المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 408922
يتصفح الموقع حاليا : 306

البحث

البحث

عرض المادة

التشكيك في الإعجاز العلمي في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغضب

التشكيك في الإعجاز العلمي في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغضب (*)

مضمون الشبهة:

 

في الشبهة التي بين أيدينا لا يزيد الطاعن على قوله: إن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغضب في قوله للأعرابي: «لا تغضب» لا يتضمن أي إعجاز علمي، بدعوى أن النبي لم يكن يعلم أي أضرار صحية للغضب، ولم يكن يقصد ما يقوله؛ لأنه كان- على حد زعمهم- شخصية انفعالية شديدة الغضب.

 

وجها إبطال الشبهة:

 

1) إن ما ادعاه الطاعن من أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغضب لا يتضمن إعجازاً علميًّا- غير صحيح، ويثبت عدم صحته ما كشف عنه الطب الحديث من أن هناك العديد من التغيرات التي يحدثها الغضب في جسم الإنسان؛ إذ يرتفع ضغط الدم، فيصاب الإنسان بالأمراض النفسية والبدنية؛ مثل السكر والذبحة الصدرية، وقد أكدت الأبحاث العلمية أن الغضب وتكراره يقلل من عمر الإنسان؛ لهذا نصحنا الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه بعدم الغضب، كما أن حجة الطاعن التي استند إليها- وهي قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أي أضرار صحية للغضب حتى نقول: إن الحديث يتضمن إعجازًا- حجة واهية؛ ذاك أن التساؤل الذي ينبغي أن يُطرح هو: هل الحديث يتضمن إعجازًا علميًّا أم لا؟! وليس: هل النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أضرار الغضب أم لا؟!

 

2)كيف يوصف أحلم البشر بأنه شخصية انفعالية شديدة الغضب؟! كبرت كلمة تخرج من أفواههم، فما نراهم يقولون إلا كذبًا، فالنبي صلى الله عليه وسلم له من الحلم- كما له من كل خلق- كماله، وعلى المدَّعي أن يقرأ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يستمع لشهادات المنصفين من علماء الغرب.

 

التفصيل:

 

أولاً. إثبات الطب الحديث أن للغضب أضرارًا عديدة:

 

1)  الحقائق العلمية:

 

أكد العلماء أن العديد من الاضطرابات النفسية تؤثر على الجسد، فالأمراض النفسية والضغوط الاجتماعية المزمنة تؤثر على مناعة الجسد ومقاومته للأمراض، والضغوط النفسية قد تسهم في نشوء أمراض عضوية؛ كالسكر والسرطان وأمراض القلب والجلطات، وغيرها من أمراض الغدد الصماء والاضطرابات الهرمونية والشيخوخة والهَرَم.

 

 ولقد عرف الإخصائي النفسي "تشارلز سبيلبيرجر" الغضب بأنه: إحسان أو عاطفة شعورية تختلف حدتها من الاستثارة الخفيفة، انتهاء إلى الثورة الحادة.

 

كيف يحدث الغضب في داخل الجسم؟

 

ينبه مؤثر الغضب منطقة (Amygdala) المسئولة بالمخ عن إرسال التنبيهات عندما تواجه مسببات الغضب، ثم ترسل رسائل سريعة تُحمل بواسطة التيار العصبي إلى غدة تحت المهاد، وهي الغدة القيادية المسيطرة التي تأمر الغدة جار الكلوية لتفرز هرمون الأدرينالين، وتجعل السيطرة للجهاز العصبي الودي، فتتزايد معدلات ضربات القلب، ويرتفع ضغط الدم، وتزيد سرعة التنفس، ويحمرُّ الوجه، وتستعد الأطراف لرد الفعل الجسدي، وقد يُفرز المزيد من الأدرينالين الذي يطيل حالة التوتر، كما يُفرز الكورتيزون من قشرة الغدة جار الكلوية بما له من تأثيرات عديدة، ومن الصعب العودة للحالة الطبيعية سريعًا؛ لأن الأدرينالين يجعل الغاضب في حالة تحفز قد تستمر لساعات يكون خلالها عرضة لنوبة جديدة من الغضب.

 

كيف يواجه الجسم الغضب؟

 

ينشط الجهاز العصبي الودي الأجهزة التي يحتاجها الجسم عند المرور بنوبة الغضب، بينما على الجانب الآخر يلعب الجهاز العصبي جار الودي دوره لتثبيط الأجهزة التي يستغني مؤقتًا عنها في مواجهة ضغوط الغضب.

 

  • فمثلاً تحدث زيادة سريعة في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب والتنفس لتسريع نقل الأكسجين والمواد الغذائية للعضلات والجوارح.

 

  • ويتم التحرك السريع للطاقة من مخازنها في الكبد والعضلات والخلايا الدهنية بتوافر الجلوكوز والدهون والبروتينات البسيطة.

 

  • تفرز الببتيدات، وهي وسيلة الاتصال بين أجزاء الجسم المختلفة، ولها مستقبلات في كل عضو؛ حيث تشكل الببتيدات ومستقبلاتها كيمياء المشاعر.

 

  • على الجانب الآخر تثبط المناعة؛ لأجل توفير الطاقة للجسم في حالة الغضب.

 

  • يتوقف الهضم وتتلقى الأمعاء أمرًا بتفريغ الطعام المهضوم؛ ليخفف وزن الجسد.

 

  • تتوقف وظائف التبويض والانتصاب والرغبة.

 

  • يتوقف الإنسولين وهرمونات النمو والهرمونات الجنسية؛ لتوفير الطاقة للجسم.

 

  • يقل الإحساس بالألم.

 

الآثار الصحية السيئة للغضب:

 

  1. يؤثر الغضب على قلب الإنسان مثل تأثير الجري؛ فيزيد من عدد مرات الانقباض في الدقيقة الواحدة، فيضاعف بذلك كمية الدماء التي يدفعها القلب، وهذا يجهده؛ لأن ذلك يجبره على زيادة معدلات عمله عن المعتاد، ولكن الفارق المهم أن الجري في إجهاده للقلب لا يستمر طويلاً؛ إذ يتوقف من يجري فور إحساسه بالتعب، أما الغضب فلا يستطيع الغاضب السيطرة على غضبه وعلى تأثير هذا الغضب- بعد أن انفعل فعلاً- على قلبه.

