المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415955
يتصفح الموقع حاليا : 122

البحث

البحث

عرض المادة

هل تطابقت السبعينية مع الأصل العبري؟

يَمُرُّ الحِوَارُ الإِسْلاَمِي-النَّصْرَانِي بِأَزْمَةٍ حَقِيقِيَّةٍ قَدْ تُوْدِي بِحَيَاتِهِ، وَمِنْ أَوْضَحِ مَعَالِمِ هَذِهِ الأَزْمَةِ وَأَخْطَرِهَا الحَاجَةُ إِلَى إِثْبَاتِ الثَّوَابِتِ، وَمُنَاقَشَةِ الُمَسَلَّمَاتِ، فَفِي الوَقْتِ الَّذِي يَتَحَدَّثُ فِيهِ العُلَمَاءُ -مَثَلاً- عَن نَظَرِيَّاتِ نَشْأَةِ السَّبْعِينِيَّةِ، لاَ نَزَالُ إِلَى اليَومِ فِي عَالَمِنَا العَرَبِيِّ نُحَاوِلُ إِثْبَاتَ أَنَّ السَّبْعِينِيَّةَ لا تطابق النَّصَّ العِبْرِيَّ، وَالمَفْرُوضُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ مِنَ المَقْطُوعِ بِهِ، وَكَيفَ لاَ يَكُونُ كَذَلِكَ؟! وَالسَّبْعِينِيَّةُ أَمَامَهُمْ، وَالنَّصُّ العِبْرِيُّ أَمَامَهُمْ، وَكِتَابَاتُ الآبَاءِ نَاطِقَةٌ بِوُجُودِ الاخْتِلاَفَاتِ.
يعجب المرء من الكُتَّاب النصارى؛ هؤلاء الذين يعيشون في أحلام اليقظة، معرضين عن حقائق التاريخ، ضاربين بكل الأصول العلميّة والثوابت العقليّة عرض الحائط؛ حتّى لكأن الواحد منهم لم تمسّ يده كتابًا يضمّ بين دفتيه علماً، ومن هؤلاء القوم الذين لا يزالون قابعين في غيابة جُبِّ الجهل الدكتور/ داود رياض من كنيسة قصر الدوبارة البروتستانتية.
يقول الدكتور/ داود رياض عن الترجمة السبعينية: ((أسكتت النقاد لتطابقها مع الأصل))من يقدر على تحريف كلام الله، ص 27
قلتُ:
مع قراءة هذا الكلام المائل المعوج المنتفخ لابد أن ينتاب القارئ شعورٌ بأنهم يكتبون لمخلوقات من كوكب آخر، مخلوقات غير عاقلة ولا ترى ولا تسمع ولا تجرؤ على أن تتكلم! هل كان الدكتور حينما كتب هذه المصائب -أقصد الكلمات- يقصد ترجمة سبعينية غير التي بين أيدينا اليوم، وأصل عبري غير الذي بين أيدينا اليوم؟!، لا شك أن الكلمات الخمس تخبرنا الكثير عن مدى ثقافة الدكتور ومحصلته العلمية، وكذلك تكشف لنا الكثير عن منهجية القوم (اللامنهجية).
ونرد على كلامه باختصار شديد فنقول:
أولاً: عن أي ترجمة سبعينية يتحدث الدكتور؟ المخطوطات الأصلية للترجمة السبعينية غير موجودة، لدينا فقط نسخ بعد قرون من المخطوطات الأصلية، والأمر المثير أن هذه النسخ نفسها غير متطابقة؛ فلا المخطوطة السينائية تتطابق مع الفاتيكانية ولا مع السكندرية ولا مع غيرها، أي أننا أصلاً لا نمتلك نصاً نستطيع أن نجزم بأنه السبعينية، ولهذا يقول إرنست بكل وضوح عن السبعينية: ((ضمن الأشكال المتنوعة المتبقية لدينا من النص لا يوجد الشكل الأصلي للنسخة))[1].
ثانياً: حينما يقول الدكتور أن الترجمة السبعينية تطابق الأصل العبري نكون متأكدين أنه لا يخاطب بهذا الكلام الكائنات العاقلة بل أقل ما يقال أنه (يستحمر) قراءه؛ فالسبعينية لم تتفق مع الأصل العبري حتى في عدد الأسفار، فكيف يقال إنها تطابقه؟، ومع أن هذا الأمر ليس بحاجة إلى إثبات لشهرته وتسليم الناس به، إلا إننا أصبحنا نعيش في هذا الزمان نحتاج إلى إثبات كل ما هو واضح، في حين أن الكتاب النصارى لا يثبتون أو يقدمون مراجعاً لادعاءات هي أبعد ما تكون عن الحقيقة.
في مقدمة الأسفار القانونية الثانية من الترجمة العربية المشتركة[2] نقرأ:
((إن الكتب التالية: طوبيا، يهوديت، أستير (يوناني)، الحكمة، يشوع بن سيراخ، باروك، رسالة أرميا، دانيال (يوناني) الذي يحوي نشيد (الفتيان الثلاثة، سوسنة، بال والتنين)، المكابيين الأول والمكابيين الثاني، هذه الكتب كلها مع جميع أسفار العهد القديم، كانت تؤلف التوراة السبعينية أو العهد القديم المترجم إلى اليونانية))[3].
وهذه الأسفار والتتمات ليس لها وجود في العهد القديم العبري، فكيف يدعي الدكتور أن السبعينية تطابق الأصل العبري؟!
وكذلك في موسوعة الخادم القبطي:
((وقد أفادت الترجمات اليونانية للعهد القديم وفي مقدمتها الترجمة السبعينية في أن تلقي ضوءاً على الفترة التي نسميها (ما بين العهدين) لأنها ضمنت أسفاراً كثيرة لم ترد في النسخة العبرية التي جمعها عزرا))[4].
ثالثاً: نأخذ أربعة أمثلة فقط[5] على الاختلاف بين نصوص السبعينية والأصل العبري.
المثال الأول تكوين5: 25-26:
النص مترجم من العبري:
25وعاش متوشالح مئة وسبعا وثمانين سنة وولد لامك 26وعاش متوشالح بعدما ولد لامك سبع مئة واثنتين وثمانين سنة وولد بنين وبنات.
النص مترجم من السبعينية:
25وعاش متوشالح مئة وسبعا وستين سنة وولد لامك، 26وعاش متوشالح بعدما ولد لامك ثمان مئة واثنتين سنة. وولد بنين وبنات.
والمثال الثاني خروج1: 5:
النص مترجم من العبري:
وكانت جميع نفوس الخارجين من صلب يعقوب سبعين نفسا. ولكن يوسف كان في مصر. (مثل السامرية)
النص مترجم من السبعينية:
لكن يوسف كان في مصر. وكانت جميع النفوس من يعقوب خمسة وسبعين نفسا. (مثل قمران)
المثال الثالث تثنية18: 15:
النص مترجم من العبري:
يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك، له تسمعون.
النص مترجم من السبعينية:
يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسط إخوتك، له تسمعون. (مثل السامرية).
المثال الرابع عاموس3: 9:
النص مترجم من العبري:
القصور في أشدود.
النص مترجم من السبعينية:
القصور في أشور. 
يا له من تطابق مذهل أسكت النقاد!!
فكيف يدّعي الدكتور أنهما يضمّان نصاً واحداً بلغتين مختلفتين, رغم ثبوت آلاف الاختلافات بينهما؟! إنّه التدليس الذي مدّ جذوره الصلبة في أعماقهم؟!  
سفر أيوب في السبعينية أقصر السدس من الأصل العبري، هناك 107 عدداً في الترجمة السبعينية لسفر إستير لا يوجد لها مقابل في الأصل العبري، سفر إرميا في السبعينية أقصر الثمن من الأصل العبري، كل هذه الاختلافات وغيرها دعت العلماء إلى الإقرار بأن السبعينية مترجمة عن نص عبري غير النص العبري الذي نمتلكه اليوم[6] فإلى الله المشتكى من عشاق التحريف والتدليس!
قال العالم هرشل شانكس  Hershel Shanks:
 ((توجد آلاف الاختلافات بين الترجمة السبعينية اليونانية والنص الماسوري للعهد القديم العبري)). [7]
وقال العالم المشهور فرانك م. كروس Frank M. Cross:
 ((في النسخ القديمة؛ وخصوصاً النسخة اليونانية القديمة (كُتبت بداية من القرن الثالث قبل الميلاد، ومشهورة باسم السبعينية) توجد آلاف الاختلافات؛ كثير منها ثانوية، وكثير منها كذلك اختلافات هامة)).[8]
رابعاً: عندما يقول الدكتور (!) داود رياض إن السبعينية أسكتت النقاد نعلم أنه لم يقرأ شيئاً للنقاد أصلا، ومع هذه التجاوزات العديدة أشعر بقلبي يلح عليَّ لأرشد الدكتور إلى كتابين لدراسة ونقد السبعينية:
Abraham Wasserstein & David j. Wasserstein, The Legend of the Septuagint From Classical Antiquity to Today, cambridge University Press 2006.
W. I. Phillips, M.A., The Septuagint  Fallacy, London: Robert Scott Roxburghe House Paternoster Row, E.C..
 
