المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415423
يتصفح الموقع حاليا : 297

البحث

البحث

عرض المادة

الدليل الغيبي

الغيب نوعان

 

قد يكون عنوان هذا الفصل فيه تناقض ظاهري مع موضوع الكتاب، ذلك أننا لا نتحدث هنا عن

الغيب، ولكننا نتحدث عن الأدلة المادية التي يتحكم فيها العقل وحده ويشهد بها، ولذلك قد يقال: ما دمتم تتحدثون عن الدليل العقلي على وجود الله، فلماذا لجأتم إلى الغيب؟

نقول: إننا لم نلجأ إلى ما هو غيب كالملائكة والجنة والنار وحياة البرزخ إلى غير ذلك مما يغيب عن عقولنا ولكننا نأخذ بالدليل المادي ما يؤكد لنا أن الغيب قائم وموجود، وأننا ان لم ندركه بعقولنا وأبصارنا، فليس معنى ذلك أنه غير موجود يؤدي مهمته في الحياة، ذلك أن وجود الشيء مختلف تماما عن إدراك هذا الوجود، فقد يوجد الشيء وأنت لا تدركه، ومع ذلك فهو يؤدي مهمته في الحياة، ثم تأتي نفحة من رحمة الله تجعلنا ندرك بعقولنا أن ما حسبنا أنه ليس موجودا إنما هو موجود وقائم ويؤدي مهمته.

وقبل أن نبدأ الحديث لا بد أن نعرف أن هناك نوعان من الغيب: غيبا نسبيا وغيبا مطلقا، الغيب

النسبي لا يعتبر غيبا في علم الله وحده، بل يمكن أن يعرفه البشر، والغيب المطلق لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى.

ما هو الغيب النسبي؟ هو ما لا تعلمه أنت ولكن يعلمه غيرك، هب أن رئيس دولة ما اختار أحد

الناس ليتولى منصب الوزارة، ولكن هذا الاختيار لم يبلغ صاحبه، إذن فهو غيب عن صاحبه،

ولكنه معلوم لرئيس الدولة وكتبه إلى آخره، ولنفرض أن لصا سرق من بيتك شيئا، أنت حين

اكتشفت السرقة لا تعرف من الذي سرق؟ ولا أين المسروقات؟ ولكن الذي سرق يعرف نفسه

ويعرف أين أخفى المسروقات, الخ..

إذن فهذا غيب نسبي، أي بالنسبة لك ولكنه معلوم بالنسبة لغيرك، هذا الغيب قد يعرفه بعض

الناس، ولكن الغيب المطلق لا يعرفه أحد.

الله سبحانه وتعالى كشف لنا أنه يعلم الغيب النسبي والغيب المطلق، وأعطانا الدليل على ذلك

حتى نعرف ان ما سيقع في هذا الكون موجود عند الله، ومعلوم ومعد، بحيث يخرج إلى الدنيا

بكلمة كن، ولذلك فإننا لا بد أن نلتفت إلى آيتين كريمتين في القران الكريم، الآية الأولى قول الله تعالى:

( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) يس 82

أي أن الله سبحانه وتعالى حين يريد أن يظهر لنا شيئا يمارس مهمته في الحياة فإنما يقول له"

كن"، فيخرج بكلمة كن من علم الله سبحانه وتعالى إلى كون الله فنعرفه، في هذه الآية لا بد أن

نلتفت إلى قول الله تعالى): يقول له ( ، وما دام الحق سبحانه وتعالى يقول ): يقول له (، فمعنى ذلك أن هذا الشيء موجود، وإلا لما قال الله:{ يقول له} لأن الخطاب هنا لشيء موجود فعلا.

إذن فكل أحداث الكون وكل أحداث الدنيا والآخرة موجودة في علم الله سبحانه وتعالى، فإذا قال

لها) :  كن(  خرجت إلى علم الناس، ولذلك فان يوم البعث مثلا موجود بكل تفاصيله وأحداثه في علم الله، والجنة موجودة، والنار أيضا موجودة، لذلك إذا قيل في الحديث الشريف:" هذا رمضان قد جاء تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتغل فيه الشياطين" البخاري ومسلم.

