ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
الذكر في الحج
قال الله سبحانه وتعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربّكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضّالّين? ثمّ أفيضوا من حيث أفاض النّاس واستغفروا الله إنّ الله غفور رحيم? فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم ءاباءكم أو أشدّ ذكرًا فمن النّاس من يقول ربّنا ءاتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربّنا ءاتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار? أولئك لهم نصيب ممّا كسبوا والله سريع الحساب? واذكروا الله في أيّام معدودات فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى واتّقوا الله واعلموا أنّكم إليه تحشرون (1)}.
وقال تعالى: {وأذّن في النّاس بالحجّ يأتوك رجالاً وعلى كلّ ضامر يأتين من كلّ فجّ عميق ? ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيّام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير (2)}.
(1) سورة البقرة، الآية:198 - 203.
(2) سورة الحج، الآية:27 - 28.
وقال تعالى: {ولكلّ أمّة جعلنا منسكًا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشّر المخبتين? الّذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصّابرين على ما أصابهم والمقيمي الصّلاة وممّا رزقناهم ينفقون? والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صوافّ فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعترّ كذلك سخّرناها لكم لعلّكم تشكرون? لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التّقوى منكم كذلك سخّرها لكم لتكبّروا الله على ما هداكم وبشّر المحسنين (1)}.
قال البخاري رحمه الله (ج3 ص408): حدّثنا سليمان بن حرب، حدّثنا حمّاد بن زيد، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن أنس رضي الله عنه قال: صلّى النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالمدينة الظّهر أربعًا والعصر بذي الحليفة ركعتين، وسمعتهم يصرخون بهما جميعًا.
ثم قال رحمه الله: باب التلبية.
حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّ تلبية رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك)).
حدّثنا محمّد بن يوسف، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن عمارة، عن أبي عطيّة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنّي لأعلم كيف كان النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يلبّي: ((لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك)).
تابعه أبومعاوية، عن الأعمش. وقال شعبة: أخبرنا سليمان، سمعت خيثمة، عن أبي عطيّة، سمعت عائشة رضي الله عنها.
قال البخاري رحمه الله (ج3 ص411): باب التّحميد والتّسبيح والتّكبير قبل الإهلال عند الرّكوب على الدّابّة.
حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا وهيب، حدّثنا أيّوب، عن أبي قلابة، عن أنس رضي الله عنه قال: صلّى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ونحن معه بالمدينة الظّهر أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثمّ بات بها حتّى أصبح، ثمّ ركب حتّى استوت به على البيداء حمد الله وسبّح وكبّر، ثمّ أهلّ بحجّ وعمرة وأهلّ النّاس بهما، فلمّا قدمنا أمر النّاس فحلّوا حتّى كان يوم التّروية أهلّوا بالحجّ، قال: ونحر النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بدنات بيده قيامًا.
قال البخاري رحمه الله (ج3 ص414): باب التّلبية إذا انحدر في الوادي.
حدّثنا محمّد بن المثنّى. قال: حدّثني ابن أبي عديّ، عن ابن عون، عن مجاهد. قال: كنّا عند ابن عبّاس رضي الله عنهما فذكروا الدّجّال أنّه قال: ((مكتوب بين عينيه: كافر)). فقال ابن عبّاس: لم أسمعه، ولكنّه قال: ((أمّا موسى كأنّي أنظر إليه إذ انحدر في الوادي يلبّي)).
قال البخاري رحمه الله (ج3 ص510): باب التّلبية والتّكبير إذا غدا من منًى إلى عرفة.
حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن محمّد بن أبي بكر الثّقفيّ أنّه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منًى إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؟ فقال: كان يهلّ منّا المهلّ فلا ينكر عليه، ويكبّر منّا المكبّر فلا ينكر عليه.
قال الإمام مسلم (ج2 ص933): حدّثنا أحمد بن حنبل، ومحمّد بن المثنّى. قالا: حدّثنا عبد الله بن نمير (ح) وحدّثنا سعيد بن يحيى الأمويّ، حدّثني أبي. قالا جميعًا: حدّثنا يحيى ابن سعيد، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: غدونا مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من منًى إلى عرفات، منّا الملبّي ومنّا المكبّر.
وحدّثني محمّد بن حاتم، وهارون بن عبد الله، ويعقوب الدّورقيّ. قالوا: أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عمر بن حسين، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه. قال: كنّا مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في غداة عرفة، فمنّا المكبّر ومنّا المهلّل، فأمّا نحن فنكبّر، قال: قلت: والله لعجبًا منكم كيف لم تقولوا له: ماذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يصنع؟.
