الكهنــــة والكهانـــة - مشروع الحصن ll للدفاع عن الإسلام والحوار مع الأديان والرد على الشبهات المثارة ll lightnews-vII

المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 442660
يتصفح الموقع حاليا : 86

البحث

البحث

عرض المادة

الكهنــــة والكهانـــة

الكهنــــة والكهانـــة
Priests and Priesthood
الكاهن في العبرية هو «كوهين» وهو سبيل الكهانة: الأداة المقدَّسة المختارة للوساطة بين الإنسان والخالق. ويرتبط تاريخ الكهانة بين العبرانيين بظهورهم في التاريخ إذ يبدو أن كل رب أسرة عبرانية، وأول الذكور فيها، كانا يقومان بدور الكهان. وقد ظل هذا الوضع قائماً حتى زمن الخروج من مصر أو الهجرة منها حين انحصرت الكهانة في قبيلة اللاويين، لأن آباءهم رفضوا عبادة العجل الذهبي. ولكن يبدو أن أسرة هارون كانت تشغل، في بداية الأمر، مركزاً متميِّزاً داخل قبيلة لاوي، فقد كان أعضاؤها المسئولين الفعليين عن الأضاحي والإشراف على الطهارة. وفي معظم الأحيان، كان يتم اختيار كبير الكهنة من بينهم، وقد كان كبير الكهنة هو الذي يتلفظ باسم الإله في قدس الأقداس. ويبدو أن هذا النظام مقتبس من النظام المصري القديم للكهانة في تخصيص أسرة للقيام بأعمال الكهانة وخدمة الدين والمعابد وبالجوانب السرية الخاصة في العلاقة بين الإله وأتباعه.

وثمة نظرية تذهب إلى أن أسرة هارون كانت أصلاً أسرة كهنوتية مصرية. وقد ظهر تَوتُّر بينهم وبين بقية أعضاء القبيلة بسبب احتكارهم أهم الشعائر. ولكن الفريقين اندمجا بمرور الزمن وأصبح الكهنة العمود الفقري لليهودية، وخصوصاً بعد إنشاء الهيكل وتَمركُز العبادة القربانية حوله.

وكانت الكهانة، باعتبارها السلطة الدينية، متداخلة تماماً مع السلطة الدنيوية كما هو الحال في عصر القضاة (حوالي 1250 ـ 1020 ق.م). وبظهور حكم الملوك، أصبح رئيس الدولة هو الكاهن الأعظم. ولكنه، نظراً لانشـغاله كان يُعيّن مندوبين عنه لممارسـة هذه المهمة، فبدأ يظهر شيء من الانفصال بين السلطتين. ومع هذا، ظل الكهنة (ممثلو العبادة القربانية ومصدر أكبر دخل للدولة) قريبين من السلطة الدنيوية ومرتبطين بها أشد الارتباط. ولذا، كان الصراع ينشب دائماً بينهم وبين الأنبياء، وهم مفكرون دينيون أحرار جاءوا أساساً من صفوف الشعب.

وقد زاد تداخل السلطة الدنيوية والسلطة الدينية في مرحلة ما بعد العودة من بابل إذ اضطلع كبير الكهنة بوظائف دنيوية باعتباره ممثلاً محلياً للقوة الإمبراطورية الحاكمة. كما اضطلع الكهنة بمعظم الوظائف الإدارية والسياسية نظراً لعدم ثقة الفرس في أبناء الأسرة الحاكمة العبرانية. واستمر نفوذ الكهنة في الإمبراطورية اليونانية قوياً، سواء في الشام أو في مصر، إذ كانوا يلعبون دوراً أساسياً في الحضارة الهيلينية. وكان الكاهن الأكبر يُعيَّن مدى الحياة. ولكن أنطيوخوس الرابع (السلوقي) (175 ـ 164 ق.م) أنهى هذه العادة، وأصبح من الممكن خلع الكاهن الأكبر وتعيين كاهن آخر. وقد ظهرت طبقة من الكهنة المتأغرقين الذين قاموا على خدمة الدولة الهيلينية، فأضعف هذا الوضع هيبة الكهنة وسلطانهم. ذلك أن الكهنة في الحضارة الهيلينية رغم أهميتهم، كانوا يُعَدّون بمنزلة الخدم لا القادة. وقد انعكس هذا على مكانة الكهنة اليهود.

