ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
إريـك فـروم (1900-1980) - إريك إريكسون (1902-1994)
إريـك فـروم (1900-1980(Erik Fromm
عالم نفس وفيلسوف أمريكي يهودي وناقد اجتماعي. وُلد في مدينة فرانكفورت في ألمانيا لعائلة يهودية أرثوذكسية، ودرس في المدارس الألمانية العلمانية وحصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع وعلم النفس من جامعة هايدلبرح، كما تلقى تعليماً دينياً يهودياً حيث درس العهد القديم والتلمود على أيدي كبار الحاخامات.
دَرَّس فروم في معهد التحليل النفسي في برلين وساهم في تأسيس معهد التحليل النفسي في فرانكفورت، ثم انضم عام 1930 إلى معهد البحوث الاجتماعية، واتجه فروم خلال هذه الفترة إلى الاهتمام بالعوامل والظروف الاجتماعية والاقتصادية المؤثرة في نمو الشخصية. وانتقد التحليل النفسي التقليدي لإغفاله الجانب الاجتماعي في حياة الإنسان واعتماده اعتماداً كبيراً على التكوين الغريزي للبشر. وعمل على بناء ما يمكن أن يُطلَق عليه «تحليل نفسي مادي» عن طريق الجمع والتأليف بين مفاهيم فرويد ونظرية ماركس.
ومع وصول النازية إلى الحكم في ألمانيا، هاجر فروم إلى الولايات المتحدة عام 1934 واشتغل بالتدريس في عدد من الجامعات والمعاهد الأمريكية وأصدر عدداً من الأعمال المهمة من بينها الهروب من الحرية (1941) ، و الإنسان لنفسه (1947)، والتحليل النفسي في الدين (1950)، و اللغة النفسية (1952)، والمجتمع الصحي نفسياً (1955)، و فن الحب (1956)، وستكونون كالآلهة (1967)، وهو تفسير للرؤية التوراتية للإله من منظور التحليل النفسي.
ويتناول فروم في أعماله معنى الحرية عند الإنسان المعاصر وإحساسه بالوحدة والعزلة لانفصاله عن الطبيعة وعن بقية البشر. ويرى أن القلق والاغتراب هما الثمن الذي دفعه الإنسان مقابل حريته. والاضطراب النفسي أو العصاب عند فروم يكون نتيجة هروب الإنسان من الحرية وإلقاء نفسه في علاقات خضوع وامتثال للغير: السلطة أو الحاكم المستبد. ويعزو فروم هذه الاضطرابات النفسية إلى عوامل ثقافية واجتماعية وإلى مساوئ النظام الرأسمالي والنظام الشمولي اللذين يحولان الإنسان إلى آلة وإلى بشاعة المجتمع الاستهلاكي الاكتنازي المعاصر. أما « الحرية الإيجابية »، فإنها تتحقق في رأي فروم من خلال العمل والمحبة ومن خلال قدرة الإنسان على تحقيق إمكاناته الداخلية واكتسابه شعوراً بذاته باعتبارها ذات قيمة وفعالية، ومن هنا فقد دعا إلى بناء مجتمع يستند إلى احترام الوجود الإنساني.
ويرى فروم أن كل إنسان عنده احتياج عميق للدين، فالدين هو الإجابة المستفيضة عن أسئلة الوجود الإنساني. والوجود الإنساني ـ حسب رأي فروم ـ يستند إلى كل من التفكير العقلي والإيمان الديني، ولذا فلابد من التأليف بينهما ليظهر مجتمع يحقق فيه الإنسان إنسانيته الكاملة. وفروم يُفرِّق بين اتجاهين دينيين: الاتجاه الشمولي حيث يفقد الإنسان إرادته تماماً، والاتجاه الإنساني حيث يؤكد الإنسان ذاته ويمارس إحساسه بالمسئولية، ويرى فروم أن كتب الأنبياء الذين تتَّسم عقائدهم بالإيمان بالإنسانية وبتأكيد الحرية الإنسانية خير مثل على هذا الاتجاه. ويختلف فروم عن فرويد، ففرويد يرى أن الدين تعبير عن كبت وعصاب، أما فروم فيرى أن ثمة فارقاً شاسعاً بين هذا وذاك، فالإنسان المتدين يشارك الآخرين في مشاعره وأحاسيسه بينما الإنسان العصابي يعيش في عزلته، ويرى فروم أن ثمة جوهراً قيمياً أخلاقياً يوجد في الأديان كافة بحث عنه فروم في المسيحية والبوذية واليهودية. وقد تخلى فروم عن اليهودية الأرثوذكسية، ولكنه مع هذا لم يتخل عن عقيدته اليهودية ذاتها وإنما أعاد تفسيرها، فهو يرى أنها ديانة غير لاهوتية تؤكد أهمية التجربة الإنسانية.