قد يتساءل البعض كيف يحدث هذا والجنة لم تخلق بعد، والنار لم تخلق كذلك، لأن وقتها لم

يأت؟!. نقول: لا انهاما مخلوقتان في علم الله بكل ما فيهما، فإذا جاء وقتهما أظهرهما الله، وفي هذا يلفتنا الحق سبحانه وتعالى في القرآن الكريم:

( يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها الا هو)  الأعراف

.187

أي أن الساعة بكل أحداثها موجودة عند الحق سبحانه وتعالى، ولكنه لا يظهرها الا عندما يشاء،

إذن فكل شيء موجود في علم الله وهو يظهره متى شاء وكيف شاء.

الآية الثانية قول الله تعالى:

( أتى أمر الله فلا تستعجلوه )  النحل 1

كيف يقول الحق سبحانه وتعالى): أتى(  أي حدث باستخدام الزمن الماضي، ثم يقول: لا تستعجلوه باستخدام الزمن المقبل، أليس هذا تناقضا؟

نقول: انه لا يوجد أي تناقض لأن هذا الأمر الذي تتحدث عنه الآية الكريمة أتى في علم الله أي

تقرر، وما دام قد تقرر فانه حادث بلا شك لأنه لا توجد قوة ولا قدرة تستطيع أن تمنع ما يريده

الله، والله سبحانه وتعالى دائم الوجود لا تأخذه سنة ولا نوم حتى تظن أنه قد يغفل عن شيء دائم

القوة والقدرة، وكل من في الكون يستمد قوته قدرته من الله سبحانه وتعالى.

وذلك ما دام الله هو القاهر فوق عباده جميعا، فمتى قال:( أتى ) يكون قد حدث فعلا، أما قوله)

فلا تستعجلوه(  أي لا تستعجلوا ظهوره وخروجه إلى دنياكم المادية، أو لا تستعجلوا ظهوره لكي يصبح مشهودا لديكم، وهكذا نرى أنه لا يوجد أي تناقض أو تضارب في قوله تعالى :( أتى أمر الله فلا تستعجلوه )

نأتي بعد ذلك إلى الدليل الغيبي على وجود الله، ونبدأ بالحديث بالدليل من الإنسان أولا، ومن

الأحداث ثانيا، ومن قضايا الكون

 ثالثا:

فتلك هي النقاط الثلاث التي سنتحدث عنها في هذا الفصل، وان كانت هناك نقاط كثيرة لا يتسع

المجال لها، لأنها ستتناول الدليل الكوني، والدليل الإحصائي، والدليل العلمي وغيره من الأدلة،

ونحن هنا نعطي أمثلة يستطيع الناس أن يقيسوا عليها بعد ذلك، لأنه كما قلنا كل شيء في هذا

الكون يشهد أنه لا اله الا الله، ويشهد بالدليل المادي.

إذا أردنا أن نبدأ بالنفس البشرية، فان الله سبحانه وتعالى أعطانا الدليل على أنه يعلم غيب النفس

البشرية وما تخفيه، وإذا أردنا أن نبدأ بالنفس البشرية فإننا نبدأ بأن الله يسيطر على غيب هذه

النفس سيطرة كاملة، ولذلك قال الله تعالى في القرآن الكريم:

) وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فان خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني ان ا راد وه إليك وجاعلوه من المرسلين( القصص 7

إذن خواطر النفس البشرية هي في يد الله سبحانه وتعالى، والعقل البشري هو في يد الله سبحانه

وتعالى يعطيه من الخواطر ما يشاء، ويمنع عنه ما يشاء ولكن الإنسان خلق حرا في الاختيار،

نقول: نعم حر فيما أراد الله له أن يكون حرا فيه وهو المنهج، ولكنه ليس حرا حرية مطلقة رغم

أن الكثيرين ينكرون هذه الحقيقة، فالإنسان حر، نعم فيما قال الله له افعل ولا تفعل، هذا نطاق

الحرية الأولى في تطبيق المنهج، وهو حر أن ينطق بالشهادة شهادة الإيمان أو شهادة الكفر

والعياذ بالله، وهو حر في أن يفعل ما وضعه الله في منهجه وفي تطبيق هذا المنهج، ومنهج الله

يشمل كل نشاطات الحياة.

