ملخص كتاب "التدريب وأهميته في العمل الإسلامي" - الجزء الاول - مشروع الحصن ll للدفاع عن الإسلام والحوار مع الأديان والرد على الشبهات المثارة ll lightnews-vII

المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 442658
يتصفح الموقع حاليا : 78

البحث

البحث

عرض المادة

ملخص كتاب "التدريب وأهميته في العمل الإسلامي" - الجزء الاول

تأليف: د محمد موسى الشريف

دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع- جدة

الطبعة الرابعة -2003م

تلخيص: فاطمة محب

تمهيد:

-يرى الكاتب أن العالم بأسره قد التفت إلى أهمية قضية التدريب في المجالات المختلفة، وهو يرى أنها من الأهمية بمكان في العمل الإسلامي بشكل عام والدعوي بشكل خاص، إلا أن الغالبية العظمى من العاملين في هذا المجال –مؤسسات وأفرادًا- لا يضعون قضية التدريب نصب أعينهم، مما نتج عنه مجموعات ممن نحسبهم صالحين، عندهم مقوّمات المسلم الصالح، لكنهم يتصدرون مجال الإصلاح بالدعوة وهم مفتقرون إلى ألف باء تدريب، فلا تأتي النتيجة لصالح العملية الدعوية ولا لصالح المدعوّين.

وقد قُتِل الحديث بحثًا حول التدريب نظريّا، لذلك سيكون تسليط الضوء في هذا الكتاب على التناول العملي لأمر التدريب في الدعوة.

-"الداعية إنسان مجهز تجهيزًا خاصًا" عبارة نفيسة لأستاذ عبد البديع صقر في كتابه "كيف ندعو الناس " وهي المحور الذي يدور حوله كتاب د محمد موسى وحلقة الوصل بين مباحثه، مستهدفًا إضاءة الطريق لإحداث التوازن بين الضوابط المؤصلة والنظريات الهادية، ومهارات الدعوة العملية، والنقد البنّاء.

إذا سلّمنا بأن هناك شوطًا على المسلم أن يقطعه بين كونه (مسلما صالحًا) وكونه (داعيًا مُصلِحًا) وبأن هذا الشوط يتوقف عليه شوط آخر بين (الداعية) و(المدعوّ) وبأنهما مرتبطان ببعضهما البعض، كلما قُطِع من الأول قصرت المسافة في الثاني، فلنبدأ معًا الإبحار في محيط التدريب وأهميته في العمل الإسلامي برؤية د محمد موسى الشريف.

 

الفصل الأول: معنى التدريب وأهميته ووسائله وتأصيله من الكتاب والسنّة وعمل السلف الصالح

المبحث الأول: معنى التدريب وأهميته ووسائله:

المطلب الأول: معنى التدريب وأهميته:

-التدريب لغةً: التعويد والتمرين

-التدريب اصطلاحًا: هو ارتقاء دائم وانتقال من طور إلى طور وهو مواكبة ومقاربة لما عليه الماهرون والأقوياء في مناهجهم القويمة وطرائقهم المستقيمة ونشاطاتهم الفاعلة.

-العلاقة بين التدريب والتنظير:

أ-العلاقة بين التدريب العملي والتأهيل النظري:

 التدريب أحد قسميّ التأهيل، فالتأهيل ينقسم إلى: عملي ونظري، وكلاهما مهم، لكن البرامج التدريبية تفترض وجود حد معين من الفهم والوعي يقبل البناء عليه.

ب-العلاقة بين التدريب والتخطيط:

يجب أن يتميز البرنامج التدريبي الناجح بالاستمرارية المخطَّط لها بإتقان، كي لا يصاب المتدربون بالركود، والتخطيط الجيد يراعي بعض الأمور منها: الفروق الفردية بين المشاركين، والمستوى الحالي لتعليمهم وقدراتهم، وتنوع اتجاهاتهم، واختلاف الزمان والمكان، وغير هذا.