ويرى فروم أن العهد القديم كتاب ثوري لأنه يتمحور حول فكرة تحرير الإنسان، وأن الاغتراب (الذي هو جوهر تعاسة الإنسان في المجتمع الحديث) مرادف تماماً لمفهوم الوثنية وعبادة الأصنام في العهد القديم، وأن كتب الأنبياء هي التي تعبِّّر عن الرؤية الإنسانية المعادية للوثنية والرافضة لعبادة الأصنام. ومن الواضح أن فروم أجتزأ الطبقة التوحيدية الإنسانية في اليهودية وأسَّس عليها رؤيته لليهودية والدين، ومن هنا يأتي رفضه للحتمية وللتفسيرات المادية الأحادية وللجنس كمحرك وحيد للسلوك الإنساني.
وقد انتقل فروم في سنواته الأخيرة إلى سويسرا عام 1969 حيث استمر في العمل الفكري إلى أن تُوفي عام 1980.
إريك إريكسون (1902-1994)
Erik Erikson
محلل نفسي أمريكي يهودي وُلد في فرانكفورت. تدرب على منهج فرويد في التحليل النفسي وقام بوضع نظرية في نمو وتطور الشخصية تستند في كثير من جوانبها إلى نظرية فرويد، ولكنها تتجاوزها في الوقت نفسه حيث يرى إريكسون أن الشخصية تظل تنمو وتتطور طوال حياة الإنسان، كما يعرف بأهمية البيئة وتأثير الثقافة والتاريخ والمجتمع على تطور الشخصية.
وفي إطار هذه النظرية، بلور إريكسون مفهوم أزمة الهوية، وهو مفهوم يبدو أنه تبلور لدى إريكسون نتيجة عدد من الأزمات الشخصية التي مرَّ بها خلال المراحل الأولى من حياته. وأولى هذه الأزمات تتعلق باسمه حيث ظل لعدد من السنوات يعتقد أن اسمه الحقيقي هو هومبرجر وهو اسم زوج والدته الذي كان يعتقد أيضاً أنه والده. أما أزمته الثانية، فواجهته في مدرسته في ألمانيا، إذ كان يعتبر نفسه ألمانياً ولكنه وجد زملاءه الألمان يرفضون ذلك باعتبار أنه يهودي، كما رفضه زملاؤه اليهود بسبب شعره الأشقر ومظهره الآري. أما أزمته الثالثة، فواجهته بعد تخرُّجه من المدرسة حيث ظل لعدة سنوات هائماً على وجهه في أنحاء أوربا باحثاً عن ذاته وهويته، وعندما بلغ الخامسة والعشرين استقر به المقام في فيينا حيث قام بالتدريس في مدرسة تأسست لتعليم كل أبناء مرضى وأصدقاء فرويد. وفي هذه الفترة، تلقى إريكسون تدريباً في التحليل النفسي على يد ابنة فرويد (آنا فرويد)، وحقق نجاحاً في حياته الشخصية والعملية، ووجد هويته وذاته سواء على المستوى الشخصي أو المهني.
ورغم أن إريكسون لم يكمل تعليمه العالي إلا أنه قام بعد انتقاله إلى الولايات المتحدة عام 1933 بالتدريس في جامعات هارفارد وييل وكاليفورنيا. وقد استقال من جامعة كاليفورنيا في بركلي عام 1950 كأسـتاذ لعلم النفـس، محتجاً على قسـم الوفـاء الذي كان عليه أن يدلي به، إذ وجد هذا القسم غامضاً مخيفاً ويشبه الصيغة السحرية التي تهدف إلى طرد الشر! (وتُعَدُّ هذه أزمة هوية أخرى عنده). وانضم عام 1951 إلى هيئـة مركز أوسـتن ريجز في سـتوكبريدج بولاية ماساشوستس. وفي عام 1960، عُيِّن أستاذاً للتطور الإنساني وعلم النفس في جامعة هارفارد.
