المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413258
يتصفح الموقع حاليا : 282

البحث

البحث

عرض المادة

من محاسن الذكر عند الخلاء

أولا: عند دخول الخلاء


ومن محاسن الذكر، إذا أراد الإنسان دخول الخلاء، الإستعاذة من ذكور الجن وإناثهم،
ذلك أن المسلم إذا قام من نومه، فذكر الله، وأراد أن يتطهر ويصلي، وقد كان قد وقتا في النوم يحتاج بعده إلى قضاء حاجته من بول وغائط أو أحدهما، استلزم ذلك دخول الخلاء، ويعبر عنه في زماننا بالحمامات ودورات المياة، وهذا من محاسن الشريعة حتى لا يدخل الصلاة وهو يدافع هذه الحاجة فيتشتت عليه خشوعه وجمع قلبه لمناجاة ربه في الصلاة.
فإذا دخل الخلاء، الذي هو من مساكن الجن، ذلك أن الجن يسكن موطن النجاسة والمستقذرات كالخرب وغيرها من المواطن المهجورة، التي لا يذكر فيها اسم الله، شرع له أن يتعوذ بالله من شر ذكور الجن وإناثها، فالجن عدو الأنس، سنة الله في الأبوين آدم وابليس، فلقد عادى إبليس آدم بغير ذنب اقترفه آدم، وتلك سنة الله في الإنس والجن، أن الجن لا يجد سبيلا لأذي الإنس إلا سكله، ما لم يعصم الله تعالى الإنسان من أذي الجان، فلما كان هذا موطن دخول الإنس موطن الجن، كان ألزم أن يتحرز الإنس من أذاه، ومن محاسن الشريعة أن شرع الله للمسلم ما يتعوذ به من أذي الجن، وهو اللجوء إلى الله بالدعاء ليصرفه عنه، فبعد أن يسمي المسلم فيقول ((بِسْمِ اللَّهِ)) فيسلم من إطلاع الجن على عورته وما يتبع ذلك من مخاطر لو لم يذكر الله، يلهج لسانه بدعاء الله تعالى فيقول: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبائِث)) (1) فيسلم من أذى الجان عموما، حتى يخرج من الخلاء، وتبقي بركة الدعوة التي تصاحبه إلى ما شاء الله من الزمن من بعد خروجه.

ثانيا: بعد الخروج من الخلاء


ومن محاسن الذكر بعد الخروج من الخلاء، قول المسلم: ((غُفْرَانَكَ)) (2)، ذلك لأن المسلم دخل ظرفا، امتنع فيه عن ذكر الله تعالى، فكأنه يستغفر أنه تعطل عن ذكر الله، المستحق للعبادة والثناء، ومن أيسرها ذكر اللسان والقلب، فامتنع عن ذكر الله بلسانه، والذي هو أيسر ما يفعله العبد، وأخفه على البدن، فلا يحتاج إلى ما يبذل في العبادات الأخرى البدنية كالصلاة أو المالية كالزكاة، فإن كان أيسر ما يعبد به الله امتنع عنه العبد، فليس أقل من أن يستغفر الله حين يخرج إلى حال يستطيع فيها ذكر الله بعد خروجه، وأولى ما يناسب هذا الحال من الذكر ليس التسبيح ولا التكبير ولا التهليل بل الإستغفار.
ووجه آخر، وهو أن الله أطعم العبد ورزقه، وأمرى عليه الطعام والشراب، فكان منه القوة والعافية اللازمان لعبادة الله تعالى، فهل عبد المسلم ربه على الصورة التي يستحقها الله تعالى، بلا شك لا أحد عبد الله حق عبادته، التي يستحق عليها الجنة، وإنما غاية الأمر أن الله يدخل أهل الإيمان الجنة برحمته، فإذا عاين العبد تقصيره في شكر الله على نعمه وعلى تصريف مخلفات طعامه التي لو حبست في الجسم لأعيته وأفنته وتسببت في قتل الإنسان، فهو يستغفر الله من تقصيره في القيام بشكره سبحانه وتعالى، والله أعلم.

_________
[1]- أخرجه البخاري، 1/ 45، برقم 142، ومسلم، 1/ 283، برقم 375، وزيادة: ((بسم الله)) في أوله أخرجها سعيد بن منصور. انظر فتح الباري 1/ 244.
[2]- أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي فأخرجه في عمل اليوم والليلة، برقم 79، أبو داود، برقم 30، والترمذي، برقم 7، وابن ماجه، برقم 300، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 19.

  • الثلاثاء PM 06:54
    2021-08-10
  • 1363
Powered by: GateGold