ج-العلاقة بين التدريب والتطبيق:

هناك فجوة كبيرة بين التدريب والتطبيق في عالمنا الإسلامي المعاصر، من نتائجها: عدم التمكين لمن درس علمًا أن يعمل في مجال دراسته، وعدم وجود إمكانات في بعض الدول الإسلامية والعربية التي تعين أبناءها على العمل بها مما يضطرهم إلى الاستقرار خارجها وبالتالي عدم انتفاع مجتمع المسلمين من كفاءات وخبرات مهمة.

-أهمية التدريب:

إن الحاجة إلى التدريب تنبع من اعتبارات عديدة نذكر منها:

1-اكتساب معلومات جديدة.

فبالتدريب تنتعش المعلومات التي درسها المتدرب من قبل، ويزيد عليها ما يكتسبه من المدرب من معلومات جديدة مصقلة بالدروس العملية والخبرات الحياتية.

2-التدريب طريق الارتقاء.

كلما اقتربت الأمة من بؤرة الحياة المعاصرة زادت حاجتها إلى التدريب والتطوير، ونجد أن أمريكا على رأس قائمة الدول المهتمة بالتدريب، حيث تنفق على التدريب سنويا ما يعادل 120 مليار دولار.

3-التدريب طريق استيعاب التقنية الحديثة.

التطور السريع الذي يعيشه العالم اليوم يبيّن قوانين ونظما جديدة، واستيعاب هذا كله يحتاج إلى أن يسعى الناس إلى التدريب مهما كانت المشاق.

4-الثقة في النفس وقدراتها وطاقاتها.

المرء مجبول على الخوف مما يناط به، والتدريب يكسب المتدرب ثقة وقوة ويعينه على ترويض مشاعر الخجل، فيقبل على ما كلّف به من أعمال مهما عظمت، وخير دليل قصة موسى –عليه السلام- حيث دربه الله تعالى على مواجهة فرعون وكيفية استعمال العصا، فاطمأن وانطلق قويا ثابتا.

5-شمول التدريب لجوانب كثيرة في الحياة.

مثل: فن الحوار، وفن الصمت، وإدارة الوقت، وإدارة الأعمال، ورسم الأهداف، ومهارات التفاوض، والتفكير الإبداعي، وغير هذا.

-باعث التدريب:

الباعث الرئيس بأهمية التدريب يكون من الشخص نفسه، فهو الأعلم بمهاراته وقدراته وما يحتاجه لتطوير ذاته، ومن غير المقبول أن يظل الإنسان ساكنا في مربعه لا يتحرك على الرغم مما يملك من الذكاء والعلم والقدرات، لا لشيء إلا لمهارة تنقصه، يمكنه التدرّب عليها لمدة أشهر معدودة تنقله نقلة عظيمة في مجاله.

ونرى هذا القصور والرضا بالنقص والتقاعس في كل المجالات ولا سيما مجال العمل الإسلامي، ولعل من أهم بواعث التدريب عند الشباب المسلم علمه بما يوليه النصارى خاصةً وأعداء الإسلام كافةً من اهتمام خاص بالتدريب.

-التدريب عند النصارى:

إن النصارى لهم سبق واضح في مجال تدريب، فهم لا يرسلون مبعوثا إلى أي مكان حتى يدربوه على كيفية التعامل مع أهله ولغة التخاطب المثلى ويطلعوه على أنشطة هذا المكان…إلخ، وقد أعد المنصِّرون كتبا إرشادية فيها كل الخطوات اللازمة للتحرك والعمل في أرجاء الأرض.

بمقارنة بسيطة بين هذا وما يجري في المؤسسات الإغاثية الإسلامية، نجد بونًا شاسعًا من حيث الاهتمام بالإعداد والتدريب وصقل المهارات والاطلاع على ثقافة الشعب المرسَل إليه المبعوث.

لهذا ينبغي أمران لا غنى عنهما:

1-أن تقوم الهيئات الدعوية ووزارة الشئون الإسلامية والجهات المعنية بالعمل الإسلامي بإقامة الدورات اللازمة لتحسين العمل وتطوير آداء العاملين.