 

  1. يصاب الغاضب بارتفاع ضغط الدم؛ لاضطرار قلبه أن يدفع كمية من الدماء الزائدة عن المعتاد، وتفقد الشرايين تدريجيًّا مرونتها وقدرتها على الاتساع، فتتصلب جدرانها؛ لكي تستطيع أن تمرر تلك الكمية الزائدة من الدماء التي يضخها القلب المنفعل.

 

  1. قد يؤدي الارتفاع المفاجئ للضغط إلى نزف دماغي يؤدي إلى إصابة الغاضب بالجلطة المخية، أو يؤثر على أوعية العين الدموية؛ فيسبب العمى المفاجئ، أو يؤدي إلى جلطة قلبية، وتلك الحوادث المؤلمة تنتج عن لحظات غضب!

 

  1. يتحرر الجليكوجين من مخازنه في الكبد؛ مما يرفع مستوى السكر في الدم، فمعظم حوادث السكر تبدأ بعد انفعال غضب شديد.

 

  1. ارتفاع الأدرينالين يصرف كثيرًا من الطاقة المدخرة؛ مما يؤدي إلى شعور الغاضب بارتفاع حرارته.

 

  1. تثبط حركة الأمعاء، وهذا سبب إصابة ذوي المزاج العصبي بالإمساك المزمن.

 

  1. يزداد إفراز الكورتيزون؛ فتزيد الدهون في الدم على حساب البروتين، ويحل الكورتيزون النسيج الليمفاوي مؤديًا إلى نقص المناعة وفتح الطريق للميكروبات لتحدث التهابات، وهذا ما يفسر ظهور التهاب حاد في اللوزتين عقب انفعال الغضب.

 

  1. يزيد الكورتيزون من حموضة المعدة؛ مما يهيئ لحدوث قرحة المعدة أو ارتفاع الحموضة بها.

 

  1. أثبتت الدراسات الطبية مؤخرًا العلاقة الوثيقة بين الانفعالات النفسية- ومنها الغضب- والإصابة بالأورام الخبيثة؛ حيث إن الاضطراب الهرموني في الغدد يساعد على ظهور بؤرة سرطانية في أحد أجهزة الجسم([1]).

 

الغضب يضعف جهاز المناعة:

 

تقول الدكتورة آنا مارشلاند- من جامعة بيتسبره الأمريكية- : إن ذوي المعدلات العالية من التنبه العصبي- نيوروتيسيزم- قد لا يتمتعون بجهاز مناعة قوي بما فيه الكفاية، فقد قام باحثون بفحص ردود فعل أكثر من ثمانين متطوعًا حُقنوا بلقاح لمعالجة مرض التهاب الكبد الوبائي، وهو مرض فيروسي، واللقاح ينشط جهاز المناعة في الجسم من خلال تعريضه لكمية صغيرة جدًّا من الفيروس، كما أُدخل المتطوعون في اختبار لقياس طبيعة شخصياتهم ودرجة تنبهها العصبي.

 

وتبين للعلماء أن من لديهم درجات عالية من التنبه العصبي يميلون إلى التعصب والتقلبات المزاجية الشديدة، كما تسهل استثارتهم وتعريضهم للضغط والاضطراب النفسي والإجهاد العصبي، وظهر أن المتطوعين من ذوي التنبه العصبي العالي يميلون أيضًا إلى تسجيل استجابات أقل من حيث جودة الأداء للقاح مرض التهاب الكبد الوبائي، مقارنة بنظرائهم الذين لهم معدلات طبيعية من التنبه العصبي، وربما تفسر هذه النتائج ما خلصت إليه دراسات سابقة من أن ذوي التنبه العصبي العالي أكثر عرضة من غيرهم لمشاكل الأمراض وتعقيداتها.

 

وتقول الدكتورة مارشلاند: إن نتائج الدراسة تدعم الفكرة القائلة بأن ذوي التنبه العصبي العالي يتمتعون بجهاز مناعة أقل كفاءة من غيرهم، مما يعرضهم أكثر من غيرهم للأمراض وأعراضها.

 

وكانت دراسة سابقة أُجريت في أوهايو بالولايات المتحدة قد وجدت أن قوة تأثير اللقاحات والعقاقير الطبية المضادة لذات الرئة تقل عند من يعانون من الضغوط العصبية، وهو ما يؤيد النتائج الجديدة، كما ذكرت دراسة أوهايو أن الضغط النفسي والقلق لهما تأثير مباشر على حجم الهرمونات في الجسم، ومنها الكورتيزون الذي له تأثير فعال على أداء جهاز المناعة.

 

عدم التحكم بالغضب يؤدي إلى الوزن الزائد ومشاكل صحية:

 

أفادت دراسة جديدة بأن عدم قدرة المراهق على التحكم في الغضب قد يسبب له مشكلات صحية في المستقبل، وخلصت الدراسة إلى أن المراهقين الذين يعانون من مشكلات في التحكم في غضبهم يكونون أكثر عرضة لزيادة الوزن، وقال العلماء في الاجتماع السنوي لجمعية القلب الأمريكية في سان فرانسيسكو: إن المراهقين الذي يكتمون شعورهم بالغضب يتعرضون لخطر السمنة أو زيادة الوزن، وهو ما قد يؤدي إلى تعرضهم لأمراض مثل مرض القلب أو السكري.

 

وقام أطباء من مركز علوم القلب في جامعة تكساس بدراسة 160 مراهقًا تتراوح أعمارهم بين 14 و 17 عامًا على مدى ثلاث سنوات، واستخدم الأطباء اختبارات نفسية لمعرفة كيفية استجابتهم للغضب، فوجدوا أن المراهقين الذين يمكنهم التحكم في غضبهم والتصرف بشكل مناسب عند الغضب يكونون أقل عرضة لزيادة الوزن، أما من يعانون من مشكلات في التعامل مع الغضب- سواء بكبت مشاعرهم أو فقدان أعصابهم- فهم الأكثر عرضة لزيادة الوزن.

