبوة الإسلامية ويقيم على أنقاضها دين العقل( [129]) 0
([1]) حاول تركي علي الربيعو في كتابه " الإسلام وملحمة الخلق الأسطورة " أن يعقد مقارنات بين العقائد الإسلامية والأساطير القديمة زاعماً أن إسلامنا ما هو إلا امتداد لهذه الأساطير . وانظر : رشيد الخيون " جدل التنزيل " ص 74، 75 يقول الخيون : إن طه اسم إله عند الهنود الحمر، وعند السومريين اسم مسيح منتظر . قلت: إن طاهايو الذي ينتظره السومريين ما هو إلا بشارة بطه أي بمحمد صلى الله عليه وسلم .
([2]) انظر : سيد القمني " رب الزمان " ص 168 .
([3]) انظر لأركون " القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني " ص 108 و " نافذة على الإسلام " ص 114 و " تاريخية الفكر العربي الإسلامي " ص 231 وانظر : طيب تيزيني " النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة " ص 113 وانظر " عبد المجيد الشرفي " الإسلام بين الرسالة والتاريخ " ص 26 .
([4]) انظر : محمد شحرور " نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي " ص 348 .
([5]) أركون " نافذة على الإسلام " ص 171 .
([6]) انظر : أركون " قضايا في نقد العقل الديني " ص 326 .
([7]) انظر : أركون " أين هو الفكر الإسلامي المعاصر " ص 169 – دار الساقي لندن ط 1 / 1997 وانظر : إلياس قويسم " إشكالية قراءة النص القرآني في الفكر العربي المعاصر ، نصر حامد أبو زيد نموذجاً " بحث لنيل شهادة الدراسات المعمقة في الحضارة الإسلامية – جامعة الزيتونة – تونس 1420 هـ 1999 – 2000 م / ص 201 .
([8]) انظر : أركون " قضايا في تقد العقل الديني " ص 194 .
([10]) انظر : أركون " قضايا في نقد العقل الديني " ص 60 و ص 328 ، 318 .
([11]) انظر : نصر حامد ابو زيد " الخطاب والتأويل " ص 227 .
([12]) انظر : أركون " مجلة رسالة الجهاد " عدد 40 ، ص 59 ، 60 نقلاً عن عبد الرازق هوماس " القراءة الجديدة للقرآن الكريم في ضوء ضوابط التفسير " رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا – جامعة محمد الخامس – كلية الآداب والعلوم الإنسانية 1408 هـ 1987 – 1988 شعبة الدراسات الإسلامية .
([13]) انظر : أركون " قضايا في نقد العقل الديني " ص 175 وانظر : أبو زيد " مفهوم النص " ص 16.
([14]) أركون " قضايا في نقد العقل الديني " ص 174.
([15]) انظر : أركون " نافذة على الإسلام " ص 170 .
([16]) انظر : عبد المجيد الشرفي " الإسلام بين الرسالة والتاريخ " ص 45 .
([17]) انظر : أركون " قضايا في نقد العقل الديني " ص 28 .
([20]) نقلاً عن عبد الرزاق هوماس " القراءة الجديدة في ضوء ضوابط التفسير " " ص 169 ويحيل إلى مصدر لأركون باللغة الفرنسية .
([21]) انظر : أركون " تاريخية الفكر " ص 217 .
([22]) انظر : رمضان بن رمضان " خصائص التعامل مع التراث الإسلامي عند محمد أركون من خلال كتابه قراءات في القرآن " ص 15 ، 16 والباحث تلميذ لأركون ويحيل إلى كتابات لأركون باللغة الفرنسية – جامعة تونس الأولى بمنوبة – 1991 م تونس – شهادة الكفاءة في البحث – قسم اللغة العربية – إشراف د . عبد المجيد الشرفي .
([23]) انظر : رمضان بن رمضان " خصائص التعامل من التراث " ص 17 .
([24]) انظر : نصر حامد أبو زيد " مفهوم النص " ص 16 .
([25]) انظر : نصر حامد أبو زيد " مفهوم النص " ص 17 .
