ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
الفلســتيون - جُـليـات
الفلســتيون
Philistines
«الفلستيون» مصطلح نُطلقه على القبائل التي استوطنت شاطئ فلسطين الجنوبي الغربي في القسم الممتد من غزة إلى يافا شمالاً، وهم من شـعوب البحر. ولقد ورد ذكر الفلسـتيين في عدد من المصادر المصرية، خصوصاً على اللوحات الجدارية لمدينة هابو من أيام رمسيس الثالث، وسماهم المصريون «بلست». كما ورد ذكرهم في السجلات الآشورية في صيغتين متقاربتين «بلستو» و«بالستو». ومن هنا تسميتنا لهم باسم «الفلستيين» نسبة إلى التسميات القديمة. جاء الفلستيون من بحر إيجه حوالي عام 1194 ق.م، كان رمسيس الثالث قد صدَّهم عند محاولتهم غزو الساحل المصري. وتدل الرسوم التي وُجدت على البناء التذكاري الذي أقامه رمسيس على أصولهم اليونانية الأوربية، كما يدل الخزف الذي أدخلوه فلسطين على أصولهم الكريتية.
وقد سُمِّيت المنطقة التي احتلوها «فلستيا»، وكانت تشمل خمس مدن ساحلية أساسية (بنتابوليس): أشدود (العاصمة) وعسقلان وغزة وعفرون وجات. ورغم أن مكان استيطانهم كان الشريط الساحلي أساساً، فإنهم استوطنوا أيضاً في مدن داخلية مثل جات كما أسسوا مدينة اللّد.
اصطدم الفلستيون بالعبرانيين الذين كانوا قد وفدوا حديثاً إلى المنطقة فهزموا القضاة واستولوا على تابوت العهد، كما استولوا على أجزاء من المنطقة التي صارت فيما بعد المملكة الجنوبية، ودامت هيمنتهم أربعين عاماً. وينتمي شمشون الذي وقع في حب دليلة الفلستية إلى هذه الفترة. ولم يكن لدى الفلستيين القدر الكافي من الموارد البشرية اللازمة للهيمنة على المنطقة واستغلالها، ولذا فقد اضطروا إلى الإبقاء على العبرانيين وإخضاعهم ليكونوا أيدي عاملة، فسمحوا لهم بالاحتفاظ بالأدوات الزراعية وحسب حتى يستمروا في الزراعة وحتى يمكنهم دفع الضرائب المفروضة عليهم. لكنهم لم يسمحوا لأيٍّ من الحدادين بالإقامة بينهم، فكان على العبرانيين اللجوء إلى الفلستيين ليشحذوا أدواتهم الزراعية دون أن يتمكنوا من تحويلها إلى أسلحة. كما أن احتكار الحديد ساعد الفلستيين على إخضاع العبرانيين. وحينما بدأت وحدة الدول المدن الفلستية في التفكك، عرف العبرانيون صهر الحديد وتعدينه فتمكنوا من الفلستيين.
وقد نجح شاؤول بعض الوقت في صد الفلستيين ولكنه هُزم في نهاية الأمر، في حين نجح غريمه داود فيما فشل هو فيه خصوصاً بعد أن ضم منطقة أدوم الغنية بمعدن الحديد. وقد أنهى داود الهيمنة الفلستية وصرع البطل الفلستي جُـليات وأخضع فلستيا. إلا أن الفلستيين سرعان ما استعادوا استقلالهم بعد تقسيم المملكة العبرانية وصاروا قوة مرة أخرى، لكنهم لم يكونوا عنصراً أساسياً إذ أصبح تاريخهم بعد ذلك تاريخ مدن متفرقة لا تاريخ شعب متماسك. ولذا، لا يشير نحميا (منتصف القرن الخامس قبل الميلاد) إلى الفلستيين وإنما يذكر الأشدوديين الذين كانوا يتحدثون بلسان أشدودي.