فالإسلام ليس مجر د شهادة لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة،

وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا، تلك هي أركان الإسلام الأركان التي بني

عليها هذا الدين.

الإسلام أشمل من ذلك بكثير، ولكن العقل البشري فيما لا يخص المنهج خاضع لقدرة الله.

 

 

أمثلة من القرآن

 

 

ولكن ما هو الدليل؟ نقول اقرأ قول الله سبحانه وتعالى:

(  تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة

الحطب في جيدها حبل من مسد ) المسد1/5

هذه السورة الكريمة نزلت في أبي لهب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان كافرا رفض الإيمان، محاربا لدين الله ورسوله، نزلت هذه السورة وأبو لهب كافر، وكثير من صناديد قريش وزعماء مكة كانوا كفارا، ثم هداهم الله فأسلموا، مثل أبي سفيان وخالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم، وكان من الممكن أن يكون أبو لهب من هؤلاء وأن يهتدي للإسلام، ولو حدث ذلك لانعدمت قضية الإيمان كلها، لأن القرآن قال ان أبا لهب سيموت كافرا، ولكن هناك شيئا آخر لابد أن ننتبه إليه وهو أن هذا الإخبار بالغيب، بأن أبا لهب سيموت كافرا جاء في أمر اختياري أي يخضع ظاهريا لإرادة أبي لهب.

ماذا كان يمكن أن يحدث لو أن أبا لهب ذهب إلى مكان يتجمع فيه أهل مكة أو دعا زعماء مكة

إلى اجتماع وقال لهم: لقد قال عني محمد في القرآن ادعى أنه ينزل من السماء أنني سأموت

كافرا وسأدخل النار ولكني أقول أمامكم أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله، لتعلموا أنه

هذا الكلام غير صادق وأن محمدا لا يوحى إليه بشيء.

ماذا كان يمكن ان يحدث لو نطق أبو لهب بالشهادتين رياء أو نفاق ليهدم قضية الدين، ولكن حتى هذا التصرف الذي كان يمكن ان يخدم قضية الكفر التي كان أبو لهب أكبر أقطابها، حتى هذا الكلام لم يخطر على عقل أبي لهب ولم يقله، أليس هذا دليلا على أن ما يريده الله لا بد أن يحدث أيوجد تحد أكبر من أن يعطي الله أكبر أعداء الإسلام القضية التي يهدم بها هذا الدين، ثم لا يستطيع أن يستخدمها؟! أليس هذا دليلا على أن ما يقضي الله به غيبا لا بد أن ينفذ مهما بدا غير ذلك، وهل يوجد دليل أكبر من ذلك على أن الغيب عند الله لا بد أن يقع؟

ثم نأتي بعد ذلك إلى دليل آخر، عندما  حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفه ، نزل

القرآن يقول:

( سيقول السفهاء من الناس ما ولأهم عن قبلتهم التي كانوا عليها( البقرة 142

واستخدام حرف السين هنا دليل على أن الأمر لم يحدث بعد، ولو أنه حدث لقال سبحانه وتعالى:

قال السفهاء، ولكن قوله تعالى: يقول دليل على أن ذلك سيحدث مستقبلا، والآية نزلت في غير

المؤمنين وتليت عليهم قبل ان يقولوا، ولو أنهم فكروا قليلا لسكتوا ولم يقولوا شيئا وحينئذ كان

الناس سيتساءلون عن قول الله!

ويقولون لم يأت هؤلاء الذين وصفهم الله بالسفهاء الذين يقولون ما ولأهم عن قبلتهم، ولكنهم رغم أنهم يريدون هدم الدين، ورغم أن الدليل المادي لهدم قضية الإيمان وضع في أيديهم الا أنهم لم يخطر على بالهم أن يمتنعوا عن القول، بل جاءوا وقالوا، لنعلم أن أمر الله وغيب الله لا بد أن ينفذا مهما كانت هناك إرادة بشرية.

