المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415367
يتصفح الموقع حاليا : 238

البحث

البحث

عرض المادة

فرق الشيعة

حفلت كتب المقالات والفرق بذكر فرق الشيعة وطوائفهم... والملفت للنظر هو كثرة هذه الفرق، وتعددها بدرجة كبيرة حتى تكاد تنفرد الشيعة بهذه السمة، أو قل: بهذا البلاء…، فبعد وفاة كل إمام من الأئمة عند الشيعة تظهر فرق جديدة، وكل طائفة تذهب في تعيين الإمام مذهباً خاصاً بها.. وتنفرد ببعض العقائد والآراء عن الطوائف الأخرى، وتدعي أنها هي الطائفة المحقة.

وهذا الاختلاف والتفرق كان محل شكوى وتذمر من الشيعة نفسها، قال أحد الشيعة لإمامه - كما في رجال الكشي -: "جعلني الله فداك، ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم؟ فقال: وأي الاختلاف؟. فقال: إني لأجلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أشك في اختلافهم في حديثهم.. فقال: أبو عبد الله أجل هو كما ذكرت أن الناس أولعوا بالكذب علينا، وإني أحدث أحدهم بالحديث، فلا يخرج من عندي، حتى يتأوله على غير تأويله، وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله، وإنما يطلبون الدنيا، وكل يحب أن يدعى رأساً" [رجال الكشي: ص 135-136، بحار الأنوار: 2/246.].

فيدل هذا النص على أن حب الرياسة، ومتاع الدنيا الزائل كان وراء تشيع الكثيرين، وأن هؤلاء أولعوا بالكذب على آل البيت.. ولهذا كثر الخلاف والتفرق.

وقد ذكر المسعودي وهو شيعي [علي بن الحسين بن علي المسعودي المؤرخ. قال ابن حجر: كتبه طافحة بأنه كان شيعياً معتزلياً، ويعتبره الاثنا عشرية - في تراجمهم - من شيوخهم. توفي سنة (346ه‍).] أن فرق الشيعة بلغت ثلاثاً وسبعين فرقة [مروج الذهب: 3/221، وانظر: الرازي/ اعتقادات فرق المسلمين: ص 85.]. وكل فرقة تكفر الأخرى، ولهذا زعم الرافضي مير باقر الداماد [محمد باقر بن محمد الاسترابادي الشهير بداماد، من شيوخ الشيعة في الدولة الصفوية. توفي سنة (1040ه‍) مترجم له في: الكنى والألقاب: 2/206، المحبي/ خلاصة الأثر: ص 301، الحكيمي/ تاريخ العلماء: ص 83.] أن الفرق المذكورة في حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة [حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة هو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: حديث صحيح مشهور في السنن والمسانيد (الفتاوى 3/345 جمع عبد الرحمن بن قاسم). وقال المقبلي: حديث افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة رواياته كثيرة يشد بعضها بعضاً بحيث لا يبقى ريبة في حاصل معناها (العلم الشامخ: ص 414). ويلحظ أن أحاديث افتراق الأمة: منها ما لا نص فيه على الهالك، وهذه قد أخرجها أكثر المحدثين منهم أصحاب السنن إلا النسائي وغيرهم، ومنها ما فيه بيان أن واحدة ناجية والباقين هلكى، وهذه لم يخرجها من أصحاب السنن إلا أبو داود في كتاب السنة رقم (4573) وأخرجها الدارمي: 2/241، وأحمد: 4/102، والحاكم: 1/128، والآجري في الشريعة: ص18. ومنها: ما يحكم بنجاة كل الفرق سوى واحدة وهي الزنادقة، وهذه قد حكم عليها علماء الحديث بأنها موضوعة.

انظر: كشف الخفاء: 1/369، والأسرار المرفوعة: ص 161.