2-إن لم يكن مثل هذا الأمر، فينبغي على الشخص أن يسعى سعيا جادا حتى يلتحق بما تيسر من دورات تدريبية، ويحرص على الانتفاع بها.

ومن جوانب زرع باعث التدريب في النفوس أن يبين أمران:

1-ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فبعض الأعمال الدعوية القيام بها واجب، ويصبح بالتالي التدرب عليها واجبًا.

2-كل الجهد المبذول في التدريب وإنهاك الجسد يقابَل إن شاء الله بالحسنات والدرجات العلا وهذا من المعلوم من الإسلام.

 

المطلب الثاني: وسائل التدريب:

-تتعدد وسائل التدريب، وذكر منها الكاتب:

أولا: إنشاء المؤسسات الخاصة بالتدريب الدعوي العملي.

يمكن إنشاؤها في الجامعات ومراكز الدعوة وغيرها، حيث يتولى التدريب فيها علماء كبار جمعوا بين العلم والخبرة العملية، وينبغي إلزام من يريد التصدر للدعوة بحضور دورات في تلك المؤسسات حتى تصقل مواهبه وينضبط عنده التلقي المقرون بالتدريب والتجربة.

ثانيا: تضمين مناهج الجامعات والمعاهد والمدارس العليا قضايا التدريب على العمل الإسلامي.

الناظر إلى خريجي الجامعات والمعاهد يجد أن قليلا منهم يستطيع أن يتحدث بعبارات مقنعة وأسلوب سلس، ومن النماذج التي يجب أن يحتذى بها في المناهج الجامعة بين التلقي والتدريب على الدعوة والتأثير:

1-جامعة الأزهر وكلية الدعوة فيها: حيث جمعت بين الثقافة الإسلامية المشفوعة بالدراسات النفسية والاجتماعية، وبين التدريب العملي للطلاب على اعتلاء المنبر والحديث إلى الناس.

وذكر عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الداعية الناجح هو الذي يتحقق فيه –مع الإيمان بقضيته- المادة العلمية الغزيرة ثم فنّية الخطابة والقدرة على مخاطبة الناس بالكلمات والإيماءات.

2-جامعة الإيمان اليمنية: حيث استطاع القائمون عليها أن يجعلوا التدريب العملي على الدعوة جزءا أساسيا من المنهج الجامعي، ولنطلع الآن على جانب من أهداف مناهجهم:

*أهداف علوم الإيمان:

1-أن يتعلم الطالب الأدلة الموصلة إلى الإيمان ومفهومه بجميع أركانه وشعبه في ضوء الكتاب والسنة وآيات الله المشهودة، وعلى ضوء فهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان.

2-أن يتعلم الطالب مقومات الإيمان من توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات والنبوات والقضاء والقدر…إلخ.

3-أن يعي الطالب أهمية الإيمان ومقتضياته وآثاره على الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة.

4-أن يكتسب الطالب بصيرة في معرفة الله وصفاته تورث المحبة والخشية والتوكل.

5-أن يتبرأ الطالب من الشرك بكل صوره وأشكاله.

6-أن يتمكن الطالب من فهم التطبيقات السليمة للإيمان، وتقويم الفهم الخاطئ والتطبيقات المنحرفة.

7-أن يعرف الطالب نواقض الإيمان وشروط تحققها وأخطارها.

8-أن يفهم الطالب شبهات خصوم الإسلام القديمة والحديثة، وأن يكون قادرا على تفنيدها.

9-أن يدرس الطالب منهج البحث في علوم الإيمان.

<الصور التطبيقية:

1-أن يقوم الطالب بمراقبة نفسه وومحاسبتها بشأن مقدار تحققه بالإيمان عملا وحالا.

2-أن يقوم الطالب بإعداد البحوث وإقامة المحاضرات.

3-أن يشارك الطالب في رحلات التفكر والنظر وفي زيارة أكابر علماء المسلمين للاستفادة منهم.

4-أن يقوم الطالب بإعداد اللوحات والأنشطة.

