المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413784
يتصفح الموقع حاليا : 236

البحث

البحث

عرض المادة

النبوءة 146: فبركاته وحِيَله وخيباته عن السفير العثماني والدولة العثمانية

بُعيد وفاة المرزا عُزل السلطان عبد الحميد، ولعلّ عزله أهمّ حدث في تاريخ الدولة العثمانية، ثم عُزل آخِر سلطان عثماني بعد سنوات، وانتهت الخلافة العثمانية.. ولعلّ هذا أعظم حدَث في التاريخ الإسلامي.. لكنّ المرزا لم يخطر بباله أن يتنبأ عن ذلك، بل كانت نبوءاته على شاكلة وفاة رضيع هندوسي!

حسين كامي سفيرُ الدولة العثمانية في الهند جاء لزيارة المرزا في يوم لا نعرفه من بدايات عام 1897، ولم يكتب المرزا شيئا عن ذلك. ثم في 15/5/1897 نُشِرت في جريدة "ناظم الهند" رسالة من هذا السفير ينتقد فيها المرزا نقدا لاذعا، ويقول عنه:

"إنه منحرف عن صراط الإسلام المستقيم، ويقتفي أثر المغضوب عليهم والضالين. ويدّعي الحب الزائف لسيدنا خاتم النبيين، ويزعم أن باب النبوة ما زال مفتوحا، وهو جدير بالضحك الكثير عليه... سوف يضع على شاكلة نمرود قبعة الألوهية على رأسه المتمرد الجامع لأفكار فاسدة وهو مَنْجَم الملنخوليا والباطل والهذيان". (كتاب البراءة)

غضب المرزا جدا فنشر إعلانا في 24/5/1897 هاجم فيه الدولة العثمانية ومدح الحكومة الإنجليزية، جاء فيه:

"الحكومة الجديرة بالتعظيم والطاعة والشكر هي الحكومة الإنجليزية التي تحت كنفها الآمن أدير هذا النظام السماوي كله. إن السلطنة العثمانية مليئة كليا بالظلام في هذه الأيام، وتمر بعواقب تلك الأعمال ولا يمكن بحال من الأحوال أن ننشر الحق ماكثين في ظلها..... قلتُ للسفير بصراحة تامة أن حالة سلطنة السلطان ليست على ما يرام ولا أرى في الكشف حالة أعضائه حسنة، وأرى أن العاقبة مع هذه التصرفات ليست حسنة.... السلطنة العثمانية مخطئة عند الله في أمور كثيرة. إنما يريد الله التقوى الحقيقية والطهارة ومواساة البشر بينما حالة السلطنة العثمانية الحالية تستدعي الدمار، فتوبوا لتجنوا ثمارا طيبة". (إعلان 24/5/1897م)

يبدو أوّل وهلة أنّ المرزا يتنبأ بزوال الخلافة العثمانية، لكنّ هذا الوَهم يزول حين نقرأ للمرزا بعد سنتين تفسيره لتوقّعاته الواردة هنا. فقد اتُّهِمَ "كامي" بالفساد المالي، فما كان مِن المرزا إلا أنْ زعم أنّ أقواله الواردة في إعلان 24/5/1897 إنما تتنبأ عن كامي نفسِه، لا عن السلطنة العثمانية التي أخذ يمتدحها.

يقول المرزا: 

لقد أنبأتُ في إعلاني بتاريخ 24/5/1897م أن تصرفاتِ معظمِ أعضاء السلطنة العثمانية الذين يُعَدُّون أركان الدولة، وهم مخوَّلون من قبل السلطنة إلى حد ما؛ مُضرةٌ بالسلطنة لأن حالتهم العملية ليست بجيدة. وكان السبب وراء نشر هذه النبوءة، كما كتبتُ بالتفصيل في إعلان 24/5/1897م نفسه أن "حسين بك كامي" نائب القنصل جاء لزيارتي في قاديان.... ولكنه حين أتاني، شهدَتْ فراستي بمجرد رؤية وجهه أنه ليس أمينا ولا مخلصا ولا طيب الباطن. وفي الحال ألقى ربّي في قلبي أن السلطنة العثمانية في خطرٍ بسبب سوء أعمال هؤلاء الناس؛ لأن هؤلاء الناس الذين يحظون بشيء من قربِ السلطان- كلٌّ بحسب مرتبته- ومكلَّفون بمعظم الخدمات الحساسة في الدولة؛ لا يؤدونها بإخلاص وليسوا نصحاء أمناء للسلطنة، بل يريدون أن يُضعِفوا- بأنواع خياناتهم- هذه الدولةَ الإسلامية حامية الحرمين الشريفين، وهي للمسلمين كالمُغتَنَمات. فبعد هذا الإلهام تبرَّأتُ من "حسين كامي" بشدة نتيجة الإلقاء الإلهي فقط، لكن ليس بسبب بغضِ الدولة العثمانية بل لصالحها ونصحا لها. (ترياق القلوب)

فالدولة العثمانية صارت عنده هنا حامية الحرمين، وهي نعمة للمسلمين وغنيمة.. ثم يُذكّر المرزا بأقواله في إعلان 42/5/1897، ثم يقول ملَخِّصا: 

إن كلامي الذي أوردتُه في ذلك الإعلان يتضمن نبوءتين:

1: وضّحت له بكلمات صريحة أن تصرفاتكم ليست جيدة، وأنتم محرومون من الصفات الحسنة أي الأمانة والإخلاص.

