المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414891
يتصفح الموقع حاليا : 244

البحث

البحث

عرض المادة

ميـــخا ليبنســون (1828-1852) - يهـودا جـوردون (1830-1882)

Micha Lebensohn
يُعرَف أيضاً باسمه الأدبي «ميخال»، وهو شاعر يكتب بالعبرية، وُلد في فلنا (ليتوانيا)، وتلقى تعليماً دينياً تقليدياً يجمع بين دراسة التوراة والتلمود وبين دراسة العلوم والآداب الحديثة، وذلك بتوجيه من أبيه الشاعر أبراهام دوف ليبنسون الذي شجعه كذلك على تنمية مواهبه الأدبية. فاتجه منذ صباه إلى كتابة الشعر فضلاً عن ترجمة مقتطفات من أعمال فرجيل وهوراس وشيلر وجوته، وغيرهم، إلى اللغة العبرية.


ولم يُصدر ميخال خلال حياته سوى مجموعة شعرية وحيدة بعنوان أناشيد ابنة صهيون (1851)، ضمت ست قصائد ملحمية تتناول موضوعات وشخصيات توراتية. وبعد وفاته، نشر أبوه مجموعة أخرى من القصائد الغنائية والقصائد المترجمة صدرت بعنوان قيثارة ابنة صهيون (1860)، فضلاً عن طبعة ثانية من الأناشيد (1869(.

وأبرز الموضوعات المتواترة في الشعر الملحمي لميخا: التناقض بين الحياة والموت، ودور الشعر ورسالة الشاعر، والصراع الأخلاقي بين العواطف الإنسانية والواجبات الوطنية. أما شعره الغنائي، وخصوصاً المتأخر منه، فقد انطبع بمصيره المأساوي إثر إصابته بالسل في مطلع شبابه، وهو الأمر الذي جعله كإنسان وشاعر يقف على عتبة الحياة منتظراً موته المحتوم. ويغلب على قصائده عموماً الطابع الرومانسي الذي ينأى بها عن النزعات الأخلاقية والبلاغية التي سادت بواكير الشعر المكتوب بالعبرية في عصر التنوير. وتحفل تلك القصائد في شكلها ومضمونها بتأثيرات شتى، حيث تعكس هذه القصائد الملحمية التأثر بأسلوب كل من شكسبير وملتون، بينما تتردد في القصائد الغنائية أصداء الشعراء الرومانسيين الألمان وعلى الأخص شيلر وهايني. أما رؤيته الفنية والفكرية، فتأثرت إلى حدٍّ بعيد بأفكار الفيلسوف الألماني شلنج والتي تَخلُص إلى أن الشعور بالجمال في الطبيعة والفن هو أرفع الصور الروحية للحياة وأن الحدس (الفني) هو الطريقة الوحيدة لتصوُّر وحدة الوجود.

ورغم قلة إنتاجه ووفاته في سن مبكرة، يُعَدُّ ميخا ليبنسون من أبرز شعراء عصر التنوير، وشعراء العبرية بوجه عام، ممن حققوا وظيفة الشعر العلماني المكتوب بالعبرية كما تصوَّرها أنصار حركة التنوير. ومع أنه لم يغامر بتجديد شكل القصيدة، إلا أنه كان أول من طبَّق قواعد العروض الحديثة على الشعر المكتوب بالعبرية.

يهـودا جـوردون (1830-1882)
Yehuda Gordon

شاعر وقاص وناقد كتب بالعبرية، وهو من مواليد ليتوانيا. ويُعَدُّ من أهم دعاة حركة التنوير اليهودية ومن أهم المعبِّرين عنها، ولكن فكره وتمرُّده ضد التراث الديني اليهودي يشيان بما في داخله من بذور الصهيوينة.

تلقَّى جوردون تعليـماً تقليدياً في طفولته. وفي سـن السـابعة عشرة، تلقى تعليماً غربياً حديثاً،ودَرَس عدة لغات (الروسية ـ الألمانية ـ البولندية ـ الفرنسية ـ الإنجليزية).وتخرَّج في إحدى الكليات التربوية الحكومية عام 1853 وعمل مدرساً في مدارس الحكومة.