وكما أخرج أهل السنة حديث افتراق الأمة، فقد رواه الشيعة أيضاً بلفظ: "إن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة تهلك إحدى وسبعون ويتخلص فرقة، قالوا: يا رسول الله، ومن تلك الفرقة؟ قال: الجماعة الجماعة الجماعة"، وبلفظ آخر: "إن أمتي ستفترق بعدي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة ناجية، واثنتان وسبعون في النار" (انظر: ابن بابويه القمي/ الخصال: 2/584-585).

وليس في رواياتهم هذا التصريح بأن هذه الفرق كلها من الشيعة، كما فيها تصريح بأن الناجية الجماعة وليست الشيعة.]. هي فرق الشيعة وأن الناجية منها هي طائفته الإمامية [جمال الدين الأفغاني/ التعليقات على شروح الدّوّاني للعقائد العضدية (ضمن كتاب الأعمال الكاملة للأفغاني دراسة وتحقيق: محمد عمارة: 1/215)، وقد نسب رشيد رضا هذا الكتاب لمحمد عبده (تفسير المنار: 8/221)، لكن حقق محمد عمارة أنه للأفغاني (انظر: محمد عمارة/ الأعمال الكاملة للأفغاني: 1/155-156، الأعمال الكاملة/ لمحمد عبده: 1/209).]، وأما أهل السنة والمعتزلة وغيرهم من سائر الفرق فجعلهم من أمة الدعوة، أي ليسوا من أمة الإجابة، فهم في اعتقاده لم يدخلوا في الإسلام. وهذه المقالة قد قالها الشيعة من قبل وأشار إلى ذلك الشهرستاني [الملل والنحل: 1/165.]، والرازي [الرازي: اعتقادات فرق المسلمين: ص 85.].

وقد ورد في دائرة المعارف: أنه ظهر من فروع الفرق الشيعية ما يزيد كثيراً عن الفرق الاثنين والسبعين فرقة المشهورة [دائرة المعارف الإسلامية: 14/67.]، بينما يذكر المقريزي أن فرق الشيعة بلغت ثلاثمائة فرقة [الخطط: 2/315.].

ومرد هذا الاختلاف في الغالب هو اختلافهم حول الأئمة من آل البيت فيذهبون مذاهب شتى في أعيان الأئمة، وفي عددهم، وفي الوقف على أحدهم وانتظاره، أو المضي إلى آخر والقول بإمامته.. فضلاً عما تباينوا فيه من التفريع أو تنازعوا فيه من التأويل، ولهذا قال العلامة ابن خلدون بعدما ساق اختلافهم في تعيين الأئمة: "وهذا الاختلاف العظيم يدل على عدم النص" [ابن خلدون/ لباب المحصل: ص 130.] أي يدل على أنهم ليسوا على شيء فيما ذهبوا إليه من دعوى أن الرسول صلى الله عليه وسلم نص على عليّ والأئمة الآخرين.. إذ لو كان من عند الله لما كان هذا الاختلاف والتباين، ولكن لما وجدوا اختلافاً كثيراً كان من أعظم الأدلة على عدم وجود نص صحيح، كما قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [النساء، آية: 82.].

وأمر الإمامة عندهم هو أصل الدين، فلا يقبل فيها الخلاف، كما يقبل في الفروع. وقد عدّ شيخ الشيعة الزيدية في زمنه أحمد بن يحيى المترضى [وهو من كبار شيوخ الشيعة الزيدية حتى كانت مصنفاته الفقهية عمدة زيدية اليمن، ومن المنتسبين لأهل البيت. (انظر: الشوكاني/ البدر الطالع: 1/122).] (المتوفى سنة 840ه‍) اختلاف الشيعة عند موت كل إمام في القائم بعده أوضح دليل على إبطال ما يدعون من النص [المنية والأمل: ص 21.].