الحق سبحانه وتعالى أعطانا الدليل المادي على صدق قوله سبحانه وتعالى:

( واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) البقرة 235

فالذين لا يؤمنون لا يصدقون هذا الكلام، ويقولون أين الدليل العقلي على ذلك؟

نقول: ان الدليل العقلي موجود، فالله سبحانه وتعالى أنزل في القرآن الكريم أنه يعلم ما في النفس وما يدور فيها، اقرأ قول الحق سبحانه وتعالى:

( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله الله يشهد ان المنافقين

لكاذبون ) المنافقون 1

هذه الآية الكريمة قد نزلت عندما جاء عدد من المنافقين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

ليعلنوا إسلامهم، ماذا قال المنافقون؟ قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذه شهادة حق، لأن الله سبحانه وتعالى يقول والله يعلم انك لرسوله!

إذن شهادة المنافقين وافقت علم الله سبحانه وتعالى، ولكن الله سبحانه يقول:

كيف يكون المنافقون كاذبين وهم قد شهدوا بما قاله الله سبحانه وتعالى؟

نقول: ان الله أراد أن يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن ما تقوله ألسنة هؤلاء المنافقين لا

يوافق ما في قلوبهم، فهم شهدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ولكن بألسنتهم فقط، أما قلوبهم فهي منكرة لهذه الرسالة مكذبة بها، وهكذا أعلن ما في صدور المنافقين وما يخفونه عن الناس، ولم يجرؤا أن يكذبوا ما أعلنه الله، والقرآن الكريم فيه آيات كثيرة تعطينا الدليل المادي على أن الله يعلم ما يخفيه الإنسان في صدره ولو لم ينطق به، وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:( فانه يعلم السر وأخفى) طه 7

والسر هو ما يسر به الإنسان إلى غيره، والسر دائما يكون بين اثنين، وما هو أخفى من السر،

أي ما لا ينطق به الإنسان لأحد بل يبقى في صدره لا يعلمه أحد غيره، والله سبحانه وتعالى يأتي ليفضح الكافرين والمنافقين يقول :

(ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله ) المجادلة 8

إذن هم لم يقولوا هذا الكلام لأحد، ولكن قالوه في أنفسهم فقط ولم تنطق به ألسنتهم، ولا تحركت

به شفاههم.

 

ولكن الله فضحهم وأنبأ بما في صدورهم ولم يستطيعوا أن يكذبوه، ولو أن هذا كان صحيحا لقالوا لم نقل شيئا في أنفسنا، ولكنهم بهتوا بعلم الله سبحانه وتعالى فلم يستطيعوا الرد عليه ولو بالكذب

وهكذا يظهر الدليل المادي أن الله سبحانه وتعالى يعلم ما في الصدور وما تخفي الأنفس ولا تعلنه، وان الله عليم بما يحرص الإنسان على إخفائه عن الدنيا كلها، فعلم الله يمتد إلى غيب النفس البشرية، وما تحاول أن تكتمه أو تعتقد أن أحدا لا يعلمه.

 

 

دليل آخر

 

 ثم يأتي الحق سبحانه وتعالى بدليل مادي آخر، على أنه هو عالم بالغيب، وأن ما يقوله حادث

ونافذ، وأن الدنيا كلها لا تستطيع أن تغير قدرا من أقدار الله، ويعطينا الدليل المادي على ذلك

فيقول تبارك وتعالى:

(الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين، لله الأمر من قبل

ومن بعد، ويومئذ يفرح المؤمنون( الروم 1/4.