5-أن يزور الطالب المكتبات ومراكز المعلومات.

6-أن يحصر الطالب الانحرافات المتعلقة بالإيمان ويرسم خطة –بالتشاور مع مشايخه- للعمل على تصحيحها.

7-أن يقوم الطالب بدعوة الذين اضطرب إيمانهم لإخراجهم من ظلمات الشك إلى نور اليقين.

8-أن يجري الطالب من التجارب العلمية ما يدعم الإيمان.

*أهداف فقه الدعوة والإعلام:

1-أن يفقه الطالب الآيات والأحاديث المتعلقة بالدعوة ويحفظها.

2-أن يتعلم الطالب دعوات الرسل ومناهجهم في الدعوة.

3-أن يتعلم الطالب أصول الدعوة ومناهجها قديما وحديثا، ومواقف الناس من الدعوة والدعاة.

4-أن يتعلم الطالب تاريخ الدعوة والدعاة والمصلحين ومناهجهم.

5-أن يتعلم الطالب صفات الداعية الناجح ويتحلى بها.

6-أن يتعلم الطالب أدب الدعوة إلى الله وأدب الخلاف بين الدعاة وحقوق الأخوة بين المسلمين.

7-أن يتعلم الطالب أصول الخطابة والمحاضرة والمناظرة والمحاورة وكيفية تنظيم وإدارة الحلقات والندوات والمناظرات.

8-أن يتعلم الطالب مفهوم الإعلام المعاصر ومقوماته ونظرياته ووسائله وأثره، وكشف أساليب الإعلام المعادي للإسلام.

9-أن تتكون لدى الطالب رؤية منهجية إسلامية في الإعلام تمكّنه من استخدامه في الدعوة إلى الله.

10-في مرحلة التخصص: يتعلم الطالب نشأة وتاريخ التطور الإنساني عبر العصور، ويتوسع في دراسة مقومات الإعلام المعاصر، والمنهج الإسلامي وجهود المختصين فيه.

11-أن يتخصص الطالب في أحد التخصصات الآتية: الصحافة، الإذاعة، العلاقات العامة.

12-أن يدرس الطالب خصائص الرأي العام وطرق التأثير عليه.

<الصور التطبيقية:

1-أن يقوم بإلقاء الخطب والمواعظ.

2-الخروج في رحلات للدعوة والبلاغ.

3-أن يمارس الدعوة في أهله ومجتمعه.

4-استخدام وسائل البلاغ والدعوة.

5-المشاركة في الندوات والمحاضرات والمناظرات والإسهام في تنظيمها وإدارتها.

6-المشاركة في الجمعيات والهيئات الدعوية.

7-ممارسة الدعوة في صفوف غير المسلمين.

8-متابعة أحوال الدعوة والدعاة في العالم وتقديم البحوث والتقارير بشأنها.

9-في مرحلة التخصص: إقامة علاقات أخوية مع جميع أصحاب الدعوات الإسلامية من أجل إقامة تواصل وتضييق جوانب الخلاف.

10-في مرحلة التخصص: إقامة المحاورات والمناظرات مع أئمة الضلال وأتباعهم.

*أهداف دراسة حاضر العالم الإسلامي وحركات التجديد:

أ-في المرحلة العامة:

1-التعرف على جغرافية العالم الإسلامي.

2-التعرف على العوامل التي أدت إلى سقوط الخلافة الإسلامية.

3-التعرف على الحركات الشعبوية والقومية في العالم الإسلامي ونشأتها وأهدافها.

4-التعرف على أساليب الغزو الفكري والخلقي الصليبي واليهودي والإلحادي.

5-التعرف على مظاهر التبعية بأنواعها المختلفة للاستعمار في العالم الإسلامي.

6-التعرف على سبل النهوض بالأمة الإسلامية في شتى المجالات.

7-التعرف على أهم الاتجاهات والحركات التجديدية الإسلامية.

8-فهم أن وحدة المسلمين القائمة على الالتزام بالإسلام أهم سبل النهوض بالأمة.