قال البخاري رحمه الله (ج3 ص532): باب التّلبية والتّكبير غداة النّحر حين يرمي الجمرة والارتداف في السّير.
حدّثنا أبوعاصم الضّحّاك بن مخلد، أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أردف الفضل، فأخبر الفضل أنّه لم يزل يلبّي حتّى رمى الجمرة.
حدّثنا زهير بن حرب، حدّثنا وهب بن جرير، حدّثنا أبي، عن يونس الأيليّ، عن الزّهريّ، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّ أسامة بن زيد رضي الله عنهما كان ردف النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من عرفة إلى المزدلفة، ثمّ أردف الفضل من المزدلفة إلى منًى. قال: فكلاهما قالا: لم يزل النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يلبّي حتّى رمى جمرة العقبة.
قال البخاري رحمه الله (ج2 ص457): حدّثنا محمّد بن عرعرة. قال: حدّثنا شعبة، عن سليمان، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس عن النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنّه قال: ((ما العمل في أيّام العشر أفضل من العمل في هذه)). قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ((ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء)).
قال الإمام مسلم رحمه الله (ج2 ص800): وحدّثنا سريج بن يونس، حدّثنا هشيم، أخبرنا خالد، عن أبي المليح، عن نبيشة الهذليّ. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((أيّام التّشريق أيّام أكل وشرب)).
حدّثنا محمّد بن عبد الله بن نمير، حدّثنا إسماعيل يعني ابن عليّة، عن خالد الحذّاء، حدّثني أبوقلابة، عن أبي المليح، عن نبيشة. قال خالد: فلقيت أبا المليح فسألته فحدّثني به، فذكر عن النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بمثل حديث هشيم وزاد فيه: ((وذكر لله)).
حجة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
قال الإمام مسلم رحمه الله (ج2 ص886): حدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة، وإسحق بن إبراهيم، جميعًا عن حاتم. قال أبوبكر: حدّثنا حاتم بن إسماعيل المدنيّ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه. قال: دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتّى انتهى إليّ فقلت: أنا محمّد بن عليّ بن حسين فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زرّي الأعلى ثمّ نزع زرّي الأسفل ثمّ وضع كفّه بين ثدييّ وأنا يومئذ غلام شابّ. فقال: مرحبًا بك يا ابن أخي سل عمّا شئت، فسألته وهو أعمى، وحضر وقت الصّلاة فقام في نساجة ملتحفًا بها كلّما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشجب، فصلّى بنا فقلت: أخبرني عن حجّة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال بيده فعقد تسعًا. فقال: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مكث تسع سنين لم يحجّ، ثمّ أذّن في النّاس في العاشرة أنّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حاجّ، فقدم المدينة بشر كثير، كلّهم يلتمس أن يأتمّ برسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتّى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمّد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كيف أصنع؟ قال: ((اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي)) فصلّى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في المسجد، ثمّ ركب القصواء حتّى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مدّ بصري بين يديه من راكب وماش وعن
(1) سورة الحج، الآية:34 - 37.
يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بين أظهرنا وعليه ينْزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به، فأهلّ بالتّوحيد: ((لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك)) وأهلّ النّاس بهذا الّذي يهلّون به، فلم يردّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عليهم شيئًا منه، ولزم رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- تلبيته.
قال جابر رضي الله عنه: لسنا ننوي إلا الحجّ لسنا نعرف العمرة، حتّى إذا أتينا البيت معه استلم الرّكن فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا، ثمّ نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السّلام فقرأ: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلًّى (1)} فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول: ولا أعلمه ذكره إلا عن النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يقرأ في الرّكعتين: {قل هو الله أحد} و {قل يا أيّها الكافرون} ثمّ رجع إلى الرّكن فاستلمه، ثمّ خرج من الباب إلى الصّفا فلمّا دنا من الصّفا قرأ: (({إنّ الصّفا والمروة من شعائر الله (2)} أبدأ بما بدأ الله به)) فبدأ بالصّفا فرقي عليه حتّى رأى البيت، فاستقبل القبلة فوحّد الله وكبّره وقال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده))، ثمّ دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرّات، ثمّ نزل إلى المروة حتّى إذا انصبّت قدماه في بطن الوادي سعى، حتّى إذا صعدتا مشى حتّى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصّفا، حتّى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال: ((لو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرةً، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحلّ وليجعلها عمرةً)) فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد؟ فشبّك رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أصابعه واحدةً في الأخرى، وقال: ((دخلت العمرة في الحجّ)) مرّتين ((لا، بل لأبد أبد)) وقدم عليّ من اليمن ببدن النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فوجد فاطمة رضي الله عنها ممّن حلّ ولبست ثيابًا صبيغًا واكتحلت فأنكر ذلك عليها. فقالت: إنّ أبي أمرني بهذا. قال: فكان عليّ يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- محرّشًا على فاطمة للّذي صنعت مستفتيًا لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيما ذكرت عنه، فأخبرته أنّي أنكرت ذلك عليها.