 

يقول البروفيسور ويليام مولر- الذي قاد فريق البحث في الدراسة-: ترتبط السمنة بالطرق غير الصحية في التعبير عن الغضب، فمشكلات التعبير عن الغضب يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في الأكل وزيادة الوزن، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى الإصابة بمرض القلب في سن مبكرة، إن الأمر لا يقتصر فقط على مجرد الأكل والتمرينات، ولكن يجب علينا أن ننتبه إلى الجانب الاجتماعي.

 

للغضب أنواع خفية يصاب بها الملايين:

 

تقول دراسة نُشرت حديثًا في الولايات المتحدة: إن مرضًا يُسمى "عرض الانفعال المتقطع" (آي إي دي) قد يكون السبب وراء قيام بعض الأشخاص بإظهار انفعالات فجائية عنيفة وغير مبررة، وتضيف الدراسة: إن ما يقارب عشرة ملايين أمريكي يعانون من هذا المرض الذي طالما استبعد عند محاولة تشخيص مثل تلك الانفعالات.

 

وتقول الدراسة: إن 4% من سكان أمريكا يعانون من درجة حادة من (آي إي دي)، مما سبَّب لكل منهم ما بين 3 : 4 انفعالات عصبية مشابهة خلال عام واحد، ولهذا المرض تعريف دقيق في مراجع الطب النفسي، ولكن يجهل العلماء حتى الآن مدى انتشاره بين بني الإنسان.

 

ويمكن للطبيب أن يقرر إذا ما كنت مصابًا بهذا المرض إذا تكرر قيامك بانفعالات غاضبة وعنيفة لأسباب لا تبدو ذات أهمية تستحق، وعادة ما يفقد المصاب بهذا المرض تمالكه لأعصابه فجأة ويقوم بتدمير شيء ما، أو يعتدي أو يهدد بالاعتداء على أي شخص.

 

الغضب يسرع الإصابة بالسكتة القلبية:

 

قال علماء أمريكيون: إن المزاج السيئ لدى الشباب الذكور قد يؤدي إلى الإصابة بمرض القلب في وقت مبكر في الحياة، جاء ذلك في نتائج دراسة توصلت إلى أن الشباب الذكور الذين ينتابهم الغضب عند التعرض للتعب والإرهاق العصبي أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب من غيرهم بنسبة تبلغ ثلاث مرات، وبينت الدراسة أن الشباب الغاضبين أكثر عرضة للإصابة المبكرة بالسكتة القلبية من أقرانهم الهادئين بنسبة تصل إلى خمس مرات، حتى لو كانوا ينحدرون من عائلات يخلو تاريخها من أمراض القلب.

 

وتؤكد الدكتورة باتريشيا تشانج- التي قامت بالإشراف على جزء من البحث الذي تم إعداده في الولايات المتحدة- أن عددًا من الشباب عبَّر عن غضبه، بينما تمكن عدد آخر من إخفائه، ولكن عددًا كبيرًا من المشاركين كانوا سريعي الغضب وتنتابهم نوبات متكررة من التذمر، إن الدراسة بينت أن المزاج السيئ يتنبأ بالأمراض قبل ظهور أعراضها؛ مثل مرض السكري وضغط الدم.

 

وأكدت أن أفضل شيء يستطيع الشباب الغاضبون من الرجال عمله هو مراجعة إخصائيين لتعلم طرق السيطرة على الغضب، وبخاصة أن دراسات سابقة بينت أن الأشخاص المصابين بمرض القلب يسجلون تحسنًا في صحتهم حين يتعلمون كيف يسيطرون على غضبهم، واستخدمت الدكتورة تشانج وزملاؤها في دراستها معلومات حول نحو 1300 طالب كانوا يدرسون في معاهد جون هوبكنز الطبية بين عامي 1948م و 1964م([2]).

 

2)  التطابق بين الحقائق العلمية وما جاء به الحديث الشريف:

 

خلق الله في الإنسان العديد من الغرائز والأحاسيس، فهو يتأثر بما يجري حوله، ويتفاعل بما يشاهد ويسمع من الآخرين؛ فيضحك ويبكي، ويفرح ويحزن، ويرضى ويغضب، إلى آخر تلك الانفعالات النفسية.

 

ومن الأمور التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاسترسال فيها الغضب؛ فقد يخرج الإنسان بسببه عن طوره، وربما جره إلى أمور لا تُحمد عقباها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، فقال: لا تغضب، فردد مرارًا، قال: لا تغضب»([3]).

 

ويقلل الطاعنون من الأهمية العلمية لهذا الحديث، بدعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أي أضرار صحية للغضب حتى ينهى عنه، فهو لم يكن يقصد ما يقوله؛ لأنه- على حد زعمهم- كان شخصية انفعالية شديدة الغضب.

 

وبالنظر إلى هذا الطعن نجد أنه من السهل علينا تفنيده ودحضه:

 

فمن ناحية أولى: نطرح عليهم تساؤلاً مؤداه: هل الإشكالية تكمن في معرفة النبي صلى الله عليه وسلم للأضرار الصحية للغضب من عدمها عندما نهى عنه؟ بمعنى آخر: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أضرار الغضب الصحية عندما نهى عنه فإننا نسلم بوجود إعجاز علمي في الحديث، أما إذا كان لا يعلم فإننا لا نقبل بهذا الإعجاز.

 

إن ما يُفهم من الطعن الموجه إلى هذا الحديث الشريف أنه طالما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أضرار الغضب فليس ثمة مجال للكلام عن وجود إعجاز علمي في الحديث، وهذا- بالطبع- فهم غير صحيح؛ لأنه يتعارض مع المنطق، فالتساؤل الذي ينبغي أن يُطرح هو: هل الحديث يتضمن إعجازًا علميًّا أم لا؟ وذلك دون نظر إلى أية اعتبارات أخرى، فليست العبرة بكون النبي صلى الله عليه وسلم كان عالـمًا بالإعجاز أم لا، أو كان قاصدًا إليه أم لا، فهذه قضية أخرى يريد الطاعنون أخذنا إلى مناقشتها، مع أنها ليست محل النقاش، وفي هذا دليل على عجزهم وعدم شجاعتهم في الاعتراف بإعجاز الحديث الواضح البين.

