المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413652
يتصفح الموقع حاليا : 235

البحث

البحث

عرض المادة

إجماع السلف على أن لله عينين

الجواب على الأمر الثاني الذي استدلا به على دخول التحريف في كتاب "الإبانة"

وأما ادعاء التحريف لوجود اختلاف لا يضر في بعض الألفاظ فهذا باطل لأمور:

منها: أن الألفاظ المذكورة لا تغير من المعنى، ولا تبطله، وقد ذكر الأشعريان مثالين لهذا التحريف المزعوم:

أولهما:

اختلاف النسخ في إثبات العين لله تعالى، هل هو بلفظ التثنية "عينان" أم بلفظ الإفراد "عين".

ثم اجتهدا في إثبات لفظ الإفراد زاعمين أنه الموافق للكتاب والسنة وأقوال السلف رجماً بالغيب وجهلاً بمنهج السلف، وإلا فإن السلف يثبتون عينين لله تعالى لائقتين به كما سيأتي، ولكن مرادنا هنا إثبات أن لفظ العينين هو الصحيح من كلام أبي الحسن الأشعري لأمور:

[[إجماع السلف على أن لله عينين]]

أولاً: لأنه اللفظ الموافق لمعتقد السلف.

قال عثمان بن سعيد الدارمي في رده على المريسي: (ففي تأويل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أن الله ليس بأعور" بيان أنه بصير ذو عينين خلاف الأعور) (1) اهـ.

وقال ابن خزيمة في التوحيد في "باب ذكر إثبات العين لله عز وجل": ( ... فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لله عينين، فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التنزيل) (2) اهـ.

ثانياً: أنه اللفظ الذي ذكره في كتبه الأخرى ككتاب مقالات الإسلاميين ورسالة إلى أهل الثغر.

فقد قال في مقالات الإسلاميين في بيان معتقد أهل الحديث: (وإن له عينين كما قال تعالى {تجري بأعيينا} القمر14) (3) اهـ.


(1) الرد على المريسي (1/ 327).
(2) التوحيد (ص42).
(3) مقالات الإسلاميين (1/ 285).

وقال في فصل "الاختلاف في العين والوجه واليد ونحوها": (وقال "أصحاب الحديث": لسنا نقول في ذلك إلا ما قاله الله عز وجل أو جاءت به الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنقول: وجه بلا كيف، ويدان وعينان بلا كيف) (1) اهـ.

وقال في فصل "هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة": (وأن له عينين بلا كيف كما قال {تجري بأعيينا} القمر14) (2) اهـ.

كما أنه عد إنكار العينين لله من أقوال المعتزلة التي خالفوا بها أهل السنة فقال في سياق أقوال المعتزلة في "قصل قولهم في العين واليد": (فمنهم من أنكر أن يقال: لله يدان، وأنكر أن يقال: إنه ذو عين، وأن له عينيين) (3) اهـ.

وهذا بيّن في أن أبا الحسن الأشعري يثبت العينين لله تعالى.

إلا أن يدعي الأشعريان أن مقالات الإسلاميين أيضاً قد نالته أيدي المحرفين، كما هي حجة كل مبطل، وليس هذا عنهما ببعيد!!!


(1) المرجع السابق (1/ 290).
(2) المرجع السابق (1/ 345).
(3) المرجع السابق (1/ 271).

ثالثاً: أن إثبات العينين لله تعالى هو قول أئمة أصحاب الأشعري، ومن أشهرهم وأمثلهم أبو بكر بن الطيب الباقلاني.

فقد قال في كتاب الإنصاف في بيان صفات الله تعالى: (فنص تعالى على إثبات أسمائه وصفات ذاته .. ) ثم ذكر جملة من الصفات إلى أن قال: (والعينين اللتين أفصح بإثباتهما من صفاته القرآن وتواترت بذلك أخبار الرسول عليه السلام، فقال عز وجل {ولتصنع على عيني} طه39) (1) اهـ.

فهذا قول أجل أصحابه يثبت العينين لله تعالى، وأنهما عينان لا عين واحدة.

يا سبحان الله إذا كان هذا هو جهل الأشعريين بقول كبار أئمة الأشاعرة الذين ينتسبون إليهم، فكيف جهلهم بقول أئمة السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. لا ريب أنه أعظم وأكبر.

رابعاً: أن هذا الاختلاف ليس في النسخ الموجودة الآن، بل هو في النسخ القديمة التي نقل منها العلماء، فإن ابن عساكر ذكر لفظ الإفراد في العين في "تبيين كذب المفتري".

ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية عنه لفظ التثنية في كتبه كما في بيان تلبيس الجهمية (1/ 422) وفي مجموع الفتاوى (5/ 94) وفي الفتاوى الكبرى (5/ 337).

وكذا بن القيم نقل عنه لفظ التثنية كما في الصواعق المرسلة (1/ 265)، وفي اجتماع الجيوش الإسلامية (ص289).

فدل على أن هذا من جنس الاختلاف الموجود بين نسخ أي كتاب.

بل إن شيخ الإسلام ابن تيمية قد نقل عن ابن عساكر ما حكاه من قول الأشعري في الإبانة في تبيين كذب المفتري بلفظ التثنية، كما في الفتاوى الكبرى (5/ 337).

وكذا ان القيم نقل عن تبيين كذب المفتري لفظ التثنية كما في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص182).

خامساً: أنه ليس هناك تعارض بين لفظ التثنية ولفظ الإفراد. إذ أن لفظ الإفراد يراد به الجنس، أي أن الله متصف بالعين، كما يقال "لله يد" أي جنس اليد.

المثال الثاني:

ما وجد في بعض النسخ من زيادة لفظ "منزهاً عن الحلول والاتحاد" في إثبات صفة الاستواء لله تعالى. فقال في بعض النسخ: (فدل على أنه تعالى منفرد بوحدانيته مستوٍ على عرشه [استواءاً منزهاً عن الحلول والاتحاد]).

وهذه الزيادة توضح حقيقة صفة الاستواء لله تعالى وأنه استواءٌ لا يلزم منه حلول الله في العرش ولا اتحاده به، فليس فيها منافاة، وإنما هي تأكيد. فكيف يُدّعى أنها تدل على التحريف، إذ أن التحريف هو في زيادة ما يبطل المعنى أو يغيره، وليست هذه منها.

وهذان هما أمثل مثالين وجدهما الأشعريان ليثبتا التحريف المزعوم، إذ لو وجدا ما هو أمثل وأوضح منهما لذكراه، وحسب القارئ أن يرى في هذين المثالين حجم الأمانة العلمية، ورصانة البحث العلمي والتحقيق الموضوعي لدى صاحبينا الأشعريين!!!.

 


(1) الإنصاف (ص24).

 

  • الخميس AM 08:15
    2022-06-02
  • 1657
Powered by: GateGold