وتتمحور نظرية إريكسون في تطور الشخصية حول البحث عن «الأنا» أو الهوية الذاتية، ويُقسِّم إريكسون حياة الإنسان إلى ثماني مراحل من النمو والتطور النفسي الاجتماعي لكل مرحلة أزمة خاصة بها تنشأ من جراء احتكاك الفرد بالبيئة المحيطة به، ومن جراء الضغوط والمتطلبات التي تفرضها البيئة على الفرد. ونتيجة هذا الاحتكاك وهذه الأزمة يحدث تحوُّل في الشخصية حيث يواجه الفرد خيارين: التكيف أو عدم التكيف. ونجاح الإنسان في التعامل مع كل مرحلة، وكذلك حل كل أزمة بشـكل مقبـول، يعطيـه القدرة والقوة على التعامل مع المرحلة اللاحقة.
والمراحل الأربع الأولى في تقسيم إريكسون تشبه مراحل فرويد (الفمية ـ الإستية ـ القضيبية ـ الكمون) ولكن إريكسون يعطي أهمية أكثر للعوامل النفسية الاجتماعية على العوامل البيولوجية. ويضيف إريكسون أربع مراحل أخرى (المراهقة ـ الصبا ـ الشباب ـ النضوج). وتتحدد هوية الإنسان في مرحلة المراهقة (12 ـ 18 عاماً) وتتحدد على أساسها طبيعة المراحل الثلاث الأخيرة. ومن إسهامات إريكسون تأكيده أهمية مرحلة المراهقة هذه.
وقد طوَّر إريكسون مفهومه لدورة الحياة الثمانية إذ اقترح جدولاً للفضائل يقابل المراحل الثمانية للحياة (الأمل ـ الإرادة ـ الهدف ـ المقدرة ـ الإخلاص ـ الحب ـ الرعاية ـ الحكمة). وهذه الفضائل كامنة في الإنسان ككائن عضوي وتساعدها البنية الاجتماعية الصالحة على النمو وتجهضها البنية الفاسدة، أي أن الدورة النفسية تقابلها دورة أخلاقية. ولذا، فإن إريكسون يرى أن النمو النفسي وتكوين الشخصية الأخلاقية وجهان لعملة واحدة. ويُعتبر إريكسون، بسبب نظرياته هذه، من أهم المفكرين في علم النفس التطوري (مع جان بياجيه).
وكان لنظرية إريكسون أهمية في مجال التحليل النفسي، وكذلك في مجال التعليم والعمل الاجتماعي. وقد قدَّم نظرياته في عدد من الأعمال من بينها الطفولة والمجتمع (1950) الذي تضمن نتائج أبحاثه حول بعض قبائل الهنود الحمر. وتناول في هذا الكتاب أيضاً تطوُّر الهوية والشخصية، كما تناول مسألة معاداة اليهود ودور اليهود في ظل بيئة ثقافية متغيِّرة. وفي كتابيه الشاب لوثر (1958)، و حقيقة غاندي بيَّن كيف عاش الرجلان أزمة في حياتهما ونجحا في تجاوزها والخروج منها بإحساس أعمق بالقـوة. وهـو يرى أن هـذا قد حدث لأن كليهما كان على استعداد لأن يخاطر بهويته المهنية وقبلا تعـريف هويتهما بطريقة تتضمن الاعتراف بمواطن الضعف فيها.
وإذا ما بحثنا عن البُعد اليهودي في فكر إريكسون، فإننا سنجابه صعوبة بالغة، فقد رفض تبسيطات فرويد المادية الحلولية ورفض اعتبار الجنس ركيزة نهائية ورفض التفسير المجرد للسلوك الإنساني، وكان يحاول دائماً الوصول إلى نموذج تفسيري مركب للطبيعة البشرية فجمع بين المكوّن النفسي (الحتمي) والمسئولية الفردية الخلقية. وأقرب المفكرين له هو المفكر جان بياجيه (المسيحي). وقد يُقال إن سلسلة أزمات الهوية التي مر بها تعبير عن وضعه كيهودي، وهو قول يُبسِّط الأمور تماماً، فأزمة الهوية هي أزمة يمر بها كل فرد في العصر الحديث بسبب نسبيته ومعدل تغيُّره السريع ويواجهها المفكرون من اليهود وغير اليهود والأفراد العاديون من اليهود وغير اليهود. ولهذا السبب، نجد أن كثيراً من الموسوعات التي تناولت حياة إريكسون لا تذكر على الإطلاق مسألة أصوله أو انتمائه اليهودي.
-
الاربعاء PM 12:39
2021-04-07 - 1298