9-التعرف على مقومات الوحدة بين المسلمين.

10-فهم أن انهيار الاتحاد السوفيتي منذر بسقوط الحضارة الغربية.

ب-في مرحلة التخصص:

1-دراسة جوانب التكامل بأنواعه في العالم الإسلامي.

2-دراسة الحركات الهدامة المحلية والعالمية وكيفية مواجهتها.

3-دراسة مناهج بعض المفكرين الغربيين مقارنةً بمنهج التفكير عند المسلمين.

4-دراسة المؤامرات على الإسلام من خلال عدد من القضايا الملتهبة في العالم الإسلامي مثل: الصومال، فلسطين، وغيرها.

5-دراسة أسباب انهيار الاتحاد السوفيتي وآثاره وكيفية الاستفادة من هذا.

<الصور التطبيقية:

1-تتبع أخبار المسلمين والمشاركة في إيضاح واقعهم للغير.

2-كتابة أبحاث نظرية وميدانية تتعلق بواقع المسلمين.

3-كتابة مذكرات تعريفية للشخصيات والهيئات التي تسعى إلى وحدة المسلمين.

4-الدعوة بالكتابة والخطابة وغيرها.

5-زيارة بعض المناطق الإسلامية.

6-زيارة بعض المراكز المتخصصة في دراسة أوضاع المسلمين.

7-مشاهدة بعض الأفلام التي تعرّف بواقع المسلمين.

8-المشاركة في الصحف والمجلات الإسلامية العالمية.

9-القيام بنماذج عملية لشركات ومؤسسات تسهم في نهضة المسلمين.

 

3-الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد – كلية الدعوة: وهي كلية تعني ببرامج التدريب عناية واضحة، ومن أغراض المسئولين فيها فيما يخص جانب التدريب كما ذكروا:

1-وضع برامج تدريبية للأئمة وقادة المجتمع، وتدريبهم كذلك على مناهج دعوية حديثة.

2-الانفتاح على المجتمع بوضع برامج للانتساب وكتب في أدب الأطفال وغير ذلك.

 

ثالثا: الاستفادة من وسائل الإعلام الحديثة:

مثل: الشبكات الحاسوبية الداخلية والعامة، والقنوات الفضائية، وقنوات الإذاعة، وغيرها  من الوسائل التي تتميز بالانتشار الواسع وبالتالي تمثل ناقلًا جادّا للمواد الدعوية، لا سيما باستثمار التعطش الجماهيري لما يعرض اليوم في القنوات الفضائية من بعض البرامج الفكرية والثقافية والقرآنية الناجحة.

 

-قضايا تراعى في التدريب:

1-إلقاء معلومات محددة كما ونوعا سهلة الحفظ والتطبيق.

فلما أرسل النبي –صلى الله عليه وسلم- معاذا إلى اليمن قال له:

"ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم"

فهذه أمور متدرجة ومطالب واضحة محددة.

2-الوضوح في المهمة المطلوبة.

فلما أراد الرسول –صلى الله عليه وسلم-  أن يبعث معاذا إلى اليمن قال: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضى بكتاب الله، قال فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله؟ قال أجتهد رأيي ولا آلو؟ فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صدره وقال: الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله لما يُرضي رسول الله. انتهى الحديث.

وهذا التوضيح على الوجه التفصيلي الدقيق من أهم ما يعين الداعية على آداء مهمته.

 

 

المبحث الثاني: تأصيل التدريب من الكتاب والسنّة وعمل السلف الصالح: 

المطلب الأول: تأصيل التدريب من صنيع الله تعالى مع أنبيائه ورسله:

اصطفى الله –تعالى- أنبياءه ورسله على سائر الخلق، وأعدّهم لمهمة عظيمة، ومن جملة هذا الإعداد وقف الكاتب على بعض أشكال التدريب التي تلقّاها الأنبياء –عليهم السلام- في المدرسة الربّانية كي يقووا على القيام بما وُكل إليهم، ومن هذه الأشكال:

1-جعلهم رعاةً للغنم.