وهذه حقيقة تاريخية لا يمكن أن ينكرها حتى الملحدون، ولقد نزلت هذه الآية عندما قامت الحرب بين الروم والفرس، وكانت الدولتان تمثلان أكبر قوة في العالم في ذلك الوقت، مثل الاتحاد السوفيتي سابقا وأمريكا الآن، وقامت الحرب بينهما وهزمت الروم في هذه الحرب، عندئذ فرح الكفار لأن الفرس كانوا دولة كافرة تعبد النار، والروم كانت دولة مسيحية، أي أهل كتاب، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يطمئن المؤمنين، ويذهب عنهم الحزن، فنزلت الآيات الكريمة تبشر بأن الروم سينتصرون في بضع سنين، وفي وقتها راهن المؤمنون الكفار على أن انتصار الروم سيحدث، وكان من المراهنين سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، الذي راهن بأربعة من الإبل على أن انتصار الروم سيحدث بعد سبع سنين، ولما مضت هذه المدة ولم يحدث شيء، فرح المشركون بذلك، وشق على المسلمين، فذكر ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ما بضع سنين عندكم؟ قالوا: دون العشر، فقال لبي بكر: اذهب فزايدهم وازدد سنتين في الأجل، فما مضت السنتان حتى انتصر الروم على الفرس، ففرح المسلمون بذلك، ثم نهى الرسول أبا بكر ونهى الصحابة عن المراهنة، وقال: ان الإسلام لا يقر ها ولا يسمح بها.

من الذي يستطيع أن يتنبأ بنتيجة معركة حربية ستحدث بعد تسع سنوات؟ وماذا كان يمكن أن

يحدث لو أن الروم والفرس عقدا صلحا خلال هذه السنوات التسع، أو أن الفرس استعدوا قويا لهذه الحرب وهزموا الروم مرة أخرى، ومن الذي يستطيع أن يضمن نتيجة معركة حربية ستحدث بعد هذه الفترة الطويلة، بل ان أحدا لا يستطيع أن يضمن نتيجة معركة حربية ستحدث بعد لحظات، بل ان كل قائد لأي معركة حربية لا يكون واثقا من النصر قبل أن تبدأ لمعركة، أ, حتى عندما تبدأ، فلو علم أي قائد لمعركة حربية أنه سيهزم لما دخلها.

 

يأتي الله سبحانه وتعالى ليعطينا بالدليل المادي على أنه يعلم غيب السموات والأرض علم

اليقين، فينبئنا بنتيجة معركة لا بين قوتين محدودتين، ولكن بين دولتين عظيمتين، وينبئنا عن هذه المعركة قبل أن تبدأ بتسع سنوات، ويخبرنا من الذي سينتصر ومن الذي سيهزم، وتأتي الأحداث وتقع الحرب، وينتصر الروم ويهزم الفرس كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى، وماذا كان يمكن أن يحدث لو أن الفرس انتصروا على الروم؟! والقرآن كلام الله المتعبد بتلاوته إلى يوم القيامة،

وكيف كان يمكن أن يقف المسلمون في المساجد ويقرؤون سورة الروم في الصلاة، مع أن نتيجة الحرب قد اختلفت عما في السورة.

وهكذا نرى مدى الإعجاز في أن الله سبحانه وتعالى، قد بين  لنا بالدليل المادي على أنه يعلم

الغيب، وأن علمه للغيب علم يقين لا بد أن يحدث وأن يتم، وأنه مسيطر على أمور الدنيا كلها،

حتى في تلك الأشياء التي لا يمكن أن يتنبأ بنتيجتها أحد قبل حدوثها بتسع سنوات، بل لا يمكن أن يتنبأ بنتيجتها أحد حتى ساعة حدوثها، أليس هذا دليلا ماديا على أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يسير الأمر في كونه، وهو الذي إذا قال " كن" يكون ، أليس هذا دليلا على أن الله سبحانه وتعالى القائل:

( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)  يس 82

قول من اله الخلق ومسيطر وقادر على كل أحداث كونه، فإذا عرفنا ذلك بالدليل المادي، ألا نفهم معنى الآية الكريمة:

( أتى أمر الله فلا تستعجلوه)

ونصدق يقينا بأن الله سبحانه وتعالى وحده هو رب واله هذا الكون.

 

 

 

 

 

 

  • الاحد PM 04:17
    2015-07-12
  • 2671
Powered by: GateGold