المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412564
يتصفح الموقع حاليا : 306

البحث

البحث

عرض المادة

الكذبة 407 والبلاهة 63: حكاية أنّ المسيح هو مؤلف كتاب البوذية المقدّس

يقول الميرزا:

"كتاب يوز آسف القديم- الذي يرى معظم الباحثين الإنجليز أيضا أنه كان قد نُشر قبل ولادة عيسى عليه السلام- وتُرجم في كافة بلاد أوروبا؛ فيه تواردٌ مع الإنجيل في معظم الأماكن بحيث تتطابق الكثير من عباراتهما. وبعض الأمثال التي توجد في الأناجيل توجد نفسها في هذا الكتاب أيضا بالكلمات نفسها، فحتى الجاهل والأعمى يستيقن بالنظر إلى ذلك الكتاب بأن الإنجيل مسروق منه. ويرى بعض الناس أنه كتاب بوذا، والذي كان باللغة السنسكريتية بداية ثم تُرجم إلى لغات أخرى". (ينبوع المسيحية)

يتحدث الميرزا هنا عن كتاب بوذا، أي كتاب البوذيين المقدّس، ويقول: إنّ هذا الكتاب يتشابه مع الإنجيل في معظم عباراته، ويستنتج من ذلك أن المسيح هو مَن كَتَبَه.

ويتابع مفسّرا هذا التشابه:

"الكتاب المذكور موجود فليقرأه من أراد. أما رأيي فهو أنه إنجيل عيسى عليه السلام الذي كتبه في أثناء سفره إلى الهند. ولقد أثبتُّ أيضا بأدلة كثيرة أنه إنجيل عيسى عليه السلام في الحقيقة، وهو أطهر وأصفى من الأناجيل الأخرى". (ينبوع المسيحية)

تتضمن أقوال الميرزا أنه قرأ كتاب بوذا المقدّس، فتوصّل إلى يقين أنّ المسيح عليه السلام هو الذي كتبه حين جاء إلى كشمير، وأنّ البوذيين أخذوه منه ونسبوه إلى بوذا، أو سرقوه ونسبوه إلى بوذا. وانطلت هذه الحيلة على الناس 1900 سنة، بحيث جاء الإسلام خلال ذلك، ولم يكتشف هذه الحيلة، ثم بعد 1300 سنة من بداية الإسلام اكتشف الميرزا هذه الخدعة، وبيّن أنّ كتاب بوذا ليس لبوذا، بل للمسيح عليه السلام!!

واللافت أنّ الميرزا لم يسأل ربَّه أن يوحيَ إليه بهذا الخصوص ليجعل مِن استنتاجه يقينا!! فالوحي لا تركيز له إلا على محمدي بيغم!!

1: ما دام بوذا قد ولد قبل المسيح بستة قرون فكيف يُظَنّ أنّ المسيح هو الكاتب؟

2: إذا فرضنا أنّ كتاب بوذا قد ضاع، فلا بدّ أن يجمع الأتباعُ كتابا آخر، لا أن ينتظروا شخصا يأتي من بلاد بعيدة حتى يسرقوا ما كتب.

3: المسيح مبعوث لبني إسرائيل، ويرى الميرزا أنهم كانوا في كشمير وأفغانستان، فإذا جاء هناك فلا بدّ أن يَقْصِر دعوته عليهم، ولا بدّ أنْ يعلم الناس بذلك، وألا يتدخلوا في شؤون الآخرين الداخلية، فكيف لكتاب المسيح أنْ يسرقوه كما هو تاركين كتابهم الأصلي وهم يعلمون أنه ليس نبيا لهم؟

4: إذا سرق البوذيون إنجيل المسيح ونسبوه إلى بوذا، فأين أتباع المسيح أنفسهم؟ هل انقرضوا فجأةً وتخلّوا عن كتابهم المقدس فجأة؟ والميرزا يرى أنّ الملوك هناك آمنوا بالمسيح، فكيف يؤمن به الملوك ثم يسرق كتبَه بوذيون عقائدهم تختلف جذريا عن عقيدة المسيح؟ هل يمكن أن يسرق القرآنَ اليومَ المورمون مثلا ثم يقولوا: هذا الذي تلقاه مؤسس المورمونية؟ وفي الوقت نفسه يتخلى المسلمون عن القرآن فجأةً؟! أو هل يمكن أن يسرق إنجيلَ مَتّى أتباعُ ناطوري كارتا اليهودية، ثم يدَّعوا أنّ النبي حزقيال هو الذي كتبه، ثم يسكت المسيحيون عن ذلك وكأنه لا يعنيهم ثم يتنازلوا عنه لهذه الفرقة اليهودية؟

الحقُّ أنه لا يقول بقول الميرزا سوى أبله.