وإذا رجعنا إلى كتب الفرق - أو غيرها - التي ذكرت طوائف الشيعة، فإننا نجد بينها اختلافاً في الأصول التي انبثقت منها صنوف الفرق الشيعية الكثيرة والمختلفة، فالجاحظ يرى أن الشيعة فرقتان: الزيدية والرافضة: يقول: "اعلم رحمك الله أن الشيعة رجلان: زيدي، ورافضي، وبقيتهم بدد لا نظام لهم" [ثلاث رسائل للجاحظ (نشرها السندوبي) ص: 241. أو رسائل الجاحظ، رسالة استحقاق الإمامة ص 207 (تحقيق عبد السلام هارون).]. ويأخذ بهذا التقسيم شيخ الشيعة المفيد، ويقول: بأن الشيعة رجلان: إمامي، وزيدي [الإرشاد: ص 195.].

أما الإمام الأشعري - رحمه الله - فيجعل أصول فرق الشيعة ثلاث فرق: الغالية، والرافضة (الإمامية)، والزيدية. ويبلغ مجموع الفرق الشيعية عنده خمساً وأربعين فرقة، حيث جعل الغالية خمس عشرة فرقة، والرافضة أربعاً وعشرين فرقة، والزيدية ست فرق [مقالات الإسلاميين: 1/66، 88، 140.]. وهو يعتبر الاثني عشرية من فرق الرافضة (الإمامية) ويسميها بالقطعية، ويصفهم بأنهم جمهور الشيعة [المصدر السابق: 1 /90.].

وقد سار على منهج الأشعري في تقسيم فرق الشيعة الرئيسة إلى ثلاث.. طائفة من كتاب الفرق وغيرهم مثل: الرازي حيث سماها زيدية، وإمامية، وكيسانية [اعتقادات فرق المسلمين: ص 77.]. ومثل الإسفرايني، وكذلك ابن المرتضى حيث قال: والشيعة ثلاث: زيدية، وإمامية، وباطنية [المنية والأمل: ص 20، وانظر المقدسي/ البدء والتاريخ: 5/125.]، وشيخ الإسلام ابن تيمية الذي صنف الشيعة إلى ثلاث درجات، شرها الغالية، وهم الذين يجعلون لعلي شيئاً من الألوهية، أو يصفونه بالنبوة.. والدرجة الثانية وهم الرافضة.. والدرجة الثالثة المفضلة من الزيدية وغيرهم الذين يفضلون علياً على أبي بكر وعمر، ولكن يعتقدون إمامتهما وعدالتهما ويتولونهما [ابن تيمية / التسعينية: ص 40 ضمن مجموع فتاوى شيخ الإسلام، المجلد (5) ط. كردستان 1329هـ.]. وغير هؤلاء من أهل العلم بالفرق والمقالات [انظر: زين العابدين بن يوسف الأسكوبي حيث قال: "أما الشيعة فهم اثنتان وعشرون فرقة، أصولهم ثلاث فرقة: غلاة، وزيدية، وإمامية" (الرد على الشيعة – الورقة 9 "مخطوط").].

أما عبد القاهر البغدادي فيرجع فرق الشيعة إلى أربع فرق: زيدية، وإمامية، وكيسانية، وغلاة، ويلقب الجميع بالرافضة [الفرق بين الفرق: ص 21.]، ويصل عدد فرق الشيعة عنده - باستثناء الفرق الغالية [حيث وصل عدد الغلاة عنده إلى عشرين فرقة (الفرق بين الفرق: ص 232).] - إلى عشرين فرقة [الفرق بين الفرق: ص 23.] ويعتبر الاثني عشرية من فرق الإمامية، ويسميهم بالقطعية، كما يسميهم بالاثني عشرية [المصدر السابق: ص 64.] وإن كان قبل ذلك ذكر القطعية والاثني عشرية كاسمين لفرقتين مختلفتين من فرق الإمامية [المصدر السابق: 53.] لا فرقة واحدة [ولهذا أشار محيي الدين عبد الحميد إلى أن سرد البغدادي في الفرق بين الفرق يدل على أن الاثني عشرية غير القطعية (هامش مقالات الإسلاميين: 1/90) وفاته أن البغدادي نص على أن القطعية والاثني عشرية فرقة واحدة. (الفرق بين الفرق: ص 64).].