*تدريب على: القيادة وسياسة الأمر.

عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم".

2-العزلة قبل البعثة.

*تدريب على: جمع شتات الأمر،  والتخلص من شواغل الحياة، والتأمل والتدبر، وحمل لواء الحق منفردًا وحيدًا.

مثل: عزلة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في غار حراء قبل البعثة، وعزلة سيدنا موسى -عليه السلام- أربعين يوما قبل لقاء ربه.

3-الصلاة الطويلة الشاقة نحو قيام الليل.

*تدريب على: المشاق وأعباء الدعوة وتذليل الصعاب وحمل عبء الجهاد ، والأنس بالوحدة مع الله والخلوة إليه

قال الله –تعالى- في صورة المزمل: "يأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلا*نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلا* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا* إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا"

ولقد عرف الرسول –صلى الله عليه وسلم- حقيقة الأمر وقدره، فقال لخديجة –رضي الله عنها- وهي تدعوه لأن يطمئن وينام: "مضى عهد النوم يا خديجة".

4-التدرب على مواجهة الطغاة.

وليس أعظم ولا أدلّ على هذا من قصة موسى –عليه السلام- إذ أرسله الله –تعالى- إلى أمتي القبط وبني إسرائيل، ولصعوبة وعظم المهم، فقد أعدّه الله مسبقًا من أجلها.

من أبرز صور الإعداد: السنوات التي قضاها عند شعيب –عليهما السلام- ، وتدريبه على مواجهة فرعون بالعصا وكان الله –تعالى- قادرا على أن يثبّته بالمعجزة حين يلقى فرعون بغير تدريب مسبق، لكنها سنّته –تعالى- في كونه التي أراد أن يعلمنا إياها:

"وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ ﴿17﴾ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ ﴿18﴾ قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَىٰ ﴿19﴾ فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ ﴿20﴾ قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ ﴿21﴾ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَىٰ ﴿22﴾ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى ﴿23﴾ اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴿24﴾" سورة طه.

5-مواقف مختلفة:

أ-تدريب الرسول –صلى الله عليه وسلم- على الإجابة على الأسئلة المستقبلية:

"سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿١٤٢﴾" سورة البقرة

ب-تدريب داوود –عليه السلام- على صناعة الدروع:

"وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11)" سورة سبأ

 

 

 

 

المطلب الثاني: تأصيل التدريب من السنة المطهرة:

تتجلى في السنّة قيمة التدريب كما عرفها وعمل بها سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم-، ومن المواقف الدالة على ذلك:

1-تدريب الصحابة على الدعوة وطرائقها.

مثل: تدريب النبي –صلى الله عليه وسلم- لمعاذ –رضي الله عنه- على الدعوة والتدرج قبل أن يبعثه إلى اليمن. (راجع المبحث الأول –المطلب الثاني – ثالثا).

2-تدريب الصحابة على القضاء والفتوى.

عن عقبة بن عامر الجهني قال جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خصمان يختصمان فقال لي اقض بينهما فقلت بأبي وأمي أنت أولى بذلك منى فقال إقض بينهما فقلت على ماذا قال اجتهد فان أصبت فلك عشر حسنات وإن لم تصب فلك حسنة.

3-تدريب الصحابة على إدارة بعض شئون دنياهم.

عن أنس أن رجلا من الأنصار أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله ، فقال : " أما في بيتك شيء ؟ " ، فقال : بلى حلس نلبس بعضه ، ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء ، قال : " ائتني بهما " فأتاه بهما ، فأخذهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده ، وقال : " من يشتري هذين ؟ " . قال رجل : أنا آخذهما بدرهم ، قال : " من يزيد على درهم ؟ " مرتين أو ثلاثا ، قال رجل : أنا آخذهما بدرهمين ، فأعطاهما إياه ، فأخذ الدرهمين ، فأعطاهما الأنصاري ، وقال : " اشتر بأحدهما طعاما ، فانبذه إلى أهلك ، واشتر بالآخر قدوما ، فائتني به ، فأتاه به ، فشد فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عودا بيده ، ثم قال : " اذهب ، فاحتطب ، وبع ، ولا أرينك خمسة عشر يوما " فذهب الرجل يحتطب ويبيع ، فجاءه ، وقد أصاب عشرة دراهم ، فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة ، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة : لذي فقر مدقع ، أو لذي غرم مفظع ، أو لذي دم موجع".