كما أنّ الميرزا قد كذب في قوله أن في كتاب بوذا تشابها "في معظم الأماكن مع الإنجيل بحيث تتطابق الكثير من عباراتهما".. بل هناك تشابهات محدودة، وليست في معظم الأماكن. ونتحدى الأحمديين أن يثبتوا أنّ هذه التشابهات شاملة معظم الأماكن.

وبهذا ثبت أنّ الميرزا قد كذب في إيهامه القارئ أنه اطلع على كتاب بوذا فوجده مطابقا إلى حدّ كبير الإنجيل، فاستنتج أنه من تأليف المسيح.

بل إنّ الميرزا قد كذَّب نفسَه، حيث كذَّبَ ما قاله في كتاب "المسيح في الهند" حين ذكر بعض التشابهات السطحية بين تعاليم بوذا وبين الأناجيل، فقال:

لا يسعنا الإنكار أن البوذية تحتوي منذ القديم على قدر كبير من التعاليم الأخلاقية، غير أنه لا مناص من القول إن القسم المشابه منها بتعاليم الإنجيل وأمثاله وعباراته إنما أُضيف إلى الكتب البوذية بعد وصول المسيح إلى هذه البلاد. (المسيح في الهند)

فهذه الفكرة –وإنْ كانت ضعيفةَ الدليل- لكنها معقولة، وتنقض كذبته في كتاب ينبوع المسيحية أنّ المسيح هو مؤلف كتاب بوذا.

وقال أيضا هناك:

"وإنما السبب لجميع هذه المماثلات هو أنه، لحسن حظ البوذيين، جاء المسيح إلى الهند وأقام بينهم زمنًا طويلاً؛ فاطلعوا على حوادث حياته وتعاليمه المقدسة اطلاعًا شاملاً؛ فكان لابدّ أن تجد معظمُ هذه التعاليم والعادات طريقَها إليهم، لأن المسيح كان عندهم موضعَ احترام لدرجة جعلوه مثيلا لِبوذا؛ ولذلك سجّلوا أقواله وأحواله في كتبهم، وعزَوها إلى بوذا". (المسيح في الهند)

فتأكيده هنا على أنّ البوذيين نقلوا أقوال المسيح إلى كتبهم -وإنْ كان ضعيفا- لكنه يهدم قوله أنّ المسيح نفسه هو مؤلف كتاب البوذيين أو تعاليم بوذا.

أما التشابهات بين تعاليم بوذا وتعاليم المسيح التي ذكَرَها الميرزا، فمعظمها تشابهات بين أيّ كتابين من الكتب المقدسة والإصلاحية، ولا غرابة فيها. ومن هذه التشابهات التي ذكرها الميرزا:

1: كلاهما صام أربعين يومًا

2: كلاهما قد ابتُلي بالشيطان.

3: كلاهما كان بلا أب.

4: كلاهما قد أتى بالتعاليم الأخلاقية.

5: كلاهما قال: "أنا النور".

6: كلاهما سمّى نفسه معلِّمًا وسمّى الحواريين تلاميذ.

7: كلاهما قال: لا تقتَنُوا ذهبًا ولا فضةً ولا نحاسًا.

8: كلاهما حثّ على حياة العزوبة.

9: كما أن زلزالا وقع بعد تعليق المسيح على الصليب، كذلك ورد أن زلزالاً وقع عند وفاة بوذا.

10: كلاهما استخدم أسلوب ضرب المثل في إيصال الفكرة.

11: كلاهما تنبأ بظهور مصلح.

فمعظم هذه التشابهات لا بدّ منها، وهي حاصلة بين الأديان معظمها، ولا يكاد يخلو من كثير منها أيّ كتاب إصلاح، وإلا هل يخلو كتاب مقدسّ من الحضّ على عدم اقتناء الذهب، أو الدعوة إلى  التحلي بمكارم الأخلاق، أو الدعوة إلى الصيام، أو مقاومة الشيطان، أو إطلاق لفظ المصلح والمعلم والنور والأستاذ على المؤسس. كما أنّ بعض الأديان تميل إلى الغرابة والإيغال في التقديس حتى تنفي عن المؤسس البشريةَ مع الزمن، أو بعض لوازمها.. فالخلاصة أنّ هذه التشابهات ليس فيها دلالة قوية على التأثر والتأثير، فكيف يكون فيها دلالة على الاقتباس، بل كيف يكون لها دلالة قاطعة أنّ مؤلف كتاب بوذا هو المسيح؟! وإذا جاز لنا أن نقول إنّ هناك تأثرا وتأثيرا بينهما، فيُحتمل أنّ أحد تلامذة المسيح قد التقى بتلامذة بوذا في مكان ما، فذكر لهم بعضَ تعاليم المسيح، فتأثروا بها حتى أضافوا شيئا منها إلى كتبهم. فهذا أقصى ما يمكن أن يذهب إليه المرء. لكنّ بلاهة الميرزا بلا حدود.

  • الخميس PM 03:13
    2022-10-20
  • 664
Powered by: GateGold