المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415379
يتصفح الموقع حاليا : 254

البحث

البحث

عرض المادة

الوجود وإدراك الوجود

على إننا لا بد أن ننتقل بعد ذلك إلى نقطة هامة جدا، وهي أن عدم إدراكنا لوجود الشيء، لا

يعني أن هذا الشيء غير موجود، فإذا حدثنا الله سبحانه وتعالى عن الملائكة وعن الجنة والنار

وعن الشياطين، فلا بد أن نصد ق، ليس بالدليل الإيماني فقط، لأن القائل هو الله، ولكنه سبحانه

وتعالى في تحد أعطى الدليل المادي لغير المؤمن به على أن الغيب موجود وان لم ندرك وجوده، وأعطاه لنا من أحداث هذا الكون وما يقع فيه من ماديات.

فإذا أخذنا مثلا الجراثيم تلك المخلوقات الدقيقة التي تهاجم جسد الإنسان وتصيبه بالمرض، هذه

الجراثيم عاشت مع الإنسان عمره كله، ولكننا في أول الحياة البشرية وحتى فترة قصيرة لم نكن

نعرف عنها شيئا.

ثم تقدم العلم وتوصل العلماء إلى الميكروسكوبات الالكترونية التي تكبر حجم الشيء ملايين

المرات، فماذا رأينا؟ رأينا عجبا، ميكروبات لها شكل ولها حركة، ولها حياة ولها تناسل وتكاثر،

ولها طريقة لتخترق جسم الإنسان وتصل إلى الدم، ولها تفاعلات مع كرات الدم.

عالم كبير لم نكن نعرف عنه شيئا بل كان غيبا منذ مائة سنة، ومع ذلك، ومع كونه كان غيبا عنا

فهل لم يكن موجودا؟ لا، بل كان موجودا يؤدي مهمته في الحياة.

وكان العلماء في الماضي يعتقدون أن المرض معناه أن الأرواح البشرية قد تلبست جسد الإنسان، وكانوا يضربون المرضى أو يكون أجزاء من أجسادهم حتى تخرج هذه الأرواح الشريرة، ثم تقدم العلم واستطعنا أن نرى رؤيا  العين هذه الجراثيم، وهي تتحرك وتتناسل، وتخترق وتحارب، بل استطعنا في تجاربنا العلمية أن ندخل هذه الجراثيم إلى أجسدا الحيوانات، لندرس دورة حياتها وكيفية القضاء عليها.

وهكذا أعطانا الله الدليل المادي على أن ما هو غيب عنا موجود ويؤدي مهمته في الحياة، وأن 

عدم إدراكنا لوجوده لا يعني هذا الوجود.

وإذا نظرنا إلى قطرة الماء الذي نشربه تحت الميكروسكوب لوجدنا فيها أشياء عجيبة، أشياء فيها حياة ولها حركة، ولها كيان ولها دور في الحياة، ولكننا لم نكن نعرف منذ فترة قصيرة أن هذه الأشياء موجودة فهل كان هذا شهادة بعدم وجودها، أم أنها كانت في الحقيقة موجودة، ولكننا لا ندرك هذا الموجود؟! 

فإذا انتقلنا إلى الكون كله، وجدناه يشهد أن الوجود شيء وإدراك الوجود شيء آخر تماما، وأن

ما لا ندرك وجوده يؤدي مهمته في الكون، فلننظر مثلا إلى الأقمار الصناعية والإرسال

التلفزيوني، هل كان أحد يعرف أن ما يقع في مكان ما في العالم يستطيع كل العالم أن يشهده في

لحظة واحدة وفي نفس لحظة حدوثه؟ طبعا لم يكن أحد يعرف ذلك.

ثم كشف الله سبحانه وتعالى لنا من علمه ما مكننا من أن نعرف أنه موجود في الكون من

الخصائص ما يمكن أن يجعل الإنسان في كل الدنيا ليرى ويشهد ما يقع في مكان ما وقت حدوثه، ويرى الإنسان وهو ينزل على القمر وهو يمشي فوقه.

كيف توصل الإنسان إلى هذا التقدم العلمي؟ هل اخترع غلافا جويا يستطيع أن ينقل الصور؟

هل جاء بمواد من خارج الأرض، أم بمواد من خارج خلق الله تعالى ليصنع منها الأقمار

الصناعية التي حققت هذه الاتصالات؟ طبعا: لا، ولا يستطيع أن يقول: حتى أكبر الماديين، أن

هذه الخصائص التي استخدمت قد أوجدها الإنسان وخلقها، ولكن الغلاف الجوي والمواد في

الأرض موجودة منذ خلق الله الأرض ومن عليها ولكن خصائصها كانت غيبا عنا.

وعندما جاءت مشيئة الله لتكشفها لنا وجدنا شيئا عجبا فاستخدمناه فأعطانا ما نحن فيه من تقدم

علمي، أيستطيع أحد أن ينكر خصائص الكون وأنها كانت موجودة، قبل أن يعلمنا الله كيف

نستخدمها وفيم نستخدمها، لا يستطيع أي مكابر أن يقول إنها لم تكن موجودة، بل كانت موجودة

ولكنها كانت غيب عنا، فلما أرادنا الله أن نعلمها كشفها لنا لنعلم أن ما هو غيب موجود، رغم

أننا لم نكن ندرك وجوده.

فإذا نظرنا إلى ما في السموات، نجد أننا كلما استطعنا أن نضع ميكروسكوبا أضخم وأقوى،

استطعنا أن نكشف أجراما سماوية جديدة ونراها لأول مرة، هل كانت هذه الأجرام التي لم نكن

نعرف عنها شيئا غير موجودة؟ أو لم تكن تؤدي مهمتها في الكون؟.

كانت موجودة وكانت تؤدي مهمتها في الكون، ولكن الله سبحانه وتعالى أخفى وجودها عنا إلى

أجل حدده، فلما كشف لنا هذا الوجود فعرفناه حتى نعلم أن ما هو غيب عنا موجود يؤدي مهمته

في الكون ولو لم ندرك وجوده  .

 

 

  • الاحد PM 04:19
    2015-07-12
  • 2493
Powered by: GateGold