([27]) انظر : أركون " قضايا في نقد العقل الديني " ص 293 .
([28]) انظر : أركون " تاريخية الفكر العربي الإسلامي " ص 52 .
([31]) انظر : طيب تيزيني " النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة ص 167.
([32]) انظر : محمـد سعيـد العشماوي " معالم الإسلام " ص 8 طبعة القاهرة 1989 وانظر للدكتور محمد عمارة " سقوط الغلو العلماني " ص 12 .
([33]) انظر : العشماوي " معالم الإسلام " 132 وانظر : د . عمارة " سقوط الغلو العلماني " ص 17 .
([34]) د . عبد الله خورشيد البري " القرآن وعلومه في مصر " ص 112 دار المعارف بمصر 1969 م .
([35]) انظر : البري السابق ص 5 ، 108 ، 116 ، 117 . وانظر د . عمارة " الإسلام بين التزوير والتنوير " ص 202 .
([36]) انظر : السابق ص 112 ، 113 . وانظر : د . محمد عمارة " الإسلام بين التزوير والتنوير " ص 203 .
([39]) انظر : د. محمد أحمد خلف مقال في جريدة الأهرام 16 / 9 / 1987 صفحـة الحوار القومي نقلاً عن فهمي هويدي في " المفترون " ص 170 .
([40]) نقلاً عن فهمي هويدي " السابق " ص 174 ، 180 .
([42]) السابق ص 182 والنصوص لخلف الله ينقلها عنه فهمي هويدي .
([43]) انظر : د. طيب تيزيني " النص القرآني إما إشكالية البنية والقراءة " ص 113 .
([44]) انظر : د. محمد شحرور " الكتاب والقرآن – قراءة معاصرة " ص 555 فما بعد دار الأهالي – دمشق .
([45]) انظر : جمال البنا " تثوير القرآن " ص 10 ، 11 – د ، ط / د ، ت دار الفكر الإسلامي – القاهرة .
([46]) انظر : د. نصر حامد أبو زيد " مفهوم النص " ص 74 .
([47]) انظر : القمني " رب الزمان " : ص 187 .
([49]) انظر : نصر حامد " مفهوم النص " ص 72 .
([50]) انظر : " مفهوم النص " 71 .
([51]) انظر : القمني " رب الزمان " ص 206 .
([52]) القمني : " الحزب الهاشمي " ص 54 .
([56]) انظر : د. نصر حامد أبو زيد " الخطاب والتأويل " ص 135 .
([57]) انظر : د. نصر حامد أبو زيد " مفهوم النص " ص 72 ، 74 وأنور خلوف " القرآن بين التفسير والتأويل والمنطق العقلي " ص 122 دار حوران – الطبعة الأولى – سوريا 1997 وانظر : القمني " الحزب الهاشمي ص 116 .
([58]) انظر : سيد القمني " الحزب الهاشمي " ص 66 .
([59]) انظر : " السابق " ص 122 ، 124 .
([60]) انظر : السابق ص 117 ، 118 .
([61]) انظر : د. طيب تيزيني " النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة " ص 163 ، 164 وانظر لأركون " تاريخية الفكر العربي الإسلامي " ص 146 ، 202 ، 206 و رمضان بن رمضان " خصائص التعامل مع التراث الإسلامي لدى محمد أركون من خلال كتابه " قراءات في القرآن " ص 17 .
([62]) انظر : د. أركون " الفكر الإسلامي نقد واجتهاد " ص 63 وانظر : " العواصم من قواصم العلمانية " ص 211 .
([63]) انظر : د. طيب تيزيني " النص القرآني " ص 344 .