فقال: ((صدقت صدقت، ماذا قلت حين فرضت الحجّ))؟ قال: قلت: اللهمّ إنّي أهلّ بما أهلّ به رسولك، قال: فإنّ معي الهدي، فلا تحلّ. قال: فكان جماعة الهدي الّذي قدم به عليّ من اليمن والّذي أتى به النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مائةً.
قال: فحلّ النّاس كلّهم وقصّروا إلا النّبيّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ومن كان معه هدي، فلمّا كان يوم التّروية توجّهوا إلى منًى، فأهلّوا بالحجّ، وركب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فصلّى بها الظّهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثمّ مكث قليلاً حتّى طلعت الشّمس، وأمر بقبّة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ولا تشكّ قريش إلا أنّه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهليّة، فأجاز رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حتّى أتى عرفة فوجد القبّة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتّى إذا زاغت الشّمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب النّاس وقال: ((إنّ دماءكم، وأموالكم، حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كلّ شيء من أمر الجاهليّة تحت قدميّ موضوع، ودماء الجاهليّة موضوعة، وإنّ أوّل دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعًا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهليّة موضوع، وأوّل ربًا أضع ربانا ربا عبّاس بن عبد المطّلب، فإنّه موضوع كلّه، فاتّقوا الله في النّساء، فإنّكم أخذتموهنّ بأمان الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله، ولكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهنّ ضربًا غير مبرّح، ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسألون عنّي، فما أنتم قائلون))؟ قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت وأدّيت ونصحت.
فقال بإصبعه السّبّابة يرفعها إلى السّماء، وينكتها إلى النّاس: ((اللهمّ اشهد، اللهمّ اشهد)) ثلاث مرّات، ثمّ أذّن، ثمّ أقام، فصلّى الظّهر، ثمّ أقام فصلّى العصر، ولم يصلّ بينهما شيئًا، ثمّ ركب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حتّى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصّخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتّى غربت الشّمس وذهبت الصّفرة قليلاً حتّى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وقد شنق للقصواء الزّمام، حتّى إنّ رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: ((أيّها النّاس السّكينة السّكينة)) كلّما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتّى تصعد حتّى أتى المزدلفة، فصلّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبّح بينهما شيئًا، ثمّ اضطجع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حتّى طلع الفجر وصلّى الفجر حين تبيّن له الصّبح، بأذان وإقامة، ثمّ ركب القصواء حتّى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبّره وهلّله ووحّده، فلم يزل واقفًا حتّى أسفر جدًّا، فدفع قبل أن تطلع الشّمس، وأردف الفضل بن عبّاس وكان رجلاً حسن الشّعر أبيض وسيمًا، فلمّا دفع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مرّت به ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهنّ، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يده على وجه الفضل فحوّل الفضل وجهه إلى الشّقّ الآخر ينظر، فحوّل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يده من الشّقّ الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشّقّ الآخر، ينظر حتّى أتى بطن محسّر، فحرّك قليلاً ثمّ سلك الطّريق الوسطى الّتي تخرج على الجمرة الكبرى حتّى أتى الجمرة الّتي عند الشّجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبّر مع كلّ حصاة منها مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي، ثمّ انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستّين بيده، ثمّ أعطى عليًّا فنحر ما غبر، وأشركه في هديه ثمّ أمر من كلّ بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها، ثمّ ركب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فأفاض إلى البيت فصلّى بمكّة الظّهر، فأتى بني عبد المطّلب يسقون على
زمزم. فقال: ((انزعوا بني عبد المطّلب، فلولا أن يغلبكم النّاس على سقايتكم لنزعت معكم))، فناولوه دلوًا فشرب منه.
وحدّثنا عمر بن حفص بن غياث، حدّثنا أبي، حدّثنا جعفر بن محمّد، حدّثني أبي. قال: أتيت جابر بن عبد الله فسألته عن حجّة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وساق الحديث بنحو حديث حاتم بن إسماعيل، وزاد في الحديث: وكانت العرب يدفع بهم أبوسيّارة على حمار عري، فلمّا أجاز رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من المزدلفة بالمشعر الحرام لم تشكّ قريش أنّه سيقتصر عليه ويكون منْزله ثمّ، فأجاز ولم يعرض له حتّى أتى عرفات فنزل. اهـ
(1) سورة البقرة، الآية:125.
(2) سورة البقرة، الآية:158.