 
 

 
[1] Ernst Würthwein, Text of The Old Testament, P. 61.
[2] اطلعت على نسختين من الترجمة العربية المشتركة؛ الأولى غلافها أزرق قاتم وتحتوي على الأسفار الموجودة في ترجمة الفاندايك، والأخرى غلافها بني وتحتوي على نفس الأسفار ويزيد عليها الأسفار القانونية الثانية!، وهذا لأن هذه الترجمة من إعداد لجنة من ثلاث طوائف دينية نصرانية، كما هو مذكور في مقدمة الترجمة، فكان لزاماً عليهم أن تكون الترجمة مناسبة لكل الطوائف من حيث عدد الأسفار!
[3] الترجمة العربية المشتركة ص3. دار الكتاب المقدس.
-        انظر حجج الأرثودكس على قانونية هذه الأسفار في: مقدمة "الأسفار القانونية التي حذفها البروتستانت من الكتاب المقدس"، الصادر عن كنيسة السيدة العذراء بمحرم بك - الإسكندرية.
-        انظر حجج البروتستانت على رفض قانونية هذه الأسفار في: "علم اللاهوت النظامي" للقس جيمس أنس، راجعه ونقحه وأضاف إليه: الدكتور القس/ منيس عبد النور ص60 - 65.
[4] موسوعة الخادم القبطي، الجزء الثامن، مادة: كتاب مقدس عهد قديم ص115.
 [5] أردت أن أجعلها ثلاثة، لكن والله خشيت أن يظن أحد المعتوهين أن هذا دليلاً على التثليث.
[6] Metzger, The Bible in Translation: Ancient and English versions  P. 17.
[7] Hershel Shanks, The Dead Sea Scrolls What They Really Say P. 20.
[8] Frank Moore Cross, The Text Behind The Text of The Hebrew Bible IN Understanding The Dead Sea Scrolls P. 143.

  • السبت PM 07:58
    2015-07-04
  • 3233
Powered by: GateGold