 

ومن ناحية ثانية: من قال بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم بأن للغضب أضرارًا صحية ونفسية واجتماعية؟! وكيف لا يعلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يُوحى؟! إن الشارع عز وجل لم يشرع أمرًا إلا وفيه خير ومصلحة للعباد، ونحن نسلم بذلك سواء علمنا الحكمة من التشريع أم لا، فالحكمة موجودة، ولكنها قد تكون غير ظاهرة، ثم يقدر المولى عز وجل أن تظهر في وقت من الأوقات على أيدي عباده من العلماء الذين يفتح عليهم بفتوحاته، ولو لم يكن الأمر كذلك لما كان للأمر من قِبل الله عز وجل لعباده بالتدبر والتأمل في آيات الله في الأنفس والآفاق معنى، وفي هذا دليل على صلاحية التشريع لكل زمان ومكان.

 

ومن ناحية ثالثة: فإننا نقول لهؤلاء المشككين: إنكم كلما ناقشتمونا في آية قرآنية أو حديث نبوي شريف وجدنا معجزة تتجلى في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وكأنكم قد سخركم الله لتكونوا وسيلة تلهمنا البحث والتدبر؛ لنكتشف معجزات جديدة لم تكن تخطر ببالنا لولا انتقادكم لها.

 

وفيما يلي سوف نبين حقيقة عقيدتهم الضعيفة وبطلان حججهم الواهية، وذلك من خلال بيان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في منع وقوع الغضب، وهديه صلى الله عليه وسلم في معالجته.

 

منهج النبي صلى الله عليه وسلم في منع وقوع الغضب:

 

يتكون منهج النبي صلى الله عليه وسلم في مكافحة وقوع الغضب من عدة أسس نورانية شريفة هي:

 

  1. الأمر المباشر (لا تغضب):

 

روى الترمذي في سننه: «أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني شيئًا ولا تكثر علي؛ لعلي أعيه، قال: لا تغضب، فردد ذلك مرارًا، كل ذلك يقول: لاتغضب»([4]).

 

وقد أحصى أحد علماء المسلمين- هو الشيخ سليمان العلوان- أكثر من خمسين فائدة لهذا الحديث قليل المبنى عظيم الأثر والمعنى، وهو إعجاز بياني بلاغي لسيد البشر صلى الله عليه وسلم.

 

  1. التذكرة بحب الله سبحانه وتعالى ورضاه:

 

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من جرعة أعظم أجرًا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله»([5])، وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الأشح قائلاً له: «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة»([6]).

 

  1. الترغيب في الجنة:

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كظم غيظًا وهوقادر على أن ينفذه دعاه الله على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره في أي الحورشاء»([7]).

 

  1. ترغيب العرب ببيان الشدة والشجاعة في حجز النفس عن الغضب (وهو مايحبونه):

 

روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»([8])، فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تمالك النفس لو وقع الغضب، والمعنى يتمثل  في كون القوة الحقيقية تكمن في امتلاك النفس والسيطرة عليها عند فوران الغضب، وهذا فيه تربية للإنسان المسلم على مجاهدة النفس ومغالبتها على عدم الغضب؛ لأن تعلم التحكم في انفعال الغضب إنما يقوي إرادة الإنسان على التحكم في جميع أهواء النفس وشهواتها، ويمكن الإنسان في النهاية من أن يكون مالك نفسه وسيدها وليس عبدًا لانفعالاته.

 

  1. الترهيب من غضب الله:

 

عن أبي مسعود البدري قال: «كنتأضرب غلامًا لي بالسوط، فسمعت صوتًا من خلفي: اعلم أبا مسعود، فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: اعلمأبا مسعود، اعلم أبا مسعود، قال: فألقيت السوط من يدي، فقال: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، قال: فقلت: لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا»([9])، وفي رواية: «فقلت: يا رسول الله، هو حر لوجه الله، فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار»([10])، وفي رواية لمسلم أيضًا: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله، لله أقدر عليك منك عليه، قال: فأعتقته»([11]).

 

  1. كراهة قضاء القاضي وهو غضبان:

 

عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: «كتب أبي- وكتبت له- إلى عبيد الله بن أبي بكرة وهو قاض بسجستان: أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان»([12]).

 

  1. الإعجاز في نهي الصائم عن الغضب:

 

عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم»([13]).

 

ويخبر الدكتور عبد الجواد الصاوي أن الصائم يكون أكثر استجابة لدواعي الغضب في آخر النهار عندما ينقص السكر في الجسم، وقد اكتشف العلم أن الصائم إذا اعتراه غضب ازداد إفراز هرمون الأدرينالين في دمه زيادة كبيرة تصل من 20 إلى 30 ضعفا عن معدله العادي أثناء الغضب الشديد أو العراك، فإن حدث هذا في أول الصوم أثناء فترة الهضم والامتصاص اضطرب هضم الغذاء وامتصاصه زيادة على الاضطراب العام في جميع أجهزة الجسم؛ ذلك لأن الأدرينالين يعمل على ارتخاء العضلات الملساء في الجهاز الهضمي، ويقلل من تقلصات المرارة، ويعمل على تضييق الأوعية الدموية الطرفية وتوسيع الأوعية التاجية، وإن حدث الغضب والشجار في منتصف النهار أو آخره أثناء فترة ما بعد الامتصاص تحلل ما تبقى من مخزون الجليكوجين في الكبد، وتحلل بروتين الجسم إلى أحماض أمينية، وتأكسد المزيد من الأحماض الدهنية، كل ذلك ليرتفع مستوى الجلوكوز في الدم فيحترق ليمد الجسم بالطاقة اللازمة في الشجار؛ وبهذا تستهلك الطاقة بغير ترشيد، ويفقد بعض الجلوكوز مع البول إن زاد عن المعدل الطبيعي، وبالتالي يفقد الجسم كمية من الطاقة الحيوية المهمة في غير  فائدة تعود عليه، ويُضطر إلى استهلاك الطاقة من الأحماض الدهنية التي يؤكسد المزيد منها، وقد تؤدي إلى تولد الأجسام الكيتونية الضارة في الدم.