وحينما قامت الأسرة الحشمونية (164 ق.م)، أصبح رئيس الدولة قائد القوات والكاهن الأعظم في آن واحد. وتُعَدُّ هذه الفترة الزمنية قمة ازدهار المؤسسة الكهنوتية. وظهرت إبان حكم الأسرة الحشمونية فرق يهودية مختلفة من أهمها الصدوقيون الذين كانوا أساساً من كبار الكهنة وأعضاء السنهدرين ويمثلون مصالحهم. وظهر في المقابل فريق الفريسيين الذين أكدوا الجانب الروحي في اليهودية على حساب الجانب القرباني مع أنهم كانوا يضمون في صفوفهم بعض الكهنة من متوسطي الحال. وقد ازداد الفريسيون شعبيةً وازداد الكهنة عُزلةً، وخصوصاً أنهم تحولوا إلى أُلعوبة في يد الحكام، وظهرت بينهم صراعات عديدة كما حدث في حالة الكاهن الأعظم أونياس الرابع الذي فرَّ إلى مصر وأسس هيكلاً وعبادة قربانية مستقلة فيها (145 ق.م) وذلك بتشجيع من البطالمة أعداء حكام فلسطين السلوقيين. وعند تَولي هيرود الحكم (37 ق.م)، لم يكن بوسعه أن يضطلع بدور الكاهن الأعظم لأنه كان من أصل أدومي، فكان يعيِّن كبير الكهنة على هواه.

وقد شهدت هذه الفترة تَزايُد انتشار اليهود خارج فلسطين بحيث فاق عددهم خارجها عدد من يقيمون داخلها. ومعنى هذا أن العبادة القربانية (ونخبتها الكهنوتية) فقدت كثيراً من مقومات وجودها. فهي تعتمد بالدرجة الأولى على جماعة بشرية متماسكة تعيش بجوار الهيكل أو حوله فتُموِّله، ويشكل هو رمز وحدتها القومية تحت حكم الإله القومي.

ويُلاحَظ أن الاستقطاب الطبقي الذي كان يسم المجتمع العبراني اليهودي في ذلك الوقت، انعكس في صفوف الكهنة، وقوَّض نفوذ المؤسسة الكهنوتية في الداخل، فكانت الأرستقراطية الكهنوتية المتأغرقة (التي كانت تقيم في القدس) تختلف كثيراً في موقفها وموقعها عن فقراء الكهنة الذين كانوا يعيشون في الريف (السامي الآرامي) على عملهم وعلى الصدقات. وأثناء التمرد اليهودي الأول (66 ـ 70)، حينما سيطر الغيورون على القدس، قاموا بطرد الكهنة وذبحوا بعضاً منهم واختاروا كاهناً أكبر من بين فقراء الكهنة. ولذا، حينما هدم تيتوس الهيكل عام 70م، كانت الأوضاع التاريخية مواتية تماماً لاختفائهم ولظهور الحاخام باعتباره شخصية أساسية بين اليهود. ولعل أهم الأسباب الأخرى لاختفائهم هو تدوين الشريعة، إذ أصبح الكتاب المقدَّس مركز العبادة بدلاً من العبادة القربانية.

وقد لعب الكهنة دوراً مهماً في تطوير اليهود واليهودية إذ وضعوا أنفسهم وسطاء بين الناس والإله، فلم تكن تُقبَل توبة ولا قرابين إلا إذا باركها الكاهن لأن مفتاح السماء كان في يده، ولم يكن أحد غيرهم يستطيع تفسير الطقوس أو الشعائر الدينية تفسيراً آمناً من الخطأ. وكانوا يفصلون في الأمور القضائية عن طريق استخارة الرب ويضطلعون بدور الطبيب (الساحر) الذي يشفي الأمراض. وكان فريق منهم يحمل تابوت العهد أثناء تجوال العبرانيين وحروبهم، ثم أصبحوا بعد ذلك كهنة الهيكل. ويبدو أن الكهنة مرتبطون بالعناصر الوثنية داخل النسق الديني اليهودي، فقبيلة لاوي كانت تقدِّس الحية. وقد أُدخل هذا التقديس على اليهودية، فأقاموا تمثالاً نحاسياً لها زاعمين أنها من عمل موسى، إلى أن أزالها حزقيا بن آحاز (ملوك ثاني 18/4). كما نقل الكهنة كثيراً من العقائد الوثنية كتقديس بعض المرتفعات والأشجار، وهي عملية تركت أثرها في اليهودية.

