المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415213
يتصفح الموقع حاليا : 261

البحث

البحث

عرض المادة

طعــام الجماعـات اليهــودية في الأعيــاد اليهوديــة

Food of the Jewish Communities in Their Festivals
رغم أن الشريعة اليهودية لا تضم أية شروط أو قوانين خاصة بالطعام في الأعياد اليهودية فيما عدا عيد الفصح، إلا أن أغلب هذه الأعياد (سواء عند اليهود السفارد أو عند الإشكناز) ارتبطت بها بعض الأصناف الخاصة من الطعام. ورغم أن المناسبة الدينية اليهودية قد توجِّه اختيارات أعضاء الجماعات اليهودية وتحدِّدها على مستوى الشكل أو النوعية، إلا أن البيئة الثقافية التي يعيش فيها أعضاء الجماعات اليهودية (أو كانوا يعيشون فيها قبل هجرتهم)، وما توفره من أطعمة وطرق في الطهي، تظل هي الإطار النهائي الذي يدورون فيه والذي يحكم اختياراتهم وذوقهم. ولنضرب مثلاً بالطعام الذي يتناوله أعضاء الجماعات اليهودية في ليلة السبت، حيث يُلاحَظ أن يهود شرق أوربا يفضلون بعض الأكلات في يوم السبت (طبق سمك الجيفلت المحشو مثلاً)، أما يهود بخارى فيأكلون السمك المقلي بالثوم. ونظراً لأنه محرَّم على اليهود القيام بأي نشاط في يوم السبت (مثلاً إيقاد النار بما في ذلك النار التي تُوقَد للطهو)، فقد نتج عن ذلك أسلوب في إعداد الطعام يتمثَّل في الطهي على نار هادئة ابتداءً من مساء يوم الجمعة وحتى يوم السبت. وفي شرق أوربا، كان يُطلَق على هذا الطبق اسم «تشولنت cholent» وهي كلمة مشتقة من كلمتين فرنسيتين هما «شو chaud» أي «دافئ»، و«لنت lent» أي «بطيء». وعادةً ما يضم هذا الطبق خليطاً من اللحم الدسم والسجق (كيشكه) والبطاطس والبقول. أما في تونس والمغرب والجزائر، فيُسمَّى هذا الطبق «دفينة» وفي بعض دول الشرق الأوسط الأخرى، يُسمَّى هذا الطبق «سخينة» أو «حامين» أي «الطبق الدافئ» أو «الطبق الحار» وبين يهود بخارى يُسمَّى هذا الطبق «بحش bahsh»، وهو خليط من الأرز واللحم والكبدة والخضراوات والتوابل.


ومن الأكلات المفضلة أيضاً بين الإشكناز في يوم السبت حساء الدجاج والبيتشا pitcha أو الكوارع، وسمك الرنجة المُملَّحة المُسمَّى «الجيكهات» وأطباق اللحم المسماه «التزيم».

ومقارنةً باليهود السفارد واليهود الشرقيين، يفضل يهود بخارى مثلاً الكباب واليخني وفطيرة اللحم أو الفاكهة وُتسمَّى «ماموس mamossa». أما يهود إيران، فإنهم يفضلون أطباق الأرز المتنوعة أو «البيلاو pilaw»، وأيضاً طبق الجيبا gipa وهو الأمعاء المحشو بالأرز (المنبار). ويأكل السفارد فطائر البستيلا أو البوريكاس وهي فطائر بالسمسم والبندق واللحم والبصل. وبالنسبة للحلويات، يفضل يهود شرق أوربا كومبوت الفواكه، أما يهود وسط أوربا فيفضلون الكعك الإسفنجي وكعك اللوز وفطيرة الشتروديل، ويفضل يهود اليمن صنف الغينينون ghininun وهو نوع من البودنج يُقدَّم أحياناً بالجبن. كما يأكل يهود اليمن الجعلة ga'le وهي الفول السوداني والزبيب واللوز والفاكهة والحلوى المُحمَّصة. وفي حين يتناول اليهود الإشكناز النبيذ أو البراندي مع وجبة يوم السبت، يتناول اليهود الشرقيون شراب العرقي.

ويصاحب وجبة يوم السبت وأغلب الأعياد الأخرى، خصوصاً عند اليهود الإشكناز، خبز الحالا hallah الذي يُخبَز من الدقيق الأبيض. ونظراً لأن يهود شرق أوربا كانوا يأكلون الخبز الأسود طوال الأسبوع، أصبح تناول الخبز الأبيض يوم السبت (وفي الأعياد الأخرى) رمزاً للاحتفال. ويُعجَن خبز الحالا عادةً على شكل ضفائر وتُرَش عليه حبات السمسم رمزاً للمانا manna المذكورة في العهد القديم. أما يهود إسبانيا، فإنهم يتناولون الخبز الإسباني الذي يُخبَز بالبيض والسكر، ويَكثُر بين اليهود الشرقيين تناول الأنواع المختلفة من الفاكهة في يوم السبت حيث يُعتبَر ذلك في الشرق رمزاً للاحتفال. كل هذا يبين كيف يتنوُّع طعام السبت بتنوع البيئة التي يعيش في كنفها أعضاء الجماعات اليهودية.

