المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415453
يتصفح الموقع حاليا : 243

البحث

البحث

عرض المادة

لماذا الأدلة المادية والكون

الأدلة نوعان

الله سبحانه وتعالى وضع في الكون آيات تنطق بوجوده , وتنطق بعظمته ,وتنطق بأنه هو الخالق ,الجماد يشهد أن لا اله إلا الله و والنبات يشهد أن لا إله إلا الله والحيوان يشهد أن لا إله إلا الله والإنسان يشهد أن لا إله إلا الله, وكل هذا يشهد بأدلة ناطقة لا تحتاج حتى إلى مجرد البحث والتفكير والتعمق ,

ولقد خاطب الله سبحانه وتعالى كل العقول في كل الأزمان , فجعل هذه الأدلة التي تنطق بوجوده من أول الخلق . ثم كلما تقدم الإنسان , وارتقت الحضارة , وكشف الله من علمه ما يشاء لمن يشاء , ازدادت القضية رسوخا وازدادت الآيات وضوحا , ذلك إن الله تعالى شاء عدله أن يخاطب كل العقول , فجاءت آيات الله في الكون الناطقة بإلوهيته وحده ليفهمها العقل البسيط , والعقل المرتقي في الكون , ولا اعتقد أن أحدا يستطيع أن يجادل في هذه الأدلة ولا أن ينكر وجدها .

ولقد أوجد الله سبحانه وتعالى في الكون أدلة مادية , وأدلة عقلية , وأدلة نصل إليها بالحواس ,

كلها تنطق بوحدانية الله ووجوده . ولقد جعل الله الأداة الأولى للإدراك وجوده هي العقل , العقل هو الذي يدرك وجود الله تعالى بالدليل العقلي الذي وضعه الخالق في الكون ,و ولكن مهمة العقل بالنسبة لهذا الوجود محدودة , ذلك أننا بالعقل ندرك أن هنا خالق مبدعا قادرا , ولكننا بالعقل لا نستطيع أن ندرك ماذا يريد الخالق منا , وكيف نعبده , وكيف نشكره , وماذا أعد لنا من جزاء , يثيب به من أطاعه , ويعاقب به من عصاه فهذا كله فوق قدرة العقل .

ولذلك كان لابد أن يرسل الله الرسل ليبلغونا عن الله , لماذا خلق الله هذا الكون ؟ ولماذا خلقنا ؟ وما هو منهج الحياة الذي رسمه لنا لنتبعه ؟ وماذا أعد لنا من ثواب وعقاب ؟ فتلك مهمة فوق قدرات عقولنا , وتلك مهمة لو استخدمنا فيها العقل لما وصلنا إلى شيء . وجاء الرسل ومعهم المعجزات من الله بصدق رسالتهم ومعهم المنهج ,وقاموا بإبلاغ الناس , ولكننا نتحدث هنا عن معجزات الرسل و وعما جاؤوا به , ولن نتكلم عن أي شيء غيبي .

سنتحدث عن الماديات وحدها , ونتكلم عن الدليل المادي , بما في تلك الأدلة التي ترينا فتجعلنا نوقن أن الغيب موجود , وأن ما لا نراه يعيش حولنا , كل هذا بالعقل وليس بالإيمان .

فالله سبحانه وتعالى وضع الدليل الإيماني في الكون كما وضع الدليل العقلي , و سنحتكم للعقل ةحده , ليرى الناس جميعا أن الاحتكام للعقل يعطينا ألاف الأدلة .

هذه الأدلة هي من لآيات الله , و كلها تشهد أن لا إله إلا الله .

وإذا أردنا أن نبدأ بالأدلة المادية فلابد أن نبدأ بالخلق , ذلك الدليل الذي نراه جميعا أمام أعيننا ليلا ونهارا , ونلمسه لأننا نعيشه , فالبداية هي أن هذا الكون بكل ما فيه قد وجد أو لا قبل أن يخلق الإنسان , وتلك قضية لا يستطيع أحد أن يجادل فيها , فلا أحد يستطيع أن يقول أن خلق السموات والأرض تم بعد خلق الإنسان , بمعنى أن الإنسان جاء ولم تكن هناك أرض يعيش عليها , ولا شمس تشرق , ولا ليل ولا نهار , ولا هواء يتنفسه, بل أن الإنسان جاء وكل شيء قد أعد له , بل أن هناك أشياء أكبر من قدرة الإنسان خلقت وسخرت للإنسان تعطيه كل متطلبات الحياة دون مقابل , وأشياء أخرى خلقت وسخرت للإنسان تعطيه ما يشاء ولكنها محتاجة إلى جهد الإنسان وعمله , وذلك حتى تتم عمارة الأرض .