والكهانة اليهودية تُورَّث. وقد أدَّى هذا إلى أن الكهنة كونوا طبقة مغلقة لا يستطيع أحد من خارجها أن ينتمي إليها، حتى أصبحت كلمة «لاوي» مرادفة لكلمة «كوهين». ولعل انغلاقهم هذا هو الذي أدَّى إلى تماسكهم وإلى دفاعهم عن العزلة الدينية اليهودية، وخصوصاً أنهم كانوا يكوِّنون بالمعنى الحرفي للكلمة طبقة لا يمكنها أن تحتفظ بوجودها إلا في ظروف الانغلاق.

ولم يكن من حق الكهنة أن يرثوا مالاً أو يمتلكوا أرضاً. ولكنهم كانوا يُعفَون من الضرائب والإتاوات على اختلاف أنواعها، ويأخذون العشـور على نتـاج الضـأن وأول ما يُحصَد من الأرض (بالعبرية: بكوريم)، وينتفعون بما يبقى في الهيكل من القرابين. ومما يذكر، أن الكاهن كان عليه أن يحتفظ بطهارته فلا يتزوج من امرأة مطلقة ولا من زانية أو أرملة ولا من امرأة أبواها غير يهوديين بالمولد، أي أن طهارة الكاهن تقتضي أن يتزوج من امرأة طاهرة مثله تماماً. كما أن طهارة الكاهن تمنعه من لمس الموتى (إلا أقرب أقاربه) أو حتى السير فوق أرض دُفن فيها أحد.

ورغم أن مؤسسة الكهانة قد اختفت في اليهودية تماماً مع هدم الهيكل على يد تيتوس، ومع اختفاء العبادة القربانية، ومع أن اليهودية لا تقبل، على المستوى النظري، الوساطة بين الخالق والمخلوق، فإن مؤسسة الكهانة استمرت بعد أن أخذت شكلاً جديداً هو الحاخامية حيث يحل الحاخام محل الكاهن. ويعود هذا إلى الأسباب التالية:

أ) رغم اختفاء الهيكل والعبادة القربانية المركزية، إلا أن الرؤية الحلولية التي تشكل الإطار العقائدي لمؤسسة الكهانة ظلت قائمة بل زادت حدة. ولذا، تعمَّق الإحساس لدى اليهود بأنهم الشعب المختار، وأنهم أمة من الكهنة والقديسين والأنبياء اختارهم الإله ليكونوا بمنزلة الكهنة للشعوب الأخرى.

ب) بانتشار اليهود خارج فلسطين وتحوُّلهم إلى جماعات وظيفية منعزلة مغلقة، تشابكت السلطة الدنيوية والسلطة الدينية مرة أخرى حتى أن الحاخام (مع أنه لم يكن كاهناً) كان القائد الديني الفعلي للجماعة اليهودية الذي يقوم بشئون الإفتاء الديني والتجارة وإقراض المال والأعمال المالية والقضاء والزواج وفض المنازعات والإشراف على تنفيذ القوانين الخاصة بالطعام وبالعديد من المهام الدينية الاجتماعية الأخرى.

ومن الصعب تحديد مَن من نسل هارون و مَن من قبيلة اللاويين في وقتنا الحاضر، إذ تُوجَد قطاعات كبيرة من اليهود، وخصوصاً اليهود الأرثوذكس، يؤمنون بأن كل يهودي يُسمَّى «كوهين» لابد أن يكون من نسل اللاويين، وكذلك كل من يدعى «كاتس»، باعتبار أن اسمه اختصار لتعبير «كوهين تساديك»، وكذلك من يدعى «سيجال» فهو اختصار «سيجان ليفي» أي «نائب اللاوي أو مرافقه». ومن المفروض أن كل اليهود الذين يحملون هذه الأسماء تنطبق عليهم قوانين الكهانة، فهم يقفون في المعابد اليهودية أثناء صلوات أيام الأعياد وفي أيام السبت فيغطون وجوههم ويباركون الناس، ولهم الأولوية في أن يقرأوا التوراة في المعبد متخطين بقية المصلين ومنهم اللاويون. ولا يزال الكهنة يتلقون ما يُسمَّى «فدية البكريّ». ففي الماضي كان على اليهودي أن يكرس ابنه البكر لخدمة الرب، ولكن أُعفي أبكار الأسر من هذه المهمة بعد قيام سبط اللاويين بأعباء الكهانة نظير فدية يقدمها الآباء للكهنة عند إنجابهم أبكاراً ذكوراً. كما لا تزال قوانين عدم لمس الموتى قائمة، ولذلك تُخطَّط المدافن اليهودية بطريقة تجعل بإمكان الكاهن أن يزور أقاربه دون أن تُدنَّس طهارته.