ولا يختـلف الأمر كثيراً بالنسـبة للأعيـاد الأخرى، ففي عيـد الفصح، يأكل اليهود خبزاً لا يدخله خميرة أو ملح. وفي هذا اليوم، تُعَدُّ أنواع متنوعة من خبز الفطير (ماتسوت)، ويُستخدَم في ذلك دقيق خبز الفطيرة (ماتساه). كما يُستخدَم دقيق البطاطس لإعداد أصناف مختلفة من الطعام. ومن الأطباق الإشكنازية الشهيرة لهذا اليوم ما يُسمَّى «كنيدلاخ kneidlaeh» أو «كور الماتساه» حيث يُعجَن دقيق الماتساه بالبيض والسمن والبصل في شكل كور ويُطهَى في الماء المغلي أو المرقة. أما أطباق عيد الفصح بين اليهود الشرقيين (في اليمن) فتضم ما يُسمَّى «فتوت fahthut» وهو نوع من الحساء يدخل في إعداد دقيق الماتساه والميناس minas، والمحموراس في تركيا (وهي رقائق الماتساه محشوة بالجبن أو الخضراوات أو اللحوم).

أما في عيد الأسابيع، فيَكثُر تناول الألبان والجبن، ويُقال إن هذا التقليد يرجع إلى أن التوراة التي يُحتَفل بنزولها في هذا اليوم يُشار إليها أحياناً باسم «اللبن والعسل»، وتتنوع أصناف الأطباق التي تُقدًَّم في هذا اليوم من جماعة إلى أخرى، وعادةً ما يتم إعداد الحلوى والكعك بالجبن على شكل جبل موسى (سيناء).

ومن الأطباق التي يفضلها اليهود الإشكناز في هذا اليوم فطائر البلنتسس وعجائن الكريبلاخ وفطائر الشتردول الألمانية وكعكة الجبن البولندية وفطيرة الجبن الأمريكية وعجينة الكنيش knishes وهي عجينة الخميرة التي تُحشَى باللحم أو البطاطس والجبن أو الفاكهة وأصلها ليتواني. ويُخبَز في هـذا اليوم خبز الحـالا الأبيض بالجبنة. أما السفارد، فإنهم يُعدُّون لهذا اليوم كعكة السماوات السبع رمزاً للسماوات السبع التي شقها الإله لكي تنزل التوراة على موسى. ويستخدم السفارد جبن الشاه لتحضير العديد من الأطباق مثل طبق السفونجوس sphongous والذي يُعدُّ بالجبن والسبانخ.

وفي عيد رأس السنة اليهودية، يتم تقديم الأصناف الحلوة والفواكه كرمز لعام جديد مليء بالخير والطيبات. وعادةً ما يضاف العسل إلى كثير من الأطباق. وتقوم كل جماعة بإعداد الخضراوات واختيار الفواكه التي لها دلالة خيرة في المجتمعات التي يعيشون فيها، فيهود شمال أفريقيا يأكلون السلق والسبانخ في هذا اليوم باعتبار أنهما « يحملان البركة » وفقاً للاعتقاد العربي المحلي. وعند تناول السلق تتلو العائلة اليهودية دعاء للتبريك يشمل كلمة «يستلقو» أي «تشتيت الأعداء وهروبهم» والتي تتشابه في النطق مع كلمة «سلق». وفي اليمن، يتناول اليهود الحلبة ويقابلها في العبرية «روبيا»، وبالتالي فإن تناولها يرمز إلى التكاثر إذ أن منطوقها يشبه العبارة العبرية «شيه يربو» والتي تفيد التكاثر. أما بين الإشكناز، فيتم إعداد أطباق التزيم بالجزر والشرائح المستديرة للجزر ذهبيّ اللون حيث يرمز ذلك إلى الخير والثراء (ولها معنى مماثل باللغة الألمانية). كما يأكل الإشكناز أيضاً سمك الليبوخن الذي يُعَدُّ بالزبيب والعسل. وفي هذا العيد، يقدِّم اليهود الشرقيون رأس سمكة أو رأس خروف إلى رب البيت رمزاً لبقائه دائماً على رأس العائلة. ويُخبَز خبز الحالا على شكل عجلة مستديرة رمزاً لدوام الخير طوال العام.

