المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413886
يتصفح الموقع حاليا : 274

البحث

البحث

عرض المادة

شبهات وردود

الشبهة الثانية عشرة: قد يقول الرجل لغيره: بحق الرحم، قال تعالى: {وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ} (النساء:1) على قراءة حمزة وغيرِه ممن خفض الأرحام.الجواب: على قراءة الخفض قال طائفة من السلف: «هو قولهم: أسألك بالله وبالرحم»، وهذا إخبار عن سؤالهم، وقد يُقال: إنه ليس بدليل على جوازه، فإن كان دليلًا على جوازه فمعنى قوله: أسألك بالرحم ليس إقسامًا بالرحم، والقسم هنا لا يسوغ، لكن بسبب الرحم، أي لأن الرحم توجب لأصحابها بعضهم على بعض حقوقًا كسؤال الثلاثة لله تعالى بأعمالهم الصالحة.فقول الناس: أسألك بالله وبالرحم، وقراءة من قرأ: {وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ} (النساء:1) هو من باب التسبب بها، فإن الرحم توجب الصلة، وتقتضي أن يصل الإنسان قرابته، فسؤال السائل بالرحم لغيره، يتوسل إليه بما يوجب صلته من القرابة التي بينهما، ليس هو من باب الإقسام، ولا من باب التوسل بما لا يقتضي المطلوب، بل هو توسل بما يقتضي المطلوب، كالتوسل بطاعة الأنبياء،، والصلاة عليهم.ومن هذا الباب: ما يُرْوَى عن عبد الله بن جعفر أنه قال: «كنت إذا سألت عليًا - رضي الله عنه - شيئًا فلم يعطنيه قلت له: بحق جعفر إلا ما أعطيتَنيه، فيُعطينيه» أو كما قال. فإن بعض الناس ظن أن هذا من باب الإقسام عليه بجعفر، أو من باب قولهم: أسألك بحق أنبيائك، ونحو ذلك. وليس كذلك، بل جعفر هو أخو عليّ، وعبد الله هو ابنه، وله عليه حق الصلة، فصلة عبد الله صلة لأبيه جعفر، كما في الحديث: «إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يُوَلِّي» (رواه مسلم) ولو كان هذا من الباب الذي ظنوه لكان سؤاله لعليّ - رضي الله عنه - بحق النبي وإبراهيم الخليل سدد خطاكم ونحوهما، أولى من سؤاله بحق جعفر، فكان عليّ - رضي الله عنه - إلى تعظيم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ومحبته وإجابة السائل به أسرع منه إلى إجابة السائل بغيره.
الشبهة الثالثة عشرة: الحكاية المنقولة عن الإمام الشافعي - رحمه الله - أنه كان يقصد الدعاء عند قبر الإمام أبي حنيفة - رحمه الله -:الرد: أولاً: هذه القصة أكذوبة من أكذوبات القبوريين، وليس لها أي سند صحيح يُعتضد به. فهذه الرواية سندها إلى الشافعي فيه مجاهيل كما حكى العلامة المعلمي.وقال الشيخ الألباني في (السلسلة الضعيفة 1/ 31): «هذه رواية ضعيفة بل باطلة، فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال»والصوفية مطالبون بتبيين صحة سند هذه الرواية. وإلا فهم محجوجون بقول الشافعي:«مثل الذي يطلب الحديث بلا اسناد كمثل حطاب ليل حزمة حطب وفيها أفعى وهو لا يدري». (فيض القدير 1/ 433). فأنتم حُطّاب ليل إن لم تأتوا بالسند صحيحاً. هذا من مذهب الشافعي.ثانياً: هذا سندٍ قوي عن الشافعي من كتبه، فقد قال: «وأكره أن يعظم مخلوق حتى يُجعل قبره مسجداً مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس» (الأم 1/ 278). (راجع معنى الكراهة في كلام السلف في بداية هذا الكتاب)وهذا تناقض بين القول والفعل ينزه عنه الشافعي. ولو كان هذا التبرك صحيحاً لقال له الناس: «كيف تخشى على الناس فتنة لا تخشها على نفسك!».ولو كان الشافعي محبذا للتبرك بالقبور لما نهى عن البناء عليها وأنتم لا توافقون على ذلك.ثانياً: في عصر الإمام الشافعي لم يكن ببغداد قبر للإمام أبي حنيفة ينتابه الناس للدعاء عنده ألبته. وكان المعروف عند أهل العلم هدم ما يبنى على القبور وذلك باعتراف الشافعي نفسه. فقد روى عنه النووي قوله فيما يبنى على القبر:«رأيت من الولاة من يهدم ما بُنىَ فيها ولم أر الفقهاء يعيبون ذلك» (المجموع 5/ 298، شرح مسلم 7/ 24).ثالثًا: أين كان الشافعي ليأتي قبر أبي حنيفة (كل يوم) وقد كان في أول أمره بالحجاز ثم انتقل إلى مصر. وقد كان الشافعي بالحجاز بمكة أو المدينة وفيها قبر من هو خير من أبي حنيفة: وهو قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وقبور أصحابه، فلم يعرف عنه أنه كان يأتيه ليدعو عنده ويتبرك به. فما له يفضل قبر أبي حنيفة على قبر سيد ولد آدم - صلى الله عليه وآله وسلم - وصحابته؟!أأنتم أعلم بمذهب الشافعي أم النووي الذي حكى إجماع الأمة على النهي عن الاقتراب من القبر ولمسه باليد وتقبيله، ونقل مثله عن الحليمي والزعفراني وأبي موسى الأصبهاني؟رابعًا: قد نهى أبو حنيفة - رحمه الله - عن التوسل إلى الله بأنبيائه ـ ولا يمكن أن يكون ذلك خافياً على الشافعي ـ فهل يرضى أبو حنيفة أن يتخذ أحد قبره للصلاة والعبادة. ولم يكن أحد من أصحاب أبي حنيفة وطبقته كمحمد وأبي يوسف يتحرون الدعاء عند قبره بعد موته. ولا يزالون ينكرون على من يمس القبر ويقولون ـ كما في (الفتاوى البزازية)، و (التتارخانية)، و (رد المحتار) ـ أن مس الرجل القبر للتبرك من عادة النصارى.خامسًا: علَّمَنا الشافعي - رحمه الله - أن ندور مع الكتاب والسنة مهما عظم الرجال قائلاً: «إذا رأيتم قولي يعارض قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فاضربوا بقولي عرض الحائط».وبناءً على تعاليم الشافعي نضرب بفعله المزعوم ـ إن صح ـ عرض الحائط ونتمسك بنهي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد. وهذا أصل يعلم الله كم خالف فيه الصوفية الشافعي وسائر الأئمة الأفاضل. فالحق والشافعي حبيبان إلى قلوبنا: فإن افترقا فالحق أحب إلى قلوبنا من الشافعي.سادسًا: على افتراض صحة سند هذه القصة المزعومة، فإن الصوفية لا يزالون مخالفين للشافعي - رحمه الله -، فالرواية المكذوبة تُفيد بأن الشافعي - رحمه الله - كان يدعو الله عند القبر، وأما الصوفية فمنهم من يدعون القبر نفسه فيطلبون المدد من الأولياء ويمسحون وجوههم وأيديهم بالقبر، وهيهات أن يفعل الشافعي ذلك.

  • السبت AM 09:56
    2016-03-26
  • 2854
Powered by: GateGold