 

كما أن الارتفاع الشديد للأدرينالين في الدم يعمل على الآتي:

 

1- خروج كميات كبيرة من الماء من الجسم بواسطة الإدرار البولي.

 

2- يؤدي لنوبات قلبية أو موت الفجأة عند الأشخاص المهيئين لذلك؛ نتيجة لارتفاع ضغط الدم وارتفاع حاجة عضلة القلب للأكسجين من جراء ازدياد سرعته.

 

3- وقد يسبب النوبات الدماغية لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين.

 

4- يزيد من تكون الكوليسترول من الدهون البروتينية منخفضة الكثافة.

 

لهذا ولغيره أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصائم بالسكينة وعدم الغضب أو الانفعال، فقد أدرك صلى الله عليه وسلم- بنور وحي النبوة- خطورة انفعالات الغضب قبل أن يكتشفها الطب بقرون، ودعا- بحكمة- المسلمين إلى تفادي الغضب، فكثرت أحاديثه التي وردت بها تلكم النصيحة الذهبية الغالية: «لا تغضب»، والتي ثبت نفعها العظيم طبيًّا ونفسيًّا، وقدم النبي صلى الله عليه وسلم أساليب مختلفة في الترغيب في حفظ النفس من الغضب، ثم الترهيب من الوقوع فيه، أساليب شملت العلم والعمل، آخذًا بأيدي المسلمين إلى جادة الصواب؛ رحمة بهم وحفاظًا على صحة أبدانهم من مجموعة من الأمراض المهلكة.

 

والسؤال: هل هناك برامج لمنع وقوع الغضب؟

 

نشر الموقع الإخباري (بي بي سي) في 25 مارس 2008م تقريرًا بعنوان "مشاكل الغضب بلا علاج" جاء فيه: تقول مؤسسة الصحة النفسية الأمريكية: "لا يتم التعامل مع الغضب إلا بعد أن يرتكب شخص ما جريمة عنف مدمرة"، في إشارة واضحة إلى أنه ليس هناك برامج لمنع وقوع الغضب! وقال مدير المؤسسة الدكتور أندرو مكولوك: إنه لعيب أن يخذل الناس حين يطلبون علاجًا للغضب، بينما يجدون المساعدة لعلاج الاكتئاب والقلق.

 

أما المعهد البريطاني لإدارة الغضب فيؤكد: لقد أصبح التعامل مع الغضب اليوم أمرًا في غاية التعقيد، ولا بد من اتباع قواعد التوافق مع المجتمع الذي نحيا به.

 

وهنا يبرز السبق النبوي المعجز من قبل مئات السنوات؛ حيث وضع النبي صلى الله عليه وسلم لأتباعه العاملين بسنته برنامجًا متكاملاً رائعًا مكونًا من القواعد السبعة التي أسلفناها، والتي بها سبق علمي طابقه العلم الحديث، بل أثبتت الأبحاث الطبية والنفسية جدواها في الوقت الذي تتحير فيه المؤسسات والمعاهد الطبية في إيجاد برامج لمنع وقوع الغضب قبل حدوثه.

 

الهدي النبوي في معالجة الغضب:

 

لم يتوقف هدي النبي صلى الله عليه وسلم عند النصح بمكافحة وقوع الغضب، وإنما أرسى منهجًا آخر لعلاج هذا الغضب إذا وقع فيه الإنسان دون إرادة منه، وهذا المنهج النبوي في معالجة الغضب يتكون من عدة قواعد نورانية نوجزها فيما يأتي:

 

  1. السكوت فور الغضب:

 

دعا النبي صلى الله عليه وسلم الغاضب إلى السكوت فورًا؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «علِّموا، ويسِّروا ولا تعسِّروا، وإذا غضب أحدكم فليسكت»([14]).

 

  1. الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم:

 

عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: «استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن جلوس عنده، وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»([15]).

 

ويقول الدكتور إبراهيم الراوي: "ينصح علماء الطب النفسي الأشخاص الذين يتعرضون لنوبات الغضب إلى تمارين خاصة لإطفاء ثورة الغضب؛ منها أن يعد الشخص من 1 إلى 30 قبل النطق بأي حرف".

 

هذه الحقائق في مجال الطب النفسي سبق بها النبي صلى الله عليه وسلم الأطباء بقرون، حين أمر الغاضب أن يسكت، وذلك أن الغاضب ربما يخرج عن شعوره فيتلفظ بكلمات قد يكون فيها كفر أو سَبٌّ يجلب له العداوات، أو طلاق يهدم بيتًا، فالسكوت حل وقائي لتلافي كل ذلك أولاً، ثم أن يتعوذ بالله، وهذا أفضل- ولا شك- من أن يعد أرقامًا، بل إنه الأمثل؛ لاستعانته بالله أن يدرأ عنه الغضب ويعيذه ممن يدفعه إليه، ألا وهو الشيطان.

 

ولعل هذا مستمد من الوصية القرآنية: )وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم (36)((فصلت)، ومن الأمر القرآني: )وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين (97) وأعوذ بك رب أن يحضرون (98)((المؤمنون).

 

  1. تغيير الوضعية:

 

عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع»([16]).

 

قال العلامة الخطابي في شرحه سنن أبي داود: "القائم متهيئ للحركة والبطش، والقاعد دونه في هذا المعنى، والمضطجع ممنوع منهما، فيشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالقعود والاضطجاع لئلا يبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد".

 

ويقول الدكتور حسان شمسي باشا: جاء في كتاب هاريسون الطبي أنه من الثابت علميًّا أن هرمون النور أدرينالين يزداد من ضعفين إلى ثلاثة لدى الوقوف، أما هرمون الأدرينالين فيزداد بنسبة بسيطة، لكن الغضب يزيد من نسبته في الدم، ولا شك أن العاملين معًا- الغضب والوقوف- يرفعان نسبته ويبدآن في التأثير سلبيًّا في الجسم بالتأثيرات الضارة التي ذكرناها.

 

أليس في ذلك سبق طبي به إعجاز للنبي صلى الله عليه وسلم ليصف هذا العلاج اليسير ذا الفائدة الطبية العظيمة في تهدئة الغضب؟ فمَنْ علَّمه ذلك قبل اكتشاف العلوم الطبية بقرون؟ لا شك أنه الوحي، وهنا يشرق إعجاز النبوة.