وخضع الفلستيون في القرن السابع قبل الميلاد لسلطان آشور ثم لسلطان مصر. وبعد ذلك، بسطت الإمبراطورية البابلية الجديدة نفوذها عليهم فاختلطوا بالشعوب السامية المحيطة بهم واندمجوا فيها. وقد اندثرت كل الآثار الفلستية تماماً. وكل ما لدينا من معلومات عن هذا الشعب مستمد من الحضارات التي تعاقبت عليه، مثل الحضارة البابلية أو الحضارة الآشورية أو الحضارة الإغريقية. ولذا، فنحن لا نعرف الكثير عن هذا الشعب أو عن حضارته سوى أن معرفتهم بالبحر كانت واسعة ، تلك المعرفة التي ورثها عنهم الفينيقيون.
ونحن لا نملك أية معلومات أكيدة عن لغتهم حيث لا توجد أية وثائق مكتوبة بها، إذ يبدو أن الكنعانية قد حلَّت محلها، ثم الآرامية، وأخيراً اليونانية. والشيء نفسه ينطبق على ديانتهم، لكننا نعرف أن آلهتهم تحمل أسماء سامية، فقد عبدوا الإله داجون (إله الغلة) الذي عبده الكنعانيون، الأمر الذي يدعم النظرية القائلة بأنهم اكتسبوا هوية كنعانية في فترة وجيزة للغاية. ومنذ أيام هيرودوت، أصبحت المنطقة تُسمَّى باسمهم ثم أصبح هذا هو اسمها رسمياً في أيام هادريان.
ومن الجدير بالذكر أن حدود المملكة العبرانية المتحدة لم تضم، في أي وقت، الشريط الساحلي الفلستي. ولكن حينما رُسمت حدود الدولة الصهيونية، قرَّر المخططون لها أن تضم هذه الدولة ذلك الشريط السـاحلي، وهـذا يـدل على أن الاعتـبارات الإمبريالية الإستراتيجية تَجبُّ الاعتبارات العاطفية الدينية الخاصة بإرتس يسرائيل أو المملكة العبرانية المتحدة أو الحدود التاريخية لإسرائيل.
ولابد هنا من ملاحظة أن فلسطينيي اليوم لا علاقة لهم بشعوب البحر اليونانية هذه، فهم ينتمون إلى الأمة العربية. وتجتهد الدعاية الصهيونية في طمس هذه الحقيقة، وتستخدام التضليل بالأسطورة لتربط في أذهان الناس في العالم بين العرب الفلسطينيين والفلستيين القدامى الذين انتصر عليهم العبرانيون، حتى يصبح الصراع العربي الإسرائيلي صراعاً دائماً مستمراً يمتد إلى بداية التاريخ وليست له حدود معروفة.
ويُستخدَم لفظ «فلستين Philistine» في اللغة الإنجليزية لوصف الإنسان ضيق الأفق محدود الثقافة الذي ينحصر اهتمامه في الأمور المادية التجارية فقط.
جُـليـات
Goliath
قد يكون لفظ «جُلْيات» اسماً كنعانياً معناه «السبي أو النفي». وجُلْيات اسم أحد أبطال الفلستيين. وكان من جبابرتهم إذ بلغ طوله أكثر مـن تسـعة أقــدام وكانت أدواته الحربية مناسبة لطول قامته وقـوته. وثمـة روايـة تقـول إنـه كان من العناقيين وقتله داود بالمقلاع.
وقد نجحت الدعاية الصهيونية في ترسيخ صورة داود رمزاً لإسرائيل الذي يستخدم ذكاءه ومهارته في هزيمة عدوه، مقابل صورة جُلْيات رمزاً للعربي الذي قد يتسم بضخامة الحجم وكثرة السلاح ولكنه لا يستخدم عقله فيُمنَى بالهزيمة.
لكن الانتفاضة قلبت هذه الصورة الذهنية رأساً على عقب، إذ أن المنتفضين الفلسطينيين يستخدمون الحجارة والمقلاع ضد الآلة الإسرائيلية الضخمة التي تتسم ببطء الحركة نظراً لضخامتها والتي تتسم بقصور النظر نظراً لعدم إدراكها للواقع. وقد أشار شامير إلى إسرائيل باعتبارها «العملاق جلفر» الذي يهاجمه الأقزام، وفي هذا اعتراف ضمني بأن صورة داود الإسرائيلي ضد جُليات العربي الفلسطيني قد سقطت تماماً.
-
السبت PM 06:10
2021-04-17 - 1622