وفي يوم الغفران، يخبز الإشكناز خبز الحالا، حيث يُعجن جزء منه على شكل مدرج أو رأس طير رمزاً لصعود الصلوات والأدعية سريعاً إلى السماء. ويأكل اليهود الإشكناز قبل بدء الصيام حساء الدجاج مع عجين السكر. وتتنوع الأطباق التي يفطر عليها أعضاء الجماعات بانتهاء الصيام. ففي وسط أوربا، يفطر هؤلاء على الـ «باركس barkes» أو الـ «شنيكين shneken» وهي كعكة بالقرفة والجوز أو الزبيب، وهم يفضلون أطباق الرنجة والأصناف التي تجمع بين الطعم الحلو والحمضي مثل السمك المُخلَّل بالجيلي أو «زيس زوير zise-zoyre». أما السفارد، فإنهم يفضلون الإفطار بفنجان قهوة محوجة بالقرفة (هولندا) أو بحب الهال (سوريا ومصر) أو بالزنجبيل (اليمن). وفي بعض دول الشرق الأوسط، مثل تركيا واليونان والعراق، يفطر أعضاء الجماعات اليهودية على مشروب اللوز أو السوبيا أو غيرها من المشروبات التي يرمز لونها الأبيض إلى النقاء. أما في العراق، فإن أعضاء الجماعات يفطرون على البامية وكعك الزنجبيل أو الشدجوباده، كما تأكل كثير من الجماعات الشرقية الكعك بالسمسم. أما في إيطاليا، فإنهم يأكلون كعكة لها نكهة البن أو الموكا اسمها «دولشي ربيكا dolce Rebeca».

وفي عيد المظال، تتنوع الأصناف التي تُقدَّم في الأكواخ الخاصة أو المظال الصغيرة التي تقام احتفالاً بهذه المناسبة. فبين الإشكناز، يُقدَّم حسـاء البورشـت الروسـي والجولاش المجري وعجينة الفلودن fluden، وهي حلوى تُعَدُّ بالفواكه، إلى جانب فواكه الموسم. وفي الشرق الأدنى القديم، كان تُقدَّم الكبة والمسقَّعة والمحشيات المختلفة. وفي اليوم السابع من عيد المظال، يُخبَز خبز الحالا، وأحياناً يُعجَن جزء منه على هيئة يد ممدودة رمزاً لتلقِّي البركة، أو على هيئة مفتاح رمزاً لفتح باب السماء للأدعية.

وفي عيد التدشين، يجرى إعداد الفطائر والحلوى المقلية في الزيت رمزاً لمعجزة استمرار الزيت في الاحتراق عند إعادة تدشين الهيكل في أورشليم في عهد يهودا المكابي. ويقوم الإشكناز بإعداد فطائر اللاتكيس latkes أو الفاسبوتشس fasputches أو البونتشكس pontshkes ويُقال إنه جرت العادة على إعداد هذه الفطائر بين يهود شرق أوربا لأن لعب الورق (الكوتشينة) كان من عادات الاحتفال بهذا العيد. وكانت هذه الفطائر تُعتبَر من الوجبات التي يَسهُل إعدادها وتناولها دون إحداث تعطيل أو انقطاع في جلسات اللعب التي كانت تستمر أحياناً طوال الليل وحتى فجر اليوم اللاحق. ويقوم يهود شرق أوربا أيضاً بإعداد سلطة من الفجل واللفت والزيتون والبصل المحمَّر في سمن الإوز، كما تُقدَّم أطباق الإوزّ في هذا اليوم.

وفي اليمن، يتم إعداد طبق من الجزر المطهو على نار هادئة اسمه «لحيس جزر lahis gizar»، كما يأكلون الزلابيا، وفي العراق يأكلون القطايف، وفي بخارى الدوشبير dushpire، وفي ليبيا السبانزس spanzes وكلها أصناف من الفطائر.

ومن أشهر الوجبات التي يتم إعدادها بين الإشكناز في عيد النصيب، فطائر مُسلسَلة الشكل تُحشَى بحبوب الخشخاش وأيضاً بالزبيب أو البرقوق أو الخوخ. وتُسمَّى هذه الفطائر بين يهود شرق أوربا «هامان تاشن haman tashen» أو «جيوب هامان» فهي ترمز إلى جيوب هامان المليئة بالرشاوى التي تقاضاها. وفي وسط أوربا، تُسمَّى هذه الفطائر «قبعة هامان». ويُقال إن شكل الفطيرة جاء من قبعات جنود نابليون حيث يبدو أن اليهود في عصر نابليون كانوا يعتبرونه محرِّراً. وقد كان يُطلَق عليها أيضاً اسم «آذان هامان» لأنه كان يتم قديماً قطع آذان المجرمين عقب إعدامهم. ويُقال أيضاً إن هذه الفطيرة ارتبطت بعيد النصيب لأن الكلمة الألمانية التي تعني حبوب الخشخاش وهي كلمة «مون mohn» مشابهة لاسم هامان.

وخبز عيد النصيب كبير الحجم ومضفَّر رمزاً للحبال التي استُخدمت لشنق هامان. ويُعدّ السفارد فطائر مشابهة تُحشَى باللحوم والخضراوات والفاكهة. ويُعدّ أعضاء الجماعات الشرقية أنواعاً مختلفة من الحلويات والكعكات المحشوة باللوز والجوز، ويوزِّع يهود إيران بعد قراءة أجزاء من العهد القديم نوعاً من الحلوى تُسمَّى «حلافا كاشكا».

  • الاثنين AM 11:15
    2021-04-05
  • 2340
Powered by: GateGold