 

هذا ما علَّمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ربه عز وجل: )لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم (128)( (التوبة)، فيما نرى الغرب يعاني من مشكلة الغضب ويكاد لا يرى لها حلولاً عملية يسهل تطبيقها، فقد صرح المتحدث عن المؤسسة الاستشارية للعلاقات أن طرق معالجة الغضب المتاحة قد تسبب بعض الأذى، وأن هناك إساءة استخدام لهذه الطرق، ويأتي تقرير الموقع الإخباري (بي بي سي) بتاريخ 25 مارس 2008م ليقول: أعلنت المتحدثة باسم الكلية الملكية للطب النفسي كارولين جراهام أن العلاجات المتاحة لمن يستشيرون الأطباء بشأن مشكلات الغضب قليلة للغاية، وأن هؤلاء الأطباء يكرسون جهودهم فقط لعلاج مشاكل الاكتئاب والقلق.

 

ويبرز الجانب الإعجازي والسبق النبوي حين نستعرض ما أبرزته مايو كلينيك أحد أشهر مستشفيات أمريكا والعالم، وبالتحديد مؤسسة مايو للتعليم الطبي والأبحاث على الإنترنت بتاريخ 26 يونيو 2007م، ونضع لكم النص الإنجليزي وترجمته- وبجواره بين قوسين- النص النبوي ذا السبق في مجال علاج الغضب، وذلك على النحو الآتي:

 

- (Anger management tips: Tame your temper).

 

  • نصائح معالجة الغضب: روِّض انفعالك (لا تغضب).

 

- (Take a time out .. counting to 10 before reacting).

 

  • خذ فترة صمت، وعد إلى عشرة قبل رد فعلك (إذا غضب أحدكم فليسكت).

 

- (Dosomething physically).

 

  • تحرك بجسدك (المعنى: غيِّر وضعك) (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع).

 

- (Find ways to calm yourself. Repeat calming word or phrase to yourself such as Take it easy).

 

  • كرِّر كلمة تهدئك؛ مثل: خذها ببساطة (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).

 

- (Thinkcarefully before you say anything).

 

  • فكِّر بعناية قبل قول أي شيء (... وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).

 

ومن ناحية أخرى يجيب موقع الاستشارات الكاملة (www.allaboutcounseling.com) عن سؤال محير: هل تصلح الأدوية للمساعدة في علاج الغضب (Canmedicationhelptreatanger)؟

 

فيقول بوضوح: "بعض مضادات الاكتئاب تقلل الأعراض الانفجارية والقلق، ولكن الأدوية بصفة عامة لا تُستخدم بصورة مباشرة لعلاج الغضب".

 

وهو ما يبرهن مرة أخرى على سبق النبي صلى الله عليه وسلم للطب الغربي وإعجاز سنته المطهرة في إيجاد علاجات للغضب، في حين تشمل الحيرة المتخصصين في الطب حول علاج الغضب حتى بعد تقدم علوم الطب وازدهارها([17]).

 

مما تقدم نرى أن العلم الحديث لم يأت بشيء جديد لهذا الداء الخطير، والذي استشرى بين الناس، وإن كل ما ذُكر من وسائل لعلاج الغضب إنما هي وسائل بدائية بسيطة تعتمد- في غالبها- على محاولة إبعاد الغاضب عن مكان المشكلة، ومحاولة تغيير تفكيره بما يبعده عن المعاودة والاسترسال، إلا أن كل تلك الوسائل- وإن كانت متشابهة إلى حد ما فيما بينها- هي أيضًا غير ناجعة في كثير من الأحيان إن لم يصاحبها عزم من الغضبان نفسه لتغيير حالته التي هو فيها، وهذا هو الفرق بين هذه الوسائل الحديثة وما ذكرناه من وسائل علاجية نبوية قادمة من الوحي المنزَّه من كل عيب([18]).

 

3)  وجه الإعجاز:

 

كشف الطب الحديث أن هناك العديد من التغيرات التي يحدثها الغضب في جسم الإنسان؛ فالغدة الكظرية التي تقع فوق الكُليتين تفرز نوعين من الهرمونات؛ هرمون الأدرينالين، وهرمون النور أدرينالين، فهرمون الأدرينالين يكون إفرازه استجابة لأي نوع من أنواع الانفعال أو الضغط النفسي؛ كالخوف أو الغضب، وقد يفرز أيضًا لنقص السكر، وعادة ما يُفرز الهرمونان معًا، وإفراز هذا الهرمون يؤثر على ضربات القلب؛ فتضطرب وتتسارع، وتتقلص معه عضلة القلب، ويزداد استهلاكها للأكسجين، والغضب والانفعال يؤديان إلى رفع مستوى هذين الهرمونين في الدم، وبالتالي زيادة ضربات القلب، وقد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم؛ ولذلك ينصح الأطباء مرضاهم المصابين بارتفاع ضغط الدم أو ضيق الشرايين أن يتجنبوا الانفعالات والغضب وأن يبتعدوا عن مسبباته، وكذلك مرضى السكر؛ لأن الأدرينالين يزيد من سكر الدم.

 

وقد ثبت علميًّا- كما جاء في كتاب هاريسون الطبي- أن كمية هرمون النور أدرينالين في الدم تزداد بنسبة ضعفين إلى ثلاثة أضعاف عند الوقوف وقفة هادئة لمدة خمس دقائق، وأما الأدرينالين فإنه يرتفع ارتفاعًا بسيطًا بالوقوف، وأما الضغوط النفسية والانفعالات فهي التي تسبب زيادة مستوى الأدرينالين في الدم بكميات كبيرة، فإذا كان الوقوف وقفة هادئة ولمدة خمس دقائق يضاعف كمية النور أدرينالين، وإذا كان الغضب والانفعال يزيد مستوى الأدرينالين في الدم بكميات كبيرة، فكيف إذا اجتمع الاثنان معًا؛ الغضب والوقوف! ولذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الغضبان إن كان قائمًا أن يجلس، فإن لم يذهب عنه فيلضطجع.

