المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415401
يتصفح الموقع حاليا : 288

البحث

البحث

عرض المادة

آيات الله في خلق الإنسان

يقول الله سبحانه وتعالى "وفي أنفسكم أفلا تبصرون"

هذه الآية يمر عليها كثير من الناس دون ان يتنبهوا إلى الفيوضات والمعاني التي تحتويها. بل

انك ا 1ذا سألت إنسانا غير مؤمن ماذا يعرف عن هذه الآية الكريمة؟ فيقول لك: لا شيء في

نفسي!!

فأنا إنسان أولد وأكبر وأتزوج وأعمل وتنتهي حياتي وأموت. فماذا في نفسي؟ نقول له: لو أنك

تدبرت لعلمت أن في نفسك آيات وآيات.. سنذكر في هذا الفصل بعض هذه الآيات، لأن آيات الله في الإنسان كثيرة ومتعددة.

أول شيء هو قول الحق سبحانه وتعالى:

( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى،

. شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين) الأعراف 172

إذا قرأت هذه الآية يقول لك غير المؤمن: لم نشهد شيئا ولم نرى شيئا ولم نحس شيئا! ونقول:

بل شهدت، وأنت شهيد على نفسك في ذلك، كيف؟ الله سبحانه وتعالى عرفنا بأنه موجود، وعرفنا بشهادة ربوبيته وليس بشهادة إلوهية، ومعنى ذلك أن المؤمن والكافر يعلم في نفسه وجود الله،ولكن الكافر يحاول أن يستر هذا الوجود ليحقق شهواته وما يريد ولو على حساب حقوق الآخرين، ولننظر إلى ما أحل الله وما حر م الله، ثم لننظر إلى النفس البشرية على عمومها لنرى ما تفعل، ولنعرف يقينا أن هذه النفس تعرف ما أحل الله وتستريح له وتنسجم معه، وتعرف ما حرم الله فيصيبها انزعاج واضطراب وذعر وهي ترتكبه، وأول هذه الأشياء هو العلاقة بين الرجل والمرأة.

إذا جاءك رجل وقال: أريد أن أختلي في حجرة ابنتك، ماذا تفعل به؟ قد تقتله، وان لم تقتله قد

تضربه، ويعينك على ذلك كل الناس، وسيجد فعله هذا استنكارا عاما من المؤمن وغير المؤمن.

فإذا جاءك هذا الرجل وقال: أريد أن أتزوج ابنتك، فانك تستقبله بالترحاب وتدعو الناس للترحيب به، وتعلن النبأ على الجميع، وتعقد القران، وبعد عقد القران تتركه هو وابنتك في الحجرة، وتوافق على الخلوة بينهما.

ما الفرق بين الحالتين؟ بعض الناس يقول إنها وثيقة الزواج التي تحرر، فهل الفرق هو الورقة

فعلا؟ لا، الفرق هو الحلال والحرام، ما أحله الله وما حرمه، ما أحله ينسجم مع النفس البشرية

ويقبله كل الناس، وما حرمه الله تستنكره كل نفس بشرية وتفعل ضده.

كيف يحدث هذا؟ لأنك عرفت يقينا منهج الحق والباطل، وممن عرفته؟ من الذي وضعه، ليس هذا فقط، بل انظر إلى إنسان في شقة مع زوجته، يدخل مطمئن تماما يدخل أمام الناس إلى بيته، وإذا طرق الباب قام وفتح للطارق، وإذا جاء صديق استقبله باطمئنان، وإذا خرج إلى الشارع وأخذ زوجته معه أمام الناس جميعا، انظر إلى نفس الرجل مع زوجة غيره، يغلق الأبواب والنوافذ حتى لا يراه أحد، وإذا طرق الباب انزعج ولا يفتح، وإذا جاءه صديق أصيب بالذعر، وإذا خرج إلى الشارع مشي بعيدا عنها.

ما الفارق بين الحالتين؟ الفارق هو الحلال والحرام اللذان تعرفهما كل نفس، حتى تلك التي لم تقرأ شيئا عن الدين، لأن الله تعالى قال:

( وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى).

فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى أوجه الحياة، لص يريد أن يسرق، يتأكد أولا من أن الطريق خال، ولا

يجرؤ أن يفعل ذلك الا في الظلام أو بعيدا عن الناس، وبمجرد أن يأخذ ما يريد ان يسرقه ينطلق

بسرعة وهو يتلفت يمينا ويسارا خوفا من أن يراه أحد، ثم يبحث عن مكان يخفي فيه المسروقات، انفعالا رهيبة في داخله تؤكد أنه يعرف أن ما يفعله إثم وخطيئة، لكن الإنسان عندما يريد أن يدخل بيته ليأخذ شيئا دخل أمام الناس جميعا ومشى باطمئنان، وحمل الشيء الذي يريده وهو لا يخشى أن يراه أحد، ذلك أنه يحس في داخله بأنه يفعل شيئا لا يحرمه الله، الذي يأخذ رشوة مثلا، يتلفت حوله يمينا ويسارا ويسارع بإخفائها، والذي يقبض مرتبه يفعل ذلك أمام الدنيا كلها.

وهكذا كل مقاييس الخير والشر، مقاييس الخير تنسجم معها النفس البشرية، وتحس بطبيعتها

وراحتها، ومقاييس الشر تضطرب معها النفس البشرية وتحس بالفزع والذعر وهي ترتكبها، من الذي وضع في النفس هذا، أنها تعرف يقينا هذه المقاييس التي وضعها الله لمنهجه في كونه، ومن الذي أعلم هذه النفس أن هناك مقاييس، وأن هناك إلها، الا أن تكون الآية الكريمة:

(وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى،

. شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) الأعراف 172

هي التفسير الوحيد لمقاييس الخير ومقاييس الشر التي وضعت فينا بالفطرة، وبما أن هذا عطاء

ربوبية، فان الله سبحانه وتعالى رب الناس كل الناس، من آمن به ومن لم يؤمن، ولذلك وجدت في البشر كلهم.

 

نأتي بعد ذلك إلى نقطة ثانية، الله سبحانه وتعالى غيب، وغير المؤمن يقول أنا لا أؤمن الا بما

أرى، أنا هو غيب عني فلا أؤمن به لأنني لم أشهده، والإيمان غير الرؤية، فأنت إذا رأيتني

أمامك لا تقول: أنا أؤمن أني أراك، لأن الرؤية عين يقين ليس بعدها دلالة! ولا تقول أنا أؤمن

أنني أجلس مع أصدقائي، ولا تقول إني أؤمن أني لست أرى الشمس مثلا!! ذلك هو عين اليقين،

وهناك علم يقين , وعين يقين ، وحق يقين.

فعلم اليقين هو الذي يأتيك من إنسان تثق فه وفي أنه صادق في كلامه، فإذا قال لك إنسان مشهود له بالصدق أنا رأيت فلانا يفعل كذا، فأنت تصدق بوثوقك بمن قال، فإذا رأيت الشيء أمامك يكون ذلك " عين اليقين"، فالذي يقول لك مثلا ان هناك مخلوقا نادرا في بلدة كذا فأنت تصدقه، لأنك تثق به، فإذا جاء معه بهذا المخلوق وأظهره أمامك أصبح علم اليقين عين اليقين، فإذا لمسته بيدك وتحسسته وتأكد من أوصافه يكون هذا " حق اليقين".

ولذلك فان الحق سبحانه وتعالى حين يخاطب غير المؤمنين عن جهنم يقول:

(كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترون ها عين اليقين( التكاثر 5

أي أن كلا منا سيرى جهنم بعينيه في الآخرة، ثم يقول سبحانه وتعالى: (وأما ان كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم ان هذا لهو حق اليقين) الواقعة  92/95

أي أن الكفار حين يدخلون النار ويعذبون فيها سيكون ذلك حق اليقين، أي واقعا يعيشونه وليست

مجرد  رؤية.

 

 

هذه هي الرؤية، أما الإيمان فهو تصديق بغيب، فأنت تقول: أنا أؤمن أن ذلك حدث كما أراك

أمامي، أي أنك لم تشهد ما حدث، ولكنك وصلت بالدليل والاقتناع إلى أنه قد حدث، وأصبح في

نفسك كيقين الرؤية تماما.

 

 

 

  • الاحد PM 03:57
    2015-07-12
  • 2704
Powered by: GateGold