2: أنه لو دامت بك الحال على هذا المنوال لما جنيتَ ثمرات طيبة، ولكانت عاقبتك وخيمة.

ثم كتبت في الصفحة الثالثة كنبوءة عن السفير المذكور: "كان من الأفضل ألا يأتيني، لأن ذهابه من عندي بهذا الكلام السيئ مدعاة لشقاوته الكبيرة." (ترياق القلوب)

ثم ذَكّر المرزا بإعلان آخر بعد شهرين، ثم قال: 

"مجمل القول، إن "حسين بك كامي" بالذات كان هو المراد قبل غيره في كافة النبوءات الواردة في إعلاناتي التي سجّلتها هنا. كذلك كان يُفهم من النبوءة أن هناك كثيرا من الآخرين أيضا ذوي الطبيعة نفسها يُحسبون أركان السلطنة العثمانية وموظفيها. ولكن المخاطَب الأول على أية حال كان "حسين كامي" الذي قيل عنه أنه ليس أمينا ومخلصا وعاقبته ليست حسنة. وكما قلتُ آنفا- مشيرا إلى إعلاني 24/5/1897م- أني تلقيت إلهاما عن "حسين كامي" أن علاقته مع الدولة ليست مبنية على الأمانة، بل طبيعته ملوَّثة بالنفاق، وهو الذي قلت له مخاطبا أن يتوب لكي يجني ثمرات طيبة". (ترياق القلوب)

ثم يدندن المرزا حول الدولة العثمانية ويؤكد أنه لم يقصدها البتة في نبوءاته، بل قصد حسين كامي وأمثاله، فيقول: 

كانت تلك هي إلهاماتي التي نشرتها بصدق القلب بين مئات الآلاف من الناس بإعلان 24/5/1897م و25/6/1897م. ولكن من المؤسف حقا أن ألوف المسلمين قد انقضّوا عليّ بعد نشر تلك الإعلانات، إذ انخدع البعض لعدم تدبُّرهم فيها بأني هاجمت سلطان الدولة العثمانية، بينما إعلاناتي التي لا تزال كلها موجودة، لا علاقة لها بشخص سلطان الدولة، بل كانت تخص بعض أركان الدولة وموظفيها إذ نشرتُ الإلهام عنهم بأنهم ليسوا أمناء ومخلصين. وقد أشير بكل صراحة إلى أن المخاطَبَ الأول في الإلهامات هو "حسين كامي" وهو المحروم من صفة الأمانة والإخلاص. وبعد نشر هذه الإعلانات هاجمني مديرو بعض الجرائد مؤيِّدين حسين كامي..... فرددتُ على كل هذه التهم بأني لم أقل بحق "حسين كامي" شيئا نتيجة ثورة نفسي، بل كل ما قلتُ بحقه كان مبنيا على الإلهام. (ترياق القلوب)

ثم يبين المرزا كيف تحققت نبوءته، فيقول: 

والآن نبين فيما يلي إن كانت النبوءة صادقة أم كاذبة. لقد وصلنا خبرٌ قبل شهرين أو ثلاثة أشهر تقريبا بواسطة شخص محترم من الأتراك أن "حسين كامي" المذكور آنفًا قد عُزل من منصبه لخيانة مشينة ارتكبها، وصودرت أملاكه أيضا". (ترياق القلوب)

وبهذه الحكاية بلغت تفاهة قضايا المرزا الذروة.. لقد تبيّنَ أنّ نبوءته الأولى كانت ردّةَ فعل على ما نشَرَ السفير حسين كامي في جريدة ناظم الهند، حيث هاجم المرزا بشدّة. ثم لما تعرّض حسين كامي لتهمة -قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة- جعل المرزا كلّ نبوءاته تتعلق به أساسا، ونفى أن يكون قد تنبأ شيئا عن الدولة العثمانية.. 

لقد جمعتْ هذه الحكاية بين تفاهة قضايا المرزا وحيله في نبوءاته وخيبتها وتفسيرها حسب الحدَث. 

الخلاصة بتسلسل رقمي: 

1: لم يتنبأ المرزا بشيء

2: تنبأ بكوارث تصيب الدولة العثمانية

3: تراجع وزعم أنّ نبوءته تخصّ حسين كامي فقط ومن على شاكلته، وليس السلطان، ولا الدولة العثمانية.

4: النتيجة: عُزل السلطان وانتهت الدولة العثمانية. 

31 أكتوبر 2020

  • الاربعاء PM 05:52
    2022-11-02
  • 560
Powered by: GateGold