 

فكان هذا السبق العلمي منه صلى الله عليه وسلم من أوجه الإعجاز التي لم تظهر إلا في هذا العصر، وإلا فما الذي أدراه بأن هذه الهرمونات تزداد بالوقوف، وتنخفض بالجلوس والاستلقاء، حتى يصف لنا هذا العلاج النبوي؟ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

 

ثانيا. النبي صلى الله عليه وسلم أحلم البشر:

 

نسارع منذ البدء فنقرر أنه لم يغب عن بالنا أننا بصدد الرد على شبهة في مجال الإعجاز العلمي؛ ومن ثم يجب أن يكون هذا الرد علميًّا في المقام الأول، بما يعني أن يأتي ردنا مستندًا إلى حقائق العلم وتجاربه، وهذا ما قمنا به فعلاً- وتفصيلاً- في وجه الشبهة الأول، ومع ذلك فإننا لم نؤثر أن تقتصر الشبهة على هذا الوجه، بل آثرنا أن نردف هذا الوجه بوجه آخر نبرئ فيه ساحة النبي صلى الله عليه وسلم مما نسبه إليه الطاعنون، مع علمنا أنه ليس بحاجة إلى تبرئة، فسيد البشر ليس بمتهم حتى ندافع عنه، فهو صلى الله عليه وسلم أجل وأعظم من أن يوضع في هذا الموضع، ولكننا مضطرون إلى القيام بهذا الدور- دور المدافع- ليس لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة إلى ذلك، ولكن لعرض أقوال هؤلاء الطاعنين والرد عليها؛ لبيان حقيقة عقيدتهم الضعيفة وبطلان حججهم الواهية.

 

ومن العجيب حقًّا أن يدَّعي هؤلاء المشككون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلاً انفعاليًّا لا يعرف إلا الغضب والانفعالات، وهذا الادعاء أقل ما يوصف به أنه يتغاضى- أو بمعنى أدق يتعامى- عن حقائق الواقع، لا نريد أن نصفه بالمستفز، وإن كان في حقيقته مستفزًّا، فهم لم يجدوا أية حجة علمية يطلقونها، وبعدما أصبحت حقائبهم فارغة من الحجج والبراهين لجئوا إلى وسيلة الضعفاء، ألا وهي الاستفزاز والاستهزاء.

 

وردًّا على دعواهم نقول: لقد "تميز نبينا صلى الله عليه وسلم بصفات فريدة قل وجود بعضها عند غيره، وانعدم وجودها مجتمعة في آخرين؛ لأنه في القمة العليا من الأخلاق الكريمة والصفات النبيلة الشريفة، والأسوة الحسنة لأهل الإيمان، من هذه الصفات: الحلم والاحتمال والصبر على الأذى والمكروه.

 

أما الحلم: فهي صفة وقار وثبات واستقرار عند وجود الأسباب المحركة للغضب في العقوبة، فلا يبادر الحليم إلى الثأر والانتقام، وإنما يهدأ ويعصم لسانه وأعضاءه من مقابلة الأذى بمثله"([19]).

 

إن النبي صلى الله عليه وسلم له من الحلم- كما له من كل خلق- كماله، يغضب للحق إذا انتهكت حرماته، وإذا غضب فلا يقوم لغضبه شيء حتى يهدم الباطل وينتهي، وفيما عدا ذلك فهو أحلم الناس عن جاهل لا يعرف أدب الخطاب، أو مسيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يمكن إصلاحه، أو منافق يتظاهر بغير ما يبطن، تجد حلمه دائمًا عجيبًا يفوق الحد الذي يتصوره الإنسان، خاصة وأن حلمه مع القدرة على البطش والقتل والإرهاب؛ إذ لا يشك أحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أمر بقتل إنسان لتبادر المئات إلى تنفيذ أمره، بل إن بعضهم لا يحتاجون إلى الأمر بقدر ما يحتاجون إلى الإذن، فلو أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لطارت رءوس عن كواهل أصحابها قبل أن ينهوا كلامهم، ولكن الرسول الحليم صلى الله عليه وسلم كان يتحمل ويحلم حتى إنك لتراه الحلم مجسمًا.

 

وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسمًا أتاه ذو الخويصرة- وهو رجل من بني تميم- فقال: يا رسول الله، اعدل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟! قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، ائذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال: دعه»([20]).

 

ويوم حنين إذ قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قسم، قال رجل: «والله إن هذه لقسمة ما عُدل فيها وما أُريد بها وجه الله، فقلت- أي عبد الله بن مسعود- : والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته فأخبرته بما قال، فتغير وجهه حتى كان كالصرف([21])، ثم قال: فمن يعدل إن لم يعدل الله ورسوله؟! ثم قال: يرحم الله موسى، قد أُوذي بأكثر من هذا فصبر»([22]).

 

وروى أحمد عن عائشة قالت: «ما ضرب رسول الله خادمًا له قط ولا امرأة، ولا ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئًا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا خُيِّر بين شيئين قط إلا كان أحبهما إليه أيسرهما حتى يكون إثمًا، فإذا كان إثمًا كان أبعد الناس من الإثم، ولا انتقم لنفسه من شيء يُؤتى إليه حتى تنتهك حرمات الله فيكون هو ينتقم لله عز وجل»([23]).

 

وعن أنس بن مالك: «أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك، قال: ما كان الله ليسلطك على ذاك، أو قال: عليَّ، قالوا: ألا نقتلها؟! قال: لا»([24]).

 

وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن أنس رضي الله عنه قال: «كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه بُرْد نجراني غليظ الحاشية، وأعرابي يسأله من أهل البادية حتى انتهى إلى بعض حجره، فجذبه جذبة حتى انشق البرد، وحتى تغيبت حاشيته في عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من تغيير رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر له بشيء فأعطيه»([25]).

 

وحِلْمه صلى الله عليه وسلم أوسع من أن يحاط بجوانبه، ولولا هذا الحلم ما استطاع أن يسوس شعبًا كالعرب يأنف أن يطيع أو ينصاع أو يجرح، وصدق الله العظيم إذيقول: )فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين (159)((آل عمران)([26]).

