المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416102
يتصفح الموقع حاليا : 237

البحث

البحث

عرض المادة

الإخـوة ماركـس

Marx Brothers
أربعة من أهم الممثلين اليهود الأمريكيين في السينما الأمريكية الكوميدية وهم جروشو (جوليوس) (1895 ـ 1977) وهاربو (أدولف) (1893 ـ 1964) وشيكو (ليونارد) (1891 ـ 1691) وزيبو (هربرت) (1901 ـ 1979). بدأوا حياتهم الفنية كفرقة للفودفيل مع أخيهم الخامس جومو (ميلتون) (1894 ـ 1977) وأبيهم ميني. وقد اكتشفهم الفرنسي روبير فلوري المقيم في هوليود حينما كانوا يعملون بنجاح في مسرحية كوميدية موسيقية لإرفنج برلين، حيث قام بإعدادها للشاشة لتكون أول أفلامهم «ثمرة الكاكاو» (1929). ومن أهم أفلامهم «عملة القرد» (1932) و«ليلة في الأوبرا» (1935) و«يوم في ميدان السباق» (1936) و«ذعر في الفندق» (1938). وقد انفصل عنهم زيبو بعد تصويرهم فيلم «ريشة الجواد» (1932) ليصبح منتجاً ومموِّلاً سينمائياً.


وارتبط ظهور الإخوة ماركس بدخول الصوت إلى السينما، وقد استغلوا الإمكانيات الجديدة لتقديم خاصية مميِّزة لهم هي تحوير ألفاظ اللغة لتتفق مع أغراضهم. وفي الحقيقة، فإن جذور هذه الفكرة تعود إلى شخصية المهرج في السيرك ومقدِّم الفقرات الخفيفة في الملاهي الليلية أو ما يُسمَّى «وان لانرone liner» أي الشخص الذي يطلق النكات فيما بين الفقرات أو داخل الفقرة. وكانت أفلامهم نوعاً من كوميديا اللامعقول والسريالية، وكان كل فرد في المجموعة له الشخصية المميزة التي يكررها في كل الأفلام. وتنبع الكوميديا عندهم أساساً من الموقف الذي تتجمع فيه تلك الشخصيات حول محور خارجي هو شخصية أمريكية « سوية » لتقوم تلك الشخصية مقام عامل التفجير الخارجي الذي يُظهر التناقضات الكامنة، وفي نفس الوقت يلعب دور مركز الاهتمام الذي تنصب عليه سخريتهم. وكان جروشو يمثل التشاؤم الذي يميِّز رجل الأعمال الأمريكي الفاشل ويحاول دائماً أن يقوم بدور زير النساء شديد المراس مع أنه يفشل باستمرار. وكان شيكو يلعب دور الرجل البارد الذي لا تهزه الأزمات متقمصاً شخصية المهاجر الإيطالي القادم لبلاد العم سام وفي ذهنه هدف محدد هو تكوين ثروة، يدعمه في ذلك تراثه الذي يجعله يحسن التصرف في الأزمات. أما هاربو فكان يؤدي وظيفة المراقب الخارجي ذلك الخيالي المتفائل الذي يبدو أنه أبله أو خائب لا يتكلم أبداً ولكنه موسيقي موهوب ومرهف الحس.

والشخصيات الثلاث تتكامل فيما بينها لتقدم صورة ما يمكن تسميته «الفشل المضحك»، تلك الصورة التي تمثل أحد آليات النجاح التجاري السينمائي إبّان فترة الكساد العظيم في الثلاثينيات والتي تفسر هذا النجاح المنقطع الذي أحرزه الإخوة ماركس عند ظهورهم. إذ قدموا التوليفة السحرية التي يحتاج إليها الناس للعودة إلى التوازن، فالفشل يصيب الجميع ولا داعي إذن للحزن واليأس، فها هو الموهوب الذكي أبله وخائب، وها هو رجل الأعمال زير النساء فاشل ومحبط، أما المهاجر فيمكن أن يجد في موروثه الثقافي ذخيرة لتسلُّق السلم في مجتمع البحث عن الثروة وتحقيق الحلم الأمريكي.

وإذا كانت الكوميديا وسيلة لاسترجاع الثقة بالنفس للمُحبَطين والفاشلين، فقد كانت أيضاً وسيلة الجيل الأول من الفنانين من أبناء المهاجرين من يهود اليديشية لدخول المجتمع المضيف، عن طريق أداء دور المهرج والبهلوان الذي يسخر من نفسه ليُضحك الآخرين في الوقت الذي يضحك هو عليهم فيه ويأخذ أموالهم. وتمثل آلية تحطيم اللغة وسيلة سحرية لتحقيق هذا الهدف فهي تكشف كم الزيف الذي تحمله الحياة الاجتماعية، ولكنها في الوقت نفسه الوسيلة الممكنة لتحقيق الذات في هذه الحياة المزيفة. وهذه الآلية تمثل أيضاً الموروث الثقافي للمهاجر الذي يجيد لغته الأصلية (اليديشية) ويتملك ناصية لغة الوطن الجديد ويظل مع هذا خارجها، فهي لغة برانية (الإنجليزية). فثمة لغة جوانية تموت ولغة برانية تُكتَسب من خلال التقليد الجيد، ويقف المهاجر في منطقة رمادية، ولذا فهو يملك مقدرة فائقة على تحوير اللغة الجديدة البرانية بحيث تصبح وسيلة لتحقيق الذات وكشف الآخر، أو تحقيق الذات عن طريق كشف الآخر.

وبعد أن استعاد المجتمع الأمريكي توازنه المفقود على حساب أوربا بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد أن حقق أعضاء الجماعات اليهودية توازناً كبيراً وحراكاً اجتماعياً داخل المجتمع الأمريكي، وبعد أن ظهرت موجات تحطيم اللغة فيما سُمي «مسرح العبث»، كان من الطبيعي أن يتفرق الإخوة ماركس بعد أن استُنفدت أغراضهم. وقد انتهوا سينمائياً عام 1941 وتفرقوا نهائياً عام 1950. ولهذا أيضاً، لم يتكرر نموذج الإخوة ماركس ولكن تكررت الأنماط المأخوذة عنهم مع عودة أزمة المجتمع في نهايات الستينيات وأوائل السبعينيات.

  • الاثنين AM 11:52
    2021-04-05
  • 953
Powered by: GateGold