([64]) : انظر : لأركون " القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني " ص 12 و " قضايا في نقد العقل الديني " ص 101 ولا حاجة للإحالة أكثر لأن هذه اللفظة تعتبر مصطلحاً يتميز به أركون عن غيره في كل كتاباته ، وقد لاحظ ذلك عابد الجابري واعتبر مفردة الأرثوذكسية تميز أركون عنه أما هو الجابري فما يميزه مصطلحي " اللفظ والمعنى" أو " الأصل والفرع " انظر : الجابري " التراث والحداثة " ص 321 . والأرثوذكسية في الأصل تعني الرأي المستقيم ولكن أركون لا يقصد بها أن هذا النوع من الإسلام هو الإسلام الصحيح، إذ لا يوجد عنده إسلام صحيح، وإنما يعني بالإسلام الأرثوذكسي وفي كل مكان ترد فيه مضافة إلى الإسلام أو الفكر الإسلامي يعني أنه إسلام مستقيم من وجهة نظر أصحابه ، ولذلك يضعها بين قوسين ، وهذا ما يوضحه مترجم أركون هاشم صالح انظر : " القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني " هامش المترجم ص 44 ويوضح هذا المعنى أيضاً تلميذ أركوني آخر بقوله : " مفهوم الأرثوذكسية الذي يعني في الاصطلاح ، الرأي الدوغمائي أو العقائدي المتصلب والمتزمت الذي فرض نفسه بالقوة ، بصفته الرأي الصيحيح أو المستقيم ، أي لم يفرض نفسه عن طريق الإقناع والمحاجة والمناقشة المسبقة كما يحاول أن يوهمنا وينجح بسبب مرور الزمن المتطاول " انظر : خالد السعيداني " إشكالية القراءة في الفكر العربي الإسلامي المعاصر " ص 231 . ويوضح أركون نفسه مراده بإطلاق الأرثوذكسية على الإسلام أو الفكر الإسلامي فهو يعني بها المبادئ والمسلمات والبديهيات المشكلة للاعتقاد الديني التي لا يمكن التمرد عليها دون عقوبة ، وبهذا المعنى فإن هناك أرثوذكسيات إسلامية تتفرع إلى أرثوذكسيات سنية أو شيعية فالسيادة الأرثوذكسية هي كل سلطة دينية تمنع كل محاولة نفاذ نقدية داخل الأطر المشكلة لمنظومتها الدينية ، نظراً لأن إعادة القراءة يهدد ثبات مكانتها ومصالحها . انظر " لأركون " العلمنة والدين " دار الساقي ط 2 / 1993 ص 14 وانظر : إلياس قويسم " إشكالية قراءة النص القرآني في الفكر العربي المعاصر . نصر حامد أبو زيد نموذجاً " ص 104 . وانظر: رمضان بن رمضان " خصائص التعامل مع التراث العربي الإسلامي لدى محمد أركون من خلال كتابه قراءات في القرآن " ص 35 .
([65]) انظر : لأركون " نافذة على الإسلام " ص 24 ، 172 و لعلي حرب " نقد النص " ص 127 .
([66]) انظر : لأركون " قضايا في نقد العقل الديني " ص 174 ، 175 .
([67]) انظر : لأركون " تاريخية الفكر العربي الإسلامي " ص 115 ، 116 وانظر : عبد الرزاق هوماس " القراءة الجديدة للقرآن الكريم في ضوء ضوابط التفسير " ص 286 .
([68]) انظر : نصر حامد أبو زيد " الخطاب والتأويل " ص 108 .
([69]) انظر : أركون " تاريخية الفكر " ص 115 ، 116 .
([70]) د. أركون " الفكر الإسلامي قراءة علمية " ص 115.
([74]) انظر : د.طيب تيزيني " النص القرآني أمام إشكالية البنية والقراءة " ص 147 وانظر : أركون " تاريخية الفكر " ص 180 ، 132، 202 وانظر : له " نافذة على الإسلام " ص 14 ، 106 وانظر : عبد المجيد الشرفي " لبنات " ص 77 .
([75]) انظر : د. طيب تيزيني " السابق " ص 162.
([77]) انظر : د. تيزيني " السابق " ص 158 ، 159 .
([78]) انظر :د. عبد المجيد الشرفي " لبنات " 77 .
([79]) انظر : د.طيب تيزيني " النص القرآني " ص 166 .