 

ولقد فهم الصحابة رضي الله عنهم هذه الدروس النبوية، وتعلموا في المدرسة المحمدية، وطبقوا ما تعلموه على حياتهم، وعلموا من بعدهم من المسلمين، وليس معنى هذا عدم الغضب تمامًا، بل عدم التمادي فيه، وينبغي أن يغضب الإنسان إذا انتهكت محارم الله، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغضب إلا لله([27])، والموقف الآتي يبين لنا قدر انزعاج رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كلمه أسامة بن زيد رضي الله عنه ليشفع في حد من حدود الله.

 

عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: «أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قال: فاختطب، ثم قال: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»([28]).

 

لقد تلون وجه النبي من الغضب لشفاعة أسامة رضي الله عنه، فشرع الله لا يقبل محاباة، حتى ولو كان المقترف فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، إن من فضل الله تعالى علي- نحن المسلمين- أن جعل لنا أسوة نقتدي بها، تتمثل فيها مكارم الأخلاق، هذا النبي زكّاه مولاه في خلقه، فقال عز وجل: )وإنك لعلى خلق عظيم (4)( (القلم)، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، علمت أن الغضب منقصة فنهيتنا عنه، وبينت لنا أساليب معالجته، ثم نجد علماء الغرب اليوم يقولون: إن الحل يكمن في هذه العبارة "لا تغضب"، فهل صاحب هذا النداء الرائع رجل انفعالي؟! ورحم الله من قال:

 

صفوح عن الإجرام حتى كأنه

 

 

 

من العفو لـم يعرف من الناس مـجرما

 

وليس يبالي أن يكون به الأذى

 

 

 

إذا ما الأذى لـم يغش في الناس مسلمـا

 

فليس هناك انتقام للنفس، ليس هناك حقد دفين، ليس هناك انتقام للشخصية، ولكن هناك قلب رحيم، ورحم الله أحمد شوقي حين قال مخاطبًا سيد الخلق:

 

 

 

يا من له الأخلاق ما تـهوى العلا

 

 

 

منها وما يتعشق الكرماء

 

 

فإذا رحـمـتَ فـأنـت أم أو أب

 

 

 

هذان فـي الدنيا هـمـا الـرحـمـاء

 

 

وإذا غضبتَ فـإنـمـا هي غضبـة

 

 

 

فـي الـحـق لا ضِغْـن ولا بـغضـاء

 

 

 

 

(*) شبكة: الملحدين العرب www.el7ad.com.

 

[1]. روِّض انفعالك (لا تغضب)، د. محمد العجرودي، بحث منشور بمجلة الإعجاز العلمي، مرجع سابق، العدد (33)، جمادى الآخرة 1430هـ، ص47، 48.

 

[2]. التحكُّم بالغضب، عبد الدائم الكحيل، بحث منشور بموقع: المهندس عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com.

 

[3]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: الحذر من الغضب، (10/ 535)، رقم (6116).

 

[4]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في كثرة الغضب، (6/ 138)، رقم (2089). وصححه الألباني في تعليقه على السنن.

 

[5]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الزهد، باب: الحلم، (2/ 1401)، رقم (4189). وصححه الألباني في تعليقه على السنن.

 

[6]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: البر والصلة، باب: التأني والعجلة، (6/ 128)، رقم (2080). وصححه الألباني في تعليقه على السنن.

 

[7].حسن: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الزهد، باب: الحلم، (2/ 1400)، رقم (4186). وحسنه الألباني في تعليقه على السنن.

 

[8]. أخرجه مالك في موطئه، كتاب: حسن الخلق، باب: ما جاء في الغضب، (2/ 906)، رقم (1613).

 

[9]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده، (6/ 2576)، رقم (4227).

 

[10]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده، (6/ 2576)، رقم (4229).

 

[11]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده، (6/ 2576)، رقم (4230).

 

[12]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأقضية، باب: كراهة قضاء القاضي وهو غضبان، (6/ 2677)، رقم (4410).

 

[13]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصوم، باب: هل يقول: إني صائم إذا شتم، (4/ 141)، رقم (1904).

 

[14]. حسن لغيره: أخرجه أحمد في مسنده، من مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن عباس، رقم (2136). وقال عنه شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. وقال عنه الألباني في التعليق على الأدب المفرد: صحيح لغيره.

 

[15]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأدب، باب: الحذر من الغضب، (10/ 535)، رقم (6115).

 

[16]. صحيح: أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب: الحظر والإباحة، باب: الاستماع المكروه وسوء الظن والغضب والفحش، رقم (5688). وقال عنه شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح.

 

[17]. روِّض انفعالك (لا تغضب)، د. محمد العجرودي، بحث منشور بمجلة الإعجاز العلمي، مرجع سابق، العدد (33)، ص46: 53.

 

[18]. الإعجاز العلمي في النهي عن الغضب، قسطاس إبراهيم النعيمي، بحث منشور بموقع: جامعة الإيمان www.jameateleman.org.

 

[19]. انظر: شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط1، 1427هـ/ 2006م، ص108.

 

[20]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، (6/ 714)، رقم (3610).

 

[21]. الصرف: صِبْغٌ أحمر يُصبَغ به الجلود.

 

[22]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبُّر من قوي إيمانه، (4/ 1691)، رقم (2408).

 

[23]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة رضى الله عنها، (6/ 232)، رقم (25998). وقال عنه شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

 

[24]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: السلام، باب: السم، (8/ 3315)، رقم (5601).

 

[25]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، (3/ 210)، رقم (13217). وقال عنه شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

 

[26]. الرسول صلى الله عليه وسلم، سعيد حوى، دار السلام، القاهرة، ط2، 1410هـ/ 1990م، ص139: 141.

 

[27]. للمزيد انظر: مواقف غضب فيها النبي صلى الله عليه وسلم، خميس السعيد، دار الناشر العربي، مصر، ط1، 1423هـ/ 2002م.

 

[28]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: كراهية الشفاعة في الحد إذا رُفع إلى السلطان، (12/ 89)، رقم (6788).

 

  • الخميس AM 01:51
    2020-09-03
  • 1502
Powered by: GateGold