 

إذن باستخدام العقل وحده لا أحد يستطيع أن يجادل في أن هذا الكون قد خلق وأعد للإنسان قبل أن يخلق الإنسان نفسه , فإذا جاء الحق سبحانه وتعالى وقال لنا :

ا( هوالذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى.........عليم )البقرة 29.

لا يستطيع أحد أن يجادل عقليا في هذه القضية , لأن الكون تم خلقه قبل خلق الإنسان , فكيف يكون للإنسان عمل قبل أن يوجد ويخلق ؟ وتأتي ) وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) البقرة 30 .

نقول : أن هذا يؤكد الحقيقة بأن الكون أعد للإنسان قبل أن يخلق وهذه قضية يؤكدها العقل ولا يستطيع أن يجادل فيها .

وبذلك نكون قد وصلنا إلى النقطة الأولى , وهي أن الله سبحانه وتعالى بكمال صفاته وقدراته قد خلق هذا الكون وأوجده ونظمه غي مستعين ب|أحد من خلقه , ولا محتاج أحد من عباده , وأننا جميعا أي البشر قد جئنا إلى كون معد لنا إعداد كاملا .

ولكن قدرة هذا الكون لا تخضع لنا ولا لقدراتنا , بل هي أكبر من هذه القدرات بكثير . فالشمس  مثلا أقوى من قدرة البشر جميعا , وكذلك الأرض والبحار والجبال , إذن فلابد أن تكون هذه الأشياء قد أخضعت لنا بقدرة من خلقها وليس بقدرتنا نحن ذلك أنها مسخرة لنا لا تستطيع أن تعصي أمرا , فلا الشمس تستطيع أن تشرق وتغيب يوما حسب هواها لتعطي الدفء ووسائل استمرار الحياة لمن تريد , وتمنعه عن من تشاء ولا الهواء يستطيع أن يهب يوما ويتوقف يوما , ولا المطر يستطيع أن يمتنع عن الأرض فتنعدم الحياة ويهلك الناس , ولا الأرض تستطيع أن تمتنع عن إنبات الزرع , لا شيء من هذا يمكن أن يحدث , ولا تستطيع البشرية كلها أن تدعي أن لها دخلا في مهمة هذا الكون , لأنه لا خلق هذه الأشياء ولا استمرارها في عطائها يخضع لإرادة البشر .

فإذا جئنا إلى الإنسان وجدناه هو الأخر لابد أن يشهد بأن له خالقا وموجودا , فلا يوجد من يستطيع أن يدعي أنه خلق إنسانا , ولا من يستطيع أن يدعي أنه خلق نفسه .

دليل الخلق

إذن فقية الخلق محسومة لله تعالى لا يقبل جدل عقلي , فإذا جاء بعض الناس وقالوا : ان هذا الكون خلق بالمصادفة , نقل : أن المصادفة لا تنشئ نظاما دقيقا كنظام الكون , لا يختل رغم مرور ملايين السنين .

وإذا جاء بعض العلماء ليدعي أنه كانت هناك ذرات ساكنة ثم تحركت وتكثفت واتحدت !! . نقول : من الذي أوجد هذه الذرات , ومن الذي حركها من السكون ؟ .

وإذا قيل أن الحياة بدأت بخلية واحدة من الماء نتيجة تفاعلات كيميائية , نقول : من الذي أوجد هذه التفاعلات لتصنع هذه الخلية ؟

ونحن لن ندخل مع هؤلاء في جدل عقيم , وإنما نقول لهم : أن من إعجاز الخالق , أنه أنبأنا بمجيئهم قبل أن يأتوا , وأنبأنا أكثر من ذلك أن هؤلاء يدلون , أي ليسوا على حق , ولكنهم على ضلال , وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى : .................الكهف 51.