أما الشهرستاني فيرى أن الشيعة فرق كثيرة، لأنه يقول: "لهم في تعدية الإمام كلام وخلاف كثير، وعند كل تعدية وتوقف: مقالة، ومذهب، وخبط" [الملل والنحل: 1/147.] ولكنه يرجعهم إلى خمس فرق: كيسانية، وزيدية، وإمامية، وغلاة، وإسماعيلية" [نفس الموضع من المصدر السابق.].

أما صاحب الحور العين فيرجع الفرق الشيعية الكثيرة إلى ست فرق [الحور العين: ص 145.]، ويصل عدد فرق الشيعة عند ابن قتيبة إلى ثمان [ابن قتيبة/ المعارف: ص 622-623.].

وأبو الحسين الملطي يرى أن الشيعة ثماني عشرة فرقة، ويلقبهم جميعاً بالرافضة [التنبيه والرد: ص 18.]، ويشايعه في هذا الرأي السكسكي في كتابه البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان [البرهان: ص 36.]. ولكن الغريب أن الملطي يسمي الاثني عشرية بالإسماعيلية [انظر: التنبيه والرد: ص 32-33.].

وابن الجوزي يعتبر الشيعة اثنتي عشرة فرقة، ويسميها بالرافضة [تلبيس إبليس: ص 32 تحقيق خير الدين علي.]، ويوافقه على هذا التقسيم الإمام القرطبي [بيان الفرق/ الورقة 1 (مخطوط).].

والذي يلاحظ على إطلاق اسم الرافضة على كل فرق الشيعة هو أنه ينبغي استثناء الزيدية، أو بعبارة أدق استثناء الزيدية ما عدا فرقة الجارودية منها؛ لأن الجارودية سلكت مسلك الروافض، ولذلك فإن شيخ الشيعة المفيد اعتبر الجارودية هي الشيعة، وما عداها من فرق الزيدية، فليسوا بشيعة، وذلك لأن طائفة الجارودية هي التي تشاركه في أساس مذهبه في الرفض [انظر: المفيد/ أوائل المقالات ص: 39، وانظر عن الجارودية ص: (42) من هذه الرسالة هامش رقم (3).].

أما كتب الفرق عند الشيعة الاثني عشرية فإنها تأخذ بمنهج آخر في ذكر الفرق، فهي تذكر فرق الشيعة حسب الأئمة حيث تجد أن الشيعة تفترق إلى فرق كثيرة بعد وفاة كل إمام، وقد وصل عدد فرق الشيعة في المقالات والفرق للقمي، وفرق الشيعة للنوبختي إلى ما يربو على ستين فرقة، ويلاحظ أن الاثني عشرية كانت عند النوبختي والقمي فرقة من أربع عشرة، أو خمس عشرة فرقة افترقت إليها الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري سنة (260ه‍) [انظر: النوبختي/ فرق الشيعة ص: 96 حيث ذكر أن أصحاب الحسن العسكري افترقوا أربع عشرة فرقة بعد وفاته، بينما ذكر القمي أنهم خمس عشرة فرقة. (القمي/ المقالات والفرق: ص102).].

أما كتب الرواية عندهم فإن الكليني في الكافي يذكر رواية تجعل فرق الشيعة ثلاث عشرة فرقة كلها في النار إلا واحدة [أصول الكافي (المطبوع على هامش مرآة العقول ): 4/344، وقد حكم المجلسي على هذه الرواية - حسب مقاييسهم - بأنها ترتقي إلى درجة الحسن. (مرآة العقول: 4/344).].

هذا ودراسة نشأة الفرق الشيعية وتطورها يحتاج إلى بحث آخر، وهو أقرب إلى البحث التاريخي، فلا نستطرد في حكاية تفاصيله، ولكن من الملاحظ - كما سيأتي في عرض آراء وعقائد الاثني عشرية - أن طائفة الاثني عشرية قد استوعبت جل الآراء والعقائد التي قالت بها الفرق الشيعية الأخرى، وأنها كانت بمثابة النهر الذي انسكبت فيها كل الجداول والروافد الشيعية المختلفة، ودراسة هذه المسألة، دراسة مقارنة بين روايات الاثني عشرية وآراء الفرق الأخرى هو أيضاً يحتاج إلى دراسة مستقلة، وقد أشرت إلى بعض الوجوه في هذا الباب في رسالة الماجستير [انظر: فكرة التقريب بين أهل السنة والشيعة: ص 346 وما بعدها.].

