المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413950
يتصفح الموقع حاليا : 288

البحث

البحث

عرض المادة

الكذبتان 676-677: اتهام المسيح بالتورية الكاذبة

قال المرزا يخاطب عبد الله آتهم المسيحي:

"لا تستطيع أن تنكر أيضا أن المسيح تسلل أحيانا خوفا أن يرشقه اليهود بالحجارة. وفي بعض الأحيان أخفى الحقيقة على سبيل التورية، فقد ورد في إنجيل متى 16: 20: حينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. فقل الآن عدلا وإنصافا، هل هذه سيرة المؤمنين الصادقين؟ أو هل هذه شيمة الذين يأتون إلى الدنيا رسلا ومبلّغين أن يخفوا أنفسهم؟ (الحرب المقدسة)

يقصد المرزا أنّ المسيح حسب الأناجيل مارس التورية، أي أنه قال قولا يحتمل معنيين ليوهِم السامع أنه قصد المعنى الكاذب، فالتورية في هذا السياق تعني: أن يكذبَ المرء على الناس، وإنِ استخدمَ عبارات يمكن أن تكون صادقة حسب تفسير بعيد لا يخطر ببال السامع. فمتى ورّى المسيح حسب زعم المرزا؟

1: قول المرزا: "تسللَّ يسوع أحيانا خوفا أن يرشقه اليهود بالحجارة".

قلتُ: كذبَ المرزا لسببين:

أولهما أنّ المسيح لم يتسلّل خوفا، بل خرج مجتازا من وسطهم بمعجزة، حسب النصّ الذي يقول:

{1أَمَّا يَسُوعُ فَمَضَى إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ. 2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضًا إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ.... 57فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ:«لَيْسَ لَكَ خَمْسُونَ سَنَةً بَعْدُ، أَفَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ؟» 58قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ». 59فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هكَذَا.} (إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 8: 1-59)

فواضح أنّ النصّ يتحدّث عن معجزة، لا عن هروب. سواء كان النصّ صحيحا أم خاطئا، فهذا ليس محلّ بحث، لأنّ المرزا به يحتجّ. 

وثانيهما على فرض أنه هرب خوفا من الرجم، فالهروب ليس تورية. وإلا، هل يراد منه أن يقول للبلطجية: هيا ارجموني؟ بل عليه أن يبتعد عنهم. وليس في هروبه عار ولا تورية.

بل هنالك كذبة ثالثة في قوله، حيث أضاف كلمة "أحيانا"، وكأنّ هذا الهروب كان يحدث كلّ شهرين!!

2: قول المرزا: "وفي بعض الأحيان أخفى يسوع الحقيقة على سبيل التورية [وأخفى نفسه]... هل هذه شيمة الذين يأتون إلى الدنيا رسلا ومبلّغين أن يخفوا أنفسهم؟"

قلتُ: كذَبَ المرزا، وإلا فليذكر لنا هذه المرات وعددها، فإذا لم يجد إلا ثلاث مرات أو أقلّ، فهو كذاب. وقد ذكر المرزا مثالا واحدا ورد في إنجيل متى 16/20، وقد كذَبَ فيه، لأنه ليس فيه أنه أخفى نفسه البتة؛ وها هو النصّ في سياقه:

{1وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالصَّدُّوقِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ.... 13وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً:«مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» 14فَقَالُوا:«قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 15قَالَ لَهُمْ:«وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» 16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ:«أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!». 17فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ». 20حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ.} (إِنْجِيلُ مَتَّى 16: 1-20)

فالعبارة التي نزعها المرزا من سياقها هي آخر عبارة: "حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ".

أدلة كذب المرزا:

1: ليس في النصّ المنزوع من السياق أيّ تورية، بل كلّ ما فيه أنه يقول: لا تخبروا. ولا يقول: أخبِروا بطريقة ملتوية، ولا يقول عاقل إن السكوت أو تأجيل تقديم المعلومة تورية أو كذب. 

2: النصّ في سياقه لا يطلب فيه المسيح من تلامذته أن لا يخبروا عنه، أو أن يخفوا مكانه، أو أن يساعدوه في التخفّي، أو في الكذب، أو في التنكُّر.. ليس هنالك شيء من ذلك.