وهكذا نرى من يأتي ليدل الناس بنظريات كاذبة عن أصل خلق السموات والأرض , وأصل خلق الإنسان , ومن يدعي أن أصل الإنسان قرد , وهي نظرية يملؤها الغباء , فنحن لم نشهد قردا يتحول إنسان , وإذا كان أصل الإنسان قرد فلماذا بقيت القرود على حالها حتى الآن ولم تتحول إلى بشر ؟ ! ومن الذي منعها أن يحدث لها هذا التحول مادام قد حدث في الماضي ؟! ولقد نسي هؤلاء أن الوجود لابد أن يكون من ذكر وأنثى وإلا انقرض النوع , وهؤلاء يقولون لنا عندما ادعوا أن قردا تحول إنسانا , من أين جاء القرد الذي تحول امرأة ليتم التكاثر!!وبدون الدخول في جدل لا يفيد , نقول لهؤلاء جميعا : لقد جئتم مثبتين لكلام الله , فلو أنه لم يأت من يضل بنظريات كاذبة في خلق السموات والأرض وفي خلق الإنسان ,لقلنا أن الله تعالى قد أخبرنا في القرآن الكريم , أنه سيأتي من يضل في خلق السموات والأرض وفي خلق الإنسان , ولكن لم يأت أحد يفعل ذلك , ولكن كونهم جاءوا وكونهم أضلوا يجعلنا نقول : سبحانه ربنا :, لقد أخبرنا عن المضلين وجاءوا فعلا بعد قرون كثيرة من نزول القرآن , فكان هؤلاء الذين جاءوا ليحاربوا قضية الإيمان , قد أثبتوها وأقاموا الدليل عليها .

على أننا نقول لكل من جاء يتحدث عن خلق  السموات والأرض و خلق الإنسان مدعيا أن الله ليس هو الخالق , نقول له : أشهدت الخلق ؟ فإذا قال لا , نسأله ففيما تجادل . 

على أن قضية الخلق محسومة لله سبحانه وتعالى لأنه هو وحده سبحانه الذي قال انه خلق، ولم

يأت أحد ولن يجروء أحد على أن يد عي أنه الخالق .

وإذا كان من يفعل شيئا يحرص على الإعلان عما فعل، فلا يوجد شيء صغير اخترعه البشر في الدنيا، إلا وحرص صاحبه على الإعلان عن نفسه.

فإذا كان الذي اخترع المصباح قد حرص أن يعرف العالم كله اسمه وتاريخه وقصة اختراعه،

أيكون الذي أوجد الشمس غافلا عن أن يخبرنا أنه هو الذي خلقها، وإذا كانت هناك قوة أخرى قد أوجدت أفلا تعلن عن نفسها؟.

 

إذن فقضية الخلق محسومة لله سبحانه وتعالى، لأنه سبحانه وحده الذي قال انه خلق، حتى يأتي

من يدعي الخلق، ولن يأتي، فان الله سبحانه وتعالى هو وحده الخالق بلا جدال، وحتى الكفار لم

يستطيعوا أن يجادلوا في هذه القضية، ولذلك يأتي القرآن في سورة العنكبوت فيقول:

(ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله، فأن ى يؤفكون)

العنكبوت 61.

ثم يقول الحق سبحانه وتعالى:

(ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله( العنكبوت 63.

وهذه الآيات نزلت في الكافرين والمشركين، وهم رغم كفرهم وإشراكهم لم يستطيعوا أن يجادلوا في خلق الكون والإنسان.

 

ولكن القضية لا تقف عند الكون وحده، بل تمتد إلى كل ما في الدنيا حتى تلك الأشياء التي يقدر

عليها الإنسان، فأصل الوجود بكل ما فيه من خلق الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يقول:

( ذلكم الله ربكم، لا اله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه، وهو على كل شيء وكيل(  الأنعام 102.

وما دام الحق سبحانه وتعالى قد قال أنه ( خالق كل شيئ ) فما من شيء في هذا الوجود الا هو

خالقه.

 

ولنأخذ هذه القضية في كل ما حولنا، في كل هذا الكون، لنأخذ مثلا الخشب، شجرة الخشب التي

تعطينا كل الأخشاب التي نستعملها في بيوتنا وأثاثنا إلى غير ذلك، هذه الشجرة من أين جاءت؟

تسأل تاجر الخشب من أين جاءت؟ يقول من السويد، وتسأل أهل السويد يقولون من الغابات،

وتذهب إلى الغابة فيقولون لك من شتلات نعدها، وتسال من أين جاءت هذه الشتلات؟ من جيل

سابق من الأشجار، والجيل السابق من جيل سبقه،، وتظل تمضي حتى تصل إلى الشجرة الأولى

التي أخذ منها كل هذا، من الذي أوجد الشجرة الأولى؟ انه الله، فلا أحد يستطيع أن يدعي أنه خلق الشجرة الأولى أو أوجدها من العدم.