انضم جوردون إلى جماعة من دعاة حركة التنوير كان من أهم أعضائها شاعر العبرية أبراهام دوف ليبنسون وابنه ميخا. تبنَّى جوردون فكر حركة التنوير تماماً، وشن هجوماً شرساً على التقاليد الدينية، واتهم اليهودية بأنها دين متحجر يحوِّل اليهود إلى شعب من الكهنة، وطالب بإدخال القيم المادية العلمانية في حياة اليهود. وكان مديراً لجمعية نشر الثقافة بين يهود روسيا، وهي من أهم جمعيات نشر مُثُل حركة التنوير.

كتب جوردون كتابات نثرية عديدة، من بينها مقالات بالعبرية والروسية. ولكن إسهامه الأدبي الأساسي هو أشعاره. ويُقسِّم النقاد أدبه إلى مرحلتين أساسيتين: مرحلة رومانسية، وأخرى واقعية:

1 ـ المرحلة الرومانسية: وهي المرحلة التي قاد فيها حركة التنوير التي تهدف إلى إصلاح اليهود وتحويلهم إلى شعب منتج. وتتناول قصائده في هذه المرحلة الموضوعات التاريخية والتوراتية وبعض الموضوعات السائدة في عصره، وإن كان تناوله ليس مباشراً أو واقعياً. وتعكس قصيدة «داود وبرزيلاي» (1851 ـ 1856) الدعوة إلى العودة للأرض. وتؤكد القصائد الأخرى في هذه المرحلة روح الاعتزاز بالذات القومية التي كان يرى جوردون أنها تنعكس في بعض شخصيات العهد القديم.

وأهم قصائد هذه المرحلة قصيدة «بين أنياب الأسد» (1868) التي تحكي قصة سيمون بر جيورا (أحد أبطال التمرد اليهودي الثاني ضد الرومان) ونهايته المأساوية. وفي هذه القصيدة، ينحي جوردون باللائمة على التعاليم الحاخامية التي أدَّت باليهود إلى رفض الحياة وقبول العبودية، وإلى أن يقبعوا خلف الأسوار ويكونوا موتى في الأرض أحياء في السماء » فتراب كتابكم وأوراق أحاديثكم الجافة غطتكم تماماً وجعلت منكم مومياء حية لعدة أجيال.«

ومن الواضح أن رومانسية جوردون من النوع النيتشوي الذي يُمجِّد القيم العضوية والحيوية وقيم البطولة. ومن أهم قصائد هذه المرحلة أيضاً قصيدة «استيقظ يا شعبي» (1856)، وهي دعوة لليهود أن يتبنوا مُثُل حركة التنوير وأن يخرجوا من ظلمات الجيتو ويتعلموا العبرية وينبذوا اليديشية ويعملوا في الحرف اليدوية المنتجة وفي الصناعة والزراعة. وقد اختتم هذه القصيدة بالكلمة المأثورة التي أصبحت فيما بعد شعاراً لهذه الحركة: "كن يهودياً في بيتك وإنساناً خارجه". ومع هذا، يظل التوجه نحو فكرة الشعب العضوي (فولك)، والكتلة القومية المتماسكة وليس نحو الفرد، على عكس مُثُل حركة الاستنارة التي كانت تتوجه أساساً إلى الفرد. ومن أهم أعمال هذه الفترة القصص الخرافية الوعظية التي كتبها جوردون على نمط خرافات إيسوب ولافونتين وكريلوف وسخر فيها من معاصريه أعضاء الجماعات اليهودية الذين نبذوا مُثُل حركة التنوير وعاشوا في الظلام (بحسب تصوُّره(.

2 ـ المرحلة الواقعية: يشكل عام 1867 نقطة حاسمة في حياة جوردون، إذ وقف إلى جانب ليلينبلوم في دعوته إلى الإصلاح الديني. وكانت قصائده في هذه المرحلة هجوماً مباشراً لا هوادة فيه، في شكل قصص ساخرة، على الخرافات الدينية وانحلال الحياة الدينية الذي أدَّت إليه الشعائر اليهودية التي كان يرى جوردون أنها معادية للحياة. وأهم القصائد هي «حكاية اليود [الياء] أو أتفـه الأشـياء» التي أتمها عام 1876، وهي تتناول مأساة امرأة شابة مطلقة لا يمكنها أن تتزوج مرة ثانية لأن الحاخام رفض الاعتراف بقسيمة الطلاق لأن توقيع زوجها ينقصـه حرف اليـود (أي حرف الياء وهو أصغر الحروف في اللغة العبرية)، ولذا فهي تظل مطلقة (عجوناه) لا يحق لها الزواج. أما قصيدة «اليوسفان بن سيمون»، فهي هجوم على القهال ورئيسه الذي تآمر وأرسل أحد دعاة حركة التنوير، ويُسمَّى يوسف بن سيمون، إلى السجن بدلاً من لص قاتل يحمل نفس الاسم.

