المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414117
يتصفح الموقع حاليا : 210

البحث

البحث

عرض المادة

رأس الجالــوت (المـنفى)

Exilarch; Resh Galuta
«رأس الجالوت» ترجمة عربية للعبارة الآرامية «ريشي جالوتا»، وهي بالعبرية «روش جولاه»، وتعني حرفياً «رئيس المنفى». وهو لقب أمير الجماعة اليهودية في بلاد الرافدين قبل الإسلام وبعده. وتبدأ القائمة عادةً بالملك يهوياقيم، ولكن أول ذكر تاريخي لرأس الجالوت يقع في القرن الثاني بعد الميلاد (في فترة حكم الفرثيين). وكانت وظيفة رأس الجالوت وراثية، الأمر الذي أدَّى إلى الفساد والتآمر من أجل الاستيلاء عليها، ولكن كان لابد لمن يشغلها أن يكون من نسل داود. وقد فقد المنصب مكانته بعض الوقت، ولكنه استعادها بعد الفتح العربي عام 642م، إلى أن انشقَّ عنان بن داود، مؤسس فريق القرائين. وقد ساد الظن بأن المنصب استمر حتى عام 1040، ولكن العلماء يرون الآن أنه استمر (وإن كان ذلك بشكل اسمي) حتى القرن الثالث عشر أو حتى بعد ذلك، حينما قضى تيمورلنك على المنصب عام 1401، ثم حل محله منصب رئيس اليهود (في الدول الإسلامية) ومنصب الحاخام باشي (في الدولة العثمانية(.


وفي الواقع، فإن وظيفة رأس الجالوت كانت عملاً إدارياً مُعتَرفاً به من قبل الدولة وخاضعاً لسلطانها. وكانت الإمبراطوريات القديمة عادةً تلجأ إلى أسلوب إداري مبني على اللامركزية بحيث كانت كل جماعة (إثنية أو دينية أو مهنية) تتمتع بشيء من الاستقلال في أمورها الداخلية (الدينية أو الشرعية أو التربوية) وتسيِّرها بنفسها، على أن تقوم قيادة الجماعة بجمع الضرائب من الأعضاء وبمراقبة الأمن بينهم. وقد كان مورد رأس الجالوت يأتي من ضرائب خاصة يفرضها. وكان رأس الجالوت يشبه، في منصبه هذا، منصب الكاثوليكوس (رئيس الجماعة النسطورية)، مع فارق أن رئيس الحلقات التلمودية الذي كان يُقال له «الجاءون» أو «رأس المثيبة» كان يشارك رأس الجالوت في السلطة، بحيث يختصُّ الأول بالأمور الدينية ويختصُّ الثاني بالأمور الدنيوية.

كان رأس الجالوت يقوم بجمع الضرائب من الجماعة ليقدمها إلى الدولة، كما كان يلعب دور القاضي في القضايا الخاصة بالجماعة اليهودية، وهو الذي كان يعيِّن القضاة الشرعيين (ديانيم)، ويشاركه في ذلك رئيس الحلقة التلمودية (عادةً حلقة سورا)، الذي كان ذا سلطات تنفيذية تشبه سلطة الشرطة، فكان على سبيل المثال يراقب التجارة والموازين والمقاييس والأسعار. وكان له حق توقيع العقوبات، بالضرب أو الغرامة أو السجن. وهذه هي أهم الوظائف التي كان يمكن أن يضطلع بها رئيس الجماعة الوظيفية الوسيطة.

ولقد كان نطاق سلطات رأس الجالوت يتفاوت من فترة زمنية إلى أخرى. وقد أدَّى ذلك إلى نشوب صراع دائم بينه وبين رئيسي الحلقتين التلموديتين في كلٍّ من سورا وبومبديثا وصل إلى درجة أن بعض اليهود كانوا يرسلون الضرائب المقررة عليهم إلى رأس الجالوت بينما البعض الآخر كانوا يرسلونها إلى رؤساء الحلقات. ومن أشهر هذه الصراعات، ذلك الصراع الذي دار بين داود بن زكاي وسعيد بن يوسف الفيومي. وقد كانت الكفة الراجحة للعلماء الذين كانوا يتحالفون مع التجار، فكانوا هم الذين يعينون رأس الجالوت، ثم يعتمد خليفة المسلمين تعيينهم. وقد أصبح اللقب شرفياً في القرن الحادي عشر. ومع القرن الثالث عشر، اندمج منصبا رأس الجالوت ورئيس الحلقة التلمودية.

وفي فترات معيَّنة، كان الخليفة يستقبل رأس الجالوت في قصره كل ثلاثاء ويطلب إلى كل الحاضرين )المسلمين وغير المسلمين) أن يقفوا في حضرته. وحينما يسير موكبه، كان يتقدمه مناد يرفع صوته بين الناس: « اعملوا الطريق لسيدنا ابن داود ».

وفي حوار دار بين ابن نجريلة وابن حزم، حاول الأول أن يضخِّم من أهمية هذا المنصب، وحاول أن يبرهن على صدق آية وردت في سفر التكوين (49/8 ـ 11) تقول إن صولجان الحكم سيظل دائماً في يد يهودا (بالإشارة لهذا المنصب!). وقد رفض ابن حزم ما ذهب إليه ابن نجريلة وبيَّن أن رأس الجالوت لا نفوذ له لا على اليهود ولا على غيرهم، كما بيَّن أنه يفتقر إلى سلطة، كما بيَّن أن لقبه شرفي محض، وخال من أي معنى حقيقي. والمنصب، في هذا، يشبه منصب بطريرك فلسطين تحت حكم الرومان.

  • الخميس PM 04:22
    2021-04-08
  • 1914
Powered by: GateGold