فإذا انتقلنا إلى باقي أنواع الزرع لنبحث عن التفاحة الأولى والبرتقالة الأولى، والتمرة الأولى،

وحبة القمح الأولى، وشجرة القطن الأولى، نجد أنها وغيرها من كل ما تنتجه الأرض، كلها من

خلق الله خلقا مباشرا، ثم بعد ذلك استمر وجودها بالأسباب التي خلقها الله في الكون.

قد يقال: ان هناك تهجينا وتحسينا وخلطا بين الأنواع لتنتج نوعا أكثر جودة، نقول: ان هذا كله

لا ينفي أن الثمرة الأولى مخلوقا مباشرا من الله، وقد يدعي بعض العلماء أنهم حسنوا أو استنبطوا نوعا جديدا، نقول لهم: كل هذا لا ينفي أن الوجود الأول من الله، وأنهم استخدموا ما خلق الله

بالعلم المتاح من الله في كلما فعلوه، ولكن أحدا لا يستطيع أن يد عي أنه أوجد أي شيء في

الأرض من العدم، فكل هذه الاكتشافات العلمية هي من موجود، ولا يوجد اكتشاف علمي واحد

من عدم. فكل هذه الاكتشافات العلمية من موجود، ولا يوجد اكتشاف علمي واحد من العدم.

وإذا انتقلنا من النبات إلى الحيوان، نجد أن كل الحيوانات والطيور والحشرات بدأت بخلق من الله سبحانه وتعالى، وبخلق من ذكر وأنثى، وهذه هي بداية الخلق جميعا، ولا يستطيع أحد أن

يدعى أن خلق من عدم ذكر أو أنثى، وهذه هي بداية الخلق جميعا، ولا يستطيع أحد أن يدعي أنه 

خلق من عدم ذكر أو أنثى من أي نوع من النبات أو الحيوان، والله سبحانه وتعالى يلفتنا في

القرآن فيقول:

( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) الداريات 49.

التحدي الإلهي في الخلق

إننا نريدهم، ونحن نتحدى علماء الدنيا كلها، أن يأتي عالم فيقول لنا انه أوجد من العدم، أو أنه

خلق ذكرا أو أنثى من أي شيء موجود في هذا الكون، وما أكثر الموجودات في كون الله، وهنا

تأتي الحقيقة القرآنية تتحدى في قوله تعالى:

( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له، ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ، وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ، ضعف الطالب والمطلوب ( الحج 73.

هذا هو التحدي الإلهي الذي سيبقى قائما حتى يوم القيامة، فلن يستطيع علماء الدنيا ولو اجتمعوا

أن يخلقوا ذبابة.

ولقد وصل الإنسان إلى القمر، وقد يصل إلى المريخ، وقد يتجاوز ذلك ولكنه سيظل عاجزا عن

خلق ذباب مهما كشف الله له من العلم، فلن يعطيه القدرة على خلق ذبابة، وهذا من إعجاز الله،

لأنه وحده الذي خلق كل شيء، والعلم كاشف لقدرات الله في الأرض، ولكنه ليس موجدا لشيء،

ولذلك يقول القرآن الكريم:

( ذلكم الله ربكم لا اله الا هو خالق كل شيء فاعبدوه، وهو على كل شيء وكيل ( الأنعام  102.

وبهذا نكون قد أثبتنا بالدليل العقلي أن الله خالق كل شيء في الدنيا، فإذا كان الله قد خلق من هم

دون الإنسان من نبات وجماد وحيوان فكيف بالإنسان بما له من ادراكات وعقل وفكر وتمييز،

ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون (الطور 35

وإذا كان كل شيء في هذا الكون من خلق الله سبحانه وتعالى، فان قوانين أكون أيضا، تلك هي

القوانين التي يسير عليها الكون هي من وضع الله سبحانه وتعالى، الا ما شاء الله أن يجعل

للإنسان فيه اختيار، فالقوانين التي يمضي عليها الكون هي من وضع الله، والأسباب التي تتم بها

الأشياء هي من وضع الله، فالشمس والقمر والنجوم والأرض لا تتبع قوانين البشر، بل تتبع

القانون الإلهي، والذي خلقها وضع لها القانون الأمثل لتؤدي مهمتها في الكون.

فالشمس لها حركة كونية، ولها تحر ك آخر في فلك خلقه الله لها، وكذلك القمر وكذلك الأرض،

وكذلك الرياح، والنجوم، ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: (الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان_ السماء رفعها ووضع الميزان) الرحمن 1إلى 7.