النصّ واضح أنه جَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالصَّدُّوقِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ، فهو معروف لليهود بمختلف جماعاتهم الدينية، فكيف سيطلب من أتباعه أن يُخفوه؟ فواضح أنّ قول المرزا عن المسيح: "أنْ يخفوا أنفسهم" مجرد كذب، فالمسيح لم يُخفِ نفسه، وكيف يخفي نفسه وهو أكثر الناس شهرةً؟

إنما حسب هذا النصّ الإنجيلي –الذي لا يعنينا صوابه من بطلانه هنا – أنّ المسيح سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً:«مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟»"، أي أنه يسأل: ماذا أنا في رأي الناس؟ هل أنا مثيل إرميا، أم أنا مثيل إيليا الذي صعد إلى السماء؟ أم مثيل يوحنا؟ أم ماذا؟

فردوا عليه أنّ هناك أقوالا عديدة في ذلك. فسألهم: ماذا عنكم أنتم؟ ماذا تقولون عني؟

فقال له بطرس: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ

فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: طُوبَى لَكَ...

حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ، بل عليهم أن يُخفوا هذه الفكرة حتى تحدث عملية الصلب التي هي أساس قضيته، لأنها هي خطة الفداء التي أقرها الله منذ الأزل! [حسب المسيحيين]

أي أن يسوع طالبهم بوجوب تأجيل إعلان أنه المسيح - أو إعلان ألوهيته!!-لوقت قصير.

يمكن للمرزا أن يقول: هذا النصُّ هراء وكذب، والمسيح بشر، وأعلن عن دعواه مِن أول يوم، ولم يطالبهم بإخفاء شيء ولو لحظةً واحدة.. فلو قال ذلك لما استطاع عاقل أنْ يعترض، لأنّ هذا اجتهاد مبني على أدلة. أما أنْ يحرّف النصّ، فهذا هو الكذب. 

ولو قال المرزا: هذا النصّ مجرد كذب، ولكنّ المسيح حسب النصّ الكاذب دعا إلى التخفّي والتورية، قلنا: كلا، لم يدعُ إلى التخفي ولا التورية، بل دعا إلى عدم الإعلان أنه يسوع المسيح، لا أكثر.

فإنْ قيل: لقد أرسله الله مسيحا، فكيف يُخفي هذا وكيف يطالب أتباعه بعد إعلان أنه المسيح؟

قلتُ: هذا ما يقوله النصّ، فليكن الاعتراض على النصّ وأنه غير معقول. أما تحريف النصّ وتقويله ما لم يقُل فهو الكذب الذي نعترض عليه.

أما المسيحي فلا يرى إشكالا في ذلك، لأنه يرى أنّ إعلان لاهوت المسيح لم يأتِ وقتُه. أما لماذا؟ فهذه حكاياتهم الطويلة التي لا تعنينا. إنما يعنينا أن المرزا  إذا خاصم فجر.

فإنْ قيل: النصّ يقول إن المسيح يطالبهم بعدم إعلان أنه المسيح، وهذا يتضمن أنه يطالبهم بالقول أنه غير ذلك.. أي يطالبهم بالكذب. قلتُ: كلا، بل النصّ يقول: ما دام بعض الناس يرى أنني يوحنا، وبعضهم يرى أننا إيليا، وبعضهم يرى أنني إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فلا بأس.. وهذا لا يضرُّ، فسيعرفون عما قريب الحقيقة كاملةً. ولا بأس لو تدرّج المرء بمعرفة الحقيقة، وليس واجبا علينا أن نخبره بها كلها مرة واحدة. المهم أنه ليس في الموضوع تورية ولا كذب، بل كل ما في الأمر تأجيل أو تدرّج أو تأنّي. وهذا ما يفعله المدرسون في المدارس، حيث يقدِّمون المعلومة للطالب حسب مستواه، ولا يخطر ببال أحد أن يسمي هذه تورية كاذبة. 

 4 فبراير 2021

  • السبت PM 01:57
    2022-10-01
  • 580
Powered by: GateGold