المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415292
يتصفح الموقع حاليا : 241

البحث

البحث

عرض المادة

جيكـوب إبشتاين (1880-1959)

Jacob Epestien
نحَّات بريطاني يهودي من أهم النحاتين في القرن العشرين. وُلد في نيويورك في الحي الشرقي (إيست سايد). بدأ حياته الفنية حين طلب منه المؤلف (غير اليهودي) هتشينس هابجود أن يرسم صوراً لكتاب كان يُعدُّه عن الحي الشرقي يُسمَّى روح الجيتو، وكانت اللوحات التي أعدها إبشتاين على مستوى رفيع. ونجح في الاستمرار في دراسته (في باريس) من عائد هذا الكتاب، ومنها ذهب إلى لندن عام 1905 حيث استقر فيها بقية حياته، وأصبح من طلائع الحداثيين في عالم الرسم، كما أصبح عضواً في جماعة الدوامة (بالإنجليزية: فورتيسيتس Vorticists) بحماسها النيتشوي الفائق لحركيات عالم الآلة.


تأثر إبشتاين أيضاً بالنحت القديم وفنون ما قبل التاريخ والنحت الإفريقي والبولونيزي وفنون الأمريكتين قبل وصول كولومبوس. وكما أن جذوره الفنية متنوعة، نجد أن مصطلحه الفني أيضاً متميِّز ومرَّ بعدة مراحل، ففي بداية حياته الفنية أعد إبشتاين نحتاً بارزاً بعنوان « مولد الطاقة » لتزيين واجهة رابطة الطب في بريطانيا، واستخدم فيه أسلوباً طبيعياً كلاسيكياً مباشراً. وكان النحت يتضمن شخصيات عارية تم إبراز أعضائها الجنسية بشكل واضح الأمر الذي سبَّب احتجاج الكثيرين.

وفي عام 1913، أعد إبشتاين تمثالاً تجريدياً يُسمَّى « الحفر في الصخر» وهو تمثال يمجِّد قوة الآلة. وبعد تجربتين أخريين (فينوس Iوفينوس II) ترك إبشتاين التجريد لأنه (على حد قوله) لا فائدة منه في حد ذاته، ولكنه مع هذا يساعد الفنان على أن يعمِّق إحساسه بالشكل ويطوِّره. أما مقبرة أوسكار وايلد في باريس فكانت مختلفة تماماً، فهي شكل مركب له وجه إنسان وأجنحة تجعله يشبه الثيران المجنحة في النحت الآشوري، وقد تُوِّج وجهه بتاج يحمل الخطايا السبع المميتة.

وبعد الحرب العالمية الأولى، تبنَّى إبشتاين الأسلوب التعبيري الأمر الذي أثار مرة أخرى ضيق الناس بسبب تشويهه لكثير من الأشكال وتناوله لكثير من الموضوعات الدينية والمقدسة بطريقة كانوا يرون أنها فظَّة وبدائية. وكان هو يرى أن هذه هي الطريقة المُثلى للتعبير عن القوى الكونية، فتمثال « التكوين » (1931) هو صورة امرأة عارية بدائية حامل، فهي ليست فينوس اليونانية ولا ملكة من ملكات الفراعنة، فبطنها ممتلئة وشفتاها غليظتان ووجهها مستطيل يشبه الأقنعة الإفريقية وعيونها متجهة نحو اللاشيء، وأعضاء التأنيث، رغم محاولة تجريدها، واضحة، وفخذاها كتلتان سميكتان.

أما تمثال « آدم» فهو كتلة متماسكة رأسها غير واضح محني إلى الخلف واليدان مرفوعتان إلى أعلى ويشكلان جزءاً من الصدر والقدمان غليظتان والأعضاء التناسلية مرة أخرى واضحة. هذا هو الإنسان الكوني، الآدم قدمون.

أما « جيكوب والملاك » (1940 ـ 1941) فتُذكِّرنا بموضوع صراع هرقل مع أنتايوس أو صراع بروميثوس مع النسر. وهكذا تتحوَّل الرموز الدينية اليهودية في يدي إبشتاين إلى رموز وثنية من خلال لغة التأيقن الحلولي (ولم يكن تناول إبشتاين للموضوعات المسيحية يختلف كثيراً عن تناوله لموضوعات العهد القديم).

وقد كرَّس إبشتاين طاقته الفنية بعض الوقت لرسم صُوَر لشخصيات على هيئة نحت بارز لتماثيل نصفية تُصَب في البرونز (وهو يُعَدُّ من أهم الفنانين في هذا المضمار). ومن أهم خصائص هذه الصور/التماثيل البرونزية أن سطحها خشن ليوحي بالقالب الفخاري الذي صُبَّ فيه البرونز. ورغم أن هذه الصور الشخصية البرونزية لم تكن تتسم بالحيوية نفسها التي تتسم بها تماثيله الأولى، إلا أنها تبيِّن مقدرة إبشتاين على الغوص في ثنايا النفس البشرية والإحساس بها والتعبير عنها، من خلال قَدْر من المبالغة المقبولة مع تجاهل نسبي للملامح الجسمانية المباشرة. وهو بذلك يتبع تقاليد الصورة الشخصية في عصر النهضة في الغرب، حيث يقوم الفنان بتصوير الشخصية لا الوجه. وقد رسم صوراً من هذا النوع لبرناردشو وجوزيف كونراد وأينشتاين.

وفي نهاية حياته، تلقَّى إبشتاين عدداً من التكليفات المهمة من الكنائس المسيحية، ومن أهم أعماله تمثال « أليعازر» ويوجد في كنيسة نيوكوليدج في أكسفورد (1947) و« العذراء والطفل » (1953) في ميدان كافنـدش في لنـدن، و« المسـيح في جلاله » (1957) في كاتدرائية لانداف، و« القديس ميخائيل والشيطان » (1959) في كاتدرائية كوفنتري.

ويُعلـِّق دليل بلاكويل للثقافة اليهودية على هذا بقوله: « لا شك أنه لو قُدِّر للمعابد اليهودية أن تستفيد من موهبته، لكان هذا من أكبر مصادر غبطته » وهي جملة تهدف إلى اختلاق بُعد يهودي حيث لا يوجد مثل هذا البُعد. ولكن هذا البُعد ليس سوى تعبير عن أمل أو رغبة، لا علاقة له بمصادر إبشتاين الفنية ولا إمكانياته ولا الطريقة التي تحققت بها هذه الإمكانيات، ولا حتى تأثيره في غيره من الفنانين (ترك إبشتاين أثراً عميقاً في إريك جيل وهنري مور)، فإبشتاين لم يكن يهودياً متديناً أو إثنياً مع أن تجربته في الحي الشرقي تركت أثراً عميقاً فيه. وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، تقبَّل المجتمع البريطاني إبشتاين ومُنح لقب «سير».

  • الاثنين AM 11:24
    2021-04-05
  • 951
Powered by: GateGold