فهذه الفرق لم تفن - كما يقال - بل إن أكثرها باق، وهو يطل علينا خلال الفكر الاثني عشري. وقد انحصرت الفرق الشيعية المعاصرة بثلاث فرق، هي [انظر: النشار/ نشأة الفكر الفلسفي: 2/12، العاملي/ أعيان الشيعة: 1/22، محمد مهدي شمس الدين/ نظام الحكم والإدارة في الإسلام: ص 61، هبة الدين الشهرستاني/ مقدمة فرق الشيعة: ص / كا.]:

1- الاثنا عشرية.

2- الإسماعيلية [الإسماعيلية: وهم الذين قالوا: الإمام بعد جعفر إسماعيل بن جعفر، ثم قالوا بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر، وأنكروا أمامة سائر ولد جعفر، ومن الإسماعيلية انبثق القرامطة والحشاشون والفاطميون والدروز وغيرهم، وللإسماعيلية فرق متعددة وألقاب كثيرة تختلف باختلاف البلدان، إذ لهم - كما يقول الشهرستاني - دعوة في كل زمان، ومقالة جديدة بكل لسان، وأما مذهبهم فهو كما يقول الغزالي وغيره: "إنه مذهب ظاهره الرفض وباطنه الكفر المحض". أو كما يقول ابن الجوزي: "فمحصول قولهم تعطيل الصانع وإبطال النبوة والعبادات وإنكار البعث"، ولكنهم لا يظهرون هذا في أول أمرهم. ولهم مراتب في الدعوة، وحقيقة المذهب لا تعطى إلا لمن وصل إلى الدرجة الأخيرة، وقد اطلع على أحوالهم وكشف أستارهم جملة من أهل العلم كالبغدادي الذي اطلع على كتاب لهم يسمى: "السياسة والبلاغ الأكيد والناموس الأكبر" ورأى من خلاله أنهم دهرية زنادقة يتسترون بالتشيع، والحمادي اليماني الذي اندس بينهم وعرف حالهم وبين ذلك في كتابه: "كشف أسرار الباطنية"، وابن النديم الذي اطلع على "البلاغات السبعة" لهم وقرأ البلاغ السابع ورأى فيه أمراً عظيماً من إباحة المحظورات والوضع من الشرائع وأصحابها.. وغيرهم، ولهم نشاطهم اليوم، كما لهم كتبهم السرية. قال أحدهم: "إن لنا كتباً لا يقف على قراءتها غيرنا ولا يطلع على حقائقها سوانا" (مصطفى غالب/ الحركات الباطنية في الإسلام: ص 67، وانظر: أبو حاتم الرازي الإسماعيلي/ الزينة: ص 287 «ضمن كتاب الغلو والفرق الغالية»، الغزالي/ فضائح الباطنية: ص 37 وما بعدها، الملل والنحل: 1/67، 191، البغدادي/ الفرق بين الفرق: ص294، 621، ابن النديم/ الفهرست: ص 267-268، الملطي/ التنبيه والرد: ص 218، المقدسي/ البدء والتاريخ: 5/124، الإسفرايني/ التبصير في الدين، ابن الجوزي/ تلبيس إبليس: ص 99، وانظر: الإسماعيلية: إحسان إلهي ظهير).].