 

 

 

 

المطلب الثالث: تأصيل التدريب من عمل السلف الصالح ومن تبعهم:

انتهج السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان –رضي الله عنهم- نهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في التدريب والإعداد، ومن نماذج ذلك:

1-تدريب عمر أبا موسى الأشعري –رضي الله عنهما- وشريحا على القضاء.

قال عمر رضي الله عنه: "اقض بما استبان لك من كتاب الله، فإن لم تعلم كل كتاب الله، فاقض بما استبان لك من قضاء رسول الله ، فإن لم تعلم كل أقضية رسول الله فاقض بما استبان لك من أئمة المهتدين، فإن لم تعلم كل ما قضى به أئمة المهتدين، فاجتهد رأيك، واستشر أهل العلم والصلاح. "

2-تدريب عمر –رضي الله تعالى عنه- الناس على القوة والاخشيشان.

قال عمر –رضي الله عنه- لأهل حمص: "علموا أولادكم الرماية والفروسية والسباحة... وتمعددوا، واخشوشنوا، واستقبلوا حر الشمس بوجوهكم، وارموا الأغراض، وانزوا على الخيل نزوا"

3-التدريب على قراءة القرآن العظيم.

فكان جبريل –عليه السلام- ينزل بالقرآن العظيم على النبي –صلى الله عليه وسلم- فيتعلم منه كيفية نطقه وتجويده، ثم جهد الصحابة رضي الله عنهم في تعليم التابعين وتدريبهم، وهكذا استمر تعليم القرآن إلى يومنا هذا مشافهةً من جيل إلى جيل بفضل مدرسة التدريب النبوية الأولى.

وكان أبو الدرداء –رضي الله عنه- إذا صلى الفجربجامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة، وعلى كل عشرة عريف ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم رجع على عريفه، فإذا غلط العريف رجع إلى أبي الدرداء.

4-التدرب على قضايا علمية منوعة.

أنجبت هذه الأمة علماءً عظام حرصوا على أن يكون لهم تلاميذ يقتفون أثرهم، مثل: الأئمة أبو حنيفة، ومالك والشافعي وأحمد، فكان لكل منهم أصحاب يتعلمون ويتدربون ويدرّبون من بعدهم.

وهناك بعض العلوم لا تفهَم إلا بالتدريب والمشافهة مثل: التجويد، وأصول الفقه، والمنطق، والفلسفة، وكان التدريب علامة بارزة في تلك الحقول العلمية.

-نماذج من المربين المدربين:

1-أستاذ عبد البديع صقر –رحمه الله-

كان له شيخ ممن يقتدى بهم، فمما اعتاده الشيخ أن يلتقي تلاميذه الشبان في رحلات، يصلي بهم، ثم يقدمهم تباعا للإمامة، يدربهم ويزيد ثقتهم بأنفسهم، ويمرر لهم آداب الطعام والشراب والسفر وغيرها بسلاسة، ويقوم معهم بتدريبات رياضية، ويعقد معهم جلسات روحية للذكر والتدبر وقراءة القرن، ويدربهم على أساليب الخطابة والدعوة، ثم يدعوهم إلى قيام الليل.

2-الإمام حسن البنا –رحمه الله-

كان حريصا على غرس الاستعداد العلمي عند الشباب بالمصاحبة والمجالسة كما تحدثنا عن الشيخ السالف ذكره، ثم جاء الدور العملي فخرج مع صحبته وتلاميذه إلى المقاهي يتحدث مع مرتاديها في الدين والأخلاق، وكانت استجابة الناس مبهرة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  • الاربعاء PM 06:48
    2023-01-18
  • 1801
Powered by: GateGold