([82]) انظر : السابق ص 173 ، 174 .
([83]) انظر : د. تيزيني " السابق "ص 176 وانظر أركون " تاريخية الفكر " ص 180 حيث يستخدم مصطلح المجموعات الإتنية و الإثنية أو الإتنية : تأتي للدلالة على تصنيف عرقي ثقافي وهي مشتقة من الإثنولوجيا التي تعني علم الأجناس البشرية حيث يدرس هذا العلم القوانين العامة لتطور البشرية انظر : رابعة جلبي " ملحق من إعدادها تعرف فيه بعض المصطلحات " ملحق بكتاب " الإسلام والعصر " مشترك بين د . البوطي – تيزيني ص 239 .
([84]) انظر : د. تيزيني " السابق " 176 .
([85]) انظر : د. محمد أركون " قضايا في نقد العقل الديني " ص 230 وتلميذه خالد السعيداني " إشكالية القراءة في الفكر العربي الإسلامي المعاصر نتاج محمد أركون نموذجاً " ص 79 بحث لنيل شهادة الدراسات المعمقة في الحضارة الإسلامية – جامعة الزيتونة – تونس – المعهد العالى لأصول الدين 1428 هـ 1997 م إشـراف د . محمـد محجـوب وانظـر : حسين أحـمد أميـن " حول الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية " ص 27 ، 197 .
([86]) انظر :د.جورج طرابيشي " إشكاليات العقل العربي " ص 13 وأصحاب هذه التفرقة في الأصل هم المستشرقون كما يشير طرابيشي.
([87]) انظر : د. نصر حامد أبو زيد " النص السلطة الحقيقة " ص 14 .
([88]) انظر : جاك بيرك " القرآن وعلم القراءة " ص 131 ترجمة وتعليق منذر عياشي – دار التنوير – بيروت – مركز الإنماء الحضاري – حلب ط 1 / 1996 تقديم : د . محمود عكام .
([89]) انظر : المصدر السابق هوامش المترجم منذر عياشي ص 131 ، 132 .
([90]) انظر : د. زكي نجيب محمود " تجديد الفكر العربي " ص 68 يعني لا يمكن تحديد نموذج تطبيقي له في الواقع فيكون معياراً يرجع إليه.
([91]) انظر : " الصادق النيهوم " صوت الناس ، محنة ثقافة " ص 155 .
([92]) انظر : د. طيب تيزيني " الإسلام والعصر " ص 129 ، 130 .
([93]) انظر : د. طارق حجي " الثقافة أولاً وأخيراً " ص 20.
([94]) انظر : عبد الهادي عبد الرحمن " سلطة النص " ص 41 ، 42 .
([95]) انظر : حسين أحمد أمين " حول الدعوة إلى تطبيق الشريعة " ص 5 ونصر حامد أبو زيد " الخطاب والتأويل " ص 195 ، 197.
([96]) انظر : د. عبد المجيد الشرفي " لبنات " ص 50 وانظر له أيضاً " الإسلام بين الرسالة والتاريخ " ص 47 يفرق برجسون بين الدين المغلق والدين المفتوح والأخلاق المغلقة والأخلاق المفتوحة انظر : مراد وهبة " المذهب في فلسفة برجسون " ص 92 ص 140 ، 142 .
([97]) والمقصود بالفهم الحرفي هو الفهم المستقر بين الأمة للإسلام والذي يدين به مليار مسلم ودانت به الأمة منذ أربعة عشر قرناً . والفهم الحرفي والحرفيين كلمة تتكرر كثيراً لدى العلمانيين .
([98]) قال د. أركون ذلك في حوار مع إحدى المجلات الفرنسية انظر : عبد الرزاق هوماس " القراءة الجديدة للقرآن الكريم في ضوء ضوابط التفسير " ص 171 .
([99]) انظر : د. حسن حنفي " التراث والتجديد " ص 67 طبعة القاهرة 1980 وطبعة بيروت – دار التنوير 1980- ص 53 وانظر : د. محمد عمارة " الإسلام بين التنوير والتزوير ص 196 وانظر : جورج طرابيشي " المثقفون العرب والتراث " ص 212 وانظر " التأويل في مصر في الفكر المعاصر " ص 326 .