3-الزيدية [الزيدية: وهم أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (الملل والنحل: 1/154، مقدمة البحر الزخار: ص40)، وسموا بالزيدية نسبة إليه (يحيى بن حمزة/ الرسالة الوازعة ص 28، السمعاني/ الأنساب: 6/340)، وقد افترقوا عن الإمامية حينما سئل زيد عن أبي بكر وعمر فترضى عنهما فرفضه قوم فسموا رافضة.. وسمي من لم يرفضه من الشيعة زيدية لاتباعهم له وذلك في آخر خلافة هشام بن عبد الملك سنة إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين (منهاج السنة: 1/21، الرسالة الوازعة: ص 87-88) والزيدية يوافقون المعتزلة في العقائد (انظر: المقبلي/ العلم الشامخ: ص 319، الملل والنحل: 1/162، الرازي/ المحصل: ص 247). والزيدية فرق: منهم من لم يحمل من الانتساب إلى زيد إلا الاسم فهم روافض في الحقيقة يقولون: إن الأمة ضلت وكفرت بصرفها الأمر إلى غير علي، وهؤلاء الجارودية أتباع أبي الجارود - كما سبق -، ومنهم من يقترب من أهل السنة كثيراً وهم أصحاب الحسن بن صالح بن حي الفقيه القائلون بأن الإمامة في ولد علي – رضي الله عنه -، ويقول ابن حزم: "إن الثابت عن الحسن بن صالح هو أن الإمامة في جميع قريش، ويتولون جميع الصحابة إلا أنهم يفضلون علياً على جميعهم". (انظر: ابن حزم/ الفصل: 2/266، وانظر في اعتدال الزيدية الحقة في مسألة الصحابة: ابن الوزير/ الروض الباسم ص 49-50، المقبلي/ العلم الشامخ: ص 326) وانظر بحث عن الزيدية في: "فكرة التقريب" ص 146 وما بعدها.].

وطائفة الاثني عشرية هي أكبر الطوائف اليوم، كما كانت تمثل أكثرية الشيعة وجمهورها في بعض فترات التاريخ. فقد وصفهم طائفة من علماء الفرق ب‍ "جمهور الشيعة"، وممن نعتهم بهذا: الأشعري [مقالات الإسلاميين: 1/90.]، والمسعودي [مروج الذهب: 4/199.]، وعبد الجبار الهمداني [المغني ج‍2 القسم الثاني ص 176.]، وابن حزم [الفصل: 5/38، 4/158.]، ونشوان الحميري [الحور العين: ص 166.]. وهذه الأغلبية للاثني عشرية ليست في كل العصور إذ نلاحظ - مثلاً - أن ابن خلدون يقرر أن شيعة محمد بن الحنفية كانت أكثر شيعة أهل البيت [تاريخ ابن خلدون: 3/172.] - أي: في عصرها - ثم لم تلبث أن تقلص أتباعها حتى اختفت، كذلك يقول البلخي - كما يحكي عنه صاحب الحور العين - أن الفطحية [وهم أتباع عبد الله بن جعفر بن محمد الصادق، وهو أكبر أولاد الصادق، وسموا الفطحية؛ لأن عبد الله كان أفطح الرأس، كما يدعون بالعمارية نسبة إلى رئيس لهم يعرف بعمار، وقد قال النوبختي بأنه مال إلى هذه الفرقة جل مشايخ الشيعة وفقهائها، ولكن عبد الله لم يعش بعد وفاة أبيه سوى سبعين يوماً فرجعوا عن القول بإمامته. (انظر: مسائل الإمامة ص 46، فرق الشيعة للنوبختي ص 77-78، مقالات الإسلاميين 1/102، الحور العين ص 163-164). قال صاحب الزينة (أبو حاتم الرازي الإسماعيلي المتوفى سنة322ه‍) : وقد انقرضت هذه الفرقة فليس أحد يقول بهذا القول، وعاش عبد الله بعد أبيه سبعين يوماً ولم يخلف ذكراً (الزينة: ص287). ولعل هذا من أسباب انقراضها، وقد بقيت روايات أتباع هذا المذهب مدونة في كتب الاثني عشرية المعتمدة، كما سيأتي في فصل السنة.] أعظم فرق الجعفرية وأكثرهم جمعاً [الحور العين: ص 164.] – يعني في زمنه -.

 

  • الاثنين PM 07:03
    2015-07-13
  • 3583
Powered by: GateGold