المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409159
يتصفح الموقع حاليا : 352

البحث

البحث

عرض المادة

الكذبة 901: دليله القطعي الثامن من الإنجيل على عدم موت المسيح على الصليب

يقول المرزا:

كيف بقي ذلك الجسم الجلالي بعدُ مشوبًا بالضعف البشري حيث وُجدتْ فيه بقايا الجروح الحديثة الدامية المؤلمة الناتجة عن الصليب والمسامير، والتي أُعدّ لعلاجها مرهم خاص؟! .... حتى أرى المسيحُ حوارييه لحمَه وعظامَه؛ وليس ذلك فحسب، بل كان ذلك الجسم الجلالي يُعاني من حاجات الجسم البشري الفاني كشدّة الجوع والعطش؛ ولو لم يكن الأمر كذلك لما كان المسيح بحاجة للقيام بذلك السخف.. أعني أن يأكل ويشرب ويستريح وينام خلال سفره إلى الجليل. وأيُّ شك في أن الجوع والعطش هما من آلام الجسم الفاني في هذه الدنيا، حتى إن شدّتهما قد تقضي على حياة الإنسان. (المسيح في الهند، ص 35)

قلتُ: كذَبَ المرزا، فلم يرد في الأناجيل أنّ المسيح مشوب بالضعف البشري، ولم يرد أن جروحه مؤلمة ولا أنه أُعدّ لعلاجها مرهم خاص، ولا أنّ المسيح كان يُعاني من شدّة التعب أو الجوع أو العطش؛ ولا أنه كان يستريح وينام. لم يرد شيء من ذلك. فالذي في ذهن كاتب الإنجيل غير ذلك تماما، فكيف سيكتبه؟ ومن ينسب للأناجيل ما لا يمكن أن يكون قد خطر ببال كاتبيها فهو كاذب، سواء صدَّق المرء هذه الأناجيل أم كذَّبها.

لوقا ينسب للمسيح أنه قال لاثنين من أتباعه وجدَهما يمشيان:

{«أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ! 26أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» [فواضح هنا أنّ المسيح دخل في مجده بعد الألم والموت، ولم يعُدْ هنالك أيّ ألم بعد القيامة]

28ثُمَّ اقْتَرَبُوا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ إِلَيْهَا، وَهُوَ تَظَاهَرَ كَأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ إِلَى مَكَانٍ أَبْعَدَ. 29فَأَلْزَمَاهُ قَائِلَيْنِ:«امْكُثْ مَعَنَا، لأَنَّهُ نَحْوُ الْمَسَاءِ وَقَدْ مَالَ النَّهَارُ». فَدَخَلَ لِيَمْكُثَ مَعَهُمَا. [فدخوله من باب المجاملة، لا من باب الحاجة] 30فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا، أَخَذَ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا، 31فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا، 32فَقَالَ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ:«أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِبًا فِينَا إِذْ كَانَ يُكَلِّمُنَا فِي الطَّرِيقِ وَيُوضِحُ لَنَا الْكُتُبَ؟» [نلحظ أنّ تركيزه على توضيح الكتب لا على جروحه وآلامه وتعبه وسَهَره] 33فَقَامَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ، هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ 34وَهُمْ يَقُولُونَ:«إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ!» 35وَأَمَّا هُمَا فَكَانَا يُخْبِرَانِ بِمَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ، وَكَيْفَ عَرَفَاهُ عِنْدَ كَسْرِ الْخُبْزِ.

36وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسْطِهِمْ [واضح أنّ المسيح قد عاد إلى أورشليم، أما الهارب والمتألم من الجروح فلن يعود، بل سيمضي في اتجاه معاكس هاربا بلا تأخير]، وَقَالَ لَهُمْ:«سَلاَمٌ لَكُمْ!» 37فَجَزِعُوا وَخَافُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحًا. 38فَقَالَ لَهُمْ:«مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟ 39اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي». 40وَحِينَ قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. 41وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ، وَمُتَعَجِّبُونَ، قَالَ لَهُمْ:«أَعِنْدَكُمْ ههُنَا طَعَامٌ؟» 42فَنَاوَلُوهُ جُزْءًا مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَشَيْئًا مِنْ شَهْدِ عَسَل. 43فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ.} (إِنْجِيلُ لُوقَا 24: 25-42)

فليس في النصّ أنّ المسيح يعاني من شدّة الجوع والعطش. كل ما في الأمر أنه سألهم: أَعِنْدَكُمْ ههُنَا طَعَامٌ؟

والمرء يكاد يهلك مِن العطش في السفر، لا مِن الجوع، ويطالب الناس بالماء أولا وقبل أن يلقي أيّة موعظة وقبل أن يردّ على أيّ سؤال. فطلَبُ الطعام في هذا السياق لا بدّ أن يكون له غاية أخرى غير شدّة الجوع.. وهذه الحاجة الأخرى لا بدّ أن تكون في ذهن كاتب النصّ الذي يؤمن بأنّ المسيح قد دخل في مجده، فلا يحتاج طعاما ولا شرابا ولا نومًا ولا علاجًا، سواء صدّقنا قوله أم كذّبناه. فالقضية هنا هي الافتراء على الإنجيل، لا تصديقه ولا تكذيبه.

وإذا تساهلنا مع المرزا في مسألة شعور المسيح بالجوع من باب أنه استنتج ذلك استنتاجا، فلن نتساهل معه فيما افتراه على الأناجيل في أنها  تنسب إلى المسيح أنه كان بحاجة إلى النوم والراحة والعلاج، فإن قال: قستُ هذا على ذاك، قلنا: هذا قياس كاذب، فقد كان عليك أن تقيس عدم حاجته إلى الطعام والشراب على عدم حاجته للعلاج والنوم، وأن تستنتج أنّ طلَبَه الطعام كان لغاية أخرى في ذهن كاتب النصّ، لأنّ السياق كله يتعلق بقدرات خارقة وبكائن يقطع مسافات شاسعة ويدخل الأبنية وهي مغلقة ولا يأبه بجروح ولا بمسامير.

 30 سبتمبر 2021

  • الخميس AM 11:40
    2022-09-01
  • 523
Powered by: GateGold