إذن فالشمس والقمر والنجوم تتحرك بحساب دقيق فلا تتأخر الشمس عن موعد شروقها ثانية ولا تتقدم ثانية منذ ملايين السنين، وكذلك القمر في دورته الشهرية، وكذلك النجوم في حركتها، يقول الله تعالى: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) يس40.

 

 

أي أن كل هذه الأجرام لها فلك أو مسار معين تمضي فيه بإذن الله. ولا تستطيع البشرية كلها أن

تؤخر شروق الشمس ثانية، أو أن تقدمها ثانية، أو أن توقف دوران الأرض أو تسرع بها أو

تبطئ إلى غير ذلك.

إذن فثبات قوانين الكون دليل على دقة الخالق وإبداعه وعظمته وقدرته، وهذا ما لا يستطيع أحد

أن ينكره.

دليل الثابت والمتحرك

يأتي الفلاسفة ليقولوا: ان الثبات وحده لا يعطي القدرة الكاملة للحق سبحانه وتعالى، ذلك أن

الإله بقدرته لا بد أن يستطيع أن يخرج عن ميكانيكيته، فذلك هو دوام القدرة أو طلاقة القدرة، أما بقاء الثابت على ثباته، فان ذلك يعطي الدليل على دقة القدرة وإبداع الخالق، ولكنه لا يعطي الدليل على طلاقة القدرة؟!

نقول: ان الله قد أعطى في كونه الدليل على طلاقة القدرة، ولكنه لم يعطه في القوانين الكونية،

لأنه لو أعطاه في القوانين الكونية فأشرقت الشمس يوما، وغابت أياما، ودارت الأرض ساعات

وتوقفت ساعات، وتغير مسار النجوم لفسد الكون!! إذن فمن كمل الخلق أن تكون القوانين الكونية بالنسبة للنظام الأساسي للكون ثابتة لا تتغير وإلا ضاع النظام، وضاع معه الكون كله، فلا يقول أحد: ان ثبات النظام الكوني يحمل معه الدليل على عدم طلاقة القدرة، بل هو يحمل الدليل على طلاقة القدرة التي تبقي هذا النظام ليصلح الكون.

والله سبحانه وتعالى لا يريد كونا فاسدا في نظامه، ولكنه يريد كونا يتناسب مع عظمة الخالق

وقدرته وإبداعه، فيبقي بطلاقة القدرة الثبات في قوانين هذا الكون، ويظهر بطلاقة القدرة أنه قادر أن يغير، ويخرق النواميس بما لا يفسد الحياة في الكون، ولكن بما يلفت خلقه إلى طلاقة قدرته.

 

ولنتحدث قليلا عن طلاقة قدرة الله تعالى في كونه، أول مظاهر طلاقة القدرة هي المعجزات التي أيد الله بها رسله وأنبياءه، ولكننا لن نتحدث عنها هنا، فنحن مع العقل وحده، لنؤكد بالدليل العقلي أن كل ما في الكون يؤكد أنه لا اله الا الله، وأنه هو الخالق والموجد، نأتي إلى الأشياء التي تنطق بطلاقة القدرة وهي في كل شيء، وإذا جاز لنا أن نبدأ بالإنسان فإننا نبدأ بميلاد الإنسان أولا، والإنسان ككل شيء في هذا الكون يوجد من ذكر وأنثى، فإذا اجتمع الذكر والأنثى جاء الولد، هذا هو قانون الأسباب، وقد يلتقي الذكر والأنثى ولا يأتي الولد، مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: (لله ملك السموات والأرض، يخلق ما يشاء، يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما، انه عليم قدير( الشورى 42

 

إذن الله سبحانه وتعالى جعل في قوانين الأسباب نه متى تزوج الذكر والأنثى يأتي الولد، ولكنه

أبقى لنفسه طلاقة القدرة فجعل هناك ذكرا وأنثى يتزوجان أعواما ويله لا يرزقان بالولد، فمع

قوانين الأسباب كانت هناك طلاقة القدرة، ولم يجعلها الله سبحانه وتعالى عامة، بل جعلها في

أمثلة قليلة لتلفتنا إلى طلاقة قدرته، حتى لا نحسب إننا نعيش بالأسباب وحدها .

 

 

  • الاحد PM 03:50
    2015-07-12
  • 2544
Powered by: GateGold