وتُسبِّب كل هذه الشعائر مشاكل للدولة الصهيونية. فعلى سبيل المثال، ونظراً لأن من المحظور أن يجمع سقف واحد بين الكاهن وجثة ميت، فقد اضطرت مستشفى الهاداساه في إسرائيل إلى استخدام أبواب دائرية للمشرحة الملحقة بالمستشفى حتى تكون بمنزلة حاجز دائم بين الكاهن الذي يزور أقاربه في المستشفى والجثث الموجودة في المشرحة، فالباب العادي لا يمكنه أن يؤدي هذه الوظيفة الدينية. وقد واجه الإسرائيليون المشكلة نفسها بشكل آخر بعد استيلائهم على طريق القدس - الخليل، فهذا الطريق قد بناه العرب دون أي اعتبار للتحريمات اليهودية الخاصة بالكهانة. ولهذا، فإن الطريق يمر ببعض المقابر اليهودية، الأمر الذي يجعل استخدام هذا الطريق غير الطاهر محظوراً على الكهنة. ولهذا، فقد ثُبتت لافتة تعطي إشارات إلى طريق بديل «طاهر».

ولا تزال قوانين الزواج الخاصة بالكهنة سارية المفعول، وهو ما يُسبِّب زيادة المامزير أي الأطفال غير الشرعيين في إسرائيل، ويجعل الحياة صعبة لكل من يحمل اسم «كوهين» أو «سيجال» أو «كاتس»، وخصوصاً أن كثيراً منهم لا يعرف هذه القوانين اليهودية. ولا تعترف اليهودية الإصلاحية أو المحافظة بأي قانون من قوانين الكهنة هذه.

وقد بدأت الدولة الصهيونية في العودة إلى شيء يشبه العبادة القربانية التي تدور حول الهيكل، ومن ثم عاد الاهتمام بالكهنة. وتُوجَد مدرستان تلموديتان بالقرب من حائط المبكى يدرس فيهما نحو مائتي طالب شعائر العبادة القربانية للقيام بها عند إعادة تشييد الهيكل. وقد بدأت مجموعة من الإسرائيليين في البحث عن شجرة العائلة الخاصة بالكهنة اليهود حتى يتم تقرير من هو المؤهل للقيام بهذه الشعائر (لعله يكون من نسل هارون أو صادوق). كما عُقد عام 1990 مؤتمر في إسرائيل لليهود الذين يعتقدون أنهم من أصل كهنوتي. وبدأ معهد الهيكل في إعداد الملابس الخاصة التي يتعيَّن على الكهنة ارتداؤها.

كوهين
Cohen
«كوهين» كلمة عبرية تعني «كاهن» ويُعتبَر حامل هذا اللقب سليل الكهنة ومن نسل هارون أخي موسى الكاهن الأعظم. وتنطبق عليه المحظورات المختلفة مثل ضرورة أن يتزوج من عذراء فلا يتزوج مطلقة، وأن يتمتع بكل المزايا كأن يقوم بتلاوة التوراة في المعبد اليهودي.

ومن الأسماء الأخرى المرادفة لكلمة «كوهين» في المعنى، كلمة «كاهن» و «كوهان» و «كاجان» و«كان» و«كوجين» و«كون» و«كوون» و«كوين» و«كوفين». وأحياناً يُترجَم الاسم فيقال مثلاً «أجرانات»، وهي ترجمة روسية لكلمة «هاروني» أو من «نسل هارون».

وكلمة «كاتس» اختصار لكلمة «كوهين تساديك» أي «كاهن الاستقامة والتقوى» ولها نفس دلالة كلمة «كوهين»، وأحياناً تُزاد الصيغة لتصبح «كاتزنلسون» أو «كاتسمان» أو «كاتزنشتاين» أو «كوهنهايم» أو «كوهنشتاين».

وهناك الكثير من اليهود يحملون مثل هذه الأسماء ولا يعرفون شيئاً عنها ثم يفاجأون بأنهم كهنة تنطبق عليهم المحظورات مثل عدم الزواج من مطلقة الأمر الذي يسبب لهم الكثير من المشاكل في إسرائيل.

 

  • الاحد AM 12:11
    2021-04-18
  • 1719
Powered by: GateGold