وأولئك الحمقى يشغلون أنفسهم بالهتافات الفارغة، ويشغلون غيرهم من الحجاج بالنظر إليهم، وبصدهم عن المرور من الطرقات.
وإنه ليجب على علماء السنة وفقهم الله لكل خير وكثرهم الله أن يكشفوا للمسلمين عوار هذه المؤامرات الخبيثة المسيّرة من قبل أعداء الإسلام لإثارة الفتن، وإني أذكر علماء السنة بقول الله عز وجل: {إنّ الّذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّنّاه للنّاس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون? إلا الّذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التّوّاب الرّحيم (1)}.
ويقول تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الّذين أوتوا الكتاب لتبيّننّه للنّاس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنًا قليلاً فبئس ما يشترون (2)}.
وأنتم تعلمون أيها العلماء أن أغلب المجتمع المسلم جاهل ومتبرم من سوء أوضاع المسلمين، فإذا سمعوا هذا الهتاف وتلكم التوجعات من أوضاع المسلمين من إذاعة الرافضة تجاوبوا معها، ولا يبعد هذا، فقد تجاوب كثير من الناس للمختار بن أبي عبيد الثقفي، ومع الباطنية، وأقاموا دولة بالمغرب وهكذا تجاوبوا مع الملحدين العبيديين بمصر، ومع علي بن الفضل الباطني باليمن، وكم من كاذب يدعي النبوة فيستجيب له أناس ويجالدون معه بالسيوف، فالعامة هم أتباع كل ناعق، وإذا لم يقم العلماء بحراسة العقيدة والذب عنها وبيان ما الرافضة عليه من خبث العقيدة، فإن العامة لا يعرفون إلا الإسلام ولا يفرقون بين رافضي وسني، بل قد بلغ ببعضهم أنه لا يفرق بين العالم والمنجم، ولا بين الشيوعي والمسلم.
(1) سورة البقرة، الآية:159 - 160.
(2) سورة آل عمران، الآية:187.
وأنتم تعلمون أن الرافضة في جميع العالم الإسلامي متربصون بكم الدوائر، وتعلمون ما حصل من الصراع بين الرافضة وأهل السنة، ولقد كانت قراءة البخاري ومسلم وسائر كتب السنة عندنا باليمن ممنوعة بل جريمة كبرى، فإياكم أن تخلدوا إلى الدنيا، وتظنوا أن المسألة سياسية أو أنه صراع بين إمام الضلالة الخميني والبعثي صدام حسين الملحد.
ولست أطالبك بأن تحمل سلاحك وتذهب تقاتل تحت لواء صدام حسين البعثي ولكن أطالبك ببيان ما الرافضة عليه من الخبث والكيد للإسلام والمسلمين. وأما نحن معشر اليمنيين فلعل الله دافع عن بلدنا بإقامة الفتنة بين الرافضة والبعثيين، فقد كان حزب البعث في اليمن قويًّا حتى ابتلى الله أسياده بالعراق بالرافضة، وهكذا الرافضة عندنا باليمن فقد كانوا رفعوا رءوسهم حتى شغل عنهم إمام الضلالة دجال العصر، فالحمد لله الذى دافع عن بلدنا، ونسأل الله أن يفرج عن إخواننا أهل السنة بالعراق وإخواننا أهل السنة الذين هم تحت السلطات الرافضية.
علماء السنة المعاصرون محتاجون أن يكتبوا عن عقائد الرافضة وعن مواقف الرافضة من السنة، ووقوفهم مع اليهود والنصارى، وقد قام أخونا في الله عبد الله محمد الغريب (1) بكتابة طيبة في كتابه ((وجاء دور المجوس)) فمثل هذا الكاتب لو صرف من الوقت في قراءة الجرائد والمجلات واستمع الراديو فإنه حفظه الله يقرأ ويكتب ما يحتاج إليه المجتمع، بخلاف كثير من جهلة الإخوان المسلمين، فإنّهم عاكفون على الجرائد والمجلات والراديو، وما رأينا منهم ما ينفع المجتمع. ضيعوا أوقاتهم في هذا بدون طائل. والله المستعان.
(1) والثناء على صاحب كتاب ?وجاء دور المجوس? باعتبار حاله قبل قضية الخليج أما بعدها فإنه انتكس وتخبط وأصبح حزبيًا، بل صار أتباعه أضر على أهل السنة من الإخوان المسلمين كما حدث منهم مع أهل السنة الأندنوسيين القائمين بجهاد النصارى، فأتباعه يحذرون التجار ومن مساعدة أهل السنة المجاهدين فحسبنا الله ونعم الوكيل.
-
السبت PM 03:43
2022-08-06 - 1188