([100]) انظر : د. أركون " القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني " ص 69 إن مثل هذه المفاهيم بنظر أركون جاءت في سياق تاريخي لتحقيق سيادة المؤمنين على غيرهم من الفئات الأخرى كاليهود والنصارى ، لتأسيس مشروعية سلطوية للنبي والمؤمنين متميزة عن الفئات الأخرى ، فهي إذن مفاهيم تاريخية مهمتها تحقيق مصالح مباشرة لفاعلين اجتماعيين " أي للمؤمنيين " انظر : " أركون " القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني " ص 70 ، 71 .
([101]) انظر : د. أركون " الفكر الإسلامي قراءة علمية " ص 114 .
([102]) انظر : د. أركون " قضايا في نقد العقل الديني " ص 39 .
([103]) انظر : علي حرب " نقد النص " ص 155 .
([104]) انظر : علي حرب " نقد النص " ص 153 .
([106]) انظر " علي حرب " الممنوع الممتنع في نقد الذات المفكرة " ص 28 .
([108]) انظر لأركون " تاريخية الفكر العربي الإسلامي " ص 146 وانظر عبد الرزاق هوماس " القراءة الجديدة " ص 84 .
([109]) انظر : خالد السعيداني " إشكالية القراءة في الفكر العربي الإسلامي المعاصر ، نتاج محمد أركون نموذجاً " ص 56 ورمضان بن رمضان " خصائص التعامل مع التراث العربي الإسلامي لدى محمد أركون في كتابه قراءات في القرآن " ص 16 .
([110]) علي حرب " نقد الحقيقة " ص 58 .
([111]) انظر : د. نصر حامد أبو زيد " مفهوم النص " ص 20 .
([112]) انظر : لأركون " تاريخية الفكر " ص 217 .
([114]) انظر : د. حسن حنفي " التراث والتجديد " ص 99 .
([115]) د. عبد الله العروي " الإيديولوجيا العربية المعاصرة " ص 16 وانظر : مبروكة الشريف جبريل " الخطاب النقدي في المشروع النهضوي العربي العروي والجابري نموذجاً " ص 41 .
([116]) انظر : أركون " تاريخية الفكر " ص 26 .
([117]) انظر : خالد السعيداني " إشكالية القراءة " 125 .
([118]) انظر : د. نصر حامد أبو زيد " الخطاب والتأويل " ص 116 والحديث عند نصر حامد عن أركون وانظر ص 235 .
([119]) انظر : علي حرب " نقد النص " ص 72 ، 143 ، 144 .
([120]) انظر : د. أركون " القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني " ص 6 .
([121]) انظر : د. نصر حامد أبو زيد " الخطاب والتأويل " ص 228 .
([122]) انظر : د. عبد الله العروي " مجمل تاريخ المغرب " ص 25 نقلاً عن مبروكة الشريف " الخطاب النقدي " ص 133 .
([123]) د. العروي " الإيديولوجيا العربية المعاصرة " ص 104 وانظر : مبروكة الشريف " الخطاب النقدي " ص 115 .
([124]) د. العروي " العرب والفكر التاريخي " ص 225 وانظر" مبروكة الشريف ص 101 .
([126]) انظر : د. " مبروكة الشريف " الخطاب النقدي " ص 53 وهي كلمات متفرقة في خطاب عبد الله العروي تحصيها الباحثة .
([127]) انظر : أدونيس " علي أحمد سعيد " الثابت والتحول " 1 / 32 ، 33 دار العودة – بيروت 1974 .
([128]) انظر : السابق 1 / 33 وانظر نصر حامد " إشكالية القراءة " آليات التأويل " ص 232 .
([129]) انظر : أدونيس " الثابت والتحول " 2 / 209 - ط 4 / 1986 – دار العودة – بيروت .
-
الخميس PM 06:16
2021-08-19 - 2345