المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412613
يتصفح الموقع حاليا : 295

البحث

البحث

عرض المادة

دُعَاءُ دُخُولِ المَسْجِدِ والخروج منه

المساجد هي أظهر بقاع الأرض، لأنها جعلت لعبادة الله تعالى، ولذكره ولقراءة القرآن، فهي من حيث الطهر أطهر البقاع، ومن حيث الغرض فقد شيدت لأشرف الأغراض، فإن كان هذا حالها ومقامها، وفي بدن الإنسان ما هو أكرم من غيره، فناسب أن يقدم المكرم عند اللقاء، وهذا من الأدب، وأن يكون آخر ما يغادر بيت الله من الإنسان عضوه المكرم، ولما كان سير الإنسان على قدمين يمنى ويسري، والمنى أكرم من اليسري، فقد شرع الإسلام للمسلم دخول المسجد بقدمه اليمنى، وخروجه عند الخروج بالقدم اليسري، لتكون اليمنى هي أول ما يدخل المسجد وآخر ما يجرج من الإنسان من المسجد.

وَيَقُولُ عند دخوله: ((أَعُوذُ بِاللَّهِ العَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)) (1) ((بِسْمِ اللَّهِ، وَالصَّلَاةُ)) (2) ((وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ)) (3) ((اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ)) (4).
فهو يتعوذ من عدوه الذي قعد له طرق الخير كلها ليصده عنها، فقد توعد الشيطان بني آدم فقال لله: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)} [الأعراف]، وهل هناك أشد على الشيطان من الصلاة، التي من أركانها السجود وهي العبادة التي أبي الشيطان أن يفعلها لما أمره الله به، قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)} [الكهف] فالعبرة ليس يسجد لمن؟ إنما العبرة أن الشيطان عصى من وفي أي أمر عصاه، والمسلم حين دخل، دخله طاعة لمن؟ وفي أي أمر يطيعه؟
ابليس عصى الله وأبي السجود، والمسلم أطاع الله، ويكرر السجود مرتين في كل ركعة، عكس القيام والركوع فإنهما لا يتكرران في الصلاة اللهم إلا صلاة الكسوف.
فهنا الشيطان بكل ما لديه يريد أن يصد الإنسان، والإنسان لا يرى عدوه، فهو في حرب من عدو خفي، فمن ذا الذي يقيه شر عدوه الذي لا يراه؟ إنه الله، لذا فالمسلم يسأل ربه العظيم، القدير على فعل الأمر العظيم، ويسأله بوجهه الكريم، الذي يستحق من العباد كل خير، ومن هذا الخير الصلاة، فالله أهل لكل خير من العبد لأنه أهل كل خير للعبد، وسلطانه القديم، الذي سبق عداوة الشيطان للإنسان، فكأن المسلم يسأل ربه، الذي سلطانه موجود من قبل خلق الإنس والجن أنفسهم، وكان هناك زمان في القدم سبق عداوة الشيطان للإنسان، و لم يكن للشيطان سلطان على أحد، أن لا يجعل للشيطان سلطان عليه، حتى لا يفسد عليه صلاته.
ثم يسم الله، الذي هو بركة كل شيء، ومن الأعمال التي تطلب البركة فيها الصلاة فهي خير موضوع في الإسلام.
ثم يدعو بالصلاة والسلام على رسول الله، ثم يسأل الله أن يفتح له أبواب رحمته، وهنا لم يدعو الله بفتح باب الرحمة، بل بفتح أبواب الرحمة، والله استوى على عرشه باسمه الرحمن، ليرحم المسلم والكافر والدواب والهوام، وكل خلقه، ثم جعل للمؤمنين من دون خلقه تسعة وتسعين رحمة اختصهم بها يوم القيامة، فلا يعلم رحمات الله ولا أبوابها إلا هو سبحانه، ولكن المسلم حين يدخل على الملك في بيته، فليعظم المسألة ولا يسأل شيئا ضئيلا، فإن الملك كريم.
وانظر إلى سؤال العبد، بعدما دعا الله بصرف الشواغل المتمثلة في الشيطان، وبدأ بالسؤال، من الذي قدمه في السؤال؟
قدم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه، فدعا للنبي بالصلاة والسلام أولا، ثم دعا لنفسه، وفي هذا بيان أن النبي أولي بالمسلم من نفسه، وبهذا جاء القرآن، قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ (6)} [الأحزاب] فالمسلم الحق الذي يقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفسه، وهو ما كان من السلف رضى الله عنهم، فعمر رضى الله عنه، ضرب عظيم المثل في سرعة حب النبي، لما قال النبي: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين، فقال عمر: لأنت أحب إلى من كل أحد إلا نفسي التي بين جنبي، فقال النبي - رضي الله عنه -: لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك التي بين جنبك. فقال عمر: لأنت أحب إلى من نفسي التي بين جنبي، فقال النبي: - صلى الله عليه وسلم - الآن يا عمر.
فالمسلم ينبغي أن يحب النبي أكثر من نفسه، لأن النبي هو الذي دله على الجنة، ونفس المسلم لا تعرف طريق الجنة ولا تدخلها إلا وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فناسب أن يشرع الله من الدعاء للعباد، ما يصل بهم إلى أرفع درجاته الحب الوفاء، والذي هو من كمال الدين الذين يأجرهم الله عليه النور العظيم الذي طلبوه، لأن للإيمان نور ,ومما يبلغهم مسألتهم من النور الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه من موافقات الشريعة.

- دُعَاءُ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ


فإذا قضى المسلم صلاته، وخرج يطلب رزق الله وفضله، خرج بقدمه اليسرى، وَيَقُولُ: ((بِسْمِ اللَّهِ وَالصّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِك، اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ))
فالمسلم يسم الله، وهو خارج للكدح في الأرض، لما لاسم الله من بركة، ولما للصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم من بركة، ثم يسأل الله أن يفتح له أبواب رزقه، ثم يسأله أن يعصمه من الشيطان.
وهنا قدم المسألة بعد الإستعاذة من الشيطان، وعند دخول المسجد قدم الإستعاذة من الشيطان على المسألة، لأنه كان قد سأل الله العصمة من الشيطان من قبل عند دخوله المسجد، ولأن ترصد الشيطان لإفساد العبادة أشد، وهو قد استعاذ من الشيطان، وحاجته الآن إلى فضل الله الذي من ضمنه الرزق الذي يتقوت به وهو لازم من لوازم البقاء على قيد الحياة للتعبد، ثم هو لم يترك التعوذ من الشيطان مطلقا، بل سأله مرة أخرى بعد سؤاله حاجته.

_________
(1) أبو داود، برقم 466، وانظر: صحيح الجامع، برقم 4591.
(2) رواه ابن السني، برقم 88، وحسنه الألباني في الثمر المستطاب، ص 607.
(3) أبو داود، 1/ 126، برقم 465، وانظر: صحيح الجامع، 1/ 528.
(4) مسلم، 1/ 494، برقم 713، وفي سنن ابن ماجه من حديث فاطمة - رضي الله عنها -: ((اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك))، وصححه الألباني لشواهده. انظر: صحيح ابن ماجه، 1/ 128 - 129.

 

  • الثلاثاء PM 07:04
    2021-08-10
  • 1417
Powered by: GateGold