ومن قصائد هذه المرحلة قصيدة «الملك صدقياهو في السجن»، وهي مونولوج درامي يعبِّر عن احتجاج آخر ملوك يهودا ضد روحانية الأنبياء التي قضت على حياة اليهود العادية والطبيعية وعلى وجودهم السياسي. وهذا الموضوع كامن ومتكرر وأساسي في الأدبيات الصهيونية ذات الطابع النيتشوي.

وقد أخذت الموضوعات الصهيونية تظهر على السطح بشكل أكثر تزايداً ووضوحاً، ففي قصيدة «لمن أعمل» يُلاحظ الشاعر أن مُثُل حركة التنوير أدَّت إلى اندماج الشبان اليهود في مجتمعهم. وهذا تناقُض كامن في حركة التنوير العبرية، فهي تدعو إلى الاندماج في المجتمع، وفي الوقت نفسه تدعو إلى بعث العبرية التي تعزل المتحدثين بها عن مجتمعهم. ولذا، نجد أن هذا الداعية للتنوير يقول « من بوسعه أن يخبرني عن المستقبل، لعلي آخر شعراء صهيون ولعلك آخر القراء ».

وبعد تعثُّر التحديث في روسيا عام 1881، نبذ جوردون مُثُل الاندماج ولكنه لم يتبن فكرة هجرة اليهود. وفي قصيدته «أختي روحاماه» (1882)، يدعو جوردون اليهود إلى الهجرة ولكنه يرى أن الهجرة يجب أن تكون إلى الولايات المتحدة لا إلى فلسطين العثمانية. وقد وصل جوردون إلى صيغة صهيونية تشبه الصيغة الآحاد هعامية « لن يتحقق خلاصنا إلا بعد خلاصنا الروحي». وقد أشار آحاد هعام إلى دَينه الفكري لجوردون. وجوردون هو الذي أشاع عبارة « يابيت يعقوب هلم فلنسلك في نور الرب » (أشعياء2/5) التي استخدمها في مقال له عام 1866 ونادى فيها بأن يصبح اليهود جزءاً من أوربا. وقد أصبحت فيما بعد شعاراً لأعضاء جماعة البيلو الذين استوطنوا في فلسطين. ولعل هذا يبيِّن التناقض الكامن في مُثُل حركة التنوير اليهودية.

وكتب جوردون نقداً لكتاب بنسكر الانعتاق الذاتي، ولكنه كان نقداً متعاطفاً، كما أنه عبَّر عن حماسه لاستعمار إنجلترا لمصر عام 1882 إذ رأى أن هذا الاحتلال سيزيد من أهمية فلسطين كممر إلى مصر ومركز للتجارة الآسيوية « وقد يجذب الحكم البريطاني كثيراً من إخواننا في الدياسبورا ليستقروا في فلسطين ليحرثوا أرضها ويبنوا السكك الحديدية ويحيوا التجارة والفنون والحرف ». ونادى بإنشاء جمعية من أجل الذاهبين إلى فلسطين، أي أنه تبنى المشروع الصهيوني بكل أبعاده.

ورغم أهمية جوردون كشاعر يكتب بالعبرية، فإن كثيراً من النقاد يميلون إلى القول بأنه لم يكن شاعراً وأنه كان ناظماً للقصائد ومهيجاً اجتماعياً بالدرجة الأولى. وقد ترجم جوردون كثيراً من الأشعار الغربية إلى العبرية، وهو يُعَد من المجددين في الشعر المكتوب بالعبرية

  • الثلاثاء PM 09:38
    2021